متى يعود النادي السياسي من رحلة التيه؟
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
للسودان رصيد سياسي ونضالي، ظل يتكئ على بذرة مشروع مقاومة، أسس له أسلاف وطنيين، لم تنجح سنوات الانحدار الطويل في تبديده، ولكنه تعرض لعقاب قاس في السنوات الأخيرة على يد أبنائه وآخرين.
من ثم فإن حرب ١٥/ابريل ستكون طريقاً مؤلماً معبداً بالدماء والتضحيات ليعود السودان من رحلة التيه الى ابنائه ومحبيه .
التاريخ ليس صدفة، وأحداثه ليست خبط عشواء، ولكنه بين منتصر و مهزوم، وبلا شك لم ينجو النادي السياسي القديم من اللحاق بركب المهزومين في حرب التغيير ، فقد سقطت شعارات ، وارتفعت اخرى، أفلت ايقونات وسطعت أخرى.
خلال عامين .. تغير وجه السودان ، فما بعد 2023 ليس كما قبلها على كل المستويات، التغيرات البنيوية الجارية في بلادنا بعد ١٥/أبريل تتوجب تفكيراً من خارج الصندوق، لا يركن إلى أنماط المقاربات السياسية القديمة، والمؤتمرات واللقاء السياسية التي تنعقد كلما أصاب المشهد ركود ، لقاءات فندقية، تنتهي بجفاف الحبر الذي دون على الورق اشواق لن تتحقق، وأمنيات لا تجاوزت المخيلة.
النادي السياسي القديم، والعقول التي تنشط عبره عاجزة عن الفهم الدقيق لما يجري أولاً، والتعامل معه بما يقتضيه الوضع ثانياً، وابتكار أدوات سياسية تستند على مشروع وطني جديد، يقدم إجابة شافية حول السؤال المحوري(أي سودان يراد له ان يكون؟) وكيف يمكن أن تنسج العلاقات بشكل طبيعي ومتوازن مع مختلف مكونات الشعب السوداني ، وما الآليات الحقيقية لبناء دولة حديثة قوية تكون على مسافة واحدة من جميع السودانيين بعيداً عن المحاصصتين القبلية والحزبية!.
المجتمعون بفندق “مارينا” بورتسودان رجال ونساء وطنيين، غارقون في الهم الوطني ، لا يستطيع كائن من كان أن يزايد على مواقفهم المبدئية الداعمة للوطن والقضية ، ولكنهم عاجزين، نضب معينهم، إعادة تدويرهم كل مرة غير مجدي .
المزاج العام تجاوز الأحزاب بوضعها الحالي، المستنفرين في معركة الكرامة ، والقوى الاجتماعية الصاعدة، هم قواعد المشروع الوطني الذي تمخض عن حرب ١٥/أبريل ، هؤلاء تجاوزوا شعارات النادي السياسي القديم ، ومضوا بوتيرة متسارعة في تنظيم صفوفهم ليصبحوا بديلاً سياسياً أنتجته التجربة القاسية في مستقبل السودان، هؤلاء هم من ستتحالف معهم السلطة الحالية بعد الحرب ، هؤلاء هم حاضنة النظام الذي يتشكل الآن في رحم التجربة .
على المجتمعين بفندق “مارينا ” بورتسودان أن يعلموا أن القوى الجديدة لن ترتكب خطيئة إضاعة الفرصة، التي طالما اضعتموها أنتم في حقب مختلفة ، من أجل استعادة شروط الحياة الطبيعية في ظل دولة ومؤسسات وبيئة سياسية نظيفة.
ستعمل القوى الجديدة على تضميد جروح السودانيين ضحايا فشل النادي السياسي القديم ، ستفتح شرفة استثنائية للعبور بالشعب السوداني على طريق التقدم والعدالة وبناء الجسور .
لقد تجاوزكم الواقع ..
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المقاومة لا تريد الحرب إلا إذا فُرضت!
نسمع هذه الأيام الكثير من الكلام والشعارات الجميلة عن سيادة لبنان وعن كون الحكومة اللبنانية هي من يعنيها قرار السلم والحرب، وعن كون نزع سلاح حزب الله هو ما سيطّور لبنان وينهض به إلخ و…..إلخ..
عندما أسمع أو أقرأ مثل هذه الشعارات أحس أن هؤلاء يريدون مصادرة التاريخ القريب والبعيد بل ويصادرون أحداثاً ووقائع عشتها وعايشتها ولازالت أساس الذاكرة لمن يريد الذكرى أو التذكير..
أين هؤلاء الذين يطرحون الآن وفجأة مسألة سيادة لبنان حين اجتاحته إسرائيل حتى وصلت بيروت، ولماذا لم يتحركون حينها لحماية ما يسمونها سيادة لبنان؟..
بعد ذلك أنشأت إسرائيل جيشاً لبنانياً عميلاً يحميها ويقاتل معها «جيش» لحد، فلماذا لم يتحرك هؤلاء لحماية سيادة لبنان، ولماذا لم يطالبوا بسيادة للبنان ونزع سلاح الجيش اللبناني العميل لإسرائيل كما يطالبون بمثل ذلك الآن من حزب الله..
الجيش والحكومة في لبنان ليسا من واجه الاحتياج الإسرائيلي للبنان وليسا من حررا الأراضي اللبنانية المحتلة وبالقوة وهي الحالة العربية الوحيدة..
الذين يطالبون اليوم بسرعة تجريد حزب الله من سلاحه كمقاومة لم يمارسوا ذات الموقف مع جيش عميل لإسرائيل يحميها ويقاتل معها وضد وطنه وشعبه فذلك يؤكد بديهية أن من يطالبون بتسلم سلاح حزب الله كانوا في ذلك الزمن وراء إنشاء وتكوين جيش إسرائيلي عميل، وفي كل ما يطرحونه عن سلاح حزب هو تجديد وامتداد للجيش العميل لإسرائيل، الفرق هو أن التوصيف وقتها كان يُطرح بفهم أنه جيش لبناني عميل لإسرائيل فيها أمريكا باتت تفرض جيشاً عربياً عميلاً لأمريكا وبالتلقائية عميلاً..
فالمقاومة اللبنانية فرضتها حاجية لبنان للسيادة وحاجية لبنان لتحرير أرضه ولولا نضال وتضحيات هذه المقاومة لما تحققت سيادة للبنان ولا تحررت أراضيه..
الطريقة التي طرحتها وتطرحها الحكومة اللبنانية هي تنفيذ لأمر أمريكي إسرائيلي فقط لأنها لو كانت معالجات لبنانية ومن أصل لبنان لأخذت بخيارات ومقاربات واقعية..
عندما تكلف الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني بالتنفيذ فذلك يمثل الأمر للجيش اللبناني لتنفيذ ما كان ينفذه الجيش العميل لإسرائيل، وبالتالي فكل الذي تغيّر هو شكل وسقف العمالة ربطاً بالتفعيل الأمريكي بالمنطقة لعقود متلازمة إسرائيلية أمريكية في التعامل مع المقاومة في قطاع غزة والمقاومة في لبنان لفرض استسلام، والأنظمة والجيوش العميلة تم ترويضها وتطويعها للقيام بالدور المفصلي والأهم لفرض هذا الاستسلام الذي يستحيل أن يُقبل أو أن يكون أياً كانت إمكاناته وقدراته وتسليحه وحتى تمویله العربي أو المعورب أمريكيا..
المسألة ليست شعارات سوقية تسويقية وليست حملات إعلامية مزايدة ومزيفة ومخادعة لأن القبول باستسلام أو فرض هذا الاستسلام بالقوة لايمثل الحد الأدنى من منطق العقل والواقعية..
لهؤلاء نقول قبول الاستسلام هو المستحيل، أما في فرض استسلام بالقوة فذلك يعني الاحتكام للميدان، وبالتالي فالأمر متروك للميدان والاحتكام للميدان يعني أن كل الحروب النفسية والإعلامية استهلكت واستنزفت والاستمرار فيها والإمعان في استمرائها بات يعبّر عن ضعف أو عن مخاوف وعدم ثقة لدى هؤلاء للوصول إلى الأهداف التي يطرحونها..
بقدر ما يستعجل هؤلاء استسلاما طوعياً أو فرض استسلام عاجل بالقوة فالمقاومة في ظل ما يحدث لا تنتظر غير الاحتكام للميدان وفق المثل المعروف والشهير «هذا الفرس وهذا الميدان»!!.