الجامعة الكندية دبي توسع المسارات الأكاديمية مع أوتاوا
تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT
وسعت الجامعة الكندية دبي شبكتها الأكاديمية العالمية عبر توقيع اتفاقيتين استراتيجيتين مع جامعة أوتاوا الكندية، إحدى أبرز الجامعات البحثية في أمريكا الشمالية، في خطوة تعكس الالتزام بتطوير مسارات تعليمية دولية مبتكرة وتعزيز الربط الأكاديمي بين دبي وكندا.
وتمثل مذكرتا التفاهم محوراً رئيسياً في استراتيجية التدويل التي تنتهجها الجامعة الكندية دبي، حيث تتيحان للطلبة فرصاً موسعة للتنقّل الأكاديمي، والالتحاق ببيئات تعليمية عالمية المستوى، واكتساب خبرات متقدمة تدعم قدراتهم وتؤهلهم لمستقبل مهني تنافسي على الصعيد الدولي.
وتتضمن الشراكة مسارين أكاديميين جديدين يوفّران انتقالاً سلساً نحو مؤهلات كندية معترف بها عالمياً.
ويتيح برنامج 1+3 لطلبة كلية الهندسة والعلوم التطبيقية والتكنولوجيا إكمال عامهم الأول في الجامعة الكندية دبي، ثم الالتحاق بجامعة أوتاوا لاستكمال الأعوام الثلاثة التالية في التخصص الذي يختارونه.
أما برنامج 2+2 فيمنح طلبة الصحة العامة في كلية علوم الصحة وعلم النفس فرصة دراسة أول عامين في دبي، تليها سنتان في جامعة أوتاوا، ليحصل الخريجون على درجتين جامعيتين من المؤسستين، وسط بيئات بحثية متقدمة وتجارب تعليمية متعددة الثقافات.
وقال سعادة بطي سعيد الكندي، رئيس مجلس أمناء الجامعة الكندية دبي: “إن هذه الشراكة تعزّز الجسر الأكاديمي بين دبي وكندا، وتؤكد التزام الجامعة بتوفير مسارات تعليمية تربط الطلبة بفرص عالمية وبيئات بحثية وتجارب متعددة الثقافات تُؤهلهم للمستقبل”.
من جانبه، أوضح البروفيسور كريم شيلي، رئيس الجامعة ونائب رئيس مجلس الأمناء، أن الاتفاقيتين “تشكلان خطوة محورية في توسيع فرص التعليم العالمية وتعميق الشراكات الأكاديمية، بما يمكّن الطلبة من متابعة دراسات متقدمة والابتكار وبناء مسارات مهنية مؤثرة”.
وسينتقل الطلبة الملتحقون بمسار 1+3 إلى مدرسة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة أوتاوا، حيث سيتاح لهم الالتحاق بتخصصات عالية الطلب، تشمل علوم الحاسوب وعلوم البيانات والهندسة الحاسوبية، ضمن بيئة بحثية مصنّفة عالمياً.
وفي المقابل، يوفر مسار 2+2 المزدوج تجربة أكاديمية وعملية متعمقة في مجال الصحة العامة، من خلال الدراسة متعددة التخصصات في جامعة أوتاوا، إلى جانب درجة بكالوريوس العلوم في الصحة العامة من الجامعة الكندية دبي.
وأكد الدكتور شريف موسى، عميد كلية الهندسة والعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، أن الشراكة “تفتح بوابة استثنائية أمام الطلبة للوصول إلى برامج هندسية وحاسوبية عالمية المستوى”، بينما شددت الدكتورة أسيل تكشي، عميدة كلية علوم الصحة وعلم النفس، على أهمية النموذج المزدوج لطلبة الصحة العامة لما يوفره من “رؤى عالمية وتجربة بحثية متطورة في كندا”.
وتعكس هذه الاتفاقيات توجّه الجامعة الكندية دبي نحو تعزيز التنقّل الأكاديمي وتكامل البحث العلمي والتعاون الدولي، بما يتيح لطلبتها الوصول إلى درجات علمية رفيعة، ومرافق بحثية متقدمة، وشبكات مهنية دولية تدعمهم في مساراتهم المستقبلية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تحولت لمخيم إيواء.. الجامعة الإسلامية بغزة تستأنف التعليم بين النازحين
غزة- كل ركن في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، تحوّل إلى شيء آخر يخدم بقاء النازحين، حيث الخيام المتكدسة في ساحاتها، والممرّات التي تحولت إلى أسواق صغيرة على هيئة بسطات من الخضار والمعلبات.
وفي الجامعة الأكبر بقطاع غزة، عُلقت أحبال الغسيل على واجهات حجرية متفحّمة، وانتشر أطفال يلهون بين دمار الأبنية ويصنعون من الحطام لعبة أو أرجوحة، في تشوّه صادم لوجه المكان الذي كان يوما من أرقى المؤسسات التعليمية في فلسطين عامة.
هكذا، صارت مباني الجامعة الإسلامية المتداعية، بفعل القصف، مخيّما كبيرا للنازحين، يعلو فوق ذاكرة سُحقت، في مشهد يشبه رقعة من نكبة آتية من الزمن الرمادي، تمتدّ من بوابتها حتى آخر ركن في حرمها.
في ثوب المكان المتشح بالسواد، ثمة رُقع بيض تتجسد في قاعات جديدة تم ترميمها ولم يجفّ دهانها بعد، فيها مقاعدُ مصفوفة، وسبّورات على مقاس الحائط الكبير، وتجهيزات متواضعة تمكّن الطلبة من حضور المحاضرات وجاهيا.
5 قاعات فقط يتناوب عليها أكثر من 3500 طالب وطالبة، يخطون العتبة الأولى من حياتهم الجامعية لأول مرة بعد حرمان من التعليم امتدّ عامين، حيث تبدأ الجامعة الإسلامية التعليم الوجاهي لطلبة السنة الأولى في بعض التخصصات العلمية.
تلمعُ أعين الطلبة المنتشرين في أروقة "المخيم"، كمن وجد نافذة أخيرة للحياة ليلتقط أنفاسه منها، ويحتضنون كتبهم كأن الورق سيرمّم ما تمزّق فيهم خلال عامين من الإبادة.
يمسك والدُ الطالبة بسمة خالد بيدها كما لو أنه يعيد توجيه طفلة فقدت الطريق، تمشي الفتاة بخطوات مترددة، تشبه بهيئتها المرتبكة من تدخل يومها الأول في المدرسة، لكنها هنا تدخل أوّل يوم في حياة جديدة بلا أمّها وشقيقتيها اللواتي فقدتهم في قصف على جباليا (شمال القطاع) خلال الحرب.
إعلانتفضح عينا والد بسمة خوفه عليها كأنها النجاة الوحيدة المتبقية له، فيما تلتفت إليه كل بضع خطوات كأنها تخشى أن يفلت منها ثانية كما أفلتت منها عائلتها.
قدمت بسمة إلى الجامعة، الواقعة غربي مدينة غزة، من منطقة جباليا في شمالها، واستغرق الطريق معها أكثر من ساعة ونصف، سارت مسافات طويلة لتصل إلى المفترق لتجد عنده وسيلة لتقلّها.
ترى بسمة أن بدء مشوارها الجامعي قد يكون باب الشفاء الوحيد المفتوح أمامها، وتقول للجزيرة نت "ربما أنجو من الفراغ القاتل، ومن التفكير الذي لا يتوقف ومن الكوابيس التي لا تزال تلاحقني". واختارت الفتاة تخصّص التمريض، وهي رغبة والدتها الشهيدة التي كانت ترى فيها قلبا مهيَّأً لمداواة الناس.
أمّا الطالب أحمد الجدبة، الذي اختار تخصص التمريض أيضا، فيحمل دافعا مختلفا تماما، أقنعته الحرب بأن يكون ممرضا، فمشاهد الممرضين وهم يركضون نحو المصابين، كانت درسا كاملا في معنى الإنسانية، ويقول للجزيرة نت "إنه تخصّص الرحمة".
كان مشهد الدمار في الجامعة صادما بالنسبة لأحمد، حيث تخيّلها كما كان يراها على الإنترنت وفي صور أقاربه، حيث المباني الشاهقة، والقاعات الواسعة، والحرم الجامعي الأضخم والمساحات الخضراء، وأناقة المكان الذي يذكّر بهيبة العلم.
"انهارت كل الصور التي كنت أحتفظ بها للمكان بمجرد عبوري البوابة، كنت أتمنى أن أرتاد الجامعة بشكلها البديع"، يقول أحمد، غير أنّ ذلك الانطباع القاتم تلاشى حين وصل إلى القاعة الجديدة، وبدأ بالإنصات للأستاذ الذي يقف أمامه يُلقّنه الحلم الذي جمّدته الحرب.
يسكن الجدبة في منطقة الزرقا قريبا من الحدود الشرقية لمدينة غزة، وهي التي لا تزال تُشبه جبهة الحرب المفتوحة خاصة مع حلول الليل، لكنه ينطلق صباحا دون خوف إلا من هواجس تلاحقه وزملاءه من عودة الحرب وتوقف أحلامه وآلاف الطلبة عن التحقق.
ومن قاعة دراسية مرممة، يخرج طالب الهندسة براء العسيلي منتشيا. يقول للجزيرة نت بكل حماسة "لقد وضعت قدمي على عتبة طموحي، أريد أن أصبح مهندسا قدّ الدنيا".
يوضح العسيلي أن الحرب أوقفت كل مخططات الشباب في غزة وطموحاتهم، وأن الشوق للدراسة كان جارفا، وقرر أن يدرس الهندسة لأنه يرى في هذا التخصص فرصة عمل أوسع، لكنه يشتكي من ارتفاع أسعار المطبوعات وانعدام الكهرباء والإنترنت، وهو ما يهدد دراسته التي تحتاج إلى أبحاث ومتابعة مستمرة، الأمر الذي سيدفعه لقطع مسافات طويلة لشحن حاسوبه أو لالتقاط إشارة إنترنت.
وراء مكتب صغير، يجلس رئيس الجامعة الإسلامية الدكتور أسعد أسعد، ويقول للجزيرة نت إن العودة للتعليم الوجاهي كانت قبل شهر من اليوم حلما بعيد المنال، لكن الجامعة تحدّت الخراب لتكون أول من يقرر فتح أبوابها لاستقبال الطلبة من جديد.
إعلاناستصلحت الجامعة جزءا من مبنى أسمته "فلسطين"، وآخر من مبنى "إرادة"، لتصبح القاعات الخمس في المبنيين فضاءات حياة جديدة لطلبة كليات الطب، والهندسة، والتمريض، وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم الصحية، والأقسام العلمية في التربية، إضافة إلى الشريعة والقانون.
ويؤكد أسعد للجزيرة نت أن 3500 طالب وطالبة يتلقون تعليما وجاهيا اليوم، فيما يستفيد نحو 12 إلى 13 ألفا من التعليم الإلكتروني، لتبقى المعرفة متاحة للجميع، سواء كانوا داخل الحرم أو خارجه دون أن يفقدوا فرصتهم في التعلم.
عودة تدريجية
يلفت أسعد إلى وجود خطة طارئة للعودة التدريجية للتعليم الوجاهي وتوسعته لكافة المستويات الدراسية، لكنها تستلزم فتح مبانٍ أخرى ما تزال تكتظ بالنازحين حتى اللحظة.
وهو تحد يقف في وجه توسعة التعليم الوجاهي، يضاف إليه تحد يعاني منه الطلبة يتمثل بشح المواصلات وتكلفتها العالية إن توفرت، الأمر الذي دفع إدارة الجامعة لافتتاح مركزين لها في المحافظتين الوسطى والجنوبية لتخفيف عبء الوصول للطلبة ممن يقطنون في تلك المناطق.
ولأن إسرائيل قتلت قرابة 70 موظفا عاملا في أقسام الجامعة، 30 منهم من الكادر التعليمي، فقد حاولت الجامعة تعويض هذا النقص من خلال الاستعانة بالمتطوعين من داخل غزة وخارجها، ومن أساتذة كبار فوق 65 عاما عادوا للتدريس تطوعا.
كما دمرت وأصابت بشكل بالغ 13 مبنى، وقضت على بناها التحتية بشكل كامل، ورغم كل هذا يقول أسعد "شوهت الحرب شكل الجامعة، لكنها لم تمس إصرارنا وإرادة طلابنا العنيدين الذين يقطعون ساعات للوصول إلى مقاعدهم".
وبلغ عدد طلبة الجامعة الإسلامية قبل الحرب 17 ألفا و500 طالب وطالبة، موزعين على 86 برنامجا لطلبة البكالوريوس و43 برنامجا لطلبة الماجستير و10 برامج دكتوراه و5 برامج دبلوم موزعة على 11 كلية علمية وإنسانية.