عربي21:
2025-07-13@05:02:40 GMT

العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

أكبر تحد يواجه الدول في المراحل الانتقالية هو تحقيق العدالة في ظروف سياسية واقتصادية متقلبة، ولم تُبنَ عدالة انتقالية ناجحة إلا في ظل أنظمة راسخة ولها قدر كبير من السيطرة. فالفكرة ليست في المحاكم ولا في القانون، ولكن في القوة التي تحمي تطبيق هذا القانون والتراضي المجتمعي عن هذه المحاكم وآلياتها. واليوم في سوريا يبدو التحدي كبيرا وغير مسبوق محليا ولا حتى دوليا.



وتحتمل فكرة العدالة الانتقالية ذاتها تأويلات عديدة؛ تبدأ من خطورة تحولها لأداة انتقامية وانتهاء بتفريغها من مضمونها وإفلات الجناة من العقاب ومن ثم إمكانية تكرار الجرائم بطرق آخر، والتاريخ القريب شاهد على هذا وذاك.

ينبغي التنويه بداية إلى أنه لا مشاحة في الاصطلاح، ومفهوم العدالة الانتقالية هو مرادف لرد الحقوق لأصحابها وتنظيم معاقبة الجناة أو حتى العفو عنهم طبقا لقواعد موضوعية وليس شخصية، وتعويض المضارين. وهو أمر في غاية الصعوبة في بلد أُخرج منه الملايين من بيوتهم وتشردوا، بخلاف مئات الآلاف من المعتقلين. أي أننا أمام ملايين المظالم، فأين البداية؟ وكيف تعوض كل هؤلاء المضارين؟ ورغم صعوبة السؤال فإن ثمن إهماله أفدح من البدء به والسير قدما رغم العوائق.

لقد كانت السنوات الأربع عشرة الماضية كافية لإنشاء جيل من السوريين في المهجر لديهم وعي كبير بالحقوق والحريات وآليات التوثيق بسبب الظروف التي مروا بها واضطروا للتعامل معها في دول مختلفة، وفي الوقت نفسه يمتلك المجتمع السوري المحلي آليات اجتماعية لفض المنازعات في سياقات قبلية وعشائرية ومناطقية.

وتشير كافة تجارب العدالة الانتقالية الناجزة في العالم بعد الصراعات الممتدة ومذابح الإبادة الجماعية التي مرت بها دول مثل سوريا؛ إلى أن المجتمع المحلي له دور كبير في تطبيق هذه العدالة الانتقالية. وهذا الدور يختلف باختلاف الدولة وثقافتها وظروفها، مثل المشاركة في جمع الأدلة أو تحقيق التراضي العام لنتائج هذه المحاكمات وآليات وطرق التعويض.

يمكن القول إن العدالة الانتقالية قد بدأت بالفعل في سوريا ولو بشكل غير رسمي. ويمكن تتبع ذلك في ثنايا الأخبار خلال الأسابيع الماضية، ومنها فكرة أن كل من يسلم سلاحه من عسكريي النظام السابق فهو آمن، ومنها فكرة إرجاع كثير من العقارات التي صودرت من ملاكها الأصليين لأصحابها. ولا يمكن إغفال مثل هذه الآليات البسيطة، فهي نواة هامة ومؤثرة تشير إلى أن هذا الملف لا يحتمل التأجيل ولا يحتمل أيضا القيام به بشكل صوري أو غير فعال.

من خلال قراءاتي عن كثير من تجارب العدالة الانتقالية الناجحة حول العالم، لفت نظري أمر هام وهو أن العدالة الانتقالية لم تضمن رفاهية كبيرة للبلد لكنها ضمنت الحد الأدنى لعدم تكرار المآسي الإنسانية نفسها مرة أخرى. ولذلك فإن تجارب العشرية الحمراء في الجزائر لم تتكرر بعد قانون الوئام المدني ولم تتكرر تجارب التعذيب الرهيبة في المغرب بعد قانون الإنصاف والمصالحة، كما لم تتكرر تجربة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بعد أعمال لجنة الحقيقة والمصالحة. ولهذا فإن السقف الأدنى لأي عدالة انتقالية هي عدم تكرار ما جرى مهما كانت العوائق، وهذا سقف هام لا ينبغي التنازل عنه والتوعية به كي يكون واضحا ما أهداف كل هذه العملية.

مما لفت نظري أيضا إبداع كل مجتمع في صناعة الآليات الخاصة به. ففي أوزبكستان مثلا، وهي من الدول غير المشهورة في هذا الملف، قامت بتركيب كاميرات في بدلات الضباط وفي غرف التحقيق في أقسام الشرطة بداية من عام 2018. تسجل هذه الكاميرات كل صغيرة وكبيرة يقوم بها أفراد الأمن، وبالتالي عند ورود أية شكوى أو حدوث أي انتهاك لا تستغرق التحقيقات أوقاتا وموارد عديدة، فكل شيء مسجل. وبذلك تغلبت أوزبكستان على مشكلة انتهاكات حقوق الإنسان في أقسام الشرطة التي ظلت لسنوات عديدة مضرب المثل في الرعب في دول آسيا الوسطى. وأتصور أن السوريين لديهم القدرة على ابتكار طرق ووسائل جديدة لتحقيق هذه العدالة بشكل ناجز.

x.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدالة المجتمعي الحقوق سورية مجتمع حقوق عدالة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة الانتقالیة

إقرأ أيضاً:

مصدر تطلق تجارب المستوى الرابع للمركبات ذاتية القيادة.. نحو مستقبل ذكي ومستدام

صراحة نيوز- أعلنت مدينة مصدر عن بدء اختبار المستوى الرابع للمركبات ذاتية القيادة (AV) داخل المدينة، بالتعاون مع شركة “سليوشنز بلس” (Solutions+)، التابعة لمجموعة مبادلة والمتخصصة في حلول التنقل الذكي.

وتجري التجارب تحت إشراف مركز النقل المتكامل، المسؤول عن تسجيل المركبات واختبارها ومنح الموافقات التشغيلية التي تضمن التزامها بمعايير السلامة والامتثال، انسجامًا مع رؤية أبوظبي لتطوير منظومة تنقل ذكية ومستدامة.

ويمثل المشروع التزام إمارة أبوظبي بالابتكار والتكامل الرقمي والمسؤولية البيئية، ويعزز مكانة مدينة مصدر كمركز عالمي لتقنيات الطاقة النظيفة وبيئة اختبار لحلول التنقل الذكي، إضافة إلى استضافتها مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة (SAVI).

ويُعد المستوى الرابع من الأتمتة خطوة نوعية في تطوير المركبات الذاتية القيادة، حيث تمكّن المركبة من العمل بشكل كامل دون تدخل بشري ضمن نطاق محدد، ما يعكس جهود المدينة في ترسيخ مكانتها كحاضنة للابتكار عبر استقطاب الشركات العالمية لاختبار هذه التقنيات في بيئة حضرية متكاملة.

وقال أحمد باقحوم، الرئيس التنفيذي لمدينة مصدر، إن بدء اختبارات المستوى الرابع يمثل نقلة نوعية تواكب رؤية “مصدر” لبناء مدن المستقبل على أسس الابتكار والتكامل الرقمي والمسؤولية البيئية.

من جانبه، أكد الدكتور عبدالله الغفلي، مدير عام مركز النقل المتكامل بالإنابة، أن المبادرة تعكس رؤية أبوظبي في تبني تقنيات النقل المستقبلية، مشيرًا إلى التزام المركز بتوفير بيئة تنظيمية متكاملة تدعم الابتكار وتسريع اعتماد حلول التنقل الذكي، بهدف تعزيز تنافسية الإمارة كمركز عالمي للمدن الذكية والتنقل المستدام.

بدوره، قال علي اليافعي، الرئيس التنفيذي للعمليات في “سليوشنز بلس”، إن الشراكة مع مدينة مصدر تتيح اختبار المركبات ذاتية القيادة في بيئة واقعية تجمع بين بنية تحتية متطورة والتزام بالاستدامة، مع دعم تطوير التقنيات وتسليط الضوء على دور حلول التنقل المبتكرة في بناء مدن أكثر ذكاء وكفاءة، تماشيًا مع أهداف مبادرة الحياد المناخي 2050.

وتوفر مرحلة إثبات المفهوم فرصة لتقييم أداء المركبات في بيئة واقعية تأخذ بعين الاعتبار المناخ والبنية التحتية الإماراتية، مما يسهم في تطوير قطاع النقل الذكي ذاتي القيادة عالميًا.

تسير المركبات حاليًا في مسار تجريبي بطول 2.4 كيلومتر يربط مواقع حيوية في المدينة، منها مبنى سيمنس، مواقف السيارات الشمالية، سيتي سنتر مصدر، وحديقة سنترال بارك، مرورًا بمعالم مثل المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، مبنى MC2، ومشروع The Link، ما يتيح بيئة اختبار متكاملة ومتنوعة.

وفي المرحلة الأولى، ستكون المركبات مزودة بمشرفين داخليين لضمان السلامة، مع خطة مستقبلية للانتقال إلى غرفة تحكم مركزية لمتابعة التشغيل الكامل ذاتيًا مع تقدم البرنامج.

تمكّن هذه المرحلة من تعديل المركبات لتتلاءم مع متطلبات البنية التحتية الإماراتية، حيث تقيّم مدينة مصدر الأداء والسلامة وقابلية التكيّف مع الظروف المختلفة تمهيدًا لتوسيع نطاق التشغيل بما يتوافق مع الأنظمة والتشريعات الحكومية لأبوظبي.

تعكس المبادرة الدور الريادي لمدينة مصدر في تسريع الابتكار ضمن مجمع التنقل الذكي، وتُسهم في تشكيل مستقبل التنقل الحضري المستدام وتعزيز مكانتها كمحرك لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة على المستويين الإقليمي والعالمي، من خلال توفير بيئة اختبار حقيقية لأحدث التقنيات الذكية.

وتأتي هذه الاختبارات كمرحلة جديدة ضمن التزام المدينة بتطوير المركبات ذاتية القيادة، حيث كانت من أوائل المدن التي أطلقت الجيل الأول من هذه المركبات في عام 2010.

مقالات مشابهة

  • عاجل | الرئيس التركي: التغيرات التي حصلت في سوريا والعراق ساعدتنا في التعامل مع الإرهاب
  • وكالة الفضاء السعودية: تجارب طلابية سعودية وعربية على متن محطة الفضاء الدولية
  • «مدينة مصدر» تبدأ تجارب المستوى الرابع للمركبات ذاتية القيادة
  • صيف الطلبة .. تجارب تُنمي القدرات وتغرس المعاني التربوية
  • مصدر تطلق تجارب المستوى الرابع للمركبات ذاتية القيادة.. نحو مستقبل ذكي ومستدام
  • مدينة مصدر تبدأ تجارب المستوى الرابع للمركبات ذاتية القيادة
  • برونو فاريلا ينضم رسميًا إلى الحزم بعقد يمتد لموسمين
  • ندوة في دمشق تبرز العدالة الانتقالية كخطوة نحو السلام المستدام
  • ملصقات تحكي آلام السوريين والأمل بالعدالة الانتقالية ضمن معرض بكلية الفنون
  • تجارب وعروض استثنائية في "ماندارين أورينتال مسقط"