شهدت الدورة الـ26 من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة انطلاق أولى ندواتها تحت عنوان "السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة"، والتي أدارها الناقد الصحفي محمد شعير، بحضور نخبة من المتخصصين في مجالات السينما والتوثيق، إلى جانب عدد كبير من طلاب السينما والمثقفين.

افتتح محمد شعير الندوة بالتأكيد على أهمية السينما كأحد الوسائل الفعالة للحفاظ على الذاكرة التاريخية، موضحًا أن الأفلام التسجيلية توفر وثائق بصرية قيمة تعكس شكل المدن والشوارع والملابس في حقب زمنية مختلفة، خاصة في ظل اختفاء بعض المعالم والحدائق بمرور الوقت.

كما أشار إلى الدور الذي تلعبه الصور الفوتوغرافية والفن التشكيلي في توثيق التاريخ، مما يجعل السينما جزءًا مهمًا من عملية التوثيق البصري.

وكان من المقرر أن يشارك المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، في الحديث عن دور السينما في الحفاظ على الهوية البصرية للمدن، إلا أنه اعتذر عن عدم الحضور.

من جانبها، تحدثت الدكتورة هدى الصدة، أستاذة الأدب المقارن، عن دور مؤسسة المرأة والذاكرة، والتي تأسست عام 1995، في الحفاظ على التراث النسوي، حيث تمتلك المؤسسة مكتبة متخصصة في دراسات المرأة والتاريخ الشفوي.

وأوضحت أن المؤسسة بدأت في أواخر التسعينيات توثيق التاريخ الشفوي للنساء المصريات العاملات، من خلال تسجيل لقاءات نادرة تكشف تفاصيل حياتهن والتغيرات التي طرأت عليهن عبر الزمن.

كما أشارت إلى أن المؤسسة أطلقت مشروعًا لتوثيق السينمائيات المصريات، حيث تم جمع وثائق وأرشيفات تسلط الضوء على دور المرأة في صناعة السينما.

وخلال الندوة، تم عرض فيلم "مؤسسة المرأة والذاكرة"، من إخراج آية الله يوسف، التي عبرت عن سعادتها بالمشاركة في المشروع، مؤكدة أن كل مقابلة أجرتها في الفيلم كانت بمثابة "ماستر كلاس" تعلمت منها الكثير وأسهمت في تكوين صداقات جديدة.

أما الدكتورة مروة الصحن، مديرة مركز الأنشطة الفرنكوفونية بمكتبة الإسكندرية، فتحدثت عن تجربتها في توثيق التراث السينمائي، مشيرة إلى الصعوبات التي واجهتها، ومنها غياب قوائم مرجعية للأفلام المصرية وسوء حالة بعض الأرشيفات السينمائية، مما أدى إلى فقدان جزء كبير من التراث البصري.

وأوضحت أن الأرشيف السينمائي لا يقتصر فقط على الأفلام، بل يشمل السكريبتات، والصور، والأفيشات، التي تعد مكملة للوثائق البصرية.

وأشارت إلى أن دراستها حول "السينماتيك المصرية" في فرنسا تناولت مقارنة بين الأرشيف المصري ونظيره الفرنسي، حيث تمتلك فرنسا معامل ترميم متطورة تحافظ على الأفلام وتعيد تأهيلها للاستخدام.

شهدت الندوة تفاعلًا واسعًا من الحضور، خاصة مع مشاركة الناقدة ماجدة موريس ومجموعة من طلاب مكتبة الإسكندرية المهتمين بالسينما، مما أتاح مساحة كبيرة للنقاش حول سبل تطوير الأرشيف السينمائي المصري وتعزيز الوعي بأهمية التوثيق البصري للحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة.

تأتي هذه الندوة ضمن جهود مهرجان الإسماعيلية لتعزيز دور السينما التسجيلية كأداة للحفاظ على الذاكرة، وخلق جسور تواصل بين صناع الأفلام والمؤسسات المعنية بالتوثيق السينمائي، بهدف دعم المبادرات الرامية لحفظ التراث السينمائي في مصر والعالم العربي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاسماعيليه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري السينما التسجيلية الصور الفوتوغرافية

إقرأ أيضاً:

عدن .. ندوة الموروث واستعادة الذاكرة الثقافية 

عندما تدعوني رئيسة مركز الدراسات والبحوث في عدن، اترك كل التزاماتي واعمالي واذهب اليها مهما كان موضوع الدعوة، فإنني اشتم رائحة التاريخ والموروث والهوية و انا على بعد امتار من قصر السلطان العبدلي، وهو ما تبقى من الذاكرة الثقافية والموروث الحضاري لمدينة عدن، بعد ان دمُرت مكتبة اذاعة وتلفزيون عدن، ودمُر معها الارث الغنائي والفلكلور العدني، واصبح الموروث الموسيقي والغنائي ورقصات الفلكلور منهوب تتداوله دول الجوار على انه موروثها، دون الذكر بالبذرة الاولى التي نبت فيها وهي عدن وحضرموت وما بينهما، بعد أن اصبحت المتاحف خالية من القطع الاثرية والمخطوطات التي تحكي للأجيال حضارة اسلافنا، بعد أن اصبحت المكتبة الوطنية مهملة، ومحتوياتها مرمية غزتها الحشرات التي تتغذى على اوراق تحتوي لكم هائل من المعلومات والمعرفة التي تغذي العقول وتشذب النفوس وترتقي بالإنسان ليرتقي بالمجتمع، وترتقي الامة.

ما يربطنا بالجذور التاريخية والهوية هي تلك القلاع ومنها قلعة صيرة واحجارها المتداعية، والمدافع التي كانت تحمي المدينة قد تدحرجت لتغوص في مياه البحر، مع شكرنا وتقديرنا لمحاولات البعض انتشالها وترميمها، فلا ننسى صهاريج عدن المعلم التاريخ العظيم بعظمة العقول التي بنته منذ الالف السنين، ولم يعد يبقى من الذاكرة الثقافية غير مخطوطات ومحتويات المركز، تشعر بالفخر وانت تعتلي السلم التاريخي للمركز، وتتمعن بالبناء الشامخ على تل حي الرزمت الخليج الامامي المطل على شاطئ صيرة، فتطل من نوافذه لتستطلع القلعة وجبل معاشق وتتذكر الغزاة وهم يجتازون الشاطئ بعد ملاحم بطولية مع ابناء عدن الذي هزمتهم فارق التسليح والمكر السياسي.

هذه عدن المتجذرة في التاريخ والراسخة بهويتها، قاومت كل الغزاة والطامعين واستبسل ابنائها دفاعا عنها، تقاوم الحفاظ على ذاكرتها الثقافية والتاريخية، التي تعرضت للمحو، وسعى اعدائها محو أي ارتباط بالجذور التاريخية والهوية، مما احدث هشاشة يمكن من خلالها احداث تغييرات ديمغرافية وثقافية للسيطرة عليها، واخضاعها لخدمات المستعمر القديم الجديد.

كانت دعوة لندوة حماية الموروث الثقافي والتاريخي الاصيل الذي يعود الاف السنين، وهو ثمرت كفاح القدماء، وعصارة عقول الاجيال وما زال المركز يتلقى البحوث والدراسات والصحف والمجلات، مع ما يعيشه من وضع سيء بسوء الوطن والدولة، والميزانية الحقيرة التي لا تذكر لحقارتها، حضر الندوة كوكبة من ابناء عدن الخيرين بكل اطيافهم واعراقهم، تنوع امتازت به عدن عن غيرها وتعدد ارتقت به لمصاف الدول المحترمة، مثل الحضور هذا الرقي بتعدده وتنوعه، وهم يرفعون صوتهم للدفاع عن ذاكرتهم الثقافية وموروثه التاريخي، و يجتهدون في سبل الدفاع عن هذه الذاكرة وذلك الموروث، طب علينا محافظ عدن، واشتد النقاش حدة وحماس الحاضرون، و وعد ونتمنى ان يكون عند وعده، وحفز الحاضرين بتشكيل لجنة واعداد استراتيجية تطوير وتحسين، وننتظر تفعيل ما تفق عليه والايفاء بما وعد، وهو بداية لتستعيد عدن مكانتها كمحمية تاريخية قديمة بقدم معالمها وارثها، وتصحح كل الهشاشة المصطنعة اليوم في مجتمعها، والتفسخ المتعمد الناتج عن صراع عبثي استمر عشرات السنين ، ومشاريع كانت عدن قد رفضتها واليوم يراد لها ان تعود، ما يطفو اليوم على المشهد في عدن، هي نتائج طبيعية لتدمير الذاكرة الثقافية والهوية، بسبب تراكمات الصراع البيني، والتدخل الخارجي، والمستعمر الذي مرغت عدن انفه وخرج صاغرا، يعتقد انه سيعود من خلال هذه الهشاشة.

لكي نستعيد عدن علينا ان نستعيد ذاكراتها الثقافية ومورثها التاريخي، ونعود لفكر لقمان وباذيب، لننقب عن مشروع عدن الوطني، ومن لا يعلم عن مشروع عدن الوطني عليه ان يعود لينقب في الذاكرة، سيعرف ان عدن تصدت لكل المشاريع الاستعمارية والمؤامرات الخبيثة لتطويعها لخدمة اعداء الامة.

شكرا لكل من اعد ورتب ونظم الندوة وكل من شارك وتحدث واهتم بعدن المدينة والمدنية.

احمد ناصر حميدان

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. حسن حسني "جوكر السينما المصرية" الذي صنع البهجة ورحل في صمت
  • عدن .. ندوة الموروث واستعادة الذاكرة الثقافية 
  • مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير يواصل فعالياته بعرض مجموعة من أفلام
  • المخرج موني محمود: إقبال جماهيري لافت على عرض أفلام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بالقاهرة
  • «أسرة مستقرة = مجتمع آمن».. ندوة توعوية بجامعة سوهاج لتعزيز تماسك الأسرة المصرية
  • إقبال جماهيري على حضور عرض أفلام من مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير بالقاهرة
  • صحيفة فرنسية تفضح “إسرائيل”: الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية في ظل غموض تام وتجاهل للقانون الدولي
  • الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية يشارك في المنتدى الدولي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأنجولا
  • نرمين جودة مديرًا لمشاهدة وعروض مسابقة أفلام الأطفال بمهرجان الإسكندرية السينمائي
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد يحيى مخرج الكلاسيكيات الخالدة وصانع علامات السينما المصرية