موقع 24:
2025-10-13@18:58:34 GMT

من بلفور إلى وعد ترامب

تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT

من بلفور إلى وعد ترامب

ذاقت الأمتان العربية والإسلامية الأمرين، ولا تزالان، جراء "وعد بلفور" المشئوم الذى قدمه المحتل البريطاني لليهود عام 1917 لإقامة كيانهم المسموم، إلى أن جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليعيد الكرة بتقديمه وعداً مشابهاً في 2025، حتى يخلص إسرائيل، التي استباحت وسفكت دماء الفلسطينيين لعقود، من صداع الأزمة الفلسطينية، بإعلانه ليس فقط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة وتفريغه، بعد أكثر من عام من المجازر والمذابح الإسرائيلية، بل والاستيلاء عليه ليحوله إلى "ريفييرا" سيقيمها الأمريكيون بأرجائه، دون أن يحدد لنا بالضبط مَن الذي سيقطنها، وبكل تأكيد لن يكونوا أبناءها من الفلسطينيين.



فترامب، الذي لم يمض على عودته مظفراً إلى البيت الأبيض سوى أسبوعين، لم يخجل منِ طرح عرضه وخطته لاحتلال غزة، وكأنها بلا صاحب ومشاع للقاصي والداني، وإخراج أهلها منها مؤقتاً، حسب قوله، دون أن يعبأ بالنظر إلى ردود الفعل العربية والعالمية الغاضبة من مخططه، المرادف حرفياً للفوضى وإشاعة الاضطرابات في جنبات الإقليم والعالم، فهو لا يرى إلا ما يروق له، معتقداً أنه على الكل تنفيذ رغباته، دون نقاش أو اعتراض على ما ستجلبه من مخاطر ونكبات.
ودعك من النرجسية الطاغية والمتفجرة في تصرفات وأداء وتصريحات ترامب، واستخفافه واستهزائه الواضح بأبسط قواعد ومقتضيات العلاقات الدولية والدبلوماسية، ومعها نصوص القوانين والمواثيق الدولية، وركز فقط في تشجيع رئيس القوة العظمى الأولى في عالمنا على التعدي على سيادة الآخرين دون ضابط ولا رابط، وكأننا في غابة يستأسد فيها الأقوى على الأضعف، ومعاقبة المجني عليه بقسوة -الفلسطينيين- وحرمانه حتى من حقه الأصيل في التمسك بأرضه، والشكوى مما يتعرض له من ظلم بَيّن، ومكافأة الجاني -إسرائيل- وصنع مزيد من بؤر التوتر والاحتقان، ستقود حتماً لموجات من العنف، قد تطال الداخل الأمريكي نفسه.
وأشك أن ترامب درس خطته، الفوضوية تلك، مع دوائر صنع القرار بالولايات المتحدة، فهذه قاعدة راسخة وأساسية في النظم الديمقراطية، التي تبشر بها وتدعو إليها الولايات المتحدة دول العالم لكي تحذو حذوها وتطبقها، لكنه اكتفى بدائرته المقربة التي زينتها له، على أنها فكرة عبقرية لم يسبقه إليها أحد من العالمين، وكفيلة بإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي دفعة واحدة، وإغلاق ملفه، وما هو المانع في استقبال دول أخرى أكثر من مليون فلسطيني على أراضيها، لكي تنعم تل أبيب براحة البال وطيب الخاطر ولا تقلق مستقبلاً.
أهذه وصفة للسلام والاستقرار، أم سبيل مضمون لإشعال النيران المستعرة، التي ستلتهم ما يصادفها، مثلما أتت حرائق كاليفورنيا على منتجعات وقصور علية القوم من الفنانين والشخصيات العامة في غمضة عين، دون أن يستطيع أن يوقفها كائن من كان؟ 
ولماذا لا يتدبر ترامب الأمر وينظر للحقائق المجردة من حوله، ويدرك أن المعضلة ومفتاح الحل يكمن في إزالة الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الفلسطينيين من تأسيس دولتهم، وفقاً للقرارات والمعاهدات المبرمة بهذا الخصوص، وكانت أمريكا طرفاً رئيساً مشاركاً في الإعداد والتخطيط لها وصياغتها، فهو يتغافل عن عمد عن تلك الحقيقة الناصعة والواضحة وضوح الشمس، ولا يلزمها إثباتات ودلائل شارحة، ولم لا يفرمل إسرائيل قليلاً عن اندفاعها صوب الدمار والتخريب والقتل، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد شعب أعزل، كل جريمته أنه يدافع عن وطنه وحقه المشروع في الحياة الآمنة واحترام آدميته؟ 
إن وعدي "بلفور" و"ترامب" ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، ومقدماً على الرئيس الأمريكي أن يدرك استحالة تنفيذه بالكيفية والتصور الذي عرضه، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو في واشنطن قبل يومين، الواجب محاسبته كمجرم حرب، وعليه أن يعي ويستوعب أن إستراتيجية مستشاره السابق ستيف بانون، وملخصها إطلاق النار بأسرع معدل، بحيث لا تعطي لأحد فرصة لالتقاط الأنفاس، لن تؤتي أُكلها، وستكون وبالاً عليه قبل غيره.
ولعل أبلغ رد على "وعد ترامب" ورد على لسان طفلة غزاوية اسمها "ماريا حنون"، لا يتجاوز عمرها السنوات الست، حينما تساءلت ببلاغة وفصاحة تفوق عمرها الصغير بكثير، موجهة كلامها للرئيس الأمريكي قائلة بعفوية وذكاء: "إذا قلت لك اخرج من بيتك، هل ستخرج؟! إذا كنت ترفض مغادرة منزلك، فلماذا تطلب مني أن أترك بيتي ووطني؟!".
ياسيد ترامب إن "لا" تعني "لا" وليس "نعم".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة

قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه بالتزامن مع مباحثات الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، تجري نقاشات أخرى مكثفة خلف الكواليس بشأن المرحلة التالية من خطة ترامب، وتحديدا تلك المتعلقة بإنشاء قوة أمنية إقليمية ودولية ستدخل القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.


وقالت الصحفية آنا بارسكي، في تقرير لها نشرته الصحيفة، إن هذا الملف يعد أحد أكثر المكونات حساسية وتعقيدًا في الخطة الشاملة لإعادة إعمار غزة، ومن المتوقع أن يكون محور المناقشات في قمة شرم الشيخ المنعقدة في مصر ، حيث أن الهدف من هذه القوة، هو منع حماس من العودة إلى السلطة، وتمكين الاستقرار الأمني في المنطقة، وتهيئة الأرضية لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بعد فترة انتقالية تشرف عليها هيئة دولية.

وأضافت بارسكي، في المناقشات التي جرت خلال الأيام الأخيرة، تتضح إحدى أهم نقاط الخلاف وهي: هوية الدول التي ستشارك في القوة العربية والدولية في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات، أعربت إسرائيل عن استعدادها لضم دول خليجية وصفتها بالمعتدلة - بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين - رغم أنها لا تمتلك قوة عسكرية كبيرة لنشرها على الأرض، إضافة لمصر والأردن، حيث يُفترض أن تقودا العملية وتجندا قوة شرطة فلسطينية محلية.

من وجهة نظر إسرائيل، فإن مجرد وجود هذه الدول في غزة قد يضفي شرعية إقليمية على هذه الخطوة، ويقول مصدر إسرائيلي مطلع على هذه المناقشات: "ستكون مساهمتهم سياسية واقتصادية بالأساس، لكن وجودهم قادر على تحقيق الاستقرار".

في المقابل والكلام للصحفية آنا بارسكي، أعلنت حكومة نتنياهو، معارضتها القاطعة لمشاركة تركيا في القوة، وتنبع هذه المعارضة من مواقف أنقرة المتشددة تجاه إسرائيل، ودعمها العلني لحماس، والروابط الأيديولوجية الوثيقة بين إدارة أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين، يقول مصدر إسرائيلي: "لا يمكن لتركيا أن تكون جزءًا من كيان يهدف إلى نزع سلاح حماس، فالوجود التركي سيقوض العملية برمتها"، كما أن مصر لديها تحفظات على الفكرة، خوفًا من محاولة تركية لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة تعتبرها القاهرة جزءًا من مسؤوليتها الأمنية المباشرة.

وتضيف، لا تزال الأسئلة الأكثر صعوبة مطروحة، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس بالكامل كشرط للانسحاب الكامل، بينما تطالب حماس بوعد صريح بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة حتى قبل بدء هذه العملية، في هذه المرحلة، ما يبدو ظاهريًا مجرد مخطط أمني إداري تقني، هو في الواقع صراعٌ على إعادة تعريف المنطقة بأسرها، حيث تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة في المفاوضات حول استمرار تنفيذ خطة ترامب، فيما تسعى حماس إلى البقاء سياسيًا، ولكن بالأساس عسكريًا وأيديولوجيًا، وتحاول الولايات المتحدة والدول العربية بناء جسرٍ مستقر بين مطالب الأطراف والواقع الذي يتبلور أمام أعيننا.


لا يعتمد نجاح المبادرة على تشكيل القوة وهوية المشاركين فيها فحسب، بل يعتمد أيضًا على قدرة كل طرف، وخاصة إسرائيل، على الاعتقاد بأن من يدخل غزة هذه المرة سيكون قادرًا على البقاء فيها أيضًا، مشيرة إلى أن قمة شرم الشيخ قد تحدد طبيعة غزة في السنوات القادمة فيما إذا ستصبح منطقةً مُدارةً ومُشرفةً دوليًا، أم أنها ستعود إلى نقطة البداية.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب الأمريكي يشيد باتفاق إسرائيل وحماس.. ويصفه بـالإنجاز التاريخي
  • ترامب: لا أعتقد أنني سأدخل الجنة.. نائبة بالكنيست الإسرائيلي: الرئيس الأمريكي يبيع شعبنا الوهم!
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • هاشم: الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها وصلت
  • عاجل.. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصل إلى الكنيست الإسرائيلي
  • الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصل إلى إسرائيل
  • عاجل.. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصل إلى إسرائيل
  • بعد قليل.. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصل إلى إسرائيل
  • أخبار التوك شو| أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها.. والاحتلال يجمع الأسرى الفلسطينيين في سجني عوفر والنقب
  • من بلفور إلى غزة... نهج بريطانيا تجاه فلسطين