4 سيناريوهات تحدد مستقبل الهجرة واللجوء لكندا بعد ترودو
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
أوتاوا- كان الاهتمام بملف الهجرة واللجوء واستعادة سمعة كندا وجاذبيتها الثقافية في هذا المجال من أبرز محاور الحملة لانتخابية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، قبل 10 سنوات، وهذا ما تحقق بعد فوزه بانتخابات 2015، حسب رأي مؤيديه.
لكن إعلان استقالته، الثلاثاء الماضي، أثار تساؤلات ومخاوف بشأن مستقبل سياسات الهجرة واللجوء بعد رحيله، في ظل الانتقادات التي تلاحق الحكومة الليبرالية وتجعل التوسع في استقطاب الوافدين أحد أسباب المشكلات الاقتصادية في البلاد.
يرى مناصرو ترودو أن كندا شهدت في عهده نقلة كبيرة في ترسيخ التعددية الثقافية والقيم الإنسانية، مستشهدين بموقفه من الأزمة السورية واستقبال 25 ألف لاجئ سوري في أول عام له بالحكم، وكذلك دعم ضحايا الربيع العربي والثورات المضادة وفتح الأبواب أمام المضطهدين من مختلف أنحاء العالم.
واستقبلت كندا خلال الأعوام الأخيرة أعدادا كبيرة من المهاجرين من الهند وتركيا وإيران وغيرها. وأوضح موقع قناة "سي بي سي" على الإنترنت، نقلا عن مجلس شؤون الهجرة واللاجئين، قبول 2730 طلب لجوء إيرانيا، و1993 لاجئا تركيًّا، و1344 من الهند في عام 2023 وحده، بينما شهد العام الذي قبله، قبول 3469 طلب لجوء هنديا.
إعلان
غموض ومخاوف
وعن مستقبل الهجرة واللاجئين بعد رحيل ترودو، يشير وافد جزائري مقيم في أوتاوا، طلب عدم ذكر اسمه، إلى وجود غموض ومخاوف من تغييرات سلبية بسبب تصاعد الانتقادات الموجّهة للحكومة الحالية بشأن سياسات الهجرة.
وأوضح، في حديث للجزيرة نت، أن ما يسمعه عن توجهات حزب المحافظين في هذا الشأن يعني أن الأمور قد تكون مختلفة في حال فوزهم بالانتخابات المقبلة.
لكن "دول المؤسسات لا تتأثر كثيرا برحيل زعيم وقدوم آخر"، وهذا ما قاله رئيس المركز الصومالي لخدمة المجتمع في أوتاوا، عبد الرزاق كرود، في حديثه للجزيرة نت، مضيفا أن البلاد بحاجة إلى تغيير إداري وابتكار حلول اقتصادية.
وقال كرود، وهو كندي من أصل صومالي، إن الحزب الحاكم فشل في إدارة الاقتصاد، لافتا إلى وجود مهاجرين يفكّرون بالعودة إلى بلدانهم بسبب أزمة السكن وقلة الفرص الوظيفية، ممتدحا في الوقت نفسه السياسات الاقتصادية لرئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر وخططه لتفادي الأزمة المالية العالمية في 2008.
وفيما يتعلق بمصير ملف الهجرة واللجوء في حال فوز المحافظين، قال كرود "لا أعتقد أن لديهم مواقف سلبية في هذا الصدد، فالبلاد بحاجة إلى مهاجرين جدد يكون لهم دورهم في التنمية، وكندا دولة مؤسسات".
وأما زياد محارب، وهو كندي من أصل سوري، فيقول للجزيرة نت، إنه "مدين لرئيس الوزراء جاستن ترودو وللحزب الحاكم بسبب مواقفه المشرفة ضد النظام السابق في سوريا ومساعدة اللاجئين السوريين"، مشيرا إلى أنه لن ينسى استقبال ترودو في المطار لأول دفعة من 25 ألف لاجئ سوري قدموا إلى كندا في الربع الأول من 2016.
ولم يتردد محارب في الكشف عن "استعداده للتصويت للحزب الليبرالي في الانتخابات المقبلة من أجل رد الجميل"، قبل أن يعرب عن قلقه بشأن مصير اللاجئين والمهاجرين في حال فوز المحافظين.
يقول إمام جامع الرحمة في العاصمة أوتاوا، إسماعيل البتنوني، وهو كندي من أصل ليبي، إن الوجود الإسلامي والعربي في كندا قديم وربما يمتد إلى أكثر من قرن.
إعلانويشير في حديث للجزيرة نت، إلى أن بعض الأزمات التي شهدها العالم العربي والإسلامي خلال العقود الماضية وأسهمت في ازياد عدد المسلمين في كندا نتيجة الهجرات الجماعية، ومنها حسب قوله "الحرب الأهلية اللبنانية منتصف السبعينيات، والحرب الأهلية الصومالية مطلع التسعينيات، وكذلك الحرب في أفغانستان والعراق، والأزمة السورية، واستقبال لاجئي دول الربيع العربي، وغيرها".
وحسب الشيخ البتنوني، لم يكن في العاصمة أوتاوا قبل 20 عاما سوى مسجد واحد، بينما تضم حاليا نحو 9 مساجد جامعة و30 مصلى، مبينا أن كندا تعد من أفضل الدول في التعدد الثقافي والتسامح والتعايش.
رغم ذلك، لا يخفي الرجل مخاوفه من صعود اليمينيين في الغرب بصفة عامة، مشيرا إلى أن المحافظين في حال فوزهم بأغلبية برلمانية ربما يصدرون تشريعات قد تضر بالجالية المسلمة في البلاد. واستذكر البتنوني في هذا السياق ما سماه المواقف السلبية لهاربر بشأن فلسطين.
دراسة كنديةأكدت دراسة كندية نشرت عام 2016 بعد هزيمة المحافظين أن سياسات الهجرة واللجوء في عهد رئيس الوزراء ستيفن هاربر، شهدت تعزيزا للسلطة والمرونة المتاحة للحكومة التنفيذية، وترسيخ كونها مسألة سيادية تمارس فيها الحكومة صلاحياتها نيابة عن الكنديين لتحديد من ستسمح له بالانضمام إلى المجتمع الوطني والبقاء فيه.
وأضافت الدراسة أن خطاب حكومة هاربر تجاه الوافدين "اتسم بعدم الثقة في الغريب، والتشكيك في مصداقية طلبات اللجوء".
وأرجعت الدراسة التي أجراها أستاذ القانون بجامعة ألبيرتا، بيتر كارفر، دوافع حكومة هاربر في تشديد قبول اللاجئين، إلى "تعزيز ما اعتقدت أنه تيارات قومية في الرأي العام الكندي".
توقعات مستقبليةويرى مراقبون أن هناك 4 سيناريوهات تحدد مستقبل الهجرة واللاجئين بعد رحيل ترودو على النحو الآتي:
استمرار سياسات الهجرة واللجوء وفق الخطط الراهنة في حال فوز الحزب الليبرالي بعد اختيار قائده الجديد. فوز حزب المحافظين بأقلية برلمانية، وفي هذه الحالة لن يتمكنوا من تمرير قوانين جديدة بسهولة، ومن بينها إجراء تغييرات في سياسات الهجرة واللجوء. فوز المحافظين بأغلبية برلمانية، وفي هذه الحالة يمكنهم تمرير التعديلات بسهولة. استفادة المحافظين من دروس الماضي وتعديل سياساتهم في برامج الهجرة واللجوء، وخاصة أن حكومة هاربر تلقت انتقادات في هذا المجال، قادت منافسه إلى الفوز في انتخابات 2015. إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت فی حال فوز فی هذا
إقرأ أيضاً:
لماذا يبدو الاقتصاد الأميركي متماسكا رغم التحذير من سياسات ترامب؟
رغم مرور 6 أشهر فقط على بدء الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، لم تُفضِ سياساته الاقتصادية والجيوسياسية المثيرة للجدل إلى التراجع المتوقع في المؤشرات الاقتصادية.
وعلى عكس التحذيرات، يبدو أن الاقتصاد الأميركي -على الأقل في الوقت الراهن- يُبدي قدرا كبيرا من الصمود في مواجهة سلسلة من الصدمات شملت الرسوم الجمركية، والقيود على الهجرة، وتقليص حجم الحكومة الفدرالية، وفقا لتحليل موسّع نشرته فايننشال تايمز بقلم مايلز ماكورميك وكلير جونز.
البيانات تفوق التوقعاتوفي أبريل/نيسان الماضي، شهد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة انكماشا بنسبة 0.5%، وهو أول انكماش ربع سنوي منذ 3 سنوات.
بيد أن الأسواق تجاهلت هذا التراجع، وفسّر المستثمرون ذلك على أنه نتيجة لاندفاع الشركات نحو استيراد البضائع قبل بدء تنفيذ الرسوم الجديدة التي أُعلنت في ما سُمي بـ"يوم التحرير" في الثاني من أبريل/نيسان الماضي.
ووفقا لتوقعات الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا، من المنتظر أن يرتفع النمو إلى 2.4% خلال الربع الثاني. ويقول توماس سيمونز، كبير الاقتصاديين في بنك جيفريز الاستثماري، إن "الاقتصاد لا يُظهر حاليا إشارات مقلقة"، مضيفا أن النظرة التشاؤمية للمستهلك الأميركي أصبحت في كثير من الحالات منفصلة عن الواقع الاقتصادي.
ثبات رغم العاصفةوفي ظل السياسات الجديدة، كان يُتوقع أن يتأثر سوق العمل بشدة، لكن البيانات جاءت معاكسة. فقد أُضيف نحو 800 ألف وظيفة خلال النصف الأول من العام، مع استقرار معدل البطالة عند 4.1%، وهو ما يُعتبر قريبا من التوظيف الكامل.
في الوقت ذاته، ارتفعت ثقة المستهلك في يوليو/تموز الحالي إلى أعلى مستوى لها في 5 أشهر، بحسب استطلاعات جامعة ميشيغان.
كما جاءت نتائج الشركات الكبرى مفاجئة في قوتها. فبحسب بيانات شركة "فاكتست" للبرمجيات المالية، فإن 80% من الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" التي أعلنت نتائجها حتى نهاية الأسبوع الماضي، سجلت أرباحا فاقت التوقعات.
واستغل ترامب هذه الأرقام للضغط على الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة، وقد قام مؤخرا بزيارة نادرة للبنك الفدرالي الأميركي، هي الأولى من نوعها منذ زيارة الرئيس جورج دبليو بوش قبل نحو عقدين، في محاولة جديدة لدفع جيروم باول لتيسير السياسة النقدية.
التضخم والسياسات الجمركيةوخلافا لما حذّر منه الاقتصاديون، لم تؤدِ الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب إلى ارتفاع فوري في الأسعار. فقد بلغ معدل التضخم السنوي 2.7% في يونيو/حزيران الماضي، وهي نسبة تظل دون سقف 3%، وتُعد قريبة من هدف الاحتياطي الفدرالي البالغ 2%.
إعلانوكان التضخم قد تجاوز 9% في 2022 على خلفية تداعيات جائحة كورونا (كوفيد-19).
بيد أن بعض المؤشرات بدأت تُظهر تغيرا، فقد ارتفعت أسعار بعض السلع المستوردة -مثل الأدوات المنزلية والملابس والإلكترونيات- بشكل طفيف، كما تراجعت مبيعات المنازل إلى أدنى مستوى لها خلال 9 أشهر، بفعل ارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة العقارية.
وفي هذا السياق، يقول موريس أوبستفيلد من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "الاقتصاد يبدو متماسكا على السطح، لكن هذه المتانة قد تكون مضللة، وقد تتكشف هشاشته في الفصول المقبلة".
جدل اقتصادي وإعادة تقييم النماذج التقليديةوأثار الأداء الاقتصادي غير المتوقع جدلا واسعا بين الاقتصاديين والمستشارين. وصرح جو لافورنيا، مستشار وزير الخزانة، للصحيفة: "الاقتصاديون أخطؤوا في التوقعات على مدار 5 أشهر متتالية، فلماذا أُصدّقهم الآن؟".
ويرى أن النماذج الاقتصادية السائدة تعتمد بشكل مفرط على فرضية أن الأسواق الحرة دائما هي الأمثل، متهما أصحاب هذه النماذج بـ"الجمود الجماعي" والتركيز الزائد على جانب الطلب.
من جانبه، اعتبر بيتر نافارو، مهندس الحرب التجارية لترامب، أن الرسوم الجمركية تُحمّل عبئها على المنتجين الأجانب "اليائسين للبيع داخل السوق الأميركية"، وليس على المستهلك الأميركي كما يروّج المنتقدون.
لكن مع ذلك، بدأت بعض المصارف الاستثمارية -مثل "غولدمان ساكس"- تخفّض من توقعاتها لنمو الناتج المحلي. فبعدما كانت تتوقع نموا بنسبة 2.4% في مطلع العام، عدّلت تقديراتها إلى 1.1% فقط بنهاية يوليو/تموز.
ورغم المؤشرات الإيجابية، لا يبدو أن لجنة السوق المفتوحة في الاحتياطي الفدرالي ستُقدم على خفض أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل هذا الأسبوع. فقد أشار التقرير إلى أن معظم أعضاء اللجنة يفضلون انتظار المزيد من البيانات قبل اتخاذ قرار.
مع ذلك، من المتوقع أن يُسجّل اجتماع الأربعاء رفض عضوين للتوجه الحذر، وهما الحاكمان كريستوفر والر وميشيل بومان -وكلاهما عيّنه ترامب- إذ أعربا عن قناعتهما بأن أثر الرسوم الجمركية على الأسعار سيكون مؤقتا.
استنتاجات متضاربة ومخاوف كامنةوعلى الرغم من التفاؤل داخل البيت الأبيض، لا تزال هناك مخاوف من أن التأثير الكامل للسياسات التقييدية، كحملات الترحيل الجماعي وتقليص العقود الحكومية، لم يظهر بعد.
ويحذّر خبراء من أن الشركات قد تبدأ في تمرير التكاليف الإضافية للمستهلكين مع استقرار السياسات التجارية.
وفي هذا السياق، يقول أوبستفيلد: "الاقتصاد، من الخارج، يبدو صلبا. لكن هناك توترات واختلالات كامنة قد تتفاقم قريبا".
وبينما يواصل ترامب المضي قدما في أجندته الاقتصادية غير التقليدية، تبقى الولايات المتحدة -كما تُظهر فايننشال تايمز- في منطقة رمادية، بين أداء مفاجئ بالقوة ومخاطر يصعب التنبؤ بموعد تفجرها.