جمعة رجب.. تاريخ وعظمة الإيمان في اليمن
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
أكرم ناصر
يحتل يوم جمعة رجب مكانة خَاصَّة في قلوب اليمنيين، فهو ليس مُجَـرّد يوم عابر، بل هو رمزٌ يُجسد عظمة الإيمان وإرث الحضارة الإسلامية التي رسخت أقدامها في هذه الأرض الطيبة. كُـلّ يمني أصيل يعرف قيمة هذا اليوم، ويدرك أن مواقفه التاريخية تجسد التزامه العميق بدينه وإيمانه.
عند العودة إلى القرآن الكريم ودراسة التاريخ الإسلامي، نجد أن لليمنيين مواقفَ مشرِّفة سطرتها صفحات التاريخ.
عندما ألقى سليمان كتابه الكريم، وصفته بلقيس بالكريم، وهو ما يعكس نفوسًا كريمة قادرة على تقدير القيم العظيمة. وفي المقابل، نجد أن القوم الذين كفروا برسالات الله لم يكونوا قادرين على رؤية عظمة هذه الرسائل، كما حدث مع بني “إسرائيل”. لكن نفوس اليمنيين كانت دومًا قادرة على تقدير الأشياء الجليلة.
تاريخ اليمن مليء بالمواقف البطولية، سواء في فجر الإسلام أَو في الأزمنة الحديثة. فالأوس والخزرج، هاتان القبيلتان، كانتا الأَسَاس الذي قامت عليه الدولة الإسلامية الأولى. رغم محاولات قريش لقتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن إيمانهم كان أقوى من التحديات.
والآن، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني، نجد أن روح العطاء والتضحية لا تزال حاضرة. فكما آثروا غزة على أنفسهم رغم الحصار، فَــإنَّهم يثبتون اليوم أنهم أصحاب الإرادَة القوية والنفوس الشريفة. إنهم يواجهون الجاهلية الحديثة التي تحاول فصلهم عن هُويتهم الإيمانية، لكنهم يواصلون التمسك بتعاليم دينهم وقيمهم الأصيلة.
عندما نتحدث عن مواقف اليمنيين، لا يمكننا أن نغفل عن الشجاعة التي أظهرتها الشخصيات العظيمة مثل مالك الأشتر وحجر بن عدي، الذين ضحوا بأنفسهم؛ مِن أجلِ مبادئهم. فهذه التضحيات تذكرنا بأن الإيمان الحقيقي ليس مُجَـرّد كلمات، بل هو التزام فعلي يترجم إلى أفعال شجاعة.
إن الواجب اليوم هو أن نحافظَ على هُويتنا الإيمانية، وأن نغرس هذه القيم في نفوس الأجيال القادمة. يجب أن نتذكر أن الأعداء يسعون دائمًا لفصلنا عن هُويتنا، لكننا يجب أن نكون حذرين وواعين لأهميّة هذا الأمر. علينا أن نكون قُدوة لأبنائنا، وأن نعلمهم أن الإيمان هو الرصيد الذي يحفظهم في وجه التحديات.
في الختام، فَــإنَّ يوم جمعة رجب هو تذكيرٌ لنا بأن الإيمان هو القوة التي تجمعنا، وأن تاريخنا هو مصدر إلهام لنا لمواجهة كُـلّ الصعوبات. فلنواصل السير على درب الأجداد، ونحافظ على هذه الهُوية التي تميزنا كيمانيين، عسى أن نكون دائمًا من أصحاب النفوس الكريمة التي تقدّر القيم العظيمة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء
ووفقاً لمعلومات نقلتها القناة، فإن الجهات المختصة في الجيش والأجهزة الاستخباراتية تعمل «على مدار الساعة»، في انتظار الإشارة السياسية للانطلاق، وإن تل أبيب «تعرف كيف تكرّر ما فعلته خلال 12 دقيقة في إيران، وتنفّذه في اليمن»، في إشارة إلى العملية الجوية الخاطفة التي نفذتها إسرائيل ضد منشآت عسكرية إيرانية أخيراً واغتالت خلالها عدداً من القادة العسكريين الإيرانيين.
خطة إسرائيلية لضرب «أنصار الله» في اليمن تعكس تحوّلاً في الأولويات الأمنية، وسط فشل الحسم الأميركي ومأزق الردع في البحر الأحمر.
وجاء هذا التصريح في سياق تقييم أمني شامل أجراه وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي اعتبر أن غزة واليمن باتا الجبهتين الأكثر سخونة، مقابل فتور نسبي في جبهتي لبنان وسوريا. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن اليمن لم يعد ساحة هامشية كما كان خلال العامين الماضيين، حيث تولّت الولايات المتحدة بالوكالة عن إسرائيل استهدافه؛ وبات حالياً يتقدّم اليمن إلى مركز الأولويات الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً بعد أن أصبحت العمليات اليمنية (صواريخ ومسيّرات) تشكّل تهديداً ماثلاً لإسرائيل.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي المتزايد، في ظل تعطّل كامل في العمل في ميناء «إيلات» - المنفذ البحري الحيوي الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر -، بعد سلسلة استهدافات شنتها حركة «أنصار الله» ضد سفن شحن متّجهة نحو الموانئ الإسرائيلية. ودفعت هذه الهجمات شركات الملاحة إلى تقليص رحلاتها في اتجاه إسرائيل، وهو ما رفع بدوره كلفة التأمين البحري، وحمّل الاقتصاد الإسرائيلي أعباءً إضافية.
ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن يؤدي استمرار هذا الواقع إلى تكريس «تفاهم غير معلن» بين واشنطن وصنعاء في شأن وقف إطلاق النار، وهو ما تعتبره تل أبيب مقدمة لتثبيت واقع إستراتيجي جديد يكرّس دور «أنصار الله» كقوة بحرية فاعلة من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، الأمر الذي ترى فيه إسرائيل تهديداً يتجاوز أمنها القومي ليطال الأمن البحري الإقليمي والدولي.
وليست تلك المخاوف وليدة اللحظة؛ إذ سبق أن وجهت إسرائيل، منذ أكتوبر 2023، نحو ست ضربات إلى اليمن، استهدفت - بحسب ادعائها - منشآت مرتبطة بالبنية اللوجستية والعملياتية للحركة؛ لكن تل أبيب، كما واشنطن قبلها، لم تحقّق «حسماً عملياتياً» من ذلك. وتفيد تقارير عسكرية واستخباراتية غربية بأن «أنصار الله» أعادت بناء قوتها العسكرية على قاعدة التحصينات التحتية، حيث أنشأت شبكة أنفاق تمتد لعشرات الكيلومترات، مزودة بمصاعد كهربائية، وأنظمة تهوئة ذكية، ومولدات مستقلّة، وتضم مخازن للصواريخ ومراكز قيادة محصّنة يصعب استهدافها جواً. وقد عجزت القوات الأميركية، خلال حملتها المكثّفة في البحر الأحمر مطلع 2024، عن تعطيل هذه البنية أو وقف الهجمات «الحوثية» الجوية والبحرية.
وبالتوازي مع التهديدات العسكرية، أفادت تقارير عبرية بأن إسرائيل أعادت توجيه أقمارها الصناعية نحو اليمن، وبدأت عمليات استخبارية لالتقاط بيانات الاتصالات الهاتفية من المحطات الهوائية داخل مناطق سيطرة «أنصار الله»، في محاولة لتفكيك بنية القيادة والسيطرة التابعة للحركة، بالاستفادة من تجربتَي حربيها على لبنان وإيران.
ورغم تسارع التحضيرات العسكرية، تبدو إسرائيل مدركة لتعقيدات الساحة اليمنية. فالجغرافيا الصعبة، والبعد الكبير عن حدودها، والتجربتان السعودية والأميركية، كلها أمور غير مشجعة، وتجعل من خيار «حرب الاستنزاف» أمراً مستبعداً، على عكس ما يجري في غزة أو جرى في إيران. وحتى الضربات الجوية المحدّدة، تواجه تحديات كبيرة في فعالية التدمير، نظراً إلى طبيعة الأهداف المحصّنة.
ويرى محللون أن إسرائيل تميل، في ضوء ذلك، إلى تبني نهج «الضربات الذكية»: عمليات دقيقة عالية التأثير الرمزي، تستهدف شخصيات قيادية أو منشآت ذات بعد سياسي أو معنوي، مع تضخيم إعلامي يخلق انطباعاً بالردع ويعزّز معنويات الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من دون الانجرار إلى صراع طويل ومكلف في ساحة بعيدة.
في المحصّلة، إسرائيل أمام معضلة إستراتيجية؛ فمن جهة، ثمة ضغوط متزايدة لضمان أمن الملاحة وكبح قوة «أنصار الله» المتنامية في البحر الأحمر، ومن جهة أخرى، ثمة إدراك بأن اليمن ليس مسرحاً قابلاً للحسم العسكري السريع. وهكذا، تتحرّك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بين خياري «الرسائل المحدّدة» و«الضربات الرمزية»، في محاولة لاحتواء التهديد، من دون إشعال حرب استنزاف جديدة.
"نقلاً عن الأخبار اللبنانية"