بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قد تظن انهم يكرهونك بلا سبب، وربما تعتقد ان كراهيتهم لك تعزى إلى مواقف سابقة. أو لأسباب طائفية أو عرقية أو مناطقية. فتراجع نفسك لتكتشف انك لم تكن سيئا معهم، ولا مع السائرين في ركابهم. .
الحقيقة أنهم يكرهونك لبعض الخصال والمواهب والمزايا التي تمتلكها، والتي ربما لا تخطر على بالك أنت.
فهم يكرهونك عندما يرونك تتحرك خارج سيطرتهم، أو لأنك غير خاضع لهم، أو لأنهم غير قادرين على التحكم بنشاطاتك. يريدونك عبدا ذليلا مطيعا تأتمر بأوامرهم. .
احيانا يكرهونك بسبب شخصيتك القوية، لأن قوتك تذكرهم بضعفهم، وتذكرهم بتدني مستوياتهم الفكرية والعلمية والسياسية. وربما لأنك تتمتع بالقبول والوجاهة بين الناس. .
لكن عداوتهم تتصاعد وتتعاظم عندما يرون فيك الجرأة على مواجهتهم ودحض افكارهم والاعتراض عليهم أو على مشاريعهم النفعية. .
أما إذا كنت من الوطنيين المتعففين، ولا شغل لك بالمكاسب والغنائم والأرباح والفوائد والصفقات المشبوهة، فتوقع منهم المكائد والدسائس والدعاوى الكيدية، وقد ينتهي بك الحال منفيا وراء الشمس. .
وبالتالي لا يحق لك الإعلان عن مبادئك وتطلعاتك المستقبلية، فهذا يعني انك دخلت حلبة التنافس واعلنت الحرب عليهم، حتى لو لم تكن تقصد الإساءة. .
هكذا يفكرون، وهكذا يتحسسون من كل مفكر ومثقف وعالم وموهوب وقائد. .
وأكثرهم لؤما وخبثا أولئك الذين لا يستطيعون مجاراتك فيشوهون سمعتك بالأكاذيب الملفقة، والاتهامات الباطلة. .
كن على يقين: انك لو قرأت ألف كتاب، وصاحبت ألف حكيم، والتحقت بمليون جامعة، وحصلت على مليون شهادة، فسوف يعلنون عليك الحرب ويرجمونك بكل القاصفات لمجرد انك لا تنتمي اليهم. .
لن يتوقف عن كراهيتك دون سبب ذاك الذي كلما نظر اليك تذكر ما ينقصه، ولن تستطيع تغيير نظرته اليك، ولكن يمكنك تغيير الجماعات القريبين منك. .
كلمة اخيرة: نحن لسنا أغبياء ولا ضعفاء. بل أقوياء لدرجة أننا نستطيع الاستغناء عن اصحاب الوجوه الملونة. ولدينا قوة هائلة في إظهار ضعفهم، وفي التحرر من قيودهم. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
فجيعة المنوفية وحوادث الطرق في مصر
لم ينته الأسبوع الماضي في مصر حتى أصبح المصريون يوم الجمعة على فاجعة الطريق الإقليمي بمركز أشمون في محافظة المنوفية بدلتا مصر، حيث اصطدمت شاحنة نقل (تريلا) بحافلة صغيرة تحمل فتيات عاملات باليومية من أماكن سكنهن في قرية كفر السنابسة إلى مكان عملهن، ونتج عن الحادث وفاة 18 فتاة وسائق الحافلة. وتتراوح أعمار الفتيات ما بين 22 و14 سنة، وبعضهن كن المعيلات الوحيدات لأسرهن، وبعضهن لم يكملن تعليمهن من أجل مساعدة أسرهن، وأخريات كن طالبات ومنهن طالبة بكلية الهندسة. وخرجت الجنازات للفتيات الـ18 بشكل جماعي، في موقف محزن للقلوب ومدمع للعيون.
وقد أثار هذا الحادث تساؤلات لا تنتهي بشأن حال الطرق في مصر، وحال المسؤولين عنها، وحال الطبقة الحاكمة من أصحاب السلطة والمال، وحال الفقراء الكادحين، في ظل حالة تعكس مدى التناقضات في المجتمع المصري، فهؤلاء الفتيات خرجن يعملن باليومية بمبلغ 130 جنيه يوميا (2.60 دولار) من أجل لقمة العيش، في مجتمع باتت الظروف الاقتصادية الصعبة تمس عموم المصريين، في حين أن هناك فئة أغرتها السلطة والمال؛ تلعب بالأموال في ملاهي ومنتجعات الساحل الشمالي بلا حساب.
الحوادث المرورية ليست وليدة اليوم، ولكنها شائعة بسبب حالة الطرق السيئة، وللأسف فإن المسؤول الأول عن ذلك حاليا هو وزير النقل العسكري الذي يقيل مسؤولين على الهواء لأتفه الأسباب، واستقال عدد من سابقيه لأقل من تلك الأسباب، ولكنه أبى إلا أن يظل في مكانه دون أدنى حساب
إن الحوادث المرورية ليست وليدة اليوم، ولكنها شائعة بسبب حالة الطرق السيئة، وللأسف فإن المسؤول الأول عن ذلك حاليا هو وزير النقل العسكري الذي يقيل مسؤولين على الهواء لأتفه الأسباب، واستقال عدد من سابقيه لأقل من تلك الأسباب، ولكنه أبى إلا أن يظل في مكانه دون أدنى حساب.
للوهلة الأولى قد يخرج من يدافع عن تطور الطرق وانخفاض حوادثها في مصر، حيث انخفض عدد حالات الوفاة في حوادث الطرق في مصر من 5,861 عام 2023 إلى 5,260 في 2024، أي بتراجع بنسبة 10.3 في المئة، وفي المقابل، ارتفع عدد المصابين من 71,016 إلى 76,362 إصابة في نفس الفترة (+7.5 في المئة)، وبلغت نسبة الوفيات إلى الإصابات 6.9 لكل 100 مصاب في 2024، مقابل 8.3 في 2023 (انخفاض 16.9 في المئة)، وتراجعت نسبة الوفيات لكل 100,000 نسمة من 5.6 إلى 4.9 (-12.5 في المئة). كما تقدمت مصر من المركز 118 إلى 18 عالميا بمؤشر جودة الطرق عام 2024 وفق تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي، وقياس هذه الجودة يتم بناء على معايير التمهيد والانسيابية، وعرض الطريق وعدد الحارات، والبنية التحتية الحديثة، والربط بين المدن الكبرى والمشاريع الجديدة.
ومع ذلك فإنه لا يمكن إغفال أن هذا التقييم لجودة الطرق في مصر يخص الطرق السريعة والرئيسة الجديدة، وليس القرى أو الطرق الفرعية أو الداخلية، حيث تفتقر هذه الأخيرة للبنية التحتية، والإنارة، والصيانة، والرقابة، وبشكل عام للسلامة المرورية، فكثير من ضحايا الحوادث في مصر يفقدون حياتهم على الطرق الجانبية، لا الطرق السريعة، وللأسف فإن الحكومة تُركّز في التطوير على الطرق الدولية والسريعة، بينما تهمل الطرق الحيوية التي يستخدمها الملايين في القرى والنجوع يوميا. يكفي القائمين على أمر البلاد ما آل إليه حال البلاد والعباد حتى انخرط ما لا يقل عن 1.3 مليون قاصر في شكل من أشكال عمالة الأطفال في مصر، لضيق وبؤس الحالة الاقتصادية للآباء والأمهات، أم سيظل الفقراء في مصر لا بواكي لهم؟كما أن اتجاه الحكومة هو نحو تطوير الطرق لكن لم يتم في نفس الوقت تطوير أمن وسلوك استخدام هذه الطرق، وليس ببعيد عنا طريق الجلالة -أحد أحدث الطرق في مصر- حيث شهد حوادث مميتة بسبب السرعة والانحرافات والضباب، رغم أنه ضمن الطرق الأفضل من حيث التقييم الفني.
إن مصر بحاجة إلى ترسيخ مفهوم السلامة المرورية والتي تتطلب سلوكا ملتزما، ونظام مراقبة إلكتروني، وصيانة مستمرة، وعدالة مرورية في جميع المحافظات، والبعد عن الطبقية والواسطة في خدمات المرور والطرق بناء ومعاملة، وقبل كل هذا وذاك محاربة الفساد ليس في جهات الاختصاص الخاصة بالمرور فقط، بل بطريقة رسو المزادات في بناء الطرق وتسليمها، واحتكار جهة واحدة لذلك لا يمكن لأحد أن يحاسبها.
لقد آن الأوان للخروج من هذا النفق المظلم الظالم. ثم ألا يكفي القائمين على أمر البلاد ما آل إليه حال البلاد والعباد حتى انخرط ما لا يقل عن 1.3 مليون قاصر في شكل من أشكال عمالة الأطفال في مصر، لضيق وبؤس الحالة الاقتصادية للآباء والأمهات، أم سيظل الفقراء في مصر لا بواكي لهم؟ فاتقوا الله في الغلابة يا أولي الألباب.
x.com/drdawaba