لطالما شكلت الهجرة اليهودية إلى فلسطين قبل قيام إسرائيل إكسير الحياة والعمود الفقري لقيام هذه الدولة من منطلق ديني يستند إلى أساطير تغلب عليها فكرة العودة إلى «دولة يهودا»، وكانت الوكالة اليهودية تتولى تمويل عمليات الهجرة، حتى تجاوز عدد السكان العشرة ملايين نسمة عام 2022، وكانت الأرض الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها في عامي 1948 و1967 هي مكان استيطان هؤلاء في المدن الفلسطينية المحتلة والمستوطنات التي أقيمت في الضفة الغربية.
يذكر أنه إضافة إلى هؤلاء المهاجرين، فإن أكثر من 20 ألف إسرائيلي سعوا للحصول على جنسيات غربية العام الماضي وفقاً لصحيفة «جيروزاليم بوست» بسب عدم شعورهم بالأمان، كما أن آلاف الإسرائيليين قرروا المغادرة وباعوا ممتلكاتهم استعداداً للرحيل، ووفقاً لموقع «واللا» الإسرائيلي فإن كندا منحت الإسرائيليين «تأشيرة إنسانية» إلى جانب تأشيرة عمل لمدة «ثلاث سنوات» يمكن خلالها تقديم طلب للحصول على الإقامة الدائمة أو المواطنة الكاملة. وكشف استطلاع للرأي أجرته «قناة كان» الإسرائيلية أن 23 في المئة من الإسرائيليين فكروا في الهجرة إلى الخارج عام 2024.
ليست الحرب على غزة وتداعياتها هي السبب الوحيد لتفاقم الهجرة العكسية، بل هناك أسباب أخرى منها تزايد التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي، وحدة الصراع السياسي والديني الذي بات يؤرق الكثيرين، إضافة إلى انخفاض قوة العمل، وهناك عامل اقتصادي مهم وهو أن معظم المهاجرين هم من فئة الأثرياء المستثمرين، وكان هذا العامل سبباً في خروج إسرائيل العام الماضي من قائمة أكثر 20 دولة في العالم جذباً للمستثمرين الأجانب، لأن الحرب أفقدتها صورة الملاذ الآمن للاستثمار.
كان بن غوريون يردد «أن بقاء إسرائيل يتوقف على عامل واحد هو الهجرة الواسعة إلى إسرائيل»، لكن مع الهجرة العكسية فإن إسرائيل بدأت تعاني آثار الهجرة العكسية الاقتصادية والسكانية، ما ينعكس على مستقبلها في حال تواصل النزيف البشري بهذا الشكل.
ومع ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية تحاول تجاوز هذه المعضلة الوجودية بالإصرار على مواصلة سياسة العنف والإبادة وصولاً إلى تحقيق هدفها في التوسع والتهويد وإلغاء الوجود الفلسطيني كي تصبح دولة «كل اليهود»، واستعادة الذين هاجروا.
لكن للمؤرخ بابييه رأي آخر، إذ يقول «إن القوة غير قادرة على الحل، والبديل يتمثل في إسرائيل منزوعة الصهيونية ومحررة وديمقراطية، وبناء مجتمع لا يميز بين أفراده على أساس الثقافة أو الدين أو العرق، وهو ما يبشر بعصر جديد في الشرق الأوسط».
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
تحريض إسرائيلي على قطر .. والدوحة تستنكر التقارير المفبركة
تواصلت حملات التحريض الإسرائيلية ضد قطر، وسط مزاعم بأنها تقوم بتمويل الخطابات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، أو ما تسميه تل أبيب "معاداة السامية".
وذكرت الكاتبة الإسرائيلية ريفيتال ياكين كراكوفسكي في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أنه "منذ السابع من أكتوبر اجتاحت موجة من معاداة السامية عالم اليهود، وهي من أعنف وأعمق موجاتها منذ الهولوكوست"، على حد ادعائها.
وأضافت كراكوفسكي أن "معاداة السامية الحالية تجد تمويلا سخيا من دولة صغيرة ثرية تؤوي الإرهاب وتغذيه وهي قطر"، معتقدة أن "الفجوة بين تصور الجمهور للخطر والواقع اليومي لليهود، وخاصة في الجامعات، مثيرة للقلق".
وتابعت: "الكراهية لم تعد خفية، بل أصبحت علنية، والوقود المغذي ضد اليهود في غزة وفي واشنطن وكولورادو يتدفق من قطر، وتلك الدولة تموّل آلة حرب حماس، وتستثمر منذ عقود في حملات التحريض المعادية لليهود وإسرائيل في الأوساط الأكاديمية الأمريكية".
وزعمت أن "قطر استثمرت مليارات الدولارات في العديد من الجامعات من خلال بناء فروع جامعية فاخرة في الدوحة، وإنشاء معاهد بحثية للشرق الأوسط، مع دعمها المباشر للمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة".
وأردفت بقولها: "لقد ساهم التمويل القطري الضخم في تعميق العمى الأخلاقي لدى قادة الجامعات في الولايات المتحدة، الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في منع معاداة السامية. وقد تعرّض عشرات الآلاف من الطلاب لمحتوى معادٍ لأمريكا، ومعادٍ للصهيونية، بل وحتى لليهود في العقود الأخيرة، متأثرين بشكل مباشر بأيديولوجية جماعة الإخوان".
واستكملت الكاتبة الإسرائيلية تحريضها بالقول: "لم يتردد أساتذة جامعات مرموقة مثل كولومبيا وييل وكورنيل في الإشادة بهجوم السابع من أكتوبر، وتبرير العنف ضد الإسرائيليين واليهود. أما الإدارات الأمريكية، المعتادة على المليارات القطرية، فهي صامتة (..)".
ورأت أن "دخول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض تغييرا في التوجه، ولم يعد الاحتواء بل الهجوم، وتشهد على هذا التغيير سلسلة من الخطوات التي اتُخذت في الأشهر الأخيرة، والتي تُثير ضجة في الولايات المتحدة، ومع ذلك لا يزال الطريق طويلا لإحداث تغيير جوهري".
من جانبها، استنكرت قطر، تداول وسائل إعلام إسرائيلية "تقارير مفبركة" بهدف "إثارة التوتر وإحداث شرخ" في علاقاتها مع الولايات المتحدة "خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
جاء ذلك في بيان صدر الثلاثاء عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر (رسمي)، "رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية".
والأحد، بثت "القناة 12" الإسرائيلية الخاصة تقريرا عما ادعت أنها "وثائق قطرية" زعمت أنها تثبت وجود دور للدوحة في "تعزيز القدرات العسكرية لحماس".
وذكر البيان أنه "تم تداول وثائق مفبركة مجدداً على وسائل الإعلام الإسرائيلية بهدف إثارة التوتر وإحداث شرخ في العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة، وذلك خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة التي تبذلها قطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
وأضاف: "نشر هذه الوثائق في مثل هذا التوقيت ليس أمراً عشوائياً، بل هو محاولة متعمدة لصرف الأنظار عن التغطية الإعلامية السلبية لممارساتهم غير المسؤولة في قطاع غزة – كما كشفت عنها التقارير خلال الأسبوع الماضي – في لحظة تقترب فيها الجهود من تحقيق تقدم حقيقي".
ورغم دور وساطة قطر في الوصول أكثر من مرة لاتفاق بين تل أبيب وحركة حماس لتبادل أسرى، إلا أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ظلت تتحامل على الدوحة وتتهمها بعدم الضغط على حركة حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بغزة، وتصور المساعدات الإنسانية من الدوحة لغزة وكأنها تمويل للحركة.
وأشار البيان القطري إلى أنه "لطالما استُخدمت هذه الأساليب من قبل أولئك الذين لا يأملون أن تكلل المساعي الدبلوماسية بالنجاح. فهم لا يرغبون في أن تثمر جهود دولة قطر بالتعاون مع إدارة الرئيس دونالد ترامب في ملفات قطاع غزة وغيرها من القضايا الإقليمية، سلاماً عادلاً ومستداماً في المنطقة".
وتابع: "تم استخدام أساليب مماثلة ضد من عبّروا عن رفضهم لاستمرار الحرب أو شاركوا في جهود دبلوماسية تهدف إلى إعادة الرهائن، بمن فيهم أعضاء في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، وذلك في محاولة لتشويه سمعتهم وتقويض المسار الدبلوماسي".
وتتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد نتنياهو من عائلات الأسرى والمعارضة، التي تتهمه بالخضوع لضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، وتمديد الحرب لتحقيق مصالح سياسية على حساب حياة الأسرى.
وتُقدر تل أبيب وجود 56 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومرارا، أعلنت حركة حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.