عامٌ مضى والقادم أشدُّ بأسًا: اليمنُ يصنعُ المستقبلَ ويهدمُ أحلامَ الصهاينة
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
عدنان ناصر الشامي
عامٌ مضى، واليمنُ فارسُ المعركةِ وقبَسُ الموقفِ، يكتبُ في صحائفِ التاريخِ صفحاتٍ من العزةِ والإباء، ممهورةً بدماءِ التضحيةِ والإيمانِ، شاخصًا بروحه وقيادته وجيشه نحو غزة، حَيثُ القضية الأولى والمظلومية الأزلية.
عامٌ مضى، واليمن، بنخوةِ أبنائه وصبرهم وثباتهم، لم يهنأ له بالٌ، ولم يسكن له جفنٌ، وهو ينافح عن غزة.
بينما يتخاذلُ المتخاذلون، ويتوارى المتآمرون، ويتركُ العربُ والمسلمون غزةَ للكيانِ الصهيونيِّ يمارسُ عليها أبشعَ الإباداتِ، يأتي اليمنُ بصدقهِ ونقاءِ موقفهِ، مشعلًا نيرانَ المقاومة، قاطعًا يدَ العدوّ في البحار، يغلقُ المضائقَ ليكسرَ أطماعهم، ويُحرِّمَ على سفنِهم مياهَ المنطقةِ، لتصبحَ لهم لُجةُ البحارِ مقابرَ وعرةً وألغامًا مشتعلة.
عامٌ مضى، والشعب اليمني لا يكلُّ ولا يملُّ، يجوب الميادين، من القرى إلى المديريات، يعقد دورات التعبئة، يعد الرجال والعدة، يصوغ العزائم، ويشحذ الهمم، في مواجهة الطغيان الأمريكي والصهيوني وأذنابهما. عامٌ، وقلب اليمن يئنُّ لصرخات غزة، يتفطَّر لجراح أطفالها، ويأبى أن يهدأ أَو يستكين، ما دام الكيان الصهيوني يمعن في جرائمه، يقتل الأحلام قبل الأجساد، ويهدم البيوت على رؤوس ساكنيها. كيف يسكت اليمن، وهو يحمل في قلبه نبض الأُمَّــة ووجدانها؟ واللهِ لا يسكت، بل يمضي قدمًا، يسحق الكيان الصهيوني، ويدكُّ معاقله، ويُطهر الأرض من دنسه.
لقد أقسمَ اليمنُ، وهو عندَ قَسَمهِ، إنَّ فلسطينَ ليست وحدها، وإنَّ الكيانَ الصهيونيَّ لن يهنأَ بليلٍ ولا نهارٍ، وستبقى الضرباتُ اليمنية تُوجعُ عمقَه، وتُضيِّقُ خناقَه في البرِّ والبحرِ والجوِّ. سفنُهم أضحت حبيسةَ الخوفِ، لا تجرؤُ على اختراق مياهِ المنطقةِ إلا وهي تُحدِّقُ بالموتِ من كُـلّ جهةٍ.
عامٌ مضى، واليمن يقاتل نيابةً عن الأُمَّــة العربية والإسلامية، يواجه أمريكا و”إسرائيل” بكل ما أوتي من قوة، ويذود عن قضية الأُمَّــة، يقودها قائدٌ حكيم، وشعبٌ أبيٌّ، لا يبيع دينه، ولا يخون عهده. إن عامًا جديدًا يلوح في الأفق، يحمل معه تطورًا في القوة، واتساعًا في القدرة، ويأتي بأشد ما مرَّ على الكيان الصهيوني من بأسٍ وعذاب. وسيمضي اليمن حتى يتحقّق وعدُ اللهِ: “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ. ”
عامٌ مضى، والقادمُ أشدُّ بأسًا، وأعظم هيبةً. قواتُ اليمنِ تتوسَّعُ، وقدراتُها تتعاظمُ، ومواقفُها تزدادُ رسوخًا. الكيانُ الصهيونيُّ وأدواته ذاقوا الويلاتِ، وما ينتظرُهم أشدُّ وأنكى. إنَّ القادمَ يحملُ في طيَّاتهِ زلازلَ أشدَّ وقعًا، ونيرانًا لا تُبقي ولا تذر، حتى تتحقّق بشارةُ النصرِ، ويكونُ اليمنُ بحقٍّ السيفَ الذي يقطعُ أوتارَ الطغيانِ، والصخرةَ التي كسرَت قرونَ الشيطان.
فترقبوا، فَــإنَّ القادم يحمل في طياته تحوُّلًا في الموازين، وزوالًا للغاصبين، ونصرًا للمستضعفين، وتحقيقًا لوعد الله الذي لا يتخلف: “وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الإصلاح الزراعي.. يغتال أحلام الفلاحين؟
على أطراف الحقول في عزبة الأجينة بمحافظة القليوبية، يجلس الفلاح المصري متعبًا، يتأمل أرضًا كانت بالأمس مأواه ومصدر أمانه، فإذا بها اليوم تتحول إلى عبءٍ يهدد مستقبله.
سنواتٌ طويلة عاشها هؤلاء الفلاحون على وعد التمليك، ينتظرون اللجان ويُعدّون أوراقهم، مؤمنين بأن العدالة ستبلغ الحقول، فإذا بهم يُفاجأون بقرارٍ يرفع قيمة إيجار الفدان إلى نحو سبعةٍ وثلاثين ألف جنيه سنويًا، وهو رقم يتجاوز قدرة من يزرع بيديه ويعيش على حصادٍ متواضع.
في عزبة الأجينة، حيث يزرع الأهالي أراضي “حوض العشرات” و“حبرانة” منذ عقود، تحوّل الأمل إلى صدمة. القرار الصادر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، استنادًا إلى توصيات اللجنة العليا لتسعير أراضي الدولة المنعقدة في يونيو / حزيران 2023، رفع القيمة الإيجارية إلى 25 ألف جنيه للفدان في القليوبية، و23 ألفًا في الإسكندرية، و22 ألفًا في الغربية.
أرقامٌ جامدة على الورق، لكنها في الواقع سكينٌ في يد الفلاح. فكيف يُنتظر من مزارعٍ بسيط أن يسدّد هذه المبالغ في ظل غلاء مستلزمات الزراعة وتراجع العائد؟
يؤكد فلاحو الأجينة أن ما يحدث تجاوز حدود قدرتهم، وأنهم باتوا مهددين بالملاحقة القضائية والسجن وربما فقدان الأرض نفسها. يقول أحدهم: «كنا ننتظر لجنة التمليك فجاءتنا لجنة التسعير… الأرض التي ربّتنا أصبحت عبئًا علينا.»
كلمات تختصر معاناة الريف، وتعيد السؤال القديم: هل ما زال الإصلاح الزراعي يسير في طريقه الصحيح؟
لقد مضى أكثر من سبعين عامًا على قانون الإصلاح الزراعي الذي أطلقه جمال عبد الناصر ليقول إن «الأرض لمن يزرعها». كان ذلك القانون وعدًا بالمساواة، ورمزًا للعدالة الاجتماعية التي منحت الفلاح كرامته بعد عقودٍ من التهميش. أما اليوم، فتبدو الصورة معكوسة؛ فبدلًا من أن يصبح الفلاح مالكًا، أصبح مستأجرًا يطارده القلق والدَّين.
ويرى الفلاحون أن القضية لم تعد محصورة في أرقام الإيجار، بل في جوهر العدالة الاجتماعية التي بُنيت عليها فكرة الإصلاح من الأساس. فهم لا يرفضون حق الدولة في مواردها، لكنهم يطالبون بمعادلة منصفة توازن بين حقوق الخزانة العامة وقدرة الفلاح على البقاء في أرضه.
إن الأزمة الراهنة تتطلب تدخلًا عاجلًا من رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ورئيس هيئة الإصلاح الزراعي المهندس محمد الخطيب، لإعادة النظر في منظومة التسعير، حتى لا تتحول السياسات الإصلاحية إلى أداة ضغط تُقصي من خُلقوا ليزرعوا.
فالأرض لا تُثمر إلا حين يشعر الفلاح بالأمان،
ولا يكون الإصلاح إصلاحًا إذا صار خصمًا لأصحاب التراب والعرق.