سودانايل:
2025-07-05@22:09:39 GMT

السودان والبحث عن الحلول

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

1

تناولنا في مقالنا السابق مقترحات الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، وقلنا إن الفكرة المحورية والسائدة في خطاب الآلية هي إقتراح تشكيل حكومة طوارئ مؤقتة مسؤولة عن إدارة الأزمة في البلاد وتتصدى لمعالجة النتائج التدميرية للحرب، وتوفير الاحتياجات الإنسانية والمعيشية والحفاظ علي تماسك الدولة السودانية في وجه التحدي المصيري الذي يواجهها ويهدد جودها.

وأن الآلية ترى في تشكيل حكومة الطوارئ هذه أهم ما يمكن أن يتفق عليه الجانب المدني في إطار مجهودات وقف الحرب وتقصير أمدها. وكنا في ذات المقال، قد أكدنا على أهمية هذا الاقتراح وعلى جديته وأنه يستحق الإهتمام والدراسة الجادة، إلا أننا أشرنا إلى ضرورة إشتراك بقية أطراف القوى المدنية في بحثه إذا لا يكفي أن تضطلع بذلك مجموعة الآلية الوطنية وحدها. كما أن هناك عدة جوانب في المقترح تستوجب التوضيح والتبيان الدقيق، منها: هل المقصود قيام هذه الحكومة قبل وقف الحرب أم بعد ذلك. فتشكيل حكومة الطوارئ بعد توقف الحرب، ومن كفاءات وطنية غير حزبية أمر منطقي ومقبول، وإتفاق القوى المدنية والسياسية على ذلك الآن يبشر بنجاح فكرة العملية السياسية التي ظل يرددها الجميع. أما إذا كان المقصود تكوين حكومة الطوارئ قبل توقف الحرب، فما هو الفرق بينها وبين مقترح حكومة المنفى الذي تطرحه بعض الجهات، والذي نراه اقتراحا غير موفق وغير عملي وسيزيد من تعقيد الوضع ويطيل من أمد الحرب.
أيضا، لابد من بحث وتناول موضوع المساءلة للمتسببين في الحرب، وكذلك الوضوح حول موقع القيادات العسكرية الحالية من كل هذه العملية. كذلك، يبرز سؤال حول الجهة التي ستعلن تشكيل هذه الحكومة؟
من ناحية أخرى، قبل يومين وجه السيد مالك عقار خطابا إلى الشعب السوداني أعلن فيه عن خارطة طريق لإيقاف الحرب. وأعتقد أن خطاب السيد مالك في مجمله إيجابي ونتفق مع معظم ما جاء فيه. خارطة الطريق التي أعلنها السيد مالك عقار تبدأ بالتوصل لوقف اطلاق نار، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتحديد مواقع لتجميع قوات الدعم السريع بعيداً عن المناطق المدنية تمهيدا للفصل بين القوات وتنفيذ الترتيبات الأمنية الخاصة بها، والالتزام بعدم تعريض المواطنين لخطر الاقتتال.
ويعقب ذلك بداية العملية الإنسانية بإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في المناطق المتضررة من الحرب، والعمل على ضمان حياة طبيعية، بقدر الإمكان، للمواطنين السودانيين في ولايات السودان غير المتأثرة بالحرب، ثم يعقب ذلك الشروع في تصميم عملية سياسية شاملة الهدف منها مخاطبة القضايا التأسيسية للدولة السودانية من أجل بناء نظام دستوري وسياسي مستقر.

ضرورة أن تنحرط القوى المدنية والسياسية السودانية في إعداد رؤية موحدة حول عملية سياسية لإرساء حل سلمي يعيد البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن ممارسات ما قبل الحرب

وأشار السيد مالك إلى ما أسماه بالفترة التاسيسية التي ستعقب إيقاف الحرب، معددا مهامها في الإصلاح واعادة الإعمار، بالإضافة لتهيئة البلاد لممارسة سياسة راشدة، تؤسس لبناء الدولة السودانية، وتستهدي بشعارات الحرية والسلام والعدالة، التي رفعتها ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، وأن هذه التهيئة ستشمل كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ليعاد بناؤها على أُسس وطنية وقومية تسمح لبلادنا أن تقف على قدميها مرة اخرى. وفي جزء آخر من خطابه، عدد السيد مالك عقار ما يراه من أولويات واجبة التنفيذ تبدأ بوقف القتال والحد من رقعة انتشار الحرب ومنع انتشارها لمناطق جديدة. تسهيل كافة عمليات الإغاثة الإنسانية وتيسير وصول المساعدات للمواطنين المحتاجين في كل أقاليم السودان.
ضمان انسياب المرتبات للعاملين في الخدمة المدنية وانسياب العمل في مجالات تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. عدم السماح لاقتصاد الحرب مع تسهيل كافة العقبات لضمان استمرار استيراد السلع الاساسية، والمستلزمات الضرورية للحياة. التعامل مع قضية وضع نزلاء السجون من مجرمين وقادة النظام السابق. وفي خطابه، أشاد السيد مالك بجهود الأطباء والعاملين في قطاع الكهرباء والمياه، كما أشاد بالشباب والشابات المتطوعين في غرف الطوارئ ولجان المقاومة الذين لم توقفهم مخاطر الحرب من العمل على تخفيف المعاناة وتوفير حاجات المواطنين. وفي هذا الصدد نود أن نلفت نظر السيد مالك إلى ما تقوم به بعض الجهات الأمنية من تضييق واعتقالات بحق هولاء الشباب، ونرى في تصديه لهذه الظاهرة اختبارا جديا يضع كل ما جاء في خطابه على المحك.
لم يكن مستغربا أن يتعرض خطاب السيد مالك وشخصه إلى هجوم حاد يصل حد البذاءة وذلك من قبل المجموعات المنادية باستمرار الحرب، فهؤلاء همهم الأساسي ليس دحر قوات الدعم السريع وإنما استعادة السلطة التي انتزعتها منهم ثورة ديسمبر/كانون الأول. فالحرب، في أحد أوجهها، اندلعت للقضاء على ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، ومؤججو نيرانها من سدنة تحالف الفساد والاستبداد يستغلون حقيقة أن انتصار الثورة كان جزئيا وغير مكتمل ما دام توقف عند الإطاحة برأس سلطة هذا التحالف، أو غطائها السياسي، بينما ظل جسد التحالف باقيا ينخر في عظام الثورة وينسج خيوط غطاء سياسي بديل، لينقض ويحكم من جديد بقوة الدم المسفوح.
ومنذ البداية، كان واضحا أنه في سبيل أن يسترد جسد تحالف الفساد والاستبداد سلطته المنزوعة، لن يهمه أن تدخل البلاد في نزاع دموي شرس، يدمر البلاد ويدفع بالعباد إلى مغادرة الوطن. ومن ناحية أخرى، صحيح أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يقع على عاتقهما مسؤولية وقف الحرب، لكنها لا يمكن أن يحددا وحدهما مصير السودان بعد الحرب.
ومن هنا، ضرورة أن تنحرط القوى المدنية والسياسية السودانية في إعداد رؤية موحدة حول عملية سياسية لإرساء حل سلمي يعيد البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة بعيدا عن ممارسات ما قبل الحرب. وأن تستمع هذه القوى بذهن مفتوح إلى تلك المقترحات الجادة كتلك الواردة من الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، ومن السيد مالك عقار.

كاتب سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

لو ديبلومات: الحرب تلتهم السودان في ظل صمت عالمي

سلّط تقرير نشره موقع "لو ديبلومات" الفرنسي الضوء على تداعيات الحرب الأهلية التي تعصف بالسودان منذ أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

اعتبر كاتب التقرير ألكسندر راؤول أن الحرب التي يشاهدها العالم بصمت تحولت إلى ساحة صراع بالوكالة بين عدة أطراف خارجية، ما يفاقم الانقسام وينذر بانتشار الصراع إقليميا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: مؤشرات على قرب وقف إطلاق النار بغزةlist 2 of 2"تلغراف" تكشف 5 قواعد عسكرية إسرائيلية استهدفتها إيرانend of list انهيار التوازن الهش

وقال الكاتب إن السودان غرق في 15 أبريل/نيسان 2023 في حرب مفتوحة بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، وهي في الحقيقة نتيجة لمسار من التفكك السياسي بدأ في عام 2019.

فبعد سقوط نظام عمر البشير، بدأت مرحلة انتقال سياسي هشة، استندت إلى توازن غير مستقر بين المدنيين والعسكريين.

وأضاف الكاتب أن هذا التوازن الهش انهار في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عندما دبّر البرهان وحميدتي انقلابا ضد السلطات المدنية، وأصبح الوضع المستقبلي لقوات الدعم السريع ومسألة دمجها ضمن القوات النظامية محلّ خلاف كبير، وقد أدى غياب الوساطة إلى اندلاع صدام مسلح.

وأورد الكاتب جردا للخسائر البشرية والمادية الناتجة عن هذه الحرب خلال العامين الماضيين.

صراع قوى خارجية ووساطات فاشلة

ووفقا للكاتب، أصبح السودان تدريجيا مسرحا لمواجهات غير مباشرة بين قوى إقليمية ودولية ذات مصالح متباينة، وذكر العديد من الدول في المنطقة وغيرها، والتي تدعم أحد طرفي القتال مع أسباب دعمها.

ولفت الانتباه إلى أن عدة أطراف بذلت جهودا للوساطة، لا سيما الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والمبادرات الأميركية السعودية المشتركة، لكن دون أي نجاح في إقناع الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار.

وفي أبريل/نيسان 2025، اختُتم مؤتمر في لندن كان من المفترض أن يحشد الدعم المالي لمساعدة الشعب السوداني، بفشل جزئي، إذ لم يُجمع سوى 10% من الأموال المتوقعة.

إعلان

واعتبر الكاتب أن التقاعس الدبلوماسي وغياب الاهتمام الإعلامي يسهمان في التعتيم على طبيعة الصراع على الساحة الدولية، على الرغم من حجمه الكبير.

ألكسندر راؤول: في غياب مبادرة دبلوماسية متماسكة ومستقلة، يتزايد خطر انزلاق السودان إلى سيناريو فوضى طويلة الأمد نحو انهيار النظام

أكد الكاتب أن السودان يُظهر اليوم مؤشرات على انهيار طويل الأمد، فقد تفككت مؤسسات الدولة ولم تعد هناك سلطة سياسية مركزية، وانقسمت الأراضي السودانية بين مناطق خاضعة لسيطرة القوات المسلحة، وأخرى تحت سيطرة قوات الدعم السريع، أو فسيفساء من الفصائل المستقلة.

ووفقا له، يعتمد الاقتصاد إلى حد كبير على موارد خارجة عن الأطر القانونية، مثل أنشطة التعدين، وتهريب الأسلحة، والجباية غير الشرعية، كما أن الخدمات العامة معدومة سواء في المناطق الريفية أو الحضرية، ويعتمد السكان على شبكات غير رسمية، ومنظمات غير حكومية، وجهات أجنبية من أجل البقاء.

ويرى الكاتب أن هذا الوضع يُسهم في تكاثر أمراء الحرب، وتعزيز نفوذ المليشيات المحلية، بما يُحوّل النزاع من حرب على السيادة إلى حرب للنهب.

استدامة الفوضى

وخلص راؤول إلى أن النزاع في السودان يُجسِّد ديناميكيات الحروب الأهلية المعاصرة، إذ يؤدي انهيار الدولة، والتنافس العسكري بين الأطراف المتنازعة، والتدخلات الأجنبية، إلى خلق فوضى مستدامة.

وحسب رأيه، لا تملك القوات المسلحة السودانية ولا قوات الدعم السريع الوسائل لتحقيق نصر حاسم، ويترافق هذا المأزق العسكري مع انهيار إنساني دراماتيكي يتم تجاهله على الساحة الدولية.

ويختم بأنه في غياب مبادرة دبلوماسية متماسكة ومستقلة، يتزايد خطر انزلاق السودان إلى سيناريو فوضى طويلة الأمد، أشبه بما حدث في الصومال أو ليبيا ما بعد رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي.

مقالات مشابهة

  • لو ديبلومات: الحرب تلتهم السودان في ظل صمت عالمي
  • أمطار متفاوتة وانخفاض طفيف في درجات الحرارة بشمال وأواسط السودان
  • حرب لتصفية الثورة ونهب ثروات البلاد
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • السودان.. نزاع مسلح يودي بحياة المئات والهجمات على المستشفيات تتصاعد
  • استدعاء مالك الشركة المصنعة للسيارة التي توفي فيها جوتا
  • تعرف على طقس السودان اليوم
  • لكنها الحرب !!
  • المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدعم اتفاقا شاملا في غزة وتُعارض الحلول الجزئية
  • الخرطوم .. أكثر من 800 ألف سوداني عادوا إلى البلاد