كيف تستطيع الحيتان القاتلة صيد أكبر سمكة في العالم؟
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
عملية صيد فريدة تشهدها المحيطات، حيث تقوم حيتان الأوركا القاتلة -وهي المفترس الأكبر في المحيطات- بصيد أكبر سمكة في العالم وهي سمكة القرش الحوتي التي يصل طولها إلى 18 مترا.
لكي تتم عملية الصيد هذه بنجاح، تحتاج حيتان الأوركا القاتلة لآلية صيد فريدة ومميزة رصدها هذا التقرير البحثي الذي نشر مؤخرا في مجلة "فرونتيرز"، حيث حلل الباحثون لقطات الصور والفيديو التي تم جمعها من أربع عمليات افتراس فريدة امتدت على مدى ست سنوات (2018-2024) في جنوب خليج كاليفورنيا.
وبحسب التقرير البحثي، وجد الفريق أن آلية الصيد والقتل هذه تتميز بالتركيز على مهاجمة منطقة الحوض لدى سمكة القرش، مما يتسبب في نزيف شديد يسمح للحيتان القاتلة بالوصول إلى الكبد الغني بالدهون. وتكمن أهمية كبد القرش بالنسبة للحوت القاتل في احتوائه على قدر عال من السعرات الحرارية، مما يوفر طاقة إضافية للحوت.
وكان عمل حيتان الأوركا القاتلة معًا بشكل إستراتيجي وذكي للوصول إلى منطقة محددة للغاية من الفريسة مثيرا لإعجاب الباحثين، مما سلط الضوء على القدرات المذهلة للحيتان القاتلة، خاصة أن الحيتان تقوم بشكل جماعي قبل الافتراس بتوجيه ضربات مؤثرة تركز على الجانب البطني من رأس سمكة القرش الحوتية.
وتقول الباحثة المشاركة في التقرير الدكتورة فرانشيسكا بانكالدي -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- إن الحيتان القاتلة تتبع إستراتيجية صيد تعتمد على ضرب السمكة ثم قلبها رأسا على عقب مما يفقدها القدرة على الحركة.
وفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني، يقول خبير الأحياء البحرية جيمس موسكيتو -وهو أحد المشاركين في التقرير البحثي- إن الحيتان القاتلة تقوم بالصيد والبحث عن الطعام في مجموعات، وفي حالة الهجوم على القرش الحوتي تتحرك العديد من الحيتان القاتلة لإجبار قرش الحوت على تغيير الاتجاه، ثم يتمكن فرد واحد من الحيتان من عض القرش الحوتي.
إعلانويضيف جيمس موسكيتو أن الحيتان القاتلة تستخدم تقنيات مختلفة للوصول إلى الفريسة ويمكنها دمج هذه التقنيات جميعًا. فتستخدم الرؤية البصرية، إذ إن تحرك الحيتان في مجموعات يعطيها فرصة أكبر لرؤية الفريسة.
وتستخدم أيضا تقنية تحديد موقع الفريسة عن طريق صدى الصوت، حيث يصدر الحوت مجموعة من الأصوات، ثم يستمع الحوت بعد ذلك إلى أصداء الأصوات التي ترتد من الأجسام القريبة.
ويقود موسكيتو مجموعات من جميع أنحاء العالم للغوص مع أسماك القرش. ومنذ عام 2000 قام باصطحاب آلاف الأشخاص لرؤية أسماك القرش البيضاء الكبيرة وقرش النمر والثور وأسماك المطرقة وأنواع مختلفة من الحيتان. ويقول جيمس إنه غاص في البحر مع الحيتان الزرقاء والحيتان الزعنفية والحيتان القاتلة والحيتان الرمادية وحيتان المنك وحيتان العنبر وغيرها، والتقط صورا ومقاطع فيديو لها.
وأيضا قامت كيلسي ويليامسون، وهي مصورة تحت الماء وخبيرة في الحفاظ على المحيطات، بالتقاط صور فريدة ومثيرة للحيتان القاتلة وهي تقوم بعملية مهاجمة وعض القرش الحوتي، وساعدت هذه الصور والمقاطع التي التقطتها ويليامسون الباحثين في هذا التقرير البحثي.
في العقد الماضي، ومع ارتفاع معدل السياحة البحرية في مناطق معينة من العالم، ومع التقدم في التكنولوجيا وتوفر كاميرات عالية الدقة بأسعار معقولة، زادت إمكانية تسجيل السائحين لأحداث نادرة متعلقة بالكائنات الحية، الذين شاركها بعضهم مع الباحثين، وفي هذه الدراسة كانت 4 أحداث من أحداث الافتراس من هذا المصدر.
ففي عام 2018 سجل مجموعة من السائحين مقاطع فيديو لذكر حوت قاتل يُقدر طوله بـ8 أمتار يقترب من سمكة قرش حوت صغيرة يُقدر طولها بـ5 أمتار فوق مستوى سطح البحر، وبعد عملية الهجوم ظهرت بقعة كبيرة من الدم والأنسجة العائمة على سطح الماء واختفت جثة سمكة القرش الحوتية.
إعلان هل اكتسبت حيتان الأوركا مهارات خاصة للصيد؟تمتلك الحيتان القاتلة نسبة كتلة أدمغة بالنسبة إلى جسمها هي الأعلى بين جميع الحيوانات المفترسة، مما يشير إلى قدرات معرفية عالية لديها.
ويرى الباحثون أن طريقة الصيد الفريدة التي تستخدمها قد تشير إلى أن بعض الحيتان القاتلة في خليج كاليفورنيا اكتسبت مهارات خاصة تساعدها على افتراس أسماك القرش الحوتية. وفي مناطق أخرى أيضا ربما تعلمت الحيتان القاتلة القيام بالشيء نفسه، لكن الأدلة على هذا الأمر محدودة، كما يقول الباحثون.
ومما شجع الباحثين على هذا الافتراض أن تحليل الصور كشف أن ذكر حوت واحدا تمت تسميته "موكتيزوما" كان منخرطًا في ثلاثة من أحداث الافتراس الأربعة التي تم رصدها خلال السنوات الست، وأن الإناث المشاركة في الحدث الرابع قد شوهدت معه سابقًا. لذا اقترح الباحثون وجود مجموعة متخصصة من الحيتان القاتلة اكتسبت معلومات بيئية وسلوكية لاصطياد أسماك قرش الحوت في خليج كاليفورنيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحیتان القاتلة حیتان الأورکا القرش الحوتی سمکة القرش من الحیتان
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم
يُبرز اليوم العالمي للنحل الذي يأتي هذا العام تحت شعار "النحل مُلهم من الطبيعة ليغذينا جميعا"، الأدوار الحاسمة التي يلعبها النحل في السلسلة الغذائية للبشرية، وصحة النظم البيئية لكوكب الأرض، بما يشير إلى أن فقدان النحل سيجعل العام يخسر أكثر بكثير من مجرد العسل.
ويواجه النحل وغيره من المُلقّحات تهديدات متزايدة بسبب فقدان موائلها، والممارسات الزراعية غير المستدامة، وتغير المناخ والتلوث. ويُعرّض تناقص أعدادها إنتاج المحاصيل العالمي للخطر، ويزيد من تكاليفها، ويُفاقم بالتالي انعدام الأمن الغذائي العالمي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تراجع أعداد النحل والملقّحات تهدد مصادر الغذاءlist 2 of 4ماذا يحدث للبيئة والبشر إذا اختفى النحل؟list 3 of 4أعجوبة النحلة الطنانةlist 4 of 4دراسة: جزيئات البلاستيك لها أثر مدمر على النحل والملقّحاتend of listوحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) هناك أكثر من 200 ألف نوع من الحيوانات تصنف ضمن المُلقّحات غالبيتها العظمى برية، بما في ذلك الفراشات والطيور والخفافيش وأكثر من 20 ألف نوع من النحل، الذي يعتبر "أعظم الملقحات".
ويعدّ التلقيح أساسيا لأنظمة الأغذية الزراعية، إذ يدعم إنتاج أكثر من 75% من محاصيل العالم، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور. بالإضافة إلى زيادة غلة المحاصيل.
كما تُحسّن الملقّحات جودة الغذاء وتنوعه، وتُعزز حماية الملقحات التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية الحيوية، مثل خصوبة التربة، ومكافحة الآفات، وتنظيم الهواء والماء.
حسب بيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم الحصول على 90% من إنتاج الغذاء العالمي من 100 نوع نباتي، ويحتاج 70 نوعا منها إلى تلقيح النحل.
إعلانوأظهرت الدراسات أن الحشرات غير النحل لا تُمثل سوى 38% من تلقيح المحاصيل، مقابل أقل من 5% من تلقيح المحاصيل بالنسبة للفراشات، ويسهم تلقيح الطيور بأقل من 5% من الأنواع المزهرة حول العالم و1% للخفافيش.
وتبلغ تكلفة التلقيح الاصطناعي أعلى بـ10% على الأقل من تكلفة خدمات تلقيح النحل، وفي النهاية لا يمكننا تكرار عمل النحل بنفس الجودة أو الكفاءة لتحقيق نفس الإيرادات.
وعلى سبيل المثال، تتراوح تكلفة تلقيح هكتار واحد من بساتين التفاح في الولايات المتحدة ما بين 5 آلاف و7 آلاف دولار ومع وجود ما يقارب 153 ألفا و375 هكتارا من بساتين التفاح في جميع أنحاء البلاد، ستصل التكلفة إلى نحو 880 مليون دولار سنويا، بالنسبة لحقول التفاح فقط.
وعموما، تمثل الملقحات الحشرية ما يقارب 35% من إجمالي الإنتاج الغذائي العالمي، ويتولى نحل العسل 90% من عبء هذا العمل.
يتعرض النحل والملقحات الأخرى فعليا لتهديد متزايد جراء الأنشطة البشرية مثل استخدام مبيدات الآفات، والتلوث البيئي الذي يشمل جزيئات البلاستيك والتلوث الكهرومغناطيسي (ذبذبات أبراج الاتصالات والهواتف المحمولة وخطوط الكهرباء)، والأنواع الغازية لموائله، والتغير المناخي. ورغم أن الصورة البارزة تشير إلى وضع كارثي يتعلق بتعداد النحل العالمي.
لكن تحليل البيانات التي وردت في نشرة منظمة الفاو تظهر أن فكرة انهيار أعداد النحل عالميا ليست دقيقة تماما، لكن مع ذلك يبقى مستقبل أعداد النحل العالمية غير مؤكد تماما.
وتشير البيانات إلى أن أعداد النحل في بعض الدول الآسيوية تشهد تزايدا مطردا، بينما تواجه في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية بشكل عام تحديات كبيرة في العقود الأخيرة، بسبب تدمير الموائل، والتعرض للمبيدات الحشرية، وتغير المناخ، والأمراض، والطفيليات.
إعلانويعود تزايد أعداد النحل في آسيا إلى التنوع الطبيعي في القارة، والمناخ المعتدل، وتقاليد تربية النحل العريقة، وازدهار تربية النحل التجارية، وعلى سبيل المثال عززت الصين، أكبر منتج للعسل في العالم، أعداد نحل العسل لديها بشكل كبير لتلبية الطلب العالمي.
وإذا اعتمدت المناطق التي تواجه تدهورا سياسات أكثر صرامة للحفاظ على النحل وممارسات زراعية مستدامة، فقد تُسهم في استقرار أعداد النحل، بل وتعزيزها، في السنوات القادمة. في الوقت نفسه، يجب على الدول التي تشهد تزايدا في أعداد النحل أن تظلّ متيقظة للتهديدات الناشئة لحماية إنجازاتها.
ويعتمد مستقبل النحل -الذي خصص في 20 مايو/أيار سنويا كيوم عالمي له- على قدرة البشر على التكيف والابتكار وحماية موائله. فبدلا من التركيز فقط على حالات التناقص، ينبغي دراسة ومحاكاة قصص تكاثره وانتعاش موائله في مناطق مختلفة من العالم.
وتُساعد الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، مثل الزراعة البينية، والزراعة الحراجية، والإدارة المتكاملة للآفات، وحماية الموائل الطبيعية، وتوفير مصدر غذائي ثابت ووفير للنحل في استدامة الملقحات، مما يضمن استقرار توفر المحاصيل وتنوعها، ويُقلل من نقص الغذاء والآثار البيئية.
وتعزز الجهود المدروسة لحماية الملقحات في نهاية المطاف الحفاظ على مكونات أخرى من التنوع البيولوجي، مثل مكافحة الآفات، وخصوبة التربة، وتنظيم الهواء والماء. وإنشاء أنظمة زراعية غذائية مستدامة، يلعب النحل دورا بارزا فيها.