بوابة الوفد:
2025-12-12@19:37:13 GMT

الحجَّاج والبكالوريا

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

 يؤمن الدكتور«مصطفى مدبولى»، منذ اختيار السيد «محمد عبداللطيف» وزيراً للتربية والتعليم، بأن الرجل لديه رؤية غير تقليدية، ويعرف جيداً الفجوة الموجودة بملف التعليم، مدركاً طبيعة التحديات فى هذا الملف، ثم يوثق لنا «مدبولى» هذا الإيمان الراسخ واليقين الثابت مرة أخرى بعد الموافقة المبدئية على تطبيق «نظام البكالوريا الجديد» الذى قدمه السيد «عبداللطيف»، وحاز موافقة مجلس الوزراء، بعد مناقشات مطولة استمرت مدة ساعتين فقط!، استعداداً لطرحه للحوار المجتمعى قبل تطبيقه فعلياً.

اللافت هنا ليس حالة اليقين السابقة، بل تلك الأسباب التى صدَّرها لنا الدكتور «مدبولى» والسيد «عبداللطيف» عن تطبيق «نظام البكالوريا» الجديد، من منطلق تخفيف الأعباء، ورفع الضغط النفسى عن الطالب وأولياء الأمور، والتخلص من كابوس الثانوية العامة، ورغبة الحكومة فى تغيير فكرة أن الامتحانات حياة أو موت، عن طريق تقليل عدد المواد الدراسية وتوفير فرص للطلاب لدخول الامتحان أكثر من مرة، ثم تأتى المفاجأة بأن «شهادة البكالوريا المصرية» التى سيحصل عليها الطالب ستكون معترفاً بها دولياً، وسوف يتمكن الطلاب من التقديم إلى الجامعات فى الخارج، وكأن طلابنا لم يذهبوا إلى هذا الخارج بشهادات الثانوية القديمة منذ إنشاء ديوان المدارس حتى هذه اللحظة!

نترك تلك الأسباب المألوفة لأسماعنا وأبصارنا لتمرير أى نظام جديد، ثم تطبيقه ثم إلغائه لتبدأ اللعبة من جديد!، وننتقل إلى فلسفة «نظام البكالوريا»، يقول وزير التعليم إن فلسفة شهادة البكالوريا تعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين، مع تطبيق التقييم المستمر، أين هى الفلسفة الجديدة التى يريد تطبيقها السيد الوزير؟ ومَن أولى بتنمية مهاراته الفكرية والنقدية؟ ومَن يجب عليه الخضوع لعملية التقييم المستمر؟ الطلبة أم السادة المسئولون عن تطوير نظام التعليم فى مصر؟ 

يا سيادة رئيس الوزراء، منح فرص متعددة من خلال عقد جلستى امتحان سنوياً ليس بجديد، فقد تم العمل به فى عهد الحضرة الخديوية «الخديو عباس حلمى» عام 1913 للحصول على شهادة «معادلة البكالوريا»، وتم تطبيق «نظام التحسين» بدخول الامتحان مرة ثانية فى أول نظام تم تطبيقه بتقسيم «شعبة العلمى» إلى شعبتين منذ 25 سنة تقريباً، إن لم تخُنِّى الذاكرة، فأين الجديد إذن؟

يا سيادة رئيس الوزراء، هل تريد معرفة لماذا هذا اللغط والسخط والحيرة والترقب من الإقدام على كل نظام يتم استحداثه، إليك تلك القصة البسيطة بين الأسد والثعلب:

روى أن الأسد أصبح شيخاً عجوزاً، ضعيفاً، لا يستطيع الصيد، ولا القتال من أجل طعامه، فرقد فى كهف وادّعى المرض، وعندما يأتى حيوان لزيارته، يمسك به ويفترسه، واختفى بتلك الطريقة الكثير من الحيوانات، أما الثعلب الذى رأى الخدعة، فجاء إلى الكهف ولم يدخله، وعندما سأله الأسد: لماذا لم تدخل إلى الكهف أيها الثعلب؟ فأجاب: «الحقيقة كنت أود الدخول، لكنى رأيت كثيرين يسيرون فى هذا الطريق، فيدخلون ولا يعودون!»، نحن كذلك يا سيادة رئيس الوزراء، نخشى الدخول، وقد علمتنا التجارب أن اتجاه المرور فى تلك الأنظمة واحد.

أتريد أن تعرف يا «دكتور مدبولى» رؤية الكثير منا للنظام الجديد، سواء عن جهل به، أو خوف منه، إليك واقعة نشرتها مجلة «الزهور» لصاحبها «أنطون الجميل» عام 1910 تحت عنوان «الحجَّاج والبكالوريا»، ذكرت فيها أن عشرات من التلاميذ الذين تقدموا لامتحان البكالوريا فى مصر سيسقطون، والذنب فى ذلك على الحجَّاج، ولو كان حفظه الله، أى الحجَّاج، عرف ماذا سيصيب فريقاً من شبان القرن العشرين بسببه، لدعا على لسانه بالقطع أو على الأقل لمنع كتَّاب ديوانه من تدوين خطابه لأهل العراق، لئلا يُطلب من طلبة «البكالوريا» أن يفكوا رموزه للحصول على الشهادة، وكان المطلوب من التلاميذ تفسيره: «ما يقعقعُ لى بالشنان، ولا يغمزُ جانبى كتغماز التين، ولقد فُررِتُ عن ذكاء، وفتشتُ عن تجربة... والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل...»، الكثير منا ينظر إلى نظام «البكالوريا المنتظر»، نظرة التلاميذ لطلاسم «الحجَّاج»!

فى النهاية: هل من المعقول أن نبقى تائهين منذ إنشاء ديوان المدارس 1837 مروراً بديوان المعارف ونظارة المعارف، وصولاً إلى وزارة التربية والتعليم الآن، فى فضاء أسئلة: متى يتحقق حلم تطوير التعليم؟ ومتى نستقر على نظام للمناهج التعليمية؟، متى يعود الانضباط للمدارس وكيف يستعيد المعلم هيبته؟ وما هى سبل القضاء على الكثافة الطلابية؟... إلى آخره من تلك الأسئلة التى أصبح تكرارها نوعاً من أنواع السخف العام.

أخيراً: نحن لسنا فى حاجة إلى مسميات أو أنظمة جديدة يتم تطبيقها ثم العدول عنها، ثم إعادة تدويرها، نحن فى حاجة إلى نظام تعليم حقيقى متاح للجميع، ورؤية جادة، بعيداً عن فلسفة المعانى، وبواطن الألفاظ والمرادفات والنوايا.

الخلاصة: التعليم قضية أمن قومى. 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب الدكتور مصطفى مدبولي محمد عبداللطيف وزيرا للتربية والتعليم الموافقة المبدئية نظام البكالوريا الجديد

إقرأ أيضاً:

خبير تربوي يوضح مميزات إلغاء الدبلومات والتحول إلى البكالوريا التكنولوجية

أكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، أن التوجه نحو إلغاء الدبلومات الفنية واستبدالها بنظام البكالوريا التكنولوجية يمثل خطوة جوهرية في تطوير منظومة التعليم المصري، ويعكس رؤية الدولة للارتقاء بالتعليم الفني ليصبح مسارًا حقيقيًا يوازي التعليم العام في المكانة والفرص.

وقال إن هذا التحول يحقق قدرًا أكبر من العدالة في تطوير التعليم، إذ لا يقتصر التحديث على التعليم العام فقط، بل يمتد ليشمل التعليم الفني بصورة عميقة وجذرية.

وأضاف شوقي أن أولى مكاسب البكالوريا التكنولوجية تتمثل في تغيير الصورة الذهنية السلبية المتوارثة عن التعليم الفني باعتباره تعليمًا محدود المستقبل، موضحًا أن البكالوريا التكنولوجية تقدم مسارًا موازيًا يؤدي إلى الالتحاق بالجامعات، وأن حد القبول في بعض مدارس التكنولوجيا التطبيقية يفوق في كثير من الأحيان الحد الأدنى المطلوب للالتحاق بالثانوي العام، بما يعكس جودة هذا المسار وقيمته العلمية.

وأشار إلى أن خريجي البكالوريا التكنولوجية سيحصلون على فرص أكبر للالتحاق المباشر بسوق العمل نظرًا لما يمتلكونه من مهارات تطبيقية وتقنية عالية، مع إمكانية استكمال دراستهم الجامعية بسهولة، وهي ميزة لا تتوافر في مسار البكالوريا العامة الذي يركز بشكل أكبر على الجانب النظري.

