صحيفة الجزيرة:
2025-12-12@08:24:17 GMT

الإعلاميون .. صُنّاع الصورة وقادة التأثير

تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT

وجدان الفهيد

لا يُمكن الحديث عن نهضة المدن وتقدّمها دون الإشادة بدور الإعلاميين، هؤلاء الذين يشكّلون عيون المجتمع الناقلة لحركته، وصوته المعبّر عن تطلعاته، وجسوره التي تربطه بالعالم، فالإعلامي ليس مجرد ناقل خبر، بل هو شريك في التنمية، ومسهم رئيسي في بناء الصورة الذهنية لمدينته، حيث يكون حاضرًا في كل حدث، يوثق، يحلل، ويرسم الملامح الإعلامية لمستقبل المكان الذي ينتمي إليه.


إن ما يميز المدن الناجحة اليوم ليس فقط بنيتها التحتية أو مشاريعها الطموحة، بل قدرتها على إيصال هويتها ورسالتها عبر إعلام قوي، يبرز إنجازاتها، ويسوّق لفرصها، ويجعلها محط أنظار العالم، وعندما تستضيف مدينة ما مؤتمرًا دوليًا أو معرضًا اقتصاديًا، فإن الإعلاميين يصبحون خط الدفاع الأول عن مكانتها، والسفراء الذين ينقلون صورتها بأبهى حُلّة، ويوصلون رسائلها لأبعد مدى.
تشير دراسة صادرة عن منظمة السياحة العالمية (UNWTO) إلى أن المدن التي تحظى بتغطية إعلامية إيجابية أثناء استضافة المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية تشهد زيادة بنسبة 35% في أعداد الزوار بعد انتهاء الحدث، ارتفاعًا في حجم الاستثمارات بنسبة 25% خلال السنوات الثلاث التالية،  تحسنًا في الصورة الذهنية للمدينة بنسبة 50% لدى المستثمرين الدوليين، كما وجدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أن الإعلام الرقمي والتغطية التفاعلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا رئيسيًا في جذب المستثمرين وتعزيز السياحة، حيث يساهم المحتوى الإعلامي الإبداعي في تحويل المدينة إلى “وجهة مفضلة” سواء للزوار أو أصحاب المشاريع.
لتحقيق تغطية إعلامية فعالة تسهم في تسويق المدينة، هناك عدة أدوار رئيسية يجب أن يؤديها الإعلامي بمهارة أولها: بناء قصة إعلامية جذابة ،حيث أن الناس لا تتفاعل مع الأخبار الجافة، بل مع القصص الملهمة، دور الإعلامي هو تحويل الفعاليات إلى قصص إعلامية مشوقة، تربط الزائر والمستثمر بتاريخ المدينة، تطورها، فرصها، وتوجهاتها المستقبلية، فمثلاً عند تغطية مؤتمر أو معرض ، لا يكفي الحديث عن عدد المشاركين، بل يجب تقديم قصص نجاح لمستثمرين بدأوا مشاريعهم في المدينة، أو مقابلات مع مشاركين يتحدثون عن تجربتهم الإيجابية، ثانياً : استخدام الإعلام الرقمي والتفاعل المباشر، في عصر السرعة، لم يعد الجمهور ينتظر نشر الأخبار في الصحف، بل يتابع الأحداث لحظة بلحظة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، البث المباشر، والفيديوهات القصيرة، ثالثاً : الترويج للمدينة من خلال الشخصيات المؤثرة، أظهرت دراسة لـ McKinsey & Company أن 75% من القرارات الاستثمارية والسياحية تتأثر بالمحتوى الذي يقدمه المؤثرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
صحيح أن الإعلامي يؤدي دورًا تسويقيًا، لكنه في الوقت ذاته يحمل مسؤولية المصداقية، فالترويج الفعّال لا يعني المبالغة أو التجميل غير الواقعي، بل تقديم صورة حقيقية للمدينة، تبرز نقاط قوتها، وتعكس هويتها بشكل أصيل فكل كلمة تُكتب، وكل صورة تُنشر، وكل لقاء يُبث، هو جزء من “الهوية الإعلامية” للمدينة، وهذه الهوية هي التي تصنع الفارق في مستقبلها الاقتصادي والاستثماري ، وعندما يكون هناك مؤتمر أو معرض، فهو ليس مجرد حدث، بل نافذة إعلامية للعالم، والمسؤولية الكبرى تقع على الإعلاميين في تقديمه بالشكل الذي يستحق.
في النهاية، يمكن القول إن الإعلامي هو ضمن خطوط الدفاع الأولى عن مدينته، وجزء مُهم من المرآة التي تعكس هويتها، والوسيلة التي تجعلها حاضرة على الخارطة الإعلامية والاستثمارية، وكما قال “والتر ليبمان”، أحد رواد الإعلام الحديث:“الأخبار هي ما يحدث، أما الصورة الذهنية فهي ما نصنعه مما يحدث.”

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية

إقرأ أيضاً:

كيف تحولت شبابيك سوريا إلى أكبر منصة إعلامية خلال ردع العدوان؟

"ليلة التحرير".. كانت دمشق مدينة بلا كهرباء، بلا إنترنت، وبلا أي وسيلة تواصل حديثة. التلفزيون الرسمي يكتفي ببث برامج عن طبيعة البلاد، وكأن الأرتال القادمة من الثوار ليست على مشارف العاصمة.

في الخارج، من كان بعيدا عن سوريا كان يراقب المشهد عبر الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن في الداخل كانت الصورة مختلفة تماما. هناك، بين الأزقة الضيقة والمباني الرمادية، كانت "الشبابيك" هي المصدر الوحيد للأخبار، وأكبر غرفة أخبار شعبية في البلاد.

عدسات من وراء الزجاج

ويسلط تقرير لمنصة "سوريا الآن" الضوء على عملية نقل الأخبار في سوريا عبر الشبابيك قبل سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ووصول قوات ردع العدوان إلى العاصمة السورية.

فمن خلف تلك النوافذ، اختبأت العدسات الخفية لشهود عيان، يوثقون بصمت هروب جنود نظام الأسد، وهم يتخلون عن عتادهم العسكري وينسحبون في عتمة الفجر.

كيف تحولت شبابيك سوريا إلى أكبر منصة إعلامية خلال ردع العدوان؟ pic.twitter.com/ew55oLwPuA

— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 9, 2025

لغة مشفّرة بين الجيران

الانتظار طال، والرهبة كانت تملأ القلوب. ومع ذلك، ابتكر الناس لغة مشفّرة للتواصل من وراء النوافذ، كلمة واحدة كانت كافية: "وصلوا ولا لسا".

كل بضع دقائق، كان أحدهم يطلّ ليتأكد من أي حركة جديدة، ثم يعود بسرعة خوفًا من أن يراه أحد حتى المباني المقابلة كانت تشهد عيونا ترقب من خلف الزجاج، في صمت، ترصد وتنتظر.

الخوف ظل سيد الموقف، حتى جاء الخبر اليقين: دمشق تحررت. حينها، تغير المشهد تماما. النوافذ التي كانت تطل بحذر بدأت تفتح على مصراعيها، والوجوه تخرج لتتنفس الفرح.

لم تعد تلك النوافذ مجرد جزء من واجهة المدن، بل أصبحت منصات إعلان الحرية، نقاط مراقبة، وفضاءات لنشر الأخبار الحقيقية من قلب الحدث.

مقالات مشابهة

  • صنَّاع سياسات وقادة اقتصاديون وإعلاميون: «شكراً محمد بن زايد».. «قمة بريدج» حدث استثنائي بكل المقاييس
  • إنفستوبيا تطلق نسخة جديدة من حواراتها العالمية في دبلن
  • اقتصاد كرة القدم بالسعودية.. ما التأثير المحتمل للصفقات العالمية المنتظرة؟
  • مؤسسة حضرموت تكشف تفاصيل إحتفالية "115 عامًا من التأثير" للأديب الراحل علي أحمد
  • من قلب الجدار القديم .. نافذة مفتوحة على إنسانية بلا حدود
  • ملتقى التأثير المدني: بين الإنكار واللادولة مقتلة
  • ترامب يصف تقارير إعلامية بشأن وضعه الصحي بالتحريضية
  • أهمية الحفاظ على الآثار التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي
  • كيف تحولت شبابيك سوريا إلى أكبر منصة إعلامية خلال ردع العدوان؟
  • عيون أمينة الدامية.. الطفلة التي دهستها دبابة إسرائيلية وأنقذتها صورة