وائل حمدي :فيلم 6 أيام تجربة استثنائية في سرعة الكتابة والتنفيذ
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
صرح السيناريست وائل حمدي عن تجربة غير مسبوقة بالنسبة له أثناء العمل على فيلمه الجديد 6 أيام.
حيث قال السيناريست وائل حمدي : "هذه هي المرة الأولى التي أكتب وأدخل مرحلة التنفيذ بهذا القدر من السرعة، وهذا يرجع لأن جميع من شارك في هذه التجربة، من المنتج والمخرج والأبطال، كانوا في غاية الحماس والتفاني، كان لديهم إيمان عميق بقيمة العمل ورغبة حقيقية في تقديمه بجودة فنية عالية، مما جعل التجربة مميزة واستثنائية".
تدور أحداث فيلم 6 أيام حول قصة يوسف وعالية، اللذين فرّقتهما ظروف قهرية خلال المرحلة الثانوية، ليعودا ويلتقيا صدفة بعد سنوات من الفراق. كلاهما سلك طريقاً مختلفاً في حياته، لكن لقاءهما يثير تساؤلات قديمة ومشاعر دفينة: هل يمكن أن يستمر الحب رغم تغير الزمن؟ أم أن نضجنا وتغيرنا يغيران حتى مشاعرنا؟
يقدم الفيلم تجربة درامية رومانسية عميقة تتناول الحب والصداقة والحياة، محاولاً الإجابة على سؤال رئيسي: هل تتغير المشاعر مع تغيرنا عبر السنين؟
يُعد وائل حمدي من أبرز كتاب السيناريو في مصر والعالم العربي، حيث يمتلك خبرة تمتد لأكثر من عقدين، كتب خلالها وشارك في كتابة أكثر من عشرين عملاً سينمائياً وتلفزيونياً. بدأ مسيرته المهنية عبر المشاركة في ورشة كتابة عالم سمسم (النسخة المصرية من البرنامج الأميركي شارع سمسم)، وتولى رئاستها منذ عام 2006. بعد ذلك، برز في كتابة عدد من أنجح مسلسلات السيت كوم مثل تامر وشوقية والعيادة والباب في الباب.
في الدراما التلفزيونية، كان لحمدي بصمة مميزة في أعمال شهيرة مثل رأس الغول بطولة محمود عبد العزيز، وسقوط حر بطولة نيللي كريم، والطوفان للمخرج خيري بشارة. كما شارك في كتابة مسلسل موجة حارة المقتبس عن قصة أسامة أنور عكاشة، والذي حظي بنجاح كبير.
أما في السينما، فقد تألق في التنقل بين الأنواع المختلفة. قدم الدراما النفسية في فيلم ميكانو، والرومانسية في فيلم هيبتا: المحاضرة الأخيرة الذي يُعد من أنجح الأفلام الرومانسية في تاريخ السينما المصرية، وحصد عنه جائزة أفضل سيناريو من المهرجان القومي للسينما.
أحدث أعماله تشمل فيلم أنف وثلاث عيون الذي عُرض عالمياً لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023 وفاز بجائزة الجمهور في مهرجان مالمو للسينما العربية. كما شارك في تأليف المسلسل الكوميدي بابا جه الذي عُرض في رمضان 2024، ومسلسل مفترق طرق الذي حقق نجاحاً كبيراً على منصة شاهد في نفس العام. بالإضافة إلى فيلمه القصير إن شاء الله الدنيا تتهد الذي عرض في مهرجانات دولية عديدة مثل بالم سبرينغ وكليفلاند وناشفيل.
يأتي فيلم 6 أيام، الذي سيبدأ عرضه في جميع دور السينما المصرية يوم 15 يناير، ويتبعه عرضه في الوطن العربي يوم 16 يناير، في مقدمة الأعمال المنتظرة لوائل حمدي، بالإضافة إلى فيلم هيبتا : المناظرة الأخيرة الذي عمل عليه كمستشار فني لكتابة السيناريو.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: 6 أيام وائل حمدي المزيد وائل حمدی
إقرأ أيضاً:
محرقة غزة تعيد كتابة التاريخ
في زمنٍ تتكسر فيه المدن تحت الأقدام الثقيلة للحرب، وتتماوج الحقيقة بين دخان القصف وضجيج الإعلام، برزت غزة لا كمساحة صغيرة على خارطةٍ محاصَرة، بل كجبهة سردية كبرى تُعاد عبرها صياغة الوعي العالمي. فالمحرقة التي فُتحت أبوابها في أكتوبر 2023 لم تكن مجرد فصل دموي في الصراع، بل لحظة مفصلية انشقّ فيها المشهد السياسي والأخلاقي أمام عدسات العالم، وبدأت رواية جديدة تتشكل من قلب النار.
منذ 1948، نجحت إسرائيل في بناء هيمنة محكمة على الوعي الغربي، عبر شبكة مركّبة من الإعلام والسينما والجامعات واللوبيات. كانت الرواية الصهيونية تُروَّج كقدر تاريخي لا يُناقش: دولة صغيرة محاطة بالأعداء، تناضل للبقاء في مواجهة “تهديد فلسطيني” دائم. لكن حرب السابع من أكتوبر شقّت هذا الجدار القديم، ليس بسلاح المقاومة فقط، بل بقوة الصورة، وقسوة الحقيقة، وسقوط اللغة الرسمية في امتحان الأخلاق.
لم يعد الفلسطيني مجرّد موضوعٍ يُغطّيه مراسل أجنبي؛ صار هو المراسل والشاهد والضحية وصاحب الرواية. من هواتف محمولة ترتجف بين الأنقاض، خرجت صور لا يمكن لأي غرفة أخبار أن تُهذّبها، ولا لأي دعاية أن تطمسها. وفي تلك اللحظة، بدأت توازنات السرد في الانقلاب: شبكات عالمية اضطرت لمراجعة مسلّماتها، وصحف كبرى تخلّت عن كثير من احترازها اللغوي، ومنظمات أممية وجدت نفسها أمام وقائع لا تستطيع أن تُخفيها خلف مفردات “الاشتباكات” و”التوترات”.
في المقابل، واجهت إسرائيل تحديًا وجوديًا في المجال الأهم: المجال الرمزي. فالسردية التي بنتها على مدى عقود—بالقوة والدعاية—بدأت تتهاوى أمام عين طفل يبكي أمام كاميرا هاتفه، وأمام أم تبحث عن فلذات أكبادها تحت الركام. سقطت روايات “تحرير الرهائن” و”القضاء على حماس” أمام الأدلة الدامغة على المجازر؛ وتورّطت منظومة الاحتلال في تناقضات أحرجت حلفاءها قبل خصومها. حتى الإعلام العربي، الذي وقع كثير منه في فخ الحياد المزيّف، بدا عاجزًا عن ملاحقة حجم الحقيقة التي تفجّرت من غزة.
لكن التحول الأكبر تجلّى في الشارع العالمي. من نيويورك إلى باريس، من الجامعات الأميركية إلى النقابات البريطانية، خرجت الجماهير لا بوصفها مؤيدة لفصيل، بل بوصفها شهودًا على جرح إنساني أكبر من كل الحسابات السياسية. لم يعد الدعم لإسرائيل بديهيًا في الغرب، ولا النقد محرّمًا. تفككت القداسة القديمة وعاد السؤال الأخلاقي إلى الواجهة: من يقتل من؟ ومن يعيش فوق دم من؟ وفي هذا السياق، جاء قرار إدارة ترامب بربط المساعدات الفيدرالية للمدن الأميركية بعدم مقاطعة إسرائيل، لا كقانون إداري، بل كوثيقة خوفٍ سياسي من انهيار السردية الصهيونية داخل الحاضنة الغربية نفسها.
في هذه المعركة، لم تنتصر غزة لأنها الأقوى عسكريًا، بل لأنها الأصدق. لأن الرواية حين تخرج من قلب المجزرة لا تحتاج إلى زخرفة أو وسيط. ولأن الدم الذي يصبح صورة، يتحول إلى وثيقة، ثم إلى موقف، ثم إلى تاريخ يُدرَّس للأجيال. لقد أعادت غزة تعريف معنى القوة في زمنٍ تحكمه الصور، حيث لم تعد الغلبة لمن يمتلك الدبابة، بل لمن يمتلك الحقيقة.
اليوم، يقف الكيان الإسرائيلي أمام أخطر تهديدٍ في تاريخه الحديث: فقدان السيطرة على الرواية. فكم من جيش هُزم في الوعي قبل أن يُهزم في الميدان، وكم من دولة سقطت عندما سقطت شرعيتها الأخلاقية أمام العالم. ومع كل مقطع يُبث من غزة، تتراكم حجارة جديدة في جدار الحقيقة، وتنهار طبقات جديدة من الزيف الذي بُني على امتداد عقود.
أما غزة، فهي في هذه اللحظة ليست مدينة محاصرة، بل مركز جاذبية أخلاقية وسياسية. مدينة صغيرة تعيد ترتيب خرائط القوى الكبرى، وتفرض على العالم درسًا جديدًا: أن السردية ليست ملحقًا بالحرب، بل هي الحرب نفسها؛ وأن من يمتلك الحكاية يمتلك التاريخ؛ وأن من يكتب وجعه بيده لا يمكن لأحد أن يسرق صوته.
وهكذا، بينما ينهار الصمت العالمي وتتشكل تحالفات الوعي الجديدة، تكتب غزة—بدم الشهداء وصمود الأحياء—فصلًا جديدًا في ملحمة الإنسانية. فصلًا لا يمكن محوه، ولا يمكن تزويره، لأنه خرج من مكانٍ لا تستطيع الدعاية الوصول إليه: من قلب الحقيقة.
*كاتب ومحلل سياسي فلسطيني