لم ينته الأسبوع الماضي في مصر حتى أصبح المصريون يوم الجمعة على فاجعة الطريق الإقليمي بمركز أشمون في محافظة المنوفية بدلتا مصر، حيث اصطدمت شاحنة نقل (تريلا) بحافلة صغيرة تحمل فتيات عاملات باليومية من أماكن سكنهن في قرية كفر السنابسة إلى مكان عملهن، ونتج عن الحادث وفاة 18 فتاة وسائق الحافلة. وتتراوح أعمار الفتيات ما بين 22 و14 سنة، وبعضهن كن المعيلات الوحيدات لأسرهن، وبعضهن لم يكملن تعليمهن من أجل مساعدة أسرهن، وأخريات كن طالبات ومنهن طالبة بكلية الهندسة.
وقد أثار هذا الحادث تساؤلات لا تنتهي بشأن حال الطرق في مصر، وحال المسؤولين عنها، وحال الطبقة الحاكمة من أصحاب السلطة والمال، وحال الفقراء الكادحين، في ظل حالة تعكس مدى التناقضات في المجتمع المصري، فهؤلاء الفتيات خرجن يعملن باليومية بمبلغ 130 جنيه يوميا (2.60 دولار) من أجل لقمة العيش، في مجتمع باتت الظروف الاقتصادية الصعبة تمس عموم المصريين، في حين أن هناك فئة أغرتها السلطة والمال؛ تلعب بالأموال في ملاهي ومنتجعات الساحل الشمالي بلا حساب.
الحوادث المرورية ليست وليدة اليوم، ولكنها شائعة بسبب حالة الطرق السيئة، وللأسف فإن المسؤول الأول عن ذلك حاليا هو وزير النقل العسكري الذي يقيل مسؤولين على الهواء لأتفه الأسباب، واستقال عدد من سابقيه لأقل من تلك الأسباب، ولكنه أبى إلا أن يظل في مكانه دون أدنى حساب
إن الحوادث المرورية ليست وليدة اليوم، ولكنها شائعة بسبب حالة الطرق السيئة، وللأسف فإن المسؤول الأول عن ذلك حاليا هو وزير النقل العسكري الذي يقيل مسؤولين على الهواء لأتفه الأسباب، واستقال عدد من سابقيه لأقل من تلك الأسباب، ولكنه أبى إلا أن يظل في مكانه دون أدنى حساب.
للوهلة الأولى قد يخرج من يدافع عن تطور الطرق وانخفاض حوادثها في مصر، حيث انخفض عدد حالات الوفاة في حوادث الطرق في مصر من 5,861 عام 2023 إلى 5,260 في 2024، أي بتراجع بنسبة 10.3 في المئة، وفي المقابل، ارتفع عدد المصابين من 71,016 إلى 76,362 إصابة في نفس الفترة (+7.5 في المئة)، وبلغت نسبة الوفيات إلى الإصابات 6.9 لكل 100 مصاب في 2024، مقابل 8.3 في 2023 (انخفاض 16.9 في المئة)، وتراجعت نسبة الوفيات لكل 100,000 نسمة من 5.6 إلى 4.9 (-12.5 في المئة). كما تقدمت مصر من المركز 118 إلى 18 عالميا بمؤشر جودة الطرق عام 2024 وفق تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي، وقياس هذه الجودة يتم بناء على معايير التمهيد والانسيابية، وعرض الطريق وعدد الحارات، والبنية التحتية الحديثة، والربط بين المدن الكبرى والمشاريع الجديدة.
ومع ذلك فإنه لا يمكن إغفال أن هذا التقييم لجودة الطرق في مصر يخص الطرق السريعة والرئيسة الجديدة، وليس القرى أو الطرق الفرعية أو الداخلية، حيث تفتقر هذه الأخيرة للبنية التحتية، والإنارة، والصيانة، والرقابة، وبشكل عام للسلامة المرورية، فكثير من ضحايا الحوادث في مصر يفقدون حياتهم على الطرق الجانبية، لا الطرق السريعة، وللأسف فإن الحكومة تُركّز في التطوير على الطرق الدولية والسريعة، بينما تهمل الطرق الحيوية التي يستخدمها الملايين في القرى والنجوع يوميا. يكفي القائمين على أمر البلاد ما آل إليه حال البلاد والعباد حتى انخرط ما لا يقل عن 1.3 مليون قاصر في شكل من أشكال عمالة الأطفال في مصر، لضيق وبؤس الحالة الاقتصادية للآباء والأمهات، أم سيظل الفقراء في مصر لا بواكي لهم؟كما أن اتجاه الحكومة هو نحو تطوير الطرق لكن لم يتم في نفس الوقت تطوير أمن وسلوك استخدام هذه الطرق، وليس ببعيد عنا طريق الجلالة -أحد أحدث الطرق في مصر- حيث شهد حوادث مميتة بسبب السرعة والانحرافات والضباب، رغم أنه ضمن الطرق الأفضل من حيث التقييم الفني.
إن مصر بحاجة إلى ترسيخ مفهوم السلامة المرورية والتي تتطلب سلوكا ملتزما، ونظام مراقبة إلكتروني، وصيانة مستمرة، وعدالة مرورية في جميع المحافظات، والبعد عن الطبقية والواسطة في خدمات المرور والطرق بناء ومعاملة، وقبل كل هذا وذاك محاربة الفساد ليس في جهات الاختصاص الخاصة بالمرور فقط، بل بطريقة رسو المزادات في بناء الطرق وتسليمها، واحتكار جهة واحدة لذلك لا يمكن لأحد أن يحاسبها.
لقد آن الأوان للخروج من هذا النفق المظلم الظالم. ثم ألا يكفي القائمين على أمر البلاد ما آل إليه حال البلاد والعباد حتى انخرط ما لا يقل عن 1.3 مليون قاصر في شكل من أشكال عمالة الأطفال في مصر، لضيق وبؤس الحالة الاقتصادية للآباء والأمهات، أم سيظل الفقراء في مصر لا بواكي لهم؟ فاتقوا الله في الغلابة يا أولي الألباب.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء مصر الطرق الحوادث ضحايا مصر فقر حوادث ضحايا طرق قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطرق فی مصر فی المئة
إقرأ أيضاً:
استقالة سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة.. فما الأسباب؟
أعلنت سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة، التي شغلت المنصب خلال السنوات الـ 6 الماضية، أمس الثلاثاء، أنها ستستقيل العام المقبل مع استعداد الشريكين التجاريين الرئيسيين لمراجعة اتفاقية التجارة الحرة.
قالت السفيرة كيرستن هيلمان في رسالة، إن:"الوقت مناسب لتعيين شخص يتولى الإشراف على المفاوضات، المتعلقة باتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا التي ستخضع للمراجعة في عام 2026".
أشار رئيس وزراء كندا، مارك كارني، إلى أن هيلمان "وضعت الأسس اللازمة لكندا في المراجعة المقبلة للاتفاقية".
ولفت إلى أن هيلمان تعد واحدة من أطول السفراء خدمة لدى الولايات المتحدة في تاريخ كندا.
وكان رئيس الوزراء الكندي السابق، جاستن ترودو، عين هيلمان في 2017، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب.
وساعدت هيلمان في قيادة مفاوضات التجارة، خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعملت مع مسؤولين أمريكيين وصينيين للإفراج عن اثنين من المواطنين الكنديين المحتجزين في الصين.
وكان دومينيك لو بلان، الوزير المسؤول عن التجارة بين كندا والولايات المتحدة، وهيلمان يقودان المفاوضات التجارية مع وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك، وممثل التجارة الأمريكي جيمسون جرير.
وقطع ترامب محادثات التجارة مع كارني في أكتوبر (تشرين الأول) المضي، بعد أن أطلقت حكومة مقاطعة أونتاريو إعلاناً مضاداً للرسوم الجمركية في الولايات المتحدة، ما أثار غضب الرئيس الأمريكي. وجاء ذلك بعد موسم من التوتر في الربيع، الذي هدأ لاحقاً، بسبب إصرار ترامب على أن تصبح كندا الولاية 51 للولايات المتحدة.
وعند سؤاله هذا الأسبوع عن موعد استئناف المفاوضات التجارية، اكتفى ترامب بالقول: "سنرى".
وتعد كندا واحدة من أكثر الدول اعتماداً على التجارة في العالم، حيث تذهب أكثر من 75% من صادراتها إلى الولايات المتحدة.
ويهدف كارني إلى مضاعفة حجم التجارة غير الأمريكية خلال العقد المقبل.
ويأتي نحو 60% من واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من كندا، بالإضافة إلى 85% من واردات الكهرباء الأمريكية.