ترامب يعزو كارثة جوية أوقعت 67 قتيلا في واشنطن للتوظيف وفق مبدأ التنوّع
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
واشنطن "أ ف ب": علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حادث تصادم طائرة ركاب بمروحية عسكرية فوق واشنطن في كارثة جوية أودت بحياة 67 شخصا عبر شنّه هجوما سياسيا لافتا على سلفيه الديموقراطيين فيما عزا الكارثة إلى التوظيف على أساس التنوّع.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية الخميس بأنه تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن مساء الأربعاء بعد اصطدامها بمروحية عسكرية، في حادث أسفر عن مقتل 67 شخصا.
وقد عثر المحققون على مسجل الصوت في قمرة القيادة ومسجل بيانات الرحلة، حسبما أفادت مصادر لم تكشف هويتها لشبكتي سي بي إس نيوز و إيه بي سي نيوز. وأوضحت وكالة سلامة النقل الأمريكية، المكلفة التحقيق، في وقت سابق الخميس، أن الصندوقين الأسودين كانا مغمورين بالمياه لكن يُفترض أن يكون بالإمكان تحليلهما.
وشدد المحققون على أنهم لا يملكون "أدلة كافية" في هذه المرحلة لإثبات سبب الحادث. وقالوا إنه من المتوقع صدور تقرير أولي "في غضون 30 يوما".
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" عن السفارة الصينية في الولايات المتحدة قولها إنه "بعد تحقيقات أولية" تبيّن أن هناك مواطنَيْن صينيَيْن "من بين الضحايا في حادث تصادم طائرة ركاب بمروحية في الجو قرب مطار ريغان الوطني ليل الأربعاء".
وأكد الرئيس الجمهوري مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة والمروحية، مشيرا إلى خطأ ارتكبه طيار المروحية تسبّب في الكارثة التي وقعت ليل الأربعاء.
لكنّ ترامب استغل المؤتمر الصحفي خصوصا لانتقاد ما وصفها بسياسات التنوّع اليسارية في عهد سلفيه جو بايدن وباراك أوباما التي اعتبر أنّها لم تسمح باختيار الموظفين الأكفأ لشغل مناصب في إدارة الطيران الفدرالية.
وقال ترامب "بينما أعطيت أنا الأولوية للسلامة، وضع أوباما وبايدن والديموقراطيون سياساتهم في المقدّمة".
وبينما تحدّث ترامب في البيت الأبيض، عمل غواصون من جهاز الشرطة على انتشال مزيد من الجثث من مياه نهر بوتومك.
وبدا حطام الطائرة وهي من طراز "بومباردييه" تشغلها شركة تابعة لمجموعة "أمريكان إيرلاينز" جليا في المياه بينما أحاطت به قوارب الطوارئ وفرق الغوص. وكانت الطائرة تقلّ 64 شخصا.
كذلك، فإن مروحية الجيش وهي من طراز "بلاك هوك" كانت تقل ثلاثة عسكريين، كانت بدورها في النهر.
وقال قائد جهاز الإطفاء في واشنطن جون دونيلي خلال مؤتمر صحفي في مطار ريغان الوطني "نحن الآن في مرحلة ننتقل فيها من عملية إنقاذ إلى عملية انتشال". وتم حتى الآن انتشال 28 جثة.
ووقع حادث التصادم ليل الأربعاء أثناء هبوط طائرة الركاب في مطار ريغان الوطني بعد رحلة روتينية من ويتشيتا في كانساس. ويعدّ هذا أول حادث جوي كبير في الولايات المتحدة منذ العام 2009 عندما قتل 49 شخصا قرب بوفالو في نيويورك.
ومطار ريغان الوطني الذي يعد مطارا رئيسيا، يقع على مسافة قريبة من وسط واشنطن والبيت الأبيض والبنتاغون. وتشهد سماء المنطقة تحركا كثيفا عادة للطائرات المدنية والعسكرية.
وبحسب التسجيلات الصوتية، سأل مراقبو الحركة الجوية المروحية مرارا عما إذا كانت طائرة الركاب "في مرمى البصر". ثم قبل التحطم مباشرة، طلبوا منها "المرور خلف" الطائرة.
تسييس للحادثة
واستهلّ ترامب مؤتمره الصحفي بالحديث عن "الأسى" الذي تعيشه البلاد، وقال إن التحقيق سيستغرق وقتا.
لكنه سرعان ما بدأ انتقاد سياسات التنوع والمساواة والشمول.
وركّز ترامب الذي بدأ ولايته الرئاسية قبل أسبوع بحملة ضد الإجراءات المطبقة منذ عقود لمنع التمييز على أساس النوع الاجتماعي والعرقية في الولايات المتحدة، انتقاداته على وزير النقل في عهد بايدن المثلي جنسيا بيت بوتيجيدج.
وقال ترامب عن وزير النقل السابق "لقد خرّب كلّ شيء بسياسات التنوع" التي دافع عنها.
ودعم نائب الرئيس جاي دي فانس ووزير الدفاع الجديد بيت هيغسيث رسالة ترامب، إذ أكدّ كل منهما أنّ إجراءات التنوع حرمت الأميركيين من أصحاب الكفاءة من المناصب.
ولدى تكرار الصحافيين السؤال عليه بشأن ما إذا كان يعزو الحادث إلى التنوّع في أماكن العمل، ردّ ترامب "قد يكون السبب كذلك".
ردّ بوتيجيدج على منصة "إكس" واصفا ترامب بـ"الدنيء".
وقال "فيما تعيش العائلات حالة حزن، يتعيّن على ترامب أن يقود، لا أن يكذب".
- أبطال تزلج من بين الضحايا - وسارع مئات من عناصر الإنقاذ إلى الموقع لكنهم وجدوا أنفسهم يواجهون الظلام والجليد خلال الليل.
وأفادت الهيئة الأميركية للتزلج الفني على الجليد بأنّ الطائرة كانت تقل عددا من الرياضيين والمدربين والمسؤولين، فيما أكد مسؤولون في موسكو أن الزوجين الروسيين يفغينيا شيشكوفا وفاديم نوموف اللذين فازا باللقب في بطولة العالم للتزلج الفني المزدوج على الجليد عام 1994، كانا على متن الطائرة.
وسرعان ما استبعد المسؤولون إمكان العثور على ناجبين بسبب قوة التصادم.
وسُمع أحد مراقبي حركة الطيران وهو يقول لآخر بعد انقطاع الاتصال مع المروحية "رأيت كرة من النار ومن ثم اختفت".
ماذا حصل؟
وقال مسؤولون في قطاع النقل إن الطائرة والمروحية كانتا في مسار طيران عادي في ليلة صافية مع رؤية جيدة.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي أنّ المروحية "كان على متنها طاقم يتمتع بخبرة جيدة ويجري عمليات التقييم السنوية الليلية التي يتوجب القيام بها".
أما وزير النقل شون دافي، فقال "هل أعتقد أنّه كان ممكنا تجنّب (الحادث)؟ بكل تأكيد".
وفضلا عن إلقائه اللوم على سياسات التنوّع، تحدّث ترامب مطولا عن مسار الرحلة، وقال إنّ المروحية كانت "تتّجه بزاوية سيئة بشكل يفوق التصوّر".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ریغان الوطنی التنو ع
إقرأ أيضاً:
السودان الرجل الصالح .. والله في !
الإقصاء الأمريكي لبريطانيا من ملف السودان وتداعياته الجيوسياسية
في خطوة تحمل دلالات عميقة، أبعدت الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا عن ملف السودان في اجتماعات “الرباعية” المعنية بالشأن السوداني، والتي تضم كلاً من الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات. ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو تكتيكية في ظاهرها، إلا أن خلفها قراءة استراتيجية تُعبر عن تحوّل في موازين التأثير الغربي في المنطقة، وربما تعكس رغبة أمريكية في احتكار مفاتيح التغيير والتحكم بالمشهد السوداني بعيدًا عن “شريكها التاريخي” الذي كان يحتل السودان بالأمس القريب.
أولاً: السياق التاريخي والرمزية
بريطانيا ليست مجرد دولة أوروبية عادية في ما يخص السودان، بل هي الدولة التي استعمرت السودان منذ عام 1898 عبر الحكم الثنائي (الإنجليزي-المصري)، وشكلت جزءاً محورياً في تشكيل بنيته السياسية والإدارية، وأخرجته إلى الاستقلال على طريقة “الفخاخ المزروعة” كما حدث في تقسيم الجنوب، وتكريس المركزية، وتمكين النخب التابعة. هذا الإرث لا يمكن عزله عن أي محاولة لفهم علاقة بريطانيا بالسودان أو تحليل موقعها في أي ترتيبات دولية تخصه.
وبالتالي، فإن إقصاءها بهذه الطريقة من الرباعية، ليس مجرد مسألة “تنظيم طاولة” بل إشارة ناعمة من واشنطن مفادها أن زمن لندن في الخرطوم قد ولّى، وأن الهيمنة على قرار السودان الإقليمي والدولي بات أمريكياً صرفاً، ولو بشراكة شكلية مع حلفاء من “الصف الثاني”.
ثانيًا: الرد البريطاني.. اعتراف بفلسطين
ولأن الدول لا تصمت طويلاً على الإهانة الدبلوماسية، جاء الرد البريطاني سريعًا ومفاجئًا: اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية. وهو اعتراف يبدو في ظاهره “دعمًا للعدالة وحقوق الشعوب”، لكنه من منظور العلاقات الدولية ليس إلا ورقة ضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل، ومحاولة لاستعادة بعض الوزن الأخلاقي والاستراتيجي الذي فقدته بريطانيا في المنطقة.
ومن سخرية القدر أن هذه هي ذات بريطانيا التي منحت إسرائيل “الحق في وطن قومي” عبر وعد بلفور المشؤوم في 1917، أي أنها الدولة التي زرعت بذرة الأزمة، وتأتي اليوم لتعلن -بكل صفاقة سياسية– أنها تحاول إنصاف الشعب الفلسطيني. هذا الاعتراف ليس أكثر من محاولة لترميم موقعها في الشرق الأوسط، بعد أن أخرجتها واشنطن من بوابة السودان.
ثالثًا: ترامب والتبسيط الرأسمالي للسياسة
أما دونالد ترامب، التاجر الذي تسلل إلى البيت الأبيض، فقد مثّل قطيعة أخلاقية وعقلية عن مسار الدبلوماسية الأمريكية الكلاسيكية. لم يكن يرى العالم إلا من نافذة الصفقات: صفقة القرن، صفقة التطبيع، صفقة الانسحاب… رجل أعمال بقالة أكثر من كونه رجل دولة، اختزل قضايا الشعوب ودماءها في أرقام وإيصالات شراء.
سياسات ترامب كانت ولا تزال جزءًا من هذه الفوضى الموجهة التي أفضت إلى تعقيد المشهد السوداني والإقليمي، عبر ترك ملفات ملتهبة دون معالجة جذرية، بل وإشعال بعضها بهدف ابتزاز الحلفاء واستنزاف الخصوم.
خاتمة: الصراع ليس على السودان فقط
ما يحدث اليوم ليس مجرد تنافس دبلوماسي حول السودان، بل هو صراع على النفوذ في قلب أفريقيا، في منطقة تقاطع الموارد والثورات والصراعات. إبعاد بريطانيا من ملف السودان قد يبدو انتصاراً أمريكياً تكتيكياً، لكنه في حقيقته فتح الباب أمام تحالفات جديدة، وتحركات انتقامية ناعمة، كاعتراف لندن بفلسطين.
وبين طموحات واشنطن، وردود لندن، وارتجال ترامب، لن يكون السودان هو الضحية، ولن تُعاد صناعته خارج حدوده، ولن تُرسم له الأقدار على طاولات لا وجود لممثليه فيها، ولن تُختبر عليه معادلات النفوذ العالمي، ونحن سنرسم وطننا وحدنا .
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد