يُعرفُ عن الوعي بأنه الإدراك، وهو حالة ذهنية؛ مطلقة؛ تنبثق عن جملة من القناعات التي يصل إليها الفرد، فيتخذ منها مواقف، ويصدر من خلالها آراء، وممارسات على أرض الواقع، وبالتالي فمجمل هذه المواقف والآراء والممارسات «تُقَيَّمْ من قبل الآخرين» على أنها مستويات من الوعي لدى هذا الفرد أو ذاك، وإن اتسعت الدائرة فيشار في ذلك إلى المجموع، وهذا الأمر لا ينفي أن يسبق تَكوّن هذا الوعي وتشكله مجموعة من المغذيات، وهذه المغذيات هي مجموع ما تنتجه البيئة الحاضنة من أحداث ومواقف، وتصادمات وتفاهمات، ومحتوى الحاضنة نفسها هو الذي يحدد نوع هذا الوعي، فالدول التي تعيش صراعات عسكرية، أو صراعات ثقافية، أو صراعات دينية، أو صراعات اقتصادية، سوف ينعكس ذلك حتما على وعي الفرد، فيصب كل ذلك في خانة الوعي عند الفرد، ويضاف إلى ذلك مجموعة من التجارب الشخصية التي يمر بها، وهو في حاضنته الاجتماعية؛ القريبة منها أو البعيدة، ومن هنا يقاس مستوى الوعي بين الأفراد على اعتبار سنوات العمر التي قطعوها في حياتهم، وبالتالي فلا يمكن أن ينظر إلى وعي من هو في العقد الأول من العمر، مثل من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهنا أفرق بين اكتساب المعرفة «التخصص» وبين مكتسبات الوعي المتعمق في قضايا الحياة، ومعنى هذا أن هناك من يكون في العقد الثاني أو الثالث، ويملك مستوى من المعرفة المتقدمة، بينما لا يملكها من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهذا أمر مسلم به، ولا يحتمل جدالا سفسطائيا مملا، فهذه حقيقة، ومعنى هذا أن الوعي شيء، واكتساب المعرفة شيء آخر، نعم؛ قد يزيد اكتساب المعرفة من مستويات الوعي، وليس العكس.
هذه البسطة في المقدمة عن الوعي لا تذهب إلى الإجابة عن السؤال الذي يحمله العنوان (هل يُؤْسَر الوعي؟)، بقدر ما تقدم توصيفا بسيطا للفكرة العامة في هذه المناقشة، والإجابة عن هذا السؤال: نعم؛ يُؤْسَر الوعي، وهذا الأسر لا يتوقف عند تحييده عن اتساع دائرته التأثيرية؛ فقط، بل يصل الأمر إلى تعطيل الدور الذي يقوم به، وتأثيره على الواقع المحيط، ولأن المسألة مرتبطة بالفرد، فإن وسائل التحييد تظل كثيرة، وفي مقدمتها الدعاية الإعلامية «البروباجندا» التي تسعى إلى أسر الوعي لدى المتلقي، وتوجيهه نحو الرسالة التي يبعثها المرسل من خلال رسالته فقط، دون أن تترك لهذا المتلقي حرية القبول أو الرفض، كما هو في حال الإعلانات التجارية؛ كمثال بسيط؛ وهذا ما أثبتته نظرية «الرصاصة الإعلامية» السائدة في مطلع القرن العشرين المنصرم، وإن ظهرت نظريات فيما بعد، عطلت هذه النظرية، ومنها نظرية «التعرض الانتقائي» التي أعطت الفرد المتعرض للرسالة حرية الاختيار والانتقاء لهذه الرسالة أو تلك.
وأسر الوعي؛ يمارس على نطاق واسع، وتتسع دائرته في الحاضنة الاجتماعية، عندما يعمد المجتمع، سواء عبر الممارسات الأسرية، التي تحتكر الكثير من المعلومات عن أبنائها؛ بحجة أنهم صغار لا يفهمون، أو عبر مؤسسات ، يعمد أفرادها إلى عدم إعطاء الجمهور الصورة الكاملة لكثير من أنشطتها؛ بحجة أن ذلك ليس مهما، بقدر ما تهم النتائج المترتبة على تنفيذ البرامج والخطط، كل ذلك حتى لا تقابل تلك البرامج والخطط بشيء من النقد، أو التعديل، أو محاولة الإفصاح عن حقيقتها الموضوعية، والمادية، ومآلات نتائجها، حيث يجد الجميع أنفسهم أمام واقع غير جديد، ويحدث هذا حتى على مستوى المؤسسة نفسها؛ في كثير من الأحيان، سواء أكانت مؤسسة عمل، أو مؤسسة أسرية، وخطورة هذه المسألة أن ممارستها أصبحت ضمن المعتاد، وتتوارثها الأجيال، وكأن الأمر عادي بالمطلق.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی العقد
إقرأ أيضاً:
«أدنوك للحفر» تحصل على عقد بقيمة 2.94 مليار درهم
أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت شركة «أدنوك للحفر»، أمس، عن حصولها على عقد من شركة «أدنوك البرية» بقيمة إجمالية تصل إلى 2.94 مليار درهم لتوفير خدمات التكسير الهيدروليكي المتكاملة في المكامن التقليدية والضيقة «غير التقليدية».
ومن المقرر أن تدخل اتفاقية التعاقد، الممتدة لخمس سنوات، حيز التنفيذ في الربع الثالث من عام 2025، في خطوة مهمة تساهم في ترسيخ مكانة «أدنوك للحفر» كشركة رائدة في مجال خدمات الطاقة المتكاملة المدعومة بالتكنولوجيا.
ويعزز هذا العقد ريادة شركة «أدنوك للحفر» في مجال خدمات حقول النفط عالية التقنية، من خلال إدماج تكنولوجيا الجيل التالي والذكاء الاصطناعي وأدوات التحليل الذكية في الوقت الفعلي، بما يرفع قدرات الشركة التشغيلية، ويدعم تحقيق نتائج أكثر ذكاءً وأماناً واستدامة في قطاع الطاقة.
وقال عبدالله عطية المصعبي، الرئيس التنفيذي لشركة «أدنوك للحفر»: إن ترسية العقد يؤكد عمق شراكتنا مع ' أدنوك البرية 'والثقة الكبيرة المتنامية بقدرات 'أدنوك للحفر'، وخاصةً بقدرتها على توفير عمليات تكسير عالية التأثير ومتطورة تقنياً تساهم بفعالية في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من إمكانيات الطاقة في دولة الإمارات.
وأضاف: مع استمرارنا في تعزيز جهودنا الهادفة إلى تحقيق نقلة نوعية في أعمالنا، يسرنا أن نساهم في تنفيذ الأهداف الاستراتيجية للدولة في قطاع الطاقة، وترسيخ مكانتنا كشركة رائدة في مجال خدمات الحفر المتكاملة وحلول إكمال آبار النفط والغاز.
وقال: يدعم نطاق عمل العقد الهدف الاستراتيجي لـ «أدنوك»، المتمثل في تسريع تطوير المكامن التقليدية والضيقة «غير التقليدية» في جميع أنحاء دولة الإمارات، ويشمل تصميم وتنفيذ وتقييم معالجات التكسير الهيدروليكي متعدد المراحل، التي سيتم تطبيقها على مجموعة واسعة من المكامن في أبوظبي، علماً أن خدمات التكسير تُستخدم في المكامن التقليدية والضيقة، لتعزيز تدفق النفط أو الغاز عبر المسارات الطبيعية المُستخدمة، وزيادة الإنتاج من خلال تحسين معدلات التدفق».
وأوضح أنه في إطار التزامها بالابتكار وتبني أحدث الحلول التقنية، ستستخدم «أدنوك للحفر» التكنولوجيا المتطورة في كافة مراحل المشروع، بهدف رفع الكفاءة التشغيلية وتعزيز التميز في الأداء، وتتضمن هذه التقنيات استخدام برنامج محاكاة متخصص في عمليات التكسير، يتيح تحسين كل مرحلة من مراحل التشغيل، مما يسهم في زيادة معدلات التدفق وتعزيز إجمالي استخلاص الهيدروكربونات.
ويؤكد الأثر المالي لهذا العقد على توجيهات الشركة للعام 2025 وتوجيهات الإيرادات للعام 2026، حيث سيوفر العقد أساساً قوياً للنمو والأرباح في العام 2027 وما بعده يتجاوز توقعات الشركة الحالية.
وتبلغ قيمة الإيرادات التي ستعود لصالح «أدنوك للحفر» حسب تقديرات العميل 2.94 مليار درهم، فيما يتم تحديد قيمة الإيرادات الفعلية، بناءً على حجم الخدمات المطلوبة ومواعيد تسليمها.
هذا العقد هو الخامس الذي تحصل عليه الشركة خلال شهرين فقط من شركة «أدنوك البحرية»، وتشمل عقداً بقيمة 5.99 مليار درهم لمدة خمس سنوات لخدمات الحفر المتكاملة، وعقداً بقيمة 2.97 مليار درهم لثلاث منصات حفر جزرية، وعقداً بقيمة 4.22 مليار درهم لمدة 15 عاماً لحفارات بحرية، بالإضافة إلى 1.47 مليار درهم عبارة عن متأخرات من عمليات الاستحواذ الموقعة لشركة أدنوك للحفر في عُمان والكويت.