1
تناولنا في مقالنا السابق مقترحات الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، وقلنا إن الفكرة المحورية والسائدة في خطاب الآلية هي إقتراح تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة مسؤولة عن إدارة الأزمة في البلاد وتتصدى لمعالجة النتائج التدميرية للحرب، وتوفير الاحتياجات الإنسانية والمعيشية والحفاظ علي تماسك الدولة السودانية في وجه التحدي المصيري الذي يواجهها ويهدد جودها.
أيضا، لابد من بحث وتناول موضوع المساءلة للمتسببين في الحرب، وكذلك الوضوح حول موقع القيادات العسكرية الحالية من كل هذه العملية. كذلك، يبرز سؤال حول الجهة التي ستعلن تشكيل هذه الحكومة؟
من ناحية أخرى، قبل يومين وجه السيد مالك عقار خطابا إلى الشعب السوداني أعلن فيه عن خارطة طريق لإيقاف الحرب. وأعتقد أن خطاب السيد مالك في مجمله إيجابي ونتفق مع معظم ما جاء فيه. خارطة الطريق التي أعلنها السيد مالك عقار تبدأ بالتوصل لوقف اطلاق نار، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتحديد مواقع لتجميع قوات الدعم السريع بعيداً عن المناطق المدنية تمهيدا للفصل بين القوات وتنفيذ الترتيبات الأمنية الخاصة بها، والالتزام بعدم تعريض المواطنين لخطر الاقتتال.
ويعقب ذلك بداية العملية الإنسانية بإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في المناطق المتضررة من الحرب، والعمل على ضمان حياة طبيعية، بقدر الإمكان، للمواطنين السودانيين في ولايات السودان غير المتأثرة بالحرب، ثم يعقب ذلك الشروع في تصميم عملية سياسية شاملة الهدف منها مخاطبة القضايا التأسيسية للدولة السودانية من أجل بناء نظام دستوري وسياسي مستقر.
ضرورة أن تنحرط القوى المدنية والسياسية السودانية في إعداد رؤية موحدة حول عملية سياسية لإرساء حل سلمي يعيد البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن ممارسات ما قبل الحرب
وأشار السيد مالك إلى ما أسماه بالفترة التاسيسية التي ستعقب إيقاف الحرب، معددا مهامها في الإصلاح واعادة الإعمار، بالإضافة لتهيئة البلاد لممارسة سياسة راشدة، تؤسس لبناء الدولة السودانية، وتستهدي بشعارات الحرية والسلام والعدالة، التي رفعتها ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، وأن هذه التهيئة ستشمل كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ليعاد بناؤها على أُسس وطنية وقومية تسمح لبلادنا أن تقف على قدميها مرة اخرى. وفي جزء آخر من خطابه، عدد السيد مالك عقار ما يراه من أولويات واجبة التنفيذ تبدأ بوقف القتال والحد من رقعة انتشار الحرب ومنع انتشارها لمناطق جديدة. تسهيل كافة عمليات الإغاثة الإنسانية وتيسير وصول المساعدات للمواطنين المحتاجين في كل أقاليم السودان.
ضمان انسياب المرتبات للعاملين في الخدمة المدنية وانسياب العمل في مجالات تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. عدم السماح لاقتصاد الحرب مع تسهيل كافة العقبات لضمان استمرار استيراد السلع الاساسية، والمستلزمات الضرورية للحياة. التعامل مع قضية وضع نزلاء السجون من مجرمين وقادة النظام السابق. وفي خطابه، أشاد السيد مالك بجهود الأطباء والعاملين في قطاع الكهرباء والمياه، كما أشاد بالشباب والشابات المتطوعين في غرف الطوارئ ولجان المقاومة الذين لم توقفهم مخاطر الحرب من العمل على تخفيف المعاناة وتوفير حاجات المواطنين. وفي هذا الصدد نود أن نلفت نظر السيد مالك إلى ما تقوم به بعض الجهات الأمنية من تضييق واعتقالات بحق هولاء الشباب، ونرى في تصديه لهذه الظاهرة اختبارا جديا يضع كل ما جاء في خطابه على المحك.
لم يكن مستغربا أن يتعرض خطاب السيد مالك وشخصه إلى هجوم حاد يصل حد البذاءة وذلك من قبل المجموعات المنادية باستمرار الحرب، فهؤلاء همهم الأساسي ليس دحر قوات الدعم السريع وإنما استعادة السلطة التي انتزعتها منهم ثورة ديسمبر/كانون الأول. فالحرب، في أحد أوجهها، اندلعت للقضاء على ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، ومؤججو نيرانها من سدنة تحالف الفساد والاستبداد يستغلون حقيقة أن انتصار الثورة كان جزئيا وغير مكتمل ما دام توقف عند الإطاحة برأس سلطة هذا التحالف، أو غطائها السياسي، بينما ظل جسد التحالف باقيا ينخر في عظام الثورة وينسج خيوط غطاء سياسي بديل، لينقض ويحكم من جديد بقوة الدم المسفوح.
ومنذ البداية، كان واضحا أنه في سبيل أن يسترد جسد تحالف الفساد والاستبداد سلطته المنزوعة، لن يهمه أن تدخل البلاد في نزاع دموي شرس، يدمر البلاد ويدفع بالعباد إلى مغادرة الوطن. ومن ناحية أخرى، صحيح أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يقع على عاتقهما مسؤولية وقف الحرب، لكنها لا يمكن أن يحددا وحدهما مصير السودان بعد الحرب.
ومن هنا، ضرورة أن تنحرط القوى المدنية والسياسية السودانية في إعداد رؤية موحدة حول عملية سياسية لإرساء حل سلمي يعيد البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن ممارسات ما قبل الحرب. وأن تستمع هذه القوى بذهن مفتوح إلى تلك المقترحات الجادة كتلك الواردة من الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، ومن السيد مالك عقار.
كاتب سوداني
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
بعد قطع العلاقات بين السودان والإمارات.. قلق شعبي واسع من مصير تطبيق «بنكك»
جاءت هذه المخاوف بعد أن اتهم مجلس الأمن والدفاع السوداني، في بيان رسمي، دولة الإمارات بالعدوان المباشر على البلاد من خلال دعم قوات الدعم السريع، واستهداف منشآت حيوية تهدد أمن البلاد والإقليم، ما دفع الحكومة لقطع العلاقات فورًا.
كمبالا: التغيير
ضجّت منصات التواصل الاجتماعي بحالة من القلق والتساؤلات من قبل المستخدمين السودانيين، عقب إعلان الحكومة السودانية، اليوم الإثنين، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو القرار الذي دفع كثيرين للتخوّف من مصير تطبيق «بنكك» التابع لبنك الخرطوم، خاصة في ظل ارتباط البنك باستثمارات خليجية كبيرة، أبرزها من الإمارات.
وبحسب المعلومات من الموقع الرسمي للبنك، فإن 42% من أسهمه مملوكة لجهات من دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط، في مقدمتها بنك دبي الإسلامي (أكبر المساهمين)، إلى جانب بنك التنمية الإسلامي بجدة، ومصرف أبو ظبي الإسلامي، وبنك الشارقة الإسلامي، بينما تعود بقية الأسهم إلى رجال أعمال ومستثمرين سودانيين بارزين.
وجاءت هذه المخاوف بعد أن اتهم مجلس الأمن والدفاع السوداني، في بيان رسمي، دولة الإمارات بالعدوان المباشر على البلاد من خلال دعم قوات الدعم السريع، واستهداف منشآت حيوية تهدد أمن البلاد والإقليم، ما دفع الحكومة لقطع العلاقات فورًا.
في المقابل، شهدت مواقع التواصل ردود فعل واسعة عكست حالة من الهلع لدى بعض المستخدمين، الذين دعوا لسحب الأموال من التطبيق، والتحوّل إلى منصات مالية أخرى.
وفي هذا السياق كتب المواطن محمد آدم متسائلًا: ما موقف تطبيق «بنكك» بعد هذا القرار، باعتبار أن أسهم الإمارات في بنك الخرطوم نسبتها كبيرة؟
أما رقية عبد الرحمن فعلّقت: رسميًا أنا قاطعت التطبيق، قائلة: مع إني كنت مبسوطة بالبداية، بس حأحذفه، لأن أي حاجة بتمس بلدي بتمسني، والعزة للسودان، على حد تعبيرها.
بينما ذهبت مآب فؤاد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث كتبت: شباب، حوّلوا قروشكم من بنكك لتطبيق «فوري»، الظروف ما معروفة، فالحذر واجب، وروني طريقة التحويل.
ولكن نصح محمد عمرابي قائلًا: حوّلوا قروشكم من بنك الخرطوم واعملوا حساب في «أوكاش»، لأن بنكك خطر، وحيتمّ “بلّ الجميع” على حد تعبيره.
في المقابل، برزت آراء أخرى هدّأت من روع المتخوّفين، حيث رأى محمد خليفة أن الإمارات لن تتعامل بردة فعل عنيفة، مضيفًا أن الحركة التجارية ستستمر “تحت الطاولة”، ولن يحدث تغيير جوهري في بنك الخرطوم أو تطبيق بنكك.
من جانبه، كتب مصعب عوض موضّحًا أن بنك الخرطوم بنك سوداني مرخّص في السودان، ويخضع لرقابة البنك المركزي السوداني، مشددًا على أن هيكل الملكية لا يؤثر على العمليات التشغيلية للبنك، بما في ذلك الجانب الإلكتروني.
أما مجدي مأمون، فقد أشار إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني تلقائيًا تعطيل بنك الخرطوم أو تطبيق بنكك، موضحًا أن البنوك العاملة محليًا تُعتبر كيانات مستقلة، تخضع لرقابة الدولة المضيفة، وليس الدولة المالكة للأسهم.
الوسومالأزمة السودانية الإماراتية بنك الخرطوم تطبيق بنكك