تصعيد سياسي غير مسبوق.. ماذا يحدث في كوريا الجنوبية؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
خلال الساعات القليلة الماضية شهدت كوريا الجنوبية حدثًا تاريخيًا غير مسبوق حينما أقدم مكتب التحقيق في فساد كبار المسؤولين على احتجاز الرئيس السابق يون سيوك-يول.
كانت هذه الخطوة بمثابة تصعيد كبير في التوترات السياسية في البلاد، وجاءت بعد سلسلة من الأحداث التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي الكوري الجنوبي.
بدأت القصة في 3 ديسمبر 2024، عندما أعلن يون سيوك-يول الأحكام العرفية في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية. القرار الذي حاول من خلاله الرئيس السابق فرض سيطرته على السلطات التشريعية والإدارية، قابلته معارضة قوية من البرلمان ومن المجتمع الدولي.
كما أن هذا القرار أُلغِي في وقت لاحق بعد اندلاع احتجاجات قانونية وسياسية، ليُضاف إلى سجله السياسي ما يشير إلى استمراره في محاولات تجاوز الدستور.
ومع تصاعد الأزمة السياسية، وجد مكتب التحقيق نفسه مضطرًا لاستدعاء الرئيس السابق عدة مرات في محاولة لمساءلته حول تجاوزاته المزعومة.
إلا أن يون سيوك-يول رفض الاستجابة لهذه الاستدعاءات، ما أدى إلى إصدار مذكرة توقيف بحقّه في 14 يناير 2025، لتنفيذها بعد فشل المحاولة الأولى في 3 يناير.
يواجه الرئيس المعزول سلسلة من التهم التي تتعلق بقيادة تمرد دستوري ومن بين هذه التهم، محاولة إلغاء الأحكام العرفية بعد التصويت ضده في البرلمان، واتهامات بمحاولة احتجاز سياسيين كبار دون إذن قضائي، بالإضافة إلى التحقيق في شبهات تتعلق بتزوير الانتخابات، هذه الاتهامات تشير إلى محاولاته لإضعاف مؤسسات الدولة وتقويض النظام الديمقراطي في البلاد.
ما جعل من هذه القضية أكثر تعقيدًا هو المواجهة الأمنية التي وقعت بين مكتب التحقيق وجهاز الأمن الرئاسي في 3 يناير، عندما حاولت قوات التحقيق توقيف الرئيس السابق داخل مقر إقامته.
استمرت المواجهة لعدة ساعات، ولم تثمر عن نجاح المحاولة الأولى، وهو ما وضع العديد من الأسئلة حول قدرة المؤسسات القانونية على تنفيذ قراراتها ضد الشخصيات ذات النفوذ السياسي الرفيع.
في 7 يناير، وبعد فشل المحاولة الأولى، أصدرت محكمة سينول الغربية مذكرة توقيف جديدة، والتي تم تنفيذها أخيرًا في 14 يناير.
ويعد هذا إشارة إلى جدية السلطات في التحقيق مع كبار المسؤولين، وهو ما يعكس التزام كوريا الجنوبية بتعزيز سيادة القانون.
تثير هذه الأزمة السياسية تساؤلات واسعة حول مصير الديمقراطية الكورية الجنوبية، فبينما يرى البعض أن احتجاز الرئيس المعزول هو خطوة ضرورية نحو تعزيز المساءلة السياسية، يراه آخرون خطوة يمكن أن تخلق انقسامًا حادًا داخل المجتمع، بين مؤيديه ومعارضيه.
كما أن الجدل لم يقتصر على الداخل الكوري الجنوبي، بل انتقل إلى الساحة الدولية، فاحتجاز رئيس سابق قد يُنظر إليه على أنه مؤشر على استقلال القضاء الكوري الجنوبي وقدرته على محاسبة كبار المسؤولين، لكنه في الوقت ذاته قد يُفهم كأداة للضغط السياسي، مما قد يؤثر على صورة كوريا الجنوبية في عيون القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
وفي النهاية، تظل نتائج التحقيقات والمحاكمات هي التي ستحدد مسار القضية، سواء على الصعيدين السياسي أو الاجتماعي، ومدى تأثيرها في مستقبل كوريا الجنوبية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ماذا يحدث في كوريا الجنوبية الكوري الجنوبي يون سيوك الرئيس الكوري الجنوبي يون سيوك يول كوريا كوريا الجنوبية كوريا الشمالية کوریا الجنوبیة الرئیس السابق
إقرأ أيضاً:
توقعات بفوز المرشح الليبرالي لي جاي-ميونغ برئاسة كوريا الجنوبية بعد عزل يون سوك يول
أظهر استطلاع مشترك أجري عقب التصويت في كوريا الجنوبية تقدّم المرشح الليبرالي لي جاي-ميونغ بنسبة 51.7% من الأصوات، متجاوزاً منافسه المحافظ كيم مون سو، وذلك بعد شهرين من إقالة الرئيس السابق يون سوك يول إثر فرضه الأحكام العرفية. اعلان
أظهر استطلاع مشترك أجرته كبرى محطات التلفزة في كوريا الجنوبية (KBS وMBC وSBS) أن المرشح الليبرالي لي جاي-ميونغ في طريقه للفوز بالانتخابات الرئاسية المبكرة، بعد شهرين فقط من إقالة الرئيس المحافظ يون سوك يول على خلفية فرضه المؤقت للأحكام العرفية.
وبحسب الاستطلاع، يُتوقع أن يحصل لي على 51.7% من أصوات الناخبين، متقدماً بفارق واضح على منافسه الرئيسي، المحافظ كيم مون سو، الذي نال 39.3%.
وأشارت استطلاعات ما قبل الانتخابات إلى تقدم مريح للي، مدعوماً بحالة الاستياء الشعبي العارم من المحافظين بعد أزمة الأحكام العرفية، فيما عجز كيم عن كسب دعم الناخبين المعتدلين وسط انقسامات داخلية في حزب "قوة الشعب" حول تقييم فترة حكم يون.
Relatedكوريا الجنوبية: المحكمة الدستورية تقرر عزل الرئيس يون سوك يولالاتحاد الأوروبي يبرم اتفاقًا رقميًا مع كوريا الجنوبية ومساعٍ لتعزيز التحالفات التجاريةكارثة بيئية في كوريا الجنوبية: حرائق الغابات تودي بحياة 24 وتشرد الآلافومع إعلان نتائج الاستطلاع، سادت أجواء الفرح مقر الحزب الديمقراطي، حيث ردد الحضور اسم لي بحماسة، في حين خيّم الصمت على مقر حملة كيم.
جرت عملية الاقتراع في 14,295 مركزاً انتخابياً من الساعة 6 صباحاً حتى 8 مساءً، بمشاركة نحو 80% من الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 44.4 مليون، وهي نسبة تُعد من الأعلى في تاريخ الانتخابات الرئاسية في البلاد.
ويُنتظر أن يُنصّب الفائز رئيساً فوراً صباح الأربعاء، دون فترة انتقالية تقليدية، في ظل تحديات داخلية وخارجية جسيمة تشمل تراجع الاقتصاد، وسياسات "أمريكا أولاً" للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتصاعد التهديدات النووية من كوريا الشمالية.
وكان لي، الذي قاد حزبه جهود عزل يون، قد دعا في منشور على "فيسبوك" الناخبين إلى توجيه "حكم صارم وحاسم" ضد المحافظين. وفي خطابه الختامي، اعتبر أن فوز كيم يمثل "عودة لقوى التمرد وتدميراً للديمقراطية"، متعهداً بإحياء الاقتصاد وتقليص الفوارق الاجتماعية وتعزيز الوحدة الوطنية.
من جانبه، حذّر كيم من أن فوز لي سيؤدي إلى تركّز مفرط للسلطة وسعي للانتقام السياسي، واصفاً منافسه بأنه يسعى لإقامة "ديكتاتورية على غرار هتلر".
ويُعرف لي، حاكم إقليم غيونغي السابق وعمدة مدينة سيونغنام، بخلفيته المتواضعة وموقفه الصارم ضد النخب المحافظة، ما منحه صورة إصلاحية، رغم انتقادات تعتبره شعبوياً مثيراً للانقسام.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، تبنى لي موقفاً براغماتياً، مؤكداً التزامه بتحالف بلاده مع الولايات المتحدة وعزمه تعزيز الشراكة الثلاثية مع واشنطن وطوكيو، بما يتماشى مع مواقف التيار المحافظ.
أما العلاقات مع كوريا الشمالية، فلا تزال متوترة منذ عام 2019. ورغم إعلان ترامب رغبته في استئناف الحوار مع كيم جونغ أون، إلا أن بيونغ يانغ تجاهلت العروض وفضّلت تعزيز علاقاتها مع موسكو. وأعرب لي عن دعمه للجهود الدبلوماسية الأميركية، معترفاً بصعوبة عقد قمة قريبة مع كيم، رغم رغبته في تحسين العلاقات مع الشمال.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة