نحو فك إرتباط سلمي مع مشروع القاعدة الروسية علي بحرنا
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
نحو فك إرتباط سلمي مع مشروع القاعدة الروسية علي بحرنا:
حسب صحيفة الفاينانشيال تايمز “قال وزير الخارجية السوداني علي الشريف خلال زيارة لموسكو ردا على سؤال حول تقدم المحادثات في القاعدة: “اتفقنا، اتفقنا، توصلنا إلى اتفاق على كل شيء”.”
إن قرار السماح لروسيا ببناء قاعدة بحرية في بحرنا الأحمر، المنسوب إلى السيد وزير الخارجية، هو قرار ضخم وخطير للغاية ولا ينبغي اتخاذه بسهولة على الإطلاق.
من الطبيعي أن تدخل الدول في تحالفات من مختلف الأنواع، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. ولكن مثل هذا القرار الحيوي والحاسم لا ينبغي أن يتخذ إلا بعد دراسة متأنية وتقييم كافة الجوانب والعواقب وموازنة الإيجابيات المتوقعة مع المخاطر والسلبيات.
روسيا ليست مجرد دولة عادية، بل هي قوة عظمى تخوض حرباً كبرى، ليس فقط ضد أوكرانيا، بل في المقام الأول ضد حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة وأوروبا. ولذلك فإن وجود قاعدة روسية في بحرنا من المرجح أن يثير غضب الغرب القوي. هل يحتاج السودان إلى المزيد من عداء الغرب وتصعيد عداوته؟ أنا لا أعتقد ذلك.
آخذين في الإعتبار رد الفعل المحتمل من جانب الغرب، فإن منح روسيا قاعدة هو قرار لا يصح اتخاذه بمعزل عن إجراءات وتحولات سياسية جوهرية أخرى. ولا يمكن أن يكون مثل هذا القرار متماسكا ومدروسا إلا إذا جاء مصحوبا بإعادة توجيه حاسمة للسياسة الخارجية تجاه روسيا والصين والتخلي عن الغرب بشكل كامل والإستعداد لمضاعفة كيده.
سيكون من قبيل الوهم الرغبوي أن تمنح روسيا قاعدة ونسعى للحصول على الدعم السياسي والدبلوماسي من الغرب أو حتي تجنب شروره. ولن يكتفي الغرب بمنع الدعم، بل سيزيد من درجة العداء بنفس الوتائر التي عادي بها من منح روسيا قواعد علي المياه الدافئة في سوريا وليبيا. إنتهي العداء بسقوط نظامي الأسد والقذافي ودمار البلدين. وفي كتاب براغماتية الغرب لو صعب إسقاط نظام مغضوب عليه بجماعات تدعي الليبرالية، فيمكن إسقاطه علي يد الدواعش كما حدث في سوريا. المافي شنو؟
أعتقد أن قرار منح روسيا قاعدة هو مغامرة خطيرة ستضع السودان في مرمى نيران عمالقة عسكريين واقتصاديين. هذا البلد لايتحتاج إلى هذا القرار ولا يملك مواجهة فواتيره الثقيلة. أضف إلى ذلك أن اتخاذ قرار بهذا الحجم يجب أن تتجنبه حكومة أمر واقع، محدودة المشروعية، تعاني من مشاكل تفوق طاقتها.
إن السياسة الخارجية المثالية ينبغي أن تسعى إلى زيادة التعاون السياسي والاقتصادي مع جميع البلدان، وخاصة روسيا والغرب والصين ومجموعة البريكس والدول الكبرى في الجنوب العالمي. نحتاج إلي سياسة مستقلة متوازنة تسعي للتعاون الاقتصادي والسياسي مع كافة القوى السياسية الكبرى. التوجه المثالي لا يعادي أحدا ويبتعد عن الأحلاف العسكرية وفي ذلك ترسيخ الأمن الوطني وتوفير مساحة للمناورة في ساحة عالمية شديدة التعقيد والتركيب. ولا داعي التحالفات عسكرية مرعبة بهذا الحجم كلفتها السياسية والإقتصادية باهظة ومردودها قنينة فودكا علي شجرة.
ظللنا نردد ضد التبعية العمياء للغرب ولكن الخيارات لا تنحصر علي التبعية له أو إثارة عداوته. القرار السياسي الإستراتيجي يجب أن يسعي للإستقلال ولكنه دائما يستصحب ردود الفعل ا ويسعي لتقليل المخاطر المحتملة. السياسة المحترمة لا تنبطح للغرب أو أي مجوعة أخري وفي نفس الوقت تسعي للتعاون والصداقة أو علي الأقل تجنب إثارة العداوات الممكن تفاديها وهذا أضعف الأيمان.
لذلك فان إثارة عداء الغرب في هذا التوقيت فكرة سيئة ومكلفة لبلد مفلسة. نحتاج لصداقة جميع القوي الكبري، وتجنب إثارة حفيظة أي منها ما أمكن. رجل الدولة القوي الماهر هو الذي يعرف متي وكيف يقول لا للغرب ويعرف أيضا كيف يتعاون معه ويصادقه أو علي الأقل يتجنب إثارة أو مضاعفة عداء يمكن تفاديه.
وقد يقول قائل أن الغرب ظل في حالة عداء مع السودان علي أي حال وليس لدينا ما نخسره. ولكن هذه القول حتي لو صح لا يبرر توجه سياسي سيضاعف من إستهداف الغرب لسودان لم يبق في جسده موضع إلا وفيه طعنة برمح أو ضربة بسيف. فرق ألكم في درجة العداء جانب شديد الأهمية.
باختصار، نعم للتعاون السياسي والاقتصادي العميق مع روسيا (والغرب والصين). لا لأي ولاء عسكري لأية دولة . لدينا ما يكفي من المشاكل على طبقنا الوطني ولا نحتاج لمعارك فوق طاقتنا. ألفينا مكفينا.
إستقلال السياسة الخارجية لا يعني بأي حال من الأحوال الذهول الأرعن عن واقع الجيبوليتك الموضوعي كما هو، وليس كما نتمناه. هناك خيارات أخري علي الطاولة ولسنا مجبرين علي دبلوماسية ألحس كوعك أو الإنبطاح الوديع في حضن ” المجتمع الدولي” – أسم الدلع الكودي للغرب.
نحو سياسة تسعي لصداقة الجميع بندية ومن لم أبي نتجنب العداء معه ما أمكن ولا نحارب إلا من حاربنا واجبرنا علي الدفاع عن النفس والسيادة.
لا يا عزوز.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الحوثي - القاعدة- الإخوان.. ثلاثي شر يستهدف أمن واستقرار أبين
أحبطت القوات الجنوبية، هجومًا إرهابيًا واسعًا هو الثالث من نوعه خلال أيام نفذه تنظيم القاعدة على مواقعها العسكرية في وادي عومران بمحافظة أبين، جنوبي اليمن. ويأتي هذا التطور في ظل تصاعد التحالