بعد تنصيبه رسميا.. "ترامب" يستعد لاتخاذ أكثر من 200 قرار تنفيذي
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال مساعدون للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إنه سيبدأ في تطهير "المؤسسة السياسية الفاشلة والفاسدة" في البلاد من خلال اتخاذ أكثر من 200 إجراء تنفيذي عندما يتولى منصبه اليوم الاثنين.
وتشمل الإجراءات 50 أمرًا تنفيذيًا، وهي ملزمة قانونًا، ويتعلق بعضها بأمن الحدود وإنتاج الطاقة المحلية، في حين تم تصميم البعض الآخر لضمان توظيف العمال الفيدراليين على أساس الجدارة، وفقًا لفوكس نيوز ديجيتال.
ونقلت صحيفة نيويورك بوست عن جيسون ميلر ، المستشار الكبير للإدارة الأمريكية الجديدة، قوله إن ترامب يخطط لبدء التوقيع على الأوامر فور تنصيبه، وستكون العديد من هذه الخطوات جزءًا من التوجيهات الشاملة.
وكان الرئيس المنتخب قد أشار في وقت سابق إلى أنه سيوقع على ما لا يقل عن 25 أمرا في يومه الأول في منصبه، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة: "هذه موجة أولى هائلة وغير مسبوقة، وهي الأوسع نطاقًا من الإجراءات التنفيذية في تاريخ أمريكا، وكلها موجهة بالتزام لا هوادة فيه بالوفاء بوعد الحملة الانتخابية".
وكجزء من الأوامر، سيعلن ترامب حالة طوارئ حدودية وطنية من شأنها أن تغلق فعليا الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ومن غير الواضح ما إذا كانت الحدود الشمالية للبلاد ستتخذ أي إجراءات فورية ضدها.
وقد تسربت بالفعل بعض خططه الأكثر شمولاً لليوم الأول، بما في ذلك خطة الترحيل الجماعي التي من المقرر أن تبدأ في شيكاغو فور تنصيبه.
وتأتي هذه الحملة الصارمة بالإضافة إلى أمر محتمل بمنع منح الجنسية بشكل تلقائي لأطفال المهاجرين غير الشرعيين المولودين في الولايات المتحدة.
وقال ترامب في مقطع فيديو نُشر في مايو 2023: "في اليوم الأول من ولايتي الجديدة، سأوقع أمرًا تنفيذيًا يوضح للوكالات الفيدرالية أنه بموجب التفسير الصحيح للقانون، في المستقبل، لن يحصل أطفال الأجانب غير الشرعيين على الجنسية الأمريكية تلقائيًا".
ومن المرجح أن يشكل هذا الأمر انتهاكا للتعديل الرابع عشر، ومن الممكن الطعن فيه أمام المحاكم.
وتعهد ترامب أيضًا بتعليق التصاريح الأمنية لـ 51 مسؤولًا للأمن القومي متورطين في فضيحة الكمبيوتر المحمول هانتر بايدن قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2020.
وبالإضافة إلى ذلك، قال فوكس إنه سيعلق عقود إيجار طاقة الرياح البحرية الحكومية، وينهي تفويضات إدارة بايدن لشركات تصنيع السيارات فيما يتعلق بالمركبات الكهربائية، وينسحب من اتفاقية باريس للمناخ.
وقال ترامب خلال حملته الانتخابية: "أريد أن أكون دكتاتوراً ليوم واحد لأنني سأبدأ بقول: احفروا يا صغار، احفروا"، في إشارة إلى إنتاج النفط المحلي. "بعد ذلك، لن أكون دكتاتوراً أبداً".
وسوف يقوم ترامب أيضًا بإنشاء سياسات القوى العاملة الفيدرالية التي تحذر الموظفين من أنهم قد يتعرضون للطرد إذا لم يمتثلوا لتوجيهاته، وأن الأشخاص سيتم توظيفهم على أساس الجدارة وأن العمال سوف يضطرون إلى العودة إلى المكتب بدلاً من العمل عن بعد.
وقال المسؤول لشبكة فوكس: "هناك قوة عاملة فيدرالية ضخمة تعمل على تحقيق أهدافها على حساب الشعب الأمريكي - والرئيس ترامب يتولى القيادة قائلاً: "سوف تخدمون الشعب الأمريكي والشعب الأمريكي فقط". "هذا يتعلق بوقف السلوك الفاسد والمسيء وإعادة تركيز الحكومة على واجباتها الأساسية تجاه الشعب الأمريكي".
وإلى جانب ذلك، يخطط ترامب أيضًا لمنح عفو شامل لكل شخص تم القبض عليه فيما يتصل بالهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في السادس من يناير.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الترحيل الجماعي الحدود الجنوبية الحملة الانتخابية دونالد ترامب خطط ترامب مهاجرين غير الشرعيين
إقرأ أيضاً:
استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم
على امتداد 29 صفحة، مضافة إليها 3 صفحات للغلاف وتصدير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والفهرس؛ تلجأ “استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة”، التي أصدرها البيت الأبيض مؤخراً، إلى إعادة إنتاج مرتكزات صغرى، ولكنها محورية نصّت عليها استراتيجيات سابقة؛ وتطوي، في المقابل، سلسلة مرتكزات كبرى (أو هكذا بدت، زمن اعتمادها على الأقل) أو تلقي بها إلى سلّة مهملات الإدارة الراهنة، في انتظار أيّ انتشال أو إعادة تدوير مستقبلية.
ومن تحصيل الحاصل، أو لأنّ المنطق البسيط يفترض الانطلاق من هذا التفصيل، تصحّ قراءة الاستراتيجية من عنوانها، كما هي حال المكتوب في القول الشائع؛ أي قرابة الـ 400 كلمة التي كتبها ترامب على سبيل تقديم الوثيقة، وتسير خاتمتها هكذا: “هذه الوثيقة خريطة طريق لضمان أن تبقى الولايات المتحدة الأمّة الأعظم والأرفع نجاحاً في التاريخ الإنساني، وبيت الحرية على الأرض. وخلال السنوات المقبلة سوف نستمر في تطوير كلّ بُعد من قوّتنا القومية ــ وسنجعل أمريكا أكثر أماناً، أغنى، أكثر حرية، أعظم، وأشدّ جبروتاً من أيّ وقت مضى”.
الفصل الرابع من الوثيقة، وبعد قِسم حول المبادئ وآخر حول الأولويات، توزّع الاستراتيجية الجديدة العالمَ إلى خمس مناطق: نصف الكرة الغربي، آسيا، أوروبا، الشرق الأوسط، وأفريقيا؛ في نقلة أولى دراماتيكية تنأى عن المفهوم التقليدي الشائع لفكرة “الغرب” بوصفه أوروبا والولايات المتحدة، وربما نطاق الحلف الأطلسي عموماً. نصف الكرة الغربي، الذي يتصدّر أقسام العالم، هو الولايات المتحدة + أمريكا اللاتينية، حيث إعادة التأكيد على “عقيدة مونرو” الشهيرة، وتُنسب إلى الرئيس الأمريكي الخامس جيمس مونرو، سنة 1823؛ وتحظر على أوروبا، صراحة وليس تلميحاً، أي تدخل في شؤون دول أمريكا اللاتينية، لأنّ هذه المنطقة مجال حيوي أمريكي حصري.
والاستراتيجية الجديدة تطلق على هذا النهج تسمية “لازمة ترامب” البديهية المكمّلة لـ”عقيدة مونرو”، وبالتالي لا تتردد في تحذير العالم بأسره، وأوروبا في المقام الأول، من مغبة التنافس على نصف الكرة الغربي هذا؛ على أي نحو يضعف الهيمنة الأمريكية فيها، أو يهدد “علوّ الشأن” الأمريكي على امتداد “جغرافيات” المنطقة. أكثر من هذا وذاك، تمضي فقرة تالية في الوثيقة إلى تلخيص أغراض الولايات المتحدة هنا، في قاعدتين: الإدراج (بمعنى التطويع والتجنيد)، ثمّ التوسّع (حتى إذا اقتضى التدخل العسكري المباشر). وفي كلّ حال، لا تخفي طرائق تطبيق القاعدتين مزيجَ الترغيب والترهيب: “نريد الأمم الأخرى أن ترى فينا شريك الاختيار الأول، وسنعمل (بوسائل متعددة) على تثبيط تعاونهم مع الآخرين”؛ نعم، هكذا بالحرف!
وللمرء أن يترك لهؤلاء الـ”آخرين” التعليق على لغة لا تكتفي باستلهام عقلية راعي البقر/ زعيم العصابة، بقدر ما تترجمها إلى “استراتيجية” كونية شاملة للقوة العظمى على الارض؛ الأمر الذي في الوسع العثور عليه لدى وزير خارجية ألمانيا (حيث الجزء الأوروبي الأكثر تصنيعاً والأغنى اقتصاداً في القارة)، الذي اكتفى بالقول إنّ بلاده “ليست بحاجة إلى نصائح من الخارج”، متغافلاً عن أنّ أمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية أسدت إلى ألمانيا ما هو أثقل وأفدح وأبعد أثراً، من النصائح. أو، في ردّ فعل “أكاديمي” بعض الشيء، موقف معهد “شاتام” البريطاني العريق، حيث طُبخت وتُطبخ التغطيات الفلسفية والاقتصادية الأكثر تمجيداً للإمبريالية الغربية المعاصرة. هذا إذا لم يذهب المرء إلى الصامتين في قصر الإليزيه أو 10 داوننغ ستريت أو بروكسيل، حيث حصون أوروبا المريضة بـ”شيخوخة ديموغرافية” وقعيدة “أزمة هوية”؛ حسب توصيفات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.
وبالطبع، ثمة “آخرون” هنا وهناك في أصقاع العالم، أو بالأحرى على كلّ بقاع الكوكب الأرضي التي ليست جغرافية أمريكية رسمية؛ وبالتالي حالها مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة تتشابه في كثير أو قليل، أو أنها لا تختلف إلا حيث تتباين أولويات البيت الأبيض، إذْ تقارب شؤون مناطق الكون الخمس. آسيا، في المثال الثاني، تُسجَّل باسم الرئيس الأمريكي ترامب، بوصفها ضربة شخصية من جانبه “قلبت رأساً على عقب ما يتجاوز ثلاثة عقود من الفرضيات الأمريكية الخاطئة حول الصين”؛ وحول النطاق “الهندو ـ باسفيكي”، الذي يشكل اليوم مصدر ما يقارب ثلث الناتج القومي الإجمالي العالمي، وترامب أيضاً هو الذي بسط الهيمنة الأمريكية هناك؛ وحوّل سياسة “أمريكا أوّلاً”، التي أعادت التوازن إلى الميزان التجاري مع اليابان وكوريا وسائر آسيا…
الشرق الأوسط، المنطقة الرابعة، يندرج حسب الوثيقة تحت عنوان ثنائي عريض، تحويل الأعباء وبناء السلام، وهنا أيضاً لا توفّر الاستراتيجية الجديدة انتقاد (وأحياناً تبخيس وتسخيف) ركائز استراتيجيات الولايات المتحدة على امتداد خمسة عقود ما قبل ترامب؛ بمعنى أنها تستذكر معطيات الطاقة، والمنطقة بوصفها ميدان تصارع القوى العظمى، والأزمات الإقليمية التي هددت بالانتقال إلى الجوار والعالم.
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية
اثنتان على الأقلّ من أولويات الشرق الأوسط تبدّلت في الحسابات الأمريكية، فلا الطاقة باتت حكراً هناك، خاصة وأنّ أمريكا اليوم منتجة ومصدّرة؛ ولا أنساق نفوذ القوى العظمى بقي على حاله، وقد انقلب إلى مناورات للولايات المتحدة اليد العليا فيها (بفضل ترامب هنا أيضاً، ودائماً). وأمّا إيران، “قوّة زعزعة الاستقرار الرئيسية في المنطقة”، فقد أضعفتها الضربات الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، وكذلك عملية “مطرقة منتصف الليل” التي أمر بها ترامب في حزيران (يونيو) الماضي.
وضمن ما قد يلوح نقلة فارقة عن خطّ “المحافظين الجدد”، زمن الرئيس الأسبق جورج بوش الابن واجتياح أفغانستان والعراق ونهج “تصدير الديمقراطية”، تقول الاستراتيجية الجديدة بإسقاط “تجريب أمريكي مضلل” قوامه “التغطرس” على الأمم ومطالبتها باستبدال “تقاليدها وأشكال الحكم التاريخية في بلادها”؛ تحثّ الاستراتيجية الجديدة على “تشجيع الإصلاحات حيث تُقتضى عضوياً، ولكن من دون محاولة فرضها من الخارج”. الوقائع على الأرض تؤكد دوام الحال القديمة ذاتها، من حيث أنساق العلاقات الأمريكية مع الأنظمة، وإدخال تسعة أعشار الاعتبارات من بوّابة المصالح الإسرائيلية، أو القياس على نموذج قاطرات التطبيع الإبراهيمية.
بصدد القارة الأفريقية ترى الوثيقة أنّ السياسة الأمريكية عمدت إلى التركيز على، وإشاعة، “الإيديولوجيا الليبرالية”؛ من دون أن يوضح ثقاة البيت الأبيض الذين كتبوا فقرة افريقيا أيّ “ليبرالية” هذه التي دأبت عليها واشنطن، أو بالأحرى: أية “إيديولوجيا” أصلاً! البديل، في المقابل، هو التالي: مطلوب من الولايات المتحدة “التطلع إلى شريك مع بلدان منتقاة لتخفيف التنازع، وتوطيد العلاقات التجارية متبادلة النفع، والانتقال من أنموذج المساعدة الخارجية إلى أنموذج الاستثمار والنمو، الجدير بثروات أفريقيا الطبيعية الوفيرة ومكامنها الاقتصادية الدفينة”… كما يراها كبير تجّار أمريكا، ساكن البيت الأبيض.
وفي خلاصة القول، لعله ليس مجحفاً بحقّ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية ـ طبعة ترامب الثاني، ذلك المجاز التصويري الذي قد يمثّلها في علاقات راعي أبقار أمريكي، يتوهم القدرة على، والحقّ في، قيادة ماشية العالم إلى حيث تشاء مصالحه. أو إلى ذلك المبدأ الاختزالي الأخرق الذي ينتج، كي يستهلك ذاتياً، شعار الـ MAGA الشهير، ليس في جعل أمريكا عظيمة مجدداً فحسب، بل تسخير أربع رياح الأرض لخدمة أمنها القومي كما يرسمه رئيسها اليوم. أو، في مقابل ليس أقلّ غطرسة، كما سبق أن رسمه رؤساء سابقون ويتوجب اليوم تسفيه خلاصاتهم، قبيل طيّها وإحالتها إلى سلال مهملات المكتب البيضاوي.
القدس العربي