وأوضح أن مسمى البكالوريا التكنولوجية يأتي متوافقًا مع التطوير الذي يشهده قطاع التعليم الفني، ومع أسماء المدارس الفنية الجديدة مثل مدارس التكنولوجيا التطبيقية، وكذلك مع الجامعات التكنولوجية الناشئة في التعليم العالي، مما يحقق اتساقًا واضحًا في الهيكل التعليمي.

وأكد شوقي أن النظام الجديد يمنح مرونة أكبر لإضافة مسارات تخصصية جديدة تتماشى مع احتياجات سوق العمل الحديثة، إلى جانب تطوير مناهج التعليم الفني بما يوافق طبيعة هذه المسارات، وبحيث تُبنى المناهج على المهارات العملية والتقنية لا على الحفظ والتلقين.

وشدد على أن البكالوريا التكنولوجية ستوفر فرصًا أوسع للتدريب العملي داخل الورش ومصانع الشركاء الصناعيين، بما يضمن صقل مهارات الطلاب وتأهيلهم لاجتياز متطلبات الوظائف الحديثة.
كما سيصاحب ذلك تطوير شامل للبنية التحتية والتقنية داخل المدارس الفنية، لتناسب طبيعة هذا النظام الذي يعتمد على التكنولوجيا والتطبيق العملي.

وقال إن هذا المسار الجديد سيُمكّن الطلاب من اكتساب معارف ومهارات مواكبة لسوق العمل المحلي والدولي، ما يسهم في خفض معدلات البطالة مقارنة بخريجي التعليم الفني التقليدي، بفضل جودة الإعداد وشمولية التدريب.

وأضاف أن النظام سيتيح مرونة في نظم التقييم والامتحانات، بما يضمن قياسًا متوازنًا بين الجوانب النظرية والعملية، ويقدم نموذجًا أكثر عدالة وكفاءة في تقييم مهارات الطلاب.

ولفت الخبير التربوي إلى إمكانية إضافة مقررات متقدمة مثل البرمجة والذكاء الاصطناعي داخل مسارات البكالوريا التكنولوجية، بما يحقق توحيدًا في الأساس المعرفي بين طلاب البكالوريا العامة ونظيرتها التكنولوجية، ويزود جميع الطلاب بمهارات ضرورية ضمن مهارات القرن الحادي والعشرين.

وأشار أيضًا إلى أن الترابط بين مقررات البكالوريا التكنولوجية وتخصصات الجامعات التكنولوجية الحديثة سيجعل عملية الاستكمال الجامعي أكثر سلاسة وتنظيمًا، من خلال مسارات واضحة ومحددة.

واختتم الدكتور تامر شوقي تصريحاته مؤكدًا أن هذا التغيير الجذري سيُشجع العديد من الأسر على إلحاق أبنائهم بهذا النظام، الذي يتشابه في هيكله مع نظام البكالوريا في الثانوية العامة، ويستوعب أعدادًا أكبر من الطلاب، باعتباره أحد أهم مسارات الدولة للانطلاق بقوة نحو عالم الصناعة والاقتصاد الحديث.

 

 

مقالات مشابهة

  •  مشروع نظام الرياضة الجديد: منع اللافتات والهتافات والشعارات المحرضة على التعصب
  • ننشر أبرز بنود قانون الرياضة السعودي الجديد
  • مدير تعليم القليوبية يناقش ملفات الامتحانات والذكاء الاصطناعي ونظام البكالوريا الجديد
  • برعاية الرئيس السيسي وحضور رئيس الوزراء.. وزير التعليم العالي يعلن نتائج مبادرة تحالف وتنمية وتوقيع الاتفاقيات الفائزة
  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
  • حدث في 8 ساعات| توجيه حكومي لمواجهة الشائعات.. واستعدادات مكثفة لموسم الحج
  • خبير تربوي يوضح مميزات إلغاء الدبلومات والتحول إلى البكالوريا التكنولوجية
  • عاجل- رئيس الوزراء: التوسع في المدارس اليابانية جزء من خطة مصر لتطوير التعليم وتنمية القدرات الوطنية
  • مدبولي يترأس اجتماع الحكومة الأسبوعي
  • مزايا تحويل الدبلومات الفنية إلى نظام البكالوريا التكنولوجية