يمانيون:
2025-05-20@12:08:23 GMT

من سراب الاستقلال إلى حقيقة الاستغلال

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

من سراب الاستقلال إلى حقيقة الاستغلال

د. شعفل علي عمير

في مشهد السياسة العربية، يبدو السعي نحو الاستقلال وكأنه رحلة عبر متاهة مشبَّعة بالوعود الكاذبة والشعارات الجوفاء.

عشرات السنين مرت منذ أن امتلكت الدولُ العربية زِمامَ أمورها نظريًّا، وها نحن لا نزالُ في قيد الرغبة الجامحة لتحقيقِ حرية لم نلمسْها بعدُ في واقعنا؛ فبين الاستقلال الورقي والاستغلال العملي، تتجسَّدُ معضلةُ الشعوب العربية في دوامة مُستمرّة من الإحباط والتهميش.

ترتسِمُ على مسرح التاريخ العربي، منذ بداية القرن العشرين، مُشاهِدُ استقلالية متلاحقة، لكنْ أيُّ مراقب دقيق للأحداث سيدرك أن ما تحقّق لم يكن أكثر من استقلال بشروط، أَو كما يحلو للبعض وصفه بـ “الحرية المقيدة”.

هذه الحقيقة تتجلى في تحول بعض الدول إلى بيادق في لعبة شطرنج، حَيثُ تصطف في صفوف أمامية لصنع قرارات ظاهرها وطني لكن باطنها خاضع لمصالح خارجية، وعلى مدار تلك السنوات، شهدت الدول العربية خروجًا من تحت عباءة الاستعمار الغربي، لكن الاستقلال السياسي لم يحقّق السيادة الاقتصادية، بل تحولت كثير من هذه الدول إلى أسواق مفتوحة للاستثمارات الأجنبية التي تأتي غالبًا بشروط تضمنُ تبعية دائمة.

لقد باتت الثروات الوطنية، من النفط إلى المعادن الثمينة، ذخيرةً في يد القوى الكبرى، تستخدمها كوسيلة ضغط لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

إن ما نجدُه اليومَ هو مشهدٌ من الخضوع لرؤساء وقادة يعزفون على وتر الوطنية، بينما تُبرَمُ الصفقاتُ في الكواليس تحت شعار “التعاون الدولي”، تُطرَحُ هذه الخطابات في المحافل الدولية ليسَ بهَدفِ استنهاض الهمم، بل لدرء الأنظار عن حقيقة مُـــرَّةٍ مفادُها أن الاستقلالَ الحَقيقيَّ لا يزالُ وَهْمًا يمثّل سرابًا في نهاية الأفق، فقد أصبحت هذه المسرحية المُستمرّة مع مرور الزمن عبئًا على كاهل الشعوب العربية، التي تعاني من صعوبات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية جمة.

المواطن العادي يعيش حالة من التهميش المُستمرّ، حَيثُ بات أعلى طموحاته التأقلم مع الواقع البائس والنجاة من يوم إلى آخر في ظل أزمات متتالية تُغرقه أكثر فأكثر في معاناة لا تنتهي.

في ظل هذا الواقع، يظهر الأمل في يقظة الشعوب ووعيها بضرورة تحقيق التغيير المنشود.

إن الحل الأمثل للخروج من هذه الدوامة لن يتم إلا من خلال تعزيز الوعي الجمعي بإمْكَانات الأُمَّــة، والعمل الجاد على بناء اقتصاديات قادرة على الاكتفاء الذاتي ومواجهة التحديات خارجيًّا وداخليًّا، ورغم التحديات الجسيمة، يبقى الشعب اليمني نموذجًا للصمود والتطلع نحو الاستقلال الحقيقي من خلال إصرارهم على بناء نظام سياسي يُعبِّرُ عن طموحاتهم وتطوير اقتصاد يمكِّنُهم من العيش بكرامة واستقلال، يظل اليمن مثالًا يُحتذَى به في مشهد نادر ومعقَّد من مساعي الدول لتحقيق استقلالية حقيقية في زمن تتزايدُ فيه التبعيَّةُ السياسية والاقتصادية لقوى الهيمنة الدولية.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: السيسي والقمة العربية

منذ نشأة جامعة الدول العربية منذ أكثر من نصف قرن وكان الهدف من إنشائها واضحا وهو اتخاذ قرارات هادفة فى الأزمات ومساعدة الدول العربية الاعضاء فى القمة على مواصلة دعمهم للحصول على الاستقلال وتكوين كيان مستقل ، إضافة إلى أهداف اخرى متفرعة تصب كلها فى مصلحة الدول العربية والوطن العربى كافة . 

الباحث فى تاريخ القمم العربية يتأكد له ان مصر قامت بدور بليغ للحفاظ على قمة القمة واستمرار وجودها وتفاعلها ، والباحث ايضا يكون على يقين أن عددا من الدول العربية  لم تكف للحظة على تعكير صفو مصر والعمل بدأب وقوة على سحب الزعامة والريادة من مصر ومحاولة إظهار أن هناك من يستطيع القيام بدور مصر والزج بها بعيدا لأهداف فى نفس أولاد يعقوب كلهم . 

فى أحدث القمم اصدر الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي المشهد ليعيد للعالم كله بصفة عامة وللمنطقة العربية برؤسائها وملوكها وامراءها ترتيب الموقف ويعلن بكلمته ما يعجز الجمع عن قوله ويؤكد أن السلام لن يتحقق فى منطقة الشرق الاوسط الا بالتوصل لحل الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية جنبا إلى جنب ويطالب من العراق حيث انعقاد القمة هناك بانهاء الحرب الإسرائيلية على أهل غزة وإنهاء معاناة القطاع وادخال المساعدات ووقف سياسة التجويع والحصار وحرب الابادة الاسرائيلية الجماعية لغزة وأهلها.

القمة العربية جاءت بعد أيام قليلة من جولة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى منطقة الخليج حصل خلالها على استثمارات عظيمة لبلاده التى يعمل من أجلها بكل حب وإيمان بأن تصبح الافضل والاكثر تاثيرا وانفرادا وهذا العمل الترامبى لابد أن نرفع له القبعة مهما كان اختلافنا مع طريقة إدارته الاوضاع فى منطقة الشرق الأوسط ودعمها للكيان الصهيونى المحتل. 

ترامب يمثل نموذجا وطنيا من الدرجة الأولى فهو لايكل ولايمل من أجل مصلحة بلاده ويوازيه فى هذا الاتجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع تحفظنا وتنديدنا لكل ما يقوم به فى غزة من قتل وتدمير وتجويع إلا أنه رجل مؤمن بأن تصبح بلده إن صح تسميتها بذلك فهى بلاد مغتصبة ولكن تسليما للأمر الواقع نجد أنه حقق فى سنوات ليست طويلة إنجازات قوية لبلده وأصبح يقترب من تحقيق حلم اسرائيل الكبرى فقد وضع له مكانا فى سوريا ولبنان ومزق غزة ويواصل تهويد كافة الاراضى الفلسطينية المحتلة بل إن حكومته تعمل على ضم الضفة الغربية . 

فى مقابل كل ذلك أنت تجد المنطقة العربية أصابها الوهن والضعف وصارت الخريطة العربية متقطعة وما بقى فيها متناحرا لتظل مصر ومصر فقط هى التى تقول لا لاية املاءات أمريكية آخرها مطالبة ترامب بعبور شاحناته فى قناة السويس بلا رسوم.

مصر فقط هى من تحتفظ بخيوط الكرامة وتؤكد أنها لن ترضخ وستظل كما ذكر التاريخ رمانة ميزان المنطقة الشرق أوسطية ان لم تكن رمانة ميزان العالم أجمع. 

مصر التى قضت على الهكسوس والتتار والمغول والصليبين وانتصرت على بنى صهيون فى حرب اكتوبر وانتصرت على المؤامرات الحديثة كلها تلك الدولة قادرة على الثبات والصمود فى وجه كافة الازمات والغطرسات العالمية مادام ايمان شعبها بقادته يقينا ووحدة اهلها تاريخ لايتغير بتغيرات الزمان والاوضاع . مصر التاريخ باقية وماعدا ذلك فكله زبدا وسيذهب جفاء.

طباعة شارك جامعة الدول العربية عبد الفتاح السيسي القمة العربية

مقالات مشابهة

  • يستهدفون علاقات الشعوب العربية.. عمرو موسى يُحذر الشباب من هذا السلوك
  • قمة بغداد العربية والحاجة للمّ الشمل العربي !
  • الأمة العربية.. مأساة وحدة ضائعة وكرامة مهدورة
  • كريمة أبو العينين تكتب: السيسي والقمة العربية
  • زيارة ترامب للخليج.. أو مرحلة التعرية المتعجرفة
  • مصر تحقق قفزة تاريخية بالتجارة مع الدول العربية
  • قبل إلقاء كلمته.. أمير قطر ينسحب من القمة العربية
  • حسين: قمة بغداد رفضت أي تدخل في شؤون الدول العربية
  • كلمة الرئيس السيسي أمام القمة العربية.. صفعة مدوّية على وجه المطبّعين
  • تأجيل محاكمة سعد الصغير في تهمة سرقة «أغنية الأسد» لهذا الموعد