سودانايل:
2025-08-12@11:57:09 GMT

مشكلة السودان هي الأوناش

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

اتربص ما أزال بالليبرويساريين الذين يصعب عليهم العيش ويتنكد في الديمقراطيات التي أفنوا العمر لاستعادتها من براثن نظم للديكتاتورية في 1958، 1969، 1989. فمتى فازت القوى التقليدية أو المحافظة في انتخاباتها قنعوا من البرلمانية ظاهراً وباطناً وقضوا عليها بانقلاب، أو بطلوع الخلاء في أثر جيش خلاء.

وكنت أخذت عليهم تقززهم من البرلمانية في عمودي الراتب في جريدة الخرطوم في 1978-1988 حين بدا لي زهدهم في الديمقراطية الليبرالية وعزيمتهم على الخلاص منه بالهزء، وبالإضراب عن استثمار إمكاناتها لتنشئة ثقافة ديمقراطية لا يولد شعب بها بل يرعرعها بالممارسة. وأزعجني منهم سخريتهم من نائب عمالي عن مدينتي، عطبرة، وصفوه بالحصر والعي. وكان ذلك عندي اعتراض مؤسف على عامل أثناء أدائه لبروليتاريته مما لا أجد له عذراً ويسقمني. وكتبت كلمة في المعني واقترحت، من معرفتي بجوانب من في الديمقراطية في أمريكا، سبلاً لتمكين ممثلي الشعب من مثل عامل عطبرة من أن يلحن بالقول في البرلمان. فقد خشيت أن يتفق لهؤلاء الهازئة من البرجوازية الصغيرة أن النيابة لا تكون إلا لمن تدبج بشهادة جامعية بما يجعل البرلمان لمة أفندية تكنوقراطية.
إذا انتقلنا من حديث السياسية إلى السياسات سنجد أن كلمة الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك عن دار الوثائق القومية (بعد ثورة ديسمبر 2018) مثالاً طيباً لهذه النقلة. فلم ينشغل بتسيس إدارتها في ظل النظام المباد دون تمييز متانتها ك"ذاكرة للأمة" برغم ذلك. فلم يشغله عدوان الإنقاذ عليها دون عرضها تاريخها، ومأثرتها والرجال والنساء الذين اعتنقوها بالسهر والحمى. وترصّد آفاق ترقيها لا بعد زوال نظام أحسن إليها بوجوه وأساء إليها بوجوه كثيرة فحسب، بل لتلقى تحديات تكنلوجيا التوثيق المعاصرة، واستزادة الإيداع الحكومي والأهلي فيها، وتسليس خدمتها الوثائقية لدواوين الدولة.
ذكر أبوشوك قيام الدار القومية للوثائق، في صورة مكتب لمحفوظات السودان، بوزارة الداخلية في 1948. ثم صارت دار الوثائق المركزية في 1965 ودار الوثائق القومية في 1982. وانتقلت إلى دار مصادرة كانت للمرحوم الإمام عبد الرحمن المهدي على شارع الجمهورية ثم لمبانيها الجديدة حسنة الإعداد لمهنة التوثيق في نحو 2005. ولي ذكريات مع دارها الأولى والثانية. فاذكر أول معرفتي بها كانت حين شرعت في البحث العلمي بجامعة لخرطوم في 1966 وغشيتها في وزارة الداخلية لألتقي بالمسؤول عنها المرحوم محمد إبراهيم أبو سليم الذي صار مديرها حتى تقاعده في 1995. أما الدار الثانية على شارع السيد عبد الرحمن فكنا نغشاها ممثلين لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم على عهد حكومة عبود لاجتماعات الجبهة الوطنية التي رعاها طيب الذكر الإمام الصديق المهدي على قبره سحائب الرحمان.
كلمة أبو شوك وافية. فهو ابن بجدتها عمل في دار الوثائق حيناً ثم انتقل إلى الجامعات أستاذاً محسناً للتاريخ لأنه يكتب من فوق معرفة دقيقة بدروب الوثيقة فيها. ولا أزيد هنا على كلمته في سوى التوسع في ضروب الخدمات التي نرنوا لتقوم الدار بها للدولة بتوفير الوثائق متى احتاجت لدراسة شأن شاغل مثل لجنة تصفية الإدارة الأهلية في 1964، أو حتى ما زودت به مصر لتحقق لها تبعية طابا من براثن إسرائيل.
من رأيي أن تتوسع خدمات دار الوثائق لخدمة نواب البرلمان كما تخدم مكتبة الكونغرس مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين في تكوين رأيهم حول المشروعات المعروضة عليهم. ومعلوم أن هذا الغرض كان السبب في نشأة المكتبة الأمريكية أصلاً. ولهذا الاقتراح مني قصة عمرها فوق الثلاثين عاماً. فقد عدت من بعثتي للدكتوراه في أمريكا في 1987 مفتوناً بالمكتبة الأمريكية التي غشيتها مرات وبفكرتها. وزرت عطبرة ووجدتها تختنق بالسخرية من نائبها البرلماني علي محي الدين، أسطى الأوناش بالسكة حديد، تسلقه سلقاً لأنه لا يحسن التعبير عن نفسه والمدينة في مداولات البرلمان. وكانت النكتة عنه الأكثر سخرية (صدقت أو كذبت) أنه وقف مرة في البرلمان وقال إن مشكلة البلاد مشكلة أوناش. ووجدتهم من الجهة الأخرى يشيدون بالأداء البرلماني الفصيح لرفيقنا المرحوم محمد إبراهيم نقد اللسِن الحاذق.
وبالطبع أمغصني، كماركسي، هذا التعريض بعامل خلال أداء بروليتاريته. وكتبت كلمة في عمودي "ومع ذلك" بجريدة "الخرطوم" أدافع عن حق مثل على محي الدين (وهو اتحادي ديمقراطي بالمناسبة) في الوجود في البرلمان بغض النظر. وقلت إن نقد، على طول باعه السياسي، يتغذى بالمعارف، متى عُرض شأن ما على البرلمان، من مكاتب الحزب الاقتصادية والنسائية والشبابية والثقافية ليُلحن بحجته. وجاء هنا موضع عرضي لتجربة مكتبة الكونغرس في بذل المعارف حول الشؤون المعروضة أمام البرلمان حتى يدلي النائب دلوه في الأمر على بينة. وزدت، مفتتناً ما أزال بآليات المعرفة في صلب العملية الديمقراطية الأمريكية، باقتراح أن تكون للنائب البرلماني مكاتب في البرلمان وفي دائرته لخدمته في بحث المسائل المعروضة وتقليب الرأي معه حولها. وأذكر أن الدكتور على عبد القادر، الاقتصادي المميز، استحسن الفكرة وقال إنه لا يمانع أن يتطوع لمثل هذه الخدمة ولاء للسكة الحديد التي عمل بها والده.
وجئت لذلك الاقتراح من درب آخر أيضاً. فقد رأيت العزة بالشهادة الجامعية العليا في تزكية النواب للناس. وأكثر من اقترف هذه العزة الجبهة الإسلامية القومية فروجت لمرشحيها ببينة علو كعبهم في التعليم. وخشيت أن يتسرب للناس فهم مؤداه أن النيابة عن الشعب قاصرة على أهل الشهادة دون غيرهم من غمار الناس. واشمأزت نفسي، كعطبراوي ترعرع في الديمقراطية النقابية وقادتها اللسنين، من ترويج البرجوازية الصغيرة لنفسها كأهل الحل والعقد البرلماني لا شريك لهم.
ولما رأيت المزاباة الأخيرة بالشهادات في تكوين مجلس الوزراء الانتقالي عادني حديث "الأوناش". وقلت هل يريد حملة الشهادات، على وزن حملة السلاح، أن يكون الحكم فيهم إلى جنى الجنى؟ وهي شهادات قال شكري غالي، نقلاً عن منصور خالد، إنها ليست علماً محضاً لأنها في واقع الأمر شهادات ميلاد طبقية.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی البرلمان دار الوثائق

إقرأ أيضاً:

بعد مغادرتها.. تعديل اسم برنامج كلمة أخيرة مع لميس الحديدي

كتب- أحمد عبدالمنعم:

نشرت الصفحة الرسمية لبرنامج كلمة أخيرة مع لميس الحديدي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تنويهًا بتعديل اسم إلى "كلمة أخيرة".

وقالت الصفحة: "أعزائي المتابعين سيتم تغيير اسم الصفحة من كلمة أخيرة مع لميس الحديدي إلى كلمة أخيرة".

يُذكر أن مصادر أكدت لمصراوي، أن الإعلامي أحمد سالم سيتولى تقديم برنامج "كلمة أخيرة" على شاشة قناة ON، اعتبارًا من نهاية شهر أغسطس الجاري، خلفًا للإعلامية لميس الحديدي.

جاء ذلك بعد اتفاق الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ولميس الحديدي على عدم تجديد التعاقد، عقب خمسة أعوام من تقديمها البرنامج.

وكان أحمد سالم، قد أعلن مؤخرًا اعتذاره عن الاستمرار في منصب المتحدث الرسمي لنادي الزمالك، تمهيدًا لخوض تجربة إعلامية جديدة تستلزم التفرغ الكامل.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

كلمة أخيرة لميس الحديدي أحمد سالم

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة خلفًا للميس الحديدي.. أحمد سالم يقدم "كلمة أخيرة" على ON نهاية أغسطس أخبار ماذا ننتظر بعد تصديق الرئيس على الإيجار القديم؟.. لميس الحديدي تعلق أخبار تجربة إعلامية جديدة.. أحمد سالم يرحل عن قناة الشمس أخبار لميس الحديدي: "التيك توك" في مصر بقى عامل زي "التوك توك" أخبار

إعلان

أخبار

المزيد حوادث وقضايا جنايات الجيزة تعاقب "ديلر الهيريون" بالمؤبد شئون عربية و دولية ترامب يعلن وضع شرطة العاصمة واشنطن تحت السيطرة الفيدرالية شئون عربية و دولية ماكرون يدعو إلى نشر بعثة أممية في غزة لتحقيق الاستقرار وإنهاء الصراع أخبار مصر مدبولي يتوجه إلى الأردن للمشاركة في فعاليات الدورة الـ33 للجنة العليا المصرية شئون عربية و دولية فرنسا: الحل الوحيد وقف إطلاق النار بغزة والإفراج عن الأسرى

الثانوية العامة

المزيد مدارس رابط المناهج المطورة للصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي مدارس رابط المناهج المطورة للصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي مدارس مدير مدرسة أشروبة: الحوار والتعاون أساس تطوير التعليم وحفظ كرامة الجميع مدارس ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية للعام الدراسي 2025-2026 مدارس بعد فيديو المنيا.. هل من مهام "المحافظ" توبيخ معلم داخل مدرسته؟

إعلان

أخبار

بعد مغادرتها.. تعديل اسم برنامج كلمة أخيرة مع لميس الحديدي

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

مجدي الجلاد عن واقعة سايس نادي القضاة: يجب أن نتغلب على "أمراض السلطة" .. الناس اللي فيها مكفيها للإعلان كامل للإعلان كامل 41

القاهرة - مصر

41 29 الرطوبة: 25% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي: الحرب لا يمكن أن تحل مشكلة قطاع غزة
  • بعد مغادرتها.. تعديل اسم برنامج كلمة أخيرة مع لميس الحديدي
  • الفتنة.. كلمة لا يفهمها أحد
  • تدريس المشروعات القومية لطلاب 5 ابتدائي في منهج الدراسات الاجتماعية المطور
  • الزمالك كلمة السر.. أحمد حسن يكشف عن مفاجأة بشأن كوكا
  • التهاب بصيلات الشعر.. مشكلة جلدية شائعة لا يجب تجاهلها
  • من ماسبيرو إلى الصحافة القومية.. خطة شاملة لإحياء الدور الإعلامي
  • دعاء الصباح لك ولمن تحب .. 12 كلمة تفتح لك أبواب السماء والأرزاق
  • تين هاج: رونالدو لم يكن مشكلة في «أولد ترافورد»
  • أبرز المشروعات القومية المشارك بها القابضة للتشييد .. تعرف عليها