أثار قرار الإدارة الأميركية الجديدة بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) موجة من ردود الفعل المتباينة، إذ رحبت موسكو ومسؤولون بيلاروسيون بهذه الخطوة، في حين أعربت منظمات حقوقية عن مخاوفها من تداعيات القرار، لا سيما في الدول التي تعتمد بشكل كبير على تمويل الوكالة.

اعلان

وأوضحت الإدارة الأميركية أن تفكيك الوكالة، التي تقدم مساعدات إنسانية بمليارات الدولارات حول العالم، يأتي في إطار مشروع أوسع يستهدف تقليص البيروقراطية الحكومية.

وضمن هذا السياق، أعلنت واشنطن عن خطط لخفض عدد موظفي الوكالة من 10,000 إلى نحو 290 موظفاً فقط، ما يعني إنهاء معظم عملياتها وتقليص ما تبقى منها إلى الحد الأدنى. 

وجاء الترحيب الروسي بهذه الخطوة سريعاً، إذ وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الوكالة بأنها "أداة لتغيير الأنظمة والتأثير على النظم السياسية وهياكل الدول"، معتبرةً أن إغلاقها يعكس تحولاً مهماً في السياسة الأميركية. كما انضم نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، إلى قائمة المرحّبين، مشيداً بالقرار وواصفاً إياه بـ"الخطوة الذكية". 

من جهته، اعتبر رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، الذي فاز بولاية جديدة في انتخابات وصفت بالمزورة، أن قرار تفكيك الوكالة جاء استجابة لدعواته إلى "إعادة ضبط" العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة. 

تداعيات واسعة على منظمات المجتمع المدني

في المقابل، أثار القرار قلقاً واسعاً في أوساط منظمات المجتمع المدني، التي تعتمد على تمويل الوكالة لمواصلة أنشطتها، خصوصاً في روسيا وبيلاروس ودول أخرى حيث تتزايد القيود المفروضة على الحريات. 

في روسيا، أكدت منظمة OVD-Info، التي تُعنى بتتبع الاعتقالات السياسية وتقديم المساعدة القانونية للمحتجزين، أن تفكيك الوكالة لن يؤثر عليها بشكل مباشر، لكنه سيضعف الدعم الذي تتلقاه المجموعات الأخرى التي تعمل معها، ما قد يعرّض مستقبل عملها للخطر. 

أما منظمة "كوفتشيج"، التي تقدم المأوى والدعم القانوني والنفسي للروس الفارين إلى الخارج، فقد خسرت بالفعل 30% من ميزانيتها نتيجة وقف التمويل. وقالت مؤسستها، أناستازيا بوراكوفا، إن القرار "يضع المنظمة أمام تحدٍ صعب في البحث عن مصادر تمويل بديلة"، مشيرةً إلى أن الحصول على تمويل من جهات روسية أصبح أكثر صعوبة بسبب القيود الحكومية. 

متظاهرون يحتجون ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفه إيلون ماسك، لاتهامهما بتعطيل عمل الحكومة الفيدرالية، بما في ذلك تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، يوم الأربعاء فبJ. Scott Applewhite/ AP

وتواجه المنظمات الحقوقية في روسيا تضييقاً متزايداً، إذ تصنّف السلطات العديد منها على أنها "عملاء أجانب"، وهو تصنيف يُضعف قدرتها على جذب التمويل ويعرّضها لقيود قانونية مشددة. 

الأمر ذاته ينطبق على بيلاروس، حيث حذرت جماعات حقوقية في هذا البلد من أن القرار سيؤدي إلى تخفيضات كبيرة في التمويل، ما قد يهدد بقاء العديد من المنظمات الناشطة في دعم السجناء السياسيين. ووفقاً لوكالة أسوشييتد برس، فإن ما بين 60 و80 منظمة مرتبطة بزعماء المعارضة تواجه خطر تسريح جماعي لموظفيها أو تقليص برامجها أو حتى الإغلاق التام. 

وقالت منظمة "فياسنا"، إحدى أبرز المنظمات الحقوقية في بيلاروس، والتي أسسها الناشط المسجون أليس بيالياتسكي، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2022، إن القرار "سيؤثر بشكل كبير" على أنشطتها. 

وفي قطاع الإعلام، فقدت ست وسائل إعلامية بيلاروسية مستقلة تمويلها بالكامل، مما أجبرها على الإغلاق، وفقاً لرابطة الصحفيين البيلاروسيين. 

Relatedبنما تُحرج الولايات المتحدة الأمريكية وتنفي ما أوردته خارجيتها: "لا لم نعفيكم من دفع الجمارك"الولايات المتحدة قد تكشف عن خطة ترامب للسلام في أوكرانيا الأسبوع المقبلترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية ويتهمها باستهداف إسرائيل والولايات المتحدةتداعيات تمتد إلى مولدوفا وأوروبا الشرقية

لم تقتصر تأثيرات إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على روسيا وبيلاروس، بل طالت دولا أخرى مثل مولدوفا، حيث تعتمد جمعية "برومو-ليكس"، وهي منظمة غير حكومية تراقب الانتخابات، على تمويل الوكالة بنسبة تتراوح بين 75% و80% من ميزانيتها. 

وقال إيون مانولي، المدير التنفيذي للجمعية، إن فقدان هذا التمويل قد يعوق قدرتها على مواصلة مراقبة الانتخابات وكشف المخالفات السياسية، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى "تقليص الشفافية وزيادة مخاطر الفساد السياسي". 

وأضاف مانولي أن الدعم الذي تقدمه منظمته أصبح أكثر أهمية في ظل تزايد التقارير عن التدخل الروسي في الانتخابات في مولدوفا، بما في ذلك مزاعم عن تمويل غير مشروع لحملات انتخابية وشراء أصوات على نطاق واسع. 

بين الدعم الأوروبي والانتقادات الدولية

لم يقتصر الترحيب بإغلاق الوكالة على موسكو ومينسك، بل انضم الرئيس المجري فيكتور أوربان إلى قائمة الداعمين، معلناً أن حكومته ستتخذ إجراءات مماثلة ضد المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلاً أمريكياً أو دولياً. 

وقال أوربان، المعروف بمواقفه المناهضة للمنظمات الحقوقية المستقلة، إن عمل الوكالة "استُخدم لتمويل منظمات تهدف إلى زعزعة الاستقرار السياسي"، مؤكداً أن الوقت قد حان "للقضاء على هذه الشبكات الدولية وجعل وجودها مستحيلاً من الناحية القانونية". 

اعلان

في المقابل، يرى معارضو القرار أن إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يمثل ضربة قاسية للجهود الحقوقية والإعلامية المستقلة في العديد من المناطق التي تعاني من القمع السياسي، خصوصاً في روسيا وبيلاروس ومولدوفا. 

وحذر مراقبون من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تضييق المساحة المتاحة للعمل الحقوقي والديمقراطي في تلك الدول، ما قد يطلق يد الحكومات الاستبدادية لقمع المعارضة دون أي رقابة دولية فعالة.

المصادر الإضافية • AP

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "منظمة إرهابية" تدار من "مجانين متطرفين" الوكالة الأمريكية للتنمية: غزة تحتاج إلى 600 شاحنة مساعدات يومياً رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "لا ينبغي إطلاق النار على مدنيين يحاولون إطعام أسرهم" دونالد ترامبروسيابيلاروسالولايات المتحدة الأمريكيةمجتمع مدنيحقوق الإنساناعلاناخترنا لكيعرض الآنNext نائبة ستيف ويتكوف من بيروت: "لقد ولى عهد إرهاب حزب الله وممتنون لإسرائيل لأنها هزمته" يعرض الآنNext "يجب أن نروي القصة للعالم".. مسؤول أممي يزور مخيم جباليا ويشهد على حجم الدمار في غزة يعرض الآنNext نوتيلا تحتفل بعيدها الستّين: رحلة عبر تاريخ العلامة التجارية الشهيرة يعرض الآنNext حرب السودان: 12 مليون نازح وبنيةٌ صحية منهارة واستهدافٌ ممنهج للمستشفيات والأطباء يعرض الآنNext ما الذي كشفه غالانت عن خطة هجوم البيجر وتداعيات الحرب في غزة؟ اعلانالاكثر قراءة جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث فرنسا تسلّم أوكرانيا أولى طائراتها المقاتلة من طراز ميراج 2000 لبنان: تعثّر تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع من تكليف نواف سلام.. والقاضي يشتكي من "الحسابات الضيقة" بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة مسابقة "بوم بوم" لاختيار أجمل مؤخرة امرأة بالبرازيل اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبأزمة إنسانيةقطاع غزةإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهوأبحاث طبيةجمهورية السودانضحاياطوفان الأقصىالصحةالأمم المتحدةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب أزمة إنسانية قطاع غزة إسرائيل بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب أزمة إنسانية قطاع غزة إسرائيل بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب روسيا بيلاروس الولايات المتحدة الأمريكية مجتمع مدني حقوق الإنسان دونالد ترامب أزمة إنسانية قطاع غزة إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بنيامين نتنياهو أبحاث طبية جمهورية السودان ضحايا طوفان الأقصى الصحة الأمم المتحدة الوکالة الأمیرکیة للتنمیة الدولیة الوکالة الأمریکیة للتنمیة روسیا وبیلاروس تفکیک الوکالة یعرض الآنNext على تمویل فی روسیا

إقرأ أيضاً:

الحجب علي الأبواب.. النواب يلوّح بإغلاق تيك توك في مصر

تتجه أنظار الشارع المصري نحو مجلس النواب لمعرفة الموقف النهائي من بقاء أو إغلاق المنصة الأشهر بين الشباب تيك توك، بعد رصد مخالفات واتهامات تتراوح بين التحريض على الفسق والفجور، وغسيل الأموال، وبث محتوى يهدد القيم والأعراف المجتمعية في الوقت الذي تتوالى فيه الحملات الأمنية ضد صانعي المحتوى المثير للجدل على التطبيق.

النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أكد أن هذه الإجراءات تأتي في إطار تطبيق قانون مواجهة الجرائم الإلكترونية، الذي يتضمن مواد واضحة لمكافحة التجاوزات على مواقع التواصل الاجتماعي.

الإفراط في استخدام تيك توك.. 4 مخاطر نفسية وجسدية تهدد المستخدمينفيديوهات خادشة.. نعمة أم إبراهيم تواجه الحبس والسبب تيك توكتيك توك.. بين الترفيه والتهديد الثقافي في مصر| فيديوتيك توك في مرمى الانتقادات بمصر| هل آن الأوان لحجبه؟.. خبير تكنولوجيا يجيب

وأوضح بدوي في تصريحات صحفية له، أن أغلب المخالفات المرصودة على تيك توك تتضمن فيديوهات منافية للآداب، مؤكداً أن القانون يعاقب على أي تجاوز لفظي أو سلوكي على المنصات الرقمية، وأن التطبيق شهد العديد من هذه الانتهاكات مؤخراً.

وفيما يتعلق بإمكانية حجب التطبيق، كشف رئيس اللجنة أن الأمر "متاح قانوناً"، مشيراً إلى أن البرلمان استدعى منذ شهور المدير الإقليمي لتيك توك بحضور ممثلين عن الحكومة، وطالب بتحسين المحتوى وضبط التجاوزات، مع منحه مهلة 3 أشهر للتصحيح، بحضور رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

وشدد بدوي على أن الدولة تشجع الاستثمار في قطاع التكنولوجيا، لكنها لن تتهاون في مواجهة أي محتوى يتعارض مع قيم المجتمع أو يضر بالمصلحة العامة، مؤكداً أن الحجب وارد إذا استمرت المخالفات، خاصة وأن دولاً أخرى اتخذت قرارات مماثلة.


كانت الأجهزة الأمنية قد شنت خلال الشهور الماضية حملات مكثفة استهدفت عدداً كبيراً من مشاهير "تيك توك" والـ"بلوجر"، بعد اتهامهم بنشر محتوى مخالف للقانون وللآداب العامة، وترويج أفكار وسلوكيات تحرض على الفسق والفجور، فضلاً عن الاشتباه في تورط بعضهم في قضايا غسيل أموال واستغلال وسائل التواصل لتحقيق أرباح بطرق غير مشروعة

طباعة شارك تيك توك الشارع المصري مجلس النواب شباب تيك توك غسيل الأموال الفسق والفجور التحريض على الفسق والفجور

مقالات مشابهة

  • منظمة العفو الدولية تدين قتل “إسرائيل” المتعمد للصحفيين في غزة
  • لا تتضمن برنامج تفتيش... عراقجي يعلق على زيارة نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران
  • جامعة صحار تُطلق الرحلة الدولية الثالثة للطلبة المجيدين إلى روسيا
  • الحجب علي الأبواب.. النواب يلوّح بإغلاق تيك توك في مصر
  • منظمة دارفور للتنمية والموارد البشرية تقدم معينات إيواء لـ600 أسرة نازحة
  • الشركة المتحدة للتنمية تفوز بجائزتين ضمن جوائز السلامة الدولية لعام 2025
  • رغم اعتراض أمريكا.. مؤسسة التمويل الدولية تُقر تمويل مشروع البولي سيليكون في عُمان
  • رغم اعتراض أمريكا.. مؤسسة التمويل الدولية تقر تمويل مشروع البولي سيليكون بالسلطنة
  • تراجع الواردات الأمريكية أكثر من المتوقع في يونيو وسط مخاوف الرسوم
  • مدير إدارة الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية: المعيار الحقيقي للوحدة هو الأفعال التي تتجسد على أرض الواقع