أكسيوس تتعاون مع أوبن إيه آي.. هل تنجو الصحافة من لدغة العقرب؟
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
أعلنت أكسيوس عن شراكة استراتيجية مع أوبن إيه آي لمدة ثلاث سنوات، تهدف إلى توسيع تغطيتها الإخبارية المحلية من 30 إلى 34 مدينة، بما يشمل بيتسبرج في بنسلفانيا، كانساس سيتي في ميسوري، بولدر في كولورادو، وهانتسفيل في ألاباما.
تأتي هذه الخطوة ضمن سعي أكسيوس لتعزيز حضورها في المشهد الإعلامي المحلي وتوفير الأخبار للمجتمعات التي تحتاجها.
تموّل أوبن إيه آي هذه المبادرة مقابل الحصول على حقوق استخدام محتوى أكسيوس للإجابة على استفسارات المستخدمين باستخدام تقنياتها الذكية. هذا التعاون أثار جدلاً واسعاً، حيث يرى البعض أنه قد يؤدي إلى تقويض استقلالية غرف الأخبار، خاصة في ظل تزايد اعتماد المؤسسات الإعلامية على التمويلات التكنولوجية.
رغم ذلك، حاول المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة أكسيوس، جيم فانديهي، تهدئة المخاوف، حيث صرّح قائلاً: "لقد أطلقنا Axios Local قبل نحو أربع سنوات بهدف طموح يتمثل في توفير الأخبار المحلية للمجتمعات عبر البلاد. يتيح لنا استثمار أوبن إيه آي مواصلة هذا التوسع وجلب الأخبار المحلية إلى الجماهير التي تستحقها".
شقيقة رئيس OpenAI تقاضيه بتهمة الإساءة الجنسية إيلون ماسك يحصل على دعم جديد في دعوى OpenAIورغم هذه التصريحات، لا تزال هناك شكوك حول مدى تأثير هذه الشراكة على النزاهة الصحفية، خاصة أن أكسيوس أعلنت أنها ستستخدم تقنيات أوبن إيه آي لتطوير أنظمتها ومنتجاتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، لكنها أكدت في مذكرة داخلية للموظفين أن هذه التقنيات لن تُستخدم في إعداد التقارير الإخبارية.
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد المخاوف حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الصحافة، لا سيما في ظل قضايا قانونية معقدة تواجه أوبن إيه آي، منها دعوى قضائية رفعتها صحيفة نيويورك تايمز تتهمها بانتهاك حقوق النشر. هذه التطورات تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الشراكة ستعود بالنفع المتبادل أم ستُذكرنا بالمثل الشهير عن العقرب والضفدع، حيث تنتهي الثقة أحياناً بخيانة متوقعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكسيوس أوبن إيه آي الصحافة الذكاء الاصطناعي أوبن إیه آی
إقرأ أيضاً:
صمتُ الذكرى في زمن الحرب.. حين ينسى الحاضر رواد الأمس
يونيو 23, 2025آخر تحديث: يونيو 23, 2025
سعد محمد الكعبي
مضت الأيام القليلة الماضية حاملةً معها ذكرى عزيزة على قلب كل عراقي وعراقية، خاصة من ينتمون لمهنة المتاعب، عيد الصحافة العراقية, في الخامس عشر من حزيران من كل عام باعتبار ان هذا التأريخ هو الذي يُحيي ذكرى تأسيس أول صحيفة عراقية، الزوراء، كان يُفترض به أن يكون مناسبة للاحتفال بالفكر، والكلمة، ودور الصحافة في بناء الوعي. لكن للأسف، مرت هذه الذكرى بصمتٍ يكاد يكون مطبقًا، فلا احتفالات، ولا تكريم، ولا حتى إشارة تليق بمقامها.
السبب، كما هو الحال دائمًا في عراقنا، يعود إلى وطأة الظروف، فالحرب المستمرة بين إيران وإسرائيل تلقي بظلالها الكثيفة على المشهد، لتغيب معها كل مظاهر البهجة والاحتفاء، وكأن قدر العراق أن يبقى رهينًا لصراعات لا تتوقف، حتى لتلك اللحظات التي تستدعي الفخر والاعتزاز.
لكن ما يؤلم أكثر من صمت الاحتفالات الرسمية، هو صمت الذاكرة الجماعية عن رواد الصحافة العراقية، أولئك الذين حملوا أمانة الكلمة في أوقات عصيبة، ولم يتوانوا عن أداء واجبهم حتى تحت قصف المدافع وطنين الصواريخ.
نتذكر جيدًا أيام عام 2003، حين كان العراق يئن تحت وطأة القصف العنيف. كانت مؤسساتنا الإعلامية، الإذاعة والتلفزيون، هدفًا مباشرًا للنيران. أجبرنا على النزوح، من مبنى إلى آخر، ومن موقع إلى آخر، في محاولة يائسة للاستمرار في إيصال الصوت والصورة للعالم ولشعبنا.
كان فندق المنصور ملجأنا الأول، ظننا أنه سيكون ملاذًا آمنًا لبعض الوقت، لكن سرعان ما طالته أيدي القصف، لم يكن أمامنا خيار سوى البحث عن مكان آخر، فانتقلنا إلى متنزه الزوراء، بين الأشجار والحدائق، علّنا نجد بعض الأمان والقدرة على العمل، لكن الأعين كانت ترصدنا، وسرعان ما انكشف موقعنا، ليصبح هدفًا آخر للنيران.
استمرت رحلة النزوح القاسية، لجأنا إلى أحد البيوت، وواصلنا عملنا وسط أجواء الخطر المستمر، كانت الصالحية تُقصف بوحشية، والأنباء تتوالى عن سقوط الضحايا، كل ذلك ونحن نُصر على أداء واجبنا، هيأت تحرير الاخبار، والاعلامين حاملين الكاميرات والميكروفونات بأيدي مرتعشة، وقلوب ثابتة. لم نكن نفكر في التكريم أو الشهرة، بل فقط في إيصال الحقيقة، ومواجهة الظلام بالضوء.
واليوم، نرى المشهد يتغير. الاحتفالات تُقام، والجوائز تُمنح، لكن لمن؟ للأجيال الجديدة من الصحفيين، الذين نبارك لهم مسيرتهم ونشد على أيديهم، ولكن هل يجوز أن يأتي هذا الاحتفاء على حساب نسيان رواد المهنة؟ نسيان من تحدوا الموت، وقدموا الغالي والنفيس، وتحملوا المشقة التي لا تُوصف لتبقى شعلة الصحافة متقدة في أحلك الظروف.
إن تكريم الصحفيين الرواد ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو ضرورة للحفاظ على ذاكرة المهنة وقيمها الأصيلة. هو رسالة للأجيال القادمة بأن العطاء لا يُنسى، وأن التضحيات تُثمر، وأن الصحافة الحقيقية تبنى على أكتاف رجال ونساء آمنوا برسالتهم حتى الرمق الأخير.
لعل هذه الذكرى الصامتة تكون صرخة توقظ الضمائر، وتُعيد الحق لأصحابه. فالعراق اليوم بحاجة ماسة لروحه الأصيلة، وروحه الأصيلة تكمن في احترام تاريخه، وتقدير رجاله، وتذكر مناراته التي أضاءت الطريق في الظلمات.