حفريات محيرة في الصين قد تعيد كتابة التاريخ البشري.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
على مدار عقود، كانت مجموعة من الحفريات الغامضة التي تم العثور عليها في الصين محط تساؤلات بين العلماء، حيث أثارت الكثير من الجدل حول نوعها وتصنيفها.
ووفقا لشبكة "سي ان ان" الأمريكية، فإن بقايا الجمجمة والأسنان والفكين التي اكتُشفت في مواقع مختلفة في البلاد، تمثل أشباه بشر قديمة عاشت بين 300,000 و100,000 عام.
كريستوفر باي، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة هاواي، وزميله وو شيوجي، أستاذ علم الحفريات في بكين، يقترحان الآن أن هذه الحفريات قد تمثل نوعًا جديدًا من البشر القدماء لم يكن معروفًا من قبل.
وأطلق العلماء على هذا النوع الجديد اسم *Homo juluensis*، وهو إشارة إلى "ju lu"، التي تعني "رأس ضخم" باللغة الصينية، وذلك بسبب حجم الدماغ الكبير الذي عُثر عليه في بقايا الجمجمة.
حجم الدماغما يميز هذا النوع عن غيره هو حجم دماغه الكبير، الذي يتجاوز حجم دماغ الإنسان العاقل، النوع الوحيد الباقي من البشر. وفقًا للباحثين، تتراوح سعة الجمجمة المكتشفة بين 1700 إلى 1800 سنتيمتر مكعب، في حين أن دماغ الإنسان العاقل متوسط سعته حوالي 1450 سنتيمترًا مكعبًا.
ورغم أن الفرق في الحجم ليس ضخمًا، إلا أن قوة الدماغ المكتشف تختلف بشكل ملحوظ، مما يفتح الباب لفهم جديد حول التطور العقلي للبشر القدماء.
حفريات قديمةالجدل حول تصنيف هذه الحفريات يعود إلى تاريخ اكتشافها في سبعينيات القرن الماضي. فقد تم العثور على العديد من العينات، مثل تلك الموجودة في موقع *Xujiayao* في شمال الصين.
ويُعتقد أن أصحابها عاشوا قبل نحو 160,000 عام. لكن في ذلك الوقت، كانت نظريات أصل الإنسان مختلفة عما نعرفه اليوم. فقد كان العديد من العلماء يعتقدون أن الإنسان العاقل تطور إقليميًا من أنواع بشرية مختلفة حول العالم، وهو ما كان يتناسب مع نظريات "التعددية الإقليمية".
ومع ذلك، فإن الأدلة الوراثية الحديثة تدعم نظرية "الخروج من أفريقيا"، التي تقترح أن أسلاف البشر العاقلين في جميع أنحاء العالم هاجروا من أفريقيا قبل حوالي 50,000 إلى 60,000 عام. هذا التحول في الفهم قد يدفع العلماء إلى إعادة النظر في الحفريات التي كانت تعتبر مجرد أنواع وسيطة بين البشر البدائيين والبشر المعاصرين.
حلقة مفقودةإذا صحت فرضيات باي وو حول هذه الحفريات، فقد تمثل المفتاح لحل أحد أكبر ألغاز تطور الإنسان. فهذه الاكتشافات قد تكون الرابط المفقود بين الإنسان العاقل وأنواع بشرية أخرى لم تُكتشف بعد.
وبينما لا يزال الجدل قائمًا بين العلماء حول ما إذا كانت هذه الحفريات تمثل نوعًا جديدًا بالفعل، فإنها تشير إلى وجود تنوع أكبر في أسلاف البشر القدماء مما كان يُعتقد سابقًا.
وبالنظر إلى الاكتشافات السابقة التي شملت إنسان فلوريس وإنسان ناليدي، يمكن أن تكون الحفريات الصينية جزءًا من هذا اللغز التطوري المعقد.
كما قالت كاري مونجل، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة ستوني بروك: "ما اكتشفناه في الخمسين عامًا الماضية يظهر أن البشر المعاصرين ليسوا السلالة الوحيدة التي عاشت على كوكب الأرض في أي وقت مضى".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصين التاريخ البشري المزيد الإنسان العاقل هذه الحفریات
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف: أسلاف البشر يصنعون أدوات عظمية قبل مليون ونصف!
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / متابعات:
توصلت دراسة نُشرت الأربعاء في مجلة «نيتشر» إلى أنّ أشباه البشر، وهم الممثلون الأوائل للسلالة البشرية، كانوا يصنّعون أدوات عظمية قبل 1.5 مليون سنة؛ أي في مرحلة أبكر بكثير مما كان يُعتقد.
ومن المعلوم أنّ بعض هؤلاء الأسلاف البعيدين، على سبيل المثال شبيه الإنسان الأسترالي (القرد الجنوبي)، استخدموا بقايا العظام لحفر تلال النمل الأبيض أو حفر الدرنات. واليوم مثلاً، لا تزال قردة الشمبانزي، وهي من سلالة قريبة من البشر، تستخدم عيدان تناول الطعام للوصول إلى النمل الأبيض في موائلها.
قبل أكثر من مليونَي سنة، أنتج أشباه البشر من شرق أفريقيا في مضيق أولدوفاي في تنزانيا، وهو أحد أهم مواقع ما قبل التاريخ في العالم، أدوات حجرية. لكن حتى اليوم، ما كان يُعرَف أي مثال على الإنتاج المنهجي لأدوات عظمية يعود تاريخها إلى ما قبل 500 ألف سنة قبل الميلاد، باستثناء بضعة أمثلة متفرقة في أفريقيا.
وكان لاكتشاف أجرته مجموعة تضم علماء من مختلف أنحاء العالم، دور في تغيير هذا السيناريو من خلال إعادة عقارب الساعة مليون سنة إلى الوراء.
وحددت الدراسة التي وقعها إغناسيو دي لا توري من المعهد الإسباني للتاريخ في مدريد، 27 أداة مصنوعة من عظام الفخذ والساق وعظم العضد لحيوانات كبيرة، خصوصاً لفيلة وأفراس نهر.
وفي حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول عالم الآثار فرنشيسكو ديريكو من جامعة بوردو، والذي أشرف على الدراسة مع أنجيليكي تيودوروبولو من المعهد الإسباني للتاريخ: «هذه المرة الأولى التي نكتشف فيها مجموعة من هذه الأدوات تعود إلى الأرض نفسها في أولدوفاي».
ولن ترى عيون غير الخبراء سوى قطع كبيرة من العظام. لكن بالنسبة إلى عالم الأنثروبولوجيا، تشكل هذه العظام شاهداً على قدرات معرفية مميزة، وتؤشر إلى إتقان «أنماط ذهنية» للغرض الذي رغبوا في الحصول عليه، واختيار المادة المناسبة، والاستراتيجية المستخدمة لإنجازه.
ويُظهر تحليل الأدوات أن مبتكريها فضّلوا استخدام عظام الفخذ المأخوذة مباشرة من الجيفة في حالة فرس النهر مثلاً، ولكن أيضاً من الأفيال، رغم ندرتها في هذا المكان، مما يؤشر إلى أنه تم الحصول عليها في مكان آخر.
وكانت هذه العظام تُشذّب بالحجارة التي كانت تُستَخدم كمطارق، للحصول على أداة يتراوح طولها بين 20 و40 سنتيمتراً، ويصل وزنها إلى أكثر من كيلوغرام.
يقول ديريكو: «لاحظنا وجود رغبة في تغيير شكل العظم، وإنتاج أدوات ثقيلة جداً وطويلة. وحتى في بعض الحالات، إنشاء نوع من الشق في وسط العظم، ربما للتمكّن من حمله بشكل أفضل في اليد».
ويُفترض أن هذه العظام الضخمة وذات الرؤوس المدببة قد استُخدمت لذبح ثدييات كبيرة، في وقت كانت لا تزال فيه الأدوات الحجرية، في الثقافة المسماة أولدوفاية تيمّناً بموقع أولدوفاي، مشذبة بطريقة بدائية.
وبحسب عالم الآثار، فإنه «ثمة عدد قليل جداً من الأدوات الكبيرة» المصنوعة من الحجر في موقع أولدوفاي، وهو نوع من الكوارتز لا يناسب العمليات الوحشية لذبح الفرائس الكبيرة.
وكانت الثقافة الأشولية التي ظهرت في المرحلة نفسها هي التي اخترعت قطع الحجارة ثنائية السطح التي أتاحت قطع لحم الطرائد وكشط جلودها.
ويقول فرنشيسكو ديريكو إن «فرضية الدراسة هي أن هذا الحجم من العظام في أولدوفاي هو اختراع أصلي، في لحظة تحوّل نحو السطوح الثنائية».
ويتابع أنّ «الاحتمال الآخر هو أنّ هذا التقليد استمر، لكن لم يتم تحديد هذه العظام فعلياً في مواقع أثرية أخرى».
وبالتالي، فإن التقنية التي بدأ اعتمادها في أولدوفاي «اختفت» لمليون عام، قبل أن تعاود الظهور لاحقاً، كما الحال في منطقة روما الحالية التي كانت تفتقر إلى الصوان ذي الحجم المناسب، فقام السكان بقطع عظام الفيل على شكل قطع ثنائية.
ويتبع استخدام العظام تطوّر السلالة البشرية؛ إذ انتقل ممثلوها من نحت عظام الفخذ قبل 1.5 مليون سنة إلى نحت قطع أكثر تعقيداً، مثل إبر الخياطة التي «تم اختراعها في الصين وسيبيريا ولم تصل إلى أوروبا إلا اعتباراً من 26 ألف سنة قبل الميلاد»، بحسب عالم الآثار.