الأيرلندي جيري آدمز للجزيرة نت: أميركا وبريطانيا مسؤولتان عن استمرار العنف ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
بلفاست- في حوار خاص للجزيرة نت، شدد جيري آدمز القيادي البارز في حزب "شين فين" الأيرلندي -الجناح السياسي لحركة الجيش الجمهوري الأيرلندي- على موقف حزبه الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
آدمز الذي صنف على مدى عقود كأخطر رجل مطلوب في أيرلندا من قبل بريطانيا أشار إلى أوجه التشابه بين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والصراع الأيرلندي البريطاني، خاصة في ما يتعلق بقضايا الاستعمار والمستوطنات، لافتًا إلى أن أيرلندا عانت طوال عقود من حرب أهلية وانقسامات داخلية وتوسعات استيطانية بدعم من بريطانيا.
وأضاف أن هناك رابطًا غريزيًّا بين الشعوب التي تعرضت للاستعمار، موضحًا أن الفلسطينيين اليوم يواجهون الانتهاكات نفسها التي عاشتها أيرلندا تحت الحكم البريطاني.
الصراع الأيرلندي
عانت أيرلندا الشمالية عقودا من صراع قومي وطائفي بين الوحدويين المؤيدين للبقاء تحت التاج البريطاني (أغلبهم بروتستانت)، والقوميين الجمهوريين الساعين لتوحيد أيرلندا كأمة واحدة (أغلبهم كاثوليك)، حيث اعتبر القوميون الوحدويين مستوطنين غير شرعيين مدعومين من بريطانيا.
تصاعد النزاع في التسعينيات مع دعوات لتطهير عرقي وإقامة دولة بروتستانتية، أدت إلى مواجهات عنيفة، أبرزها تفجير "برايتون" الذي استهد رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر. كذلك خاض "الجيش الجمهوري الأيرلندي" (IRA) عمليات مسلحة، وإضرابات للمعتقلين السياسيين احتجاجًا على معاملتهم كمجرمين.
إعلاناستمر تصنيف الجيش الجمهوري الأيرلندي منظمة إرهابية حتى توقيع "اتفاق الجمعة العظيمة" الذي شارك فيه جيري آدمز زعيم "شين فين".
ورغم توقيعه على الاتفاقية، يظل متمسكا بموقفه التقليدي في مقاطعة البرلمان البريطاني، حيث يرفض تمثيل أيرلندا الشمالية فيه ويعدّ بريطانيا دولة أجنبية.
وفي الانتخابات العامة لعام 2024، ترك الحزب 7 مقاعد شاغرة في البرلمان البريطاني من أصل 18 مقعدًا مخصصًا لأيرلندا الشمالية، ليظل "شين فين" ثاني أكبر حزب ممثل لها في ويستمينستر.
"تقرير المصير"
شدد آدمز على أن ما يحدث في فلسطين اليوم يمثل إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن ما يعانيه الفلسطينيون اليوم يشبه ما عاشه الشعب الأيرلندي في وقت الاحتلال، إذ يتم تهجير الفلسطينيين قسرا في إطار عملية استعمارية تهدف إلى محو هويتهم الوطنية، كتلك التي عاشها الشعب الأيرلندي خاصة "المجاعة".
وأضاف آدمز أن النضال من أجل الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، بما في ذلك قضية فلسطين، يعكس تداخلًا طبيعيا بين هذه القضايا. وأشار إلى أن حزب "شين فين" يرى أن النضال الفلسطيني يجب أن يكون جزءًا من الحركة العالمية من أجل الحقوق المدنية لشعوب العالم.
وأكد آدمز أن حزب "شين فين" يؤمن بحق "تقرير المصير"، وأضاف أن الفلسطينيين لهم الحق في العيش بسلام في دولة فلسطينية حرة ومستقلة.
دعم الوحدة
في ما يخص الوحدة الفلسطينية، شدد آدمز على ضرورة توحيد القوى والفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركتا حماس وفتح، لتحقيق هدف إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ولا يمكن حل التحديات الراهنة إلا بالتعاون بين جميع الأطراف الفلسطينية، كما يضيف المتحدث ذاته مع تأكيده استمرار دعم حزب "شين فين" لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عبر الحوار، إلى جانب ضرورة توحيد جميع المنظمات الفلسطينية في سعيها لإيجاد حلول سلمية، داعيًا إلى تعزيز الحوار بين الأطراف الفلسطينية كافة.
إعلانوفي ما يتعلق بالدور الدولي، أشار آدمز إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان مسؤولية كبيرة في استمرار العنف ضد الفلسطينيين، بسبب دعمهما العسكري والسياسي المستمر لإسرائيل، خاصة في مجالات التسليح.
وفي حديثه، أكد آدمز أنه لا يؤيد عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مستغربا ألا تكون الاستخبارات الإسرائيلية مدركة للأحداث. وأوضح أن اختراق ألف مقاتل للسياج أمر لا يمكن أن يغفل عنه جهاز المخابرات الإسرائيلي، ورجح أنه ربما تجاهلته إسرائيل عمدًا لأغراض معينة.
كذلك كشف آدمز في حديثه مع الجزيرة عن صدمته عندما تلقت "شين فين" معلومات تؤكد أن العمليات العسكرية والهدم الواسع في غزة أمر يسهم في تعزيز آلة الحرب، إذ يخدم مصالح اقتصادية للمتحكمين في صناعة السلاح. وأشار إلى أن "شين فين" حصل على معلومات موثوقة تفيد بأن عمليات إعادة البناء، سواء في صورة تبرعات أو أموال، تمر عبر الاقتصاد الإسرائيلي، وهو أمر وصفه بأنه مخز.
وكان قد زار حزب "شين فين" غزة حيث التقى العديد من القيادات في المنطقة خاصة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) السابق، إسماعيل هنية.
وعن تلقي خبر اغتيال قائد المكتب السياسي لحركة حماس، قال آدمز إنه شعر ببالغ الحزن والأسى، فقد جمعتهما محادثات عدة بخصوص القضية الفلسطينية، وهي خسارة لشخص وقائد يعرفه، مستدركا أن هناك مشاعر مسيطرة وحزنا وصدمة شديدة بسبب عمليات القتل الوحشي التي شهدها الأطفال والنساء والمدنيون في غزة، وأن القتل بعشرات الآلاف هو إبادة وحشية، ولا يمكن تحمل فكرة أنها تعرض مباشرة على الهواتف المحمولة.
وفي سياق ذي صلة، صرّح آدمز بأن السيطرة على الرواية الإعلامية باتت خارج أيدي الاحتلال، في ظل ملايين الأصوات في أنحاء العالم التي تندد بالإبادة، مشيرا إلى أن النظام الذي يدير السردية الإعلامية لا يزال تحت سيطرتهم، نافيا أن يحقق هذا النهج النجاح في نهاية المطاف.
إعلانواختتم آدمز حديثه بأن هناك تغييرًا حقيقيا يحدث على الأرض، مع تزايد الوعي في الأوساط الشعبية بما يحدث في فلسطين، وأشار إلى أن هذا التغيير يتطلب الدعم المستمر من جميع الحركات الشعبية في أنحاء العالم، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وأشار إلى أن شین فین
إقرأ أيضاً:
علماء للجزيرة نت: العاصفة الشمسية غانون سحقت غلاف الأرض البلازمي
في مايو 2024، أتاحت عاصفة شمسية هائلة للعلماء فرصة غير مسبوقة لفهم كيفية انهيار طبقة البلازما الواقية للأرض في ظل ظروف جوية فضائية قاسية.
وبفضل وجود القمر الصناعي الياباني "أراس" في موقع رصد مثالي، شاهد الباحثون انكماش طبقة البلازما إلى جزء بسيط من حجمها المعتاد، واستغرقت عملية إعادة بنائها أيامًا.
وقد كشف هذا الحدث عن "عاصفة سلبية" نادرة في طبقة الأيونوسفير، أبطأت بشكل كبير قدرة الغلاف الجوي على التعافي. طبقة الأيونوسفير هي جزء من الغلاف الجوي (تقريبًا من 60 حتى 1000 كيلومتر) والتي تتأين بفعل أشعة الشمس، وتؤثر على انتشار موجات الراديو، ويظهر فيها الشفق القطبي.
وكانت البيانات التي تم الحصول عليها بواسطة القمر الاصطناعي أراس ضمن مشروع بحثي بقيادة الدكتور أتسوكي شينبوري من معهد أبحاث البيئة الفضائية-الأرضية بجامعة ناغويا في اليابان، قد قدمت رؤى قيّمة في كيفية تعطيل النشاط الشمسي الشديد للأقمار الصناعية وإشارات نظام تحديد المواقع العالمي، وأنظمة الاتصالات.
كما قدمت تلك الأرصاد أيضا أول رؤية تفصيلية لكيفية تأثير هذا الحدث على الغلاف البلازمي للأرض (وهي المنطقة الواقية للأرض من الجسيمات المشحونة المحيطة بالكوكب).
ومن ناحية أخرى تُظهر نتائج الدراسة التي نشرها شينبوري ورفاقه في دورية "إيرث بلانتيت آند سبيس"، كيفية استجابة كلٍّ من الغلاف البلازمي والغلاف الأيوني أثناء الاضطرابات الشمسية الشديدة.
وتساعد هذه الملاحظات البحثية في تحسين التنبؤات بانقطاعات الأقمار الصناعية، ومشاكل نظام تحديد المواقع العالمي، ومشاكل الاتصالات الناجمة عن طقس الفضاء المتطرف.
العاصفة الشمسية هي اضطراب في سطح الشمس ينتج عنه انبعاث كميات هائلة من الطاقة والجسيمات المشحونة نحو الفضاء.
إعلانوتحدث هذه العواصف بسبب التغيرات في المجال المغناطيسي للشمس، وتتكون من توهجات شمسية وانبعاثات كتلية إكليلية، وعندما تصل هذه المواد إلى الأرض، يمكن أن تتسبب في ظواهر مثل الشفق القطبي وتؤثر على الاتصالات وأنظمة الطاقة.
وبحسب البيان الرسمي الصادر من جامعة ناغويا، فإن العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الفائقة التي ضربت الأرض في الفترة من 10 إلى 11 مايو 2024 والمعروفة باسم "غانون"، هي أقوى حدث من هذا النوع منذ أكثر من عقدين، وهي أحد أشد أشكال الطقس الفضائي تطرفًا، والتي تنشأ عندما ترسل الشمس دفعات هائلة من الطاقة والجسيمات المشحونة نحو الأرض، وهي عادةً ما تظهر مرة واحدة كل 20-25 عامًا.
ويقول شينبوري في تصريحات خاصة للجزيرة نت: "خلال العاصفة الجيومغناطيسية التي حدثت، تقلص الغلاف البلازمي للأرض من 44 ألف كيلومتر إلى 9 آلاف و600 كيلومتر خلال 9 ساعات".
ويضيف: "بعد ذلك، استعاد الغلاف البلازمي تدريجيًا مستوى الهدوء، وقد استغرقت هذه الفترة أكثر من 4 أيام، أي أطول بكثير من 77 عاصفة جيومغناطيسية معتادة خلال الفترة من 2017 إلى 2024".
رصد تغيرات الغلاف البلازمي للأرضفي عام 2016 أطلقت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) قمر أراس الصناعي، ليجتاز الغلاف البلازمي للأرض ويقيس موجات البلازما والمجالات المغناطيسية.
وخلال هذه العاصفة العاتية، كان القمر الصناعي في موقع مثالي لتسجيل الانضغاط الشديد للغلاف البلازمي والتعافي البطيء والطويل الذي تلاه، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها العلماء على بيانات مستمرة ومباشرة تُظهر انكماش الغلاف البلازمي خلال عاصفة عاتية.
وفي هذا الصدد يقول شينيوري: "لقد تتبعنا التغيرات في الغلاف البلازمي باستخدام قمر أراس الصناعي، واستخدمنا أجهزة استقبال أرضية لمراقبة الغلاف الأيوني، مصدر الجسيمات المشحونة التي تُعيد ملئ الغلاف البلازمي للأرض، وقد أظهرت لنا مراقبة الطبقتين مدى انكماش الغلاف البلازمي بشكل كبير، ولماذا استغرق تعافيه كل هذا الوقت".
ويوضح شينبوري تفاصيل هذه العملية قائلا: "اجتاز القمر الصناعي أراس طبقة الأيونوسفير والغلاف البلازمي والغلاف المغناطيسي الداخلي بفترة مدارية مدتها 10 ساعات عند حدوث العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الفائقة، حيث تمكّن من قياس كثافة الإلكترونات في الغلاف البلازمي بدقة"
ويضيف: "من ناحية أخرى، وباستخدام بيانات نظام تقنية "جنس تيك" العالمية، وهو نظام لقياس طبقة الايونوسفور، تم تجميع البيانات من 9000 محطة حول العالم، كما راقبنا كثافة الإلكترونات في الغلاف الأيونوسفير أثناء العاصفة الجيومغناطيسية، وبمقارنة كلا البيانات، تمكنا من رؤية التغير في الغلاف الأيوني والغلاف البلازمي للأرض".
بعد نحو ساعة من وصول العاصفة الشمسية العاتية، اندفعت الجسيمات المشحونة عبر الغلاف الجوي العلوي للأرض عند خطوط العرض العليا، وتدفقت نحو الغطاء القطبي.
ومع ضعف العاصفة، بدأت طبقة البلازما تتجدد بالجسيمات التي تزودها طبقة الأيونوسفير، وعادةً ما تستغرق عملية إعادة التعبئة هذه يومًا أو يومين فقط، ولكن في هذه الحالة، امتدت عملية التعافي إلى أربعة أيام بسبب ظاهرة تُعرف بالعاصفة السلبية.
إعلانفي هذه العاصفة، تنخفض مستويات الجسيمات في طبقة الأيونوسفير انخفاضا حادا على مساحات واسعة عندما يُغير التسخين الشديد التركيب الكيميائي للغلاف الجوي، وهو ما يؤدي هذا إلى انخفاض أيونات الأكسجين التي تُساعد في تكوين جزيئات الهيدروجين اللازمة لاستعادة طبقة البلازماسفير، كما ان العواصف السلبية غير مرئية ولا يُمكن رصدها إلا باستخدام الأقمار الصناعية.
وفي ها الصدد قال شينبوري، في تصريحاته للجزيرة نت: "تتميز العاصفة السلبية باستنزاف كثافة الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير لفترة طويلة من خلال عملية الفقد المرتبطة بتفاعل كيميائي بين الجسيمات المشحونة والجسيمات المحايدة على ارتفاعات الأيونوسفير، وتسبب استنزاف كثافة الإلكترونات في طبقة الأيونوسفير في انخفاض إمداد طبقة البلازماسفير بالجسيمات المشحونة، مما أدى إلى بطء تعافي طبقة البلازماسفير.
طقس الفضاءتُقدم هذه النتائج فهما أوضح لكيفية تغير الغلاف البلازمي خلال عاصفة شمسية شديدة، وكيفية انتقال الطاقة عبر هذه المنطقة من الفضاء، حيث واجهت العديد من الأقمار الصناعية أعطالًا كهربائية أو توقفت عن إرسال البيانات خلال هذه العاصفة، وانخفضت دقة إشارات نظام تحديد المواقع العالمي، وانقطعت الاتصالات اللاسلكية.
وبحسب الدراسة، فإن معرفة المدة التي تستغرقها طبقة البلازما الأرضية للتعافي من هذه الاضطرابات أمرٌ أساسي للتنبؤ بطقس الفضاء في المستقبل، ولحماية التكنولوجيا التي تعتمد على ظروف مستقرة في الفضاء القريب من الأرض
ويقول شينبوري، في تصريحاته للجزيرة نت: "نظرا للتغيرات الحادة في طبقة الأيونوسفير خلال العاصفة الجيومغناطيسية الفائقة، تزداد أخطاء تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بشكل ملحوظ"
ويضيف: "لذلك، من المهم التنبؤ بمثل هذه الظواهر خلال العواصف الجيومغناطيسية الفائقة. علاوة على ذلك، فإن معدل حدوث العواصف الجيومغناطيسية الفائقة منخفض جدًا (نحو 4%)، مقارنةً بأحداث العواصف الأخرى. في المستقبل، ينبغي لنا مواصلة إجراء تحليل متكامل للبيانات من المراقبة الأرضية والفضائية أثناء العواصف الجيومغناطيسية الفائقة لفهم العملية الفيزيائية للحقول وبيئات البلازما في طبقة الأيونوسفير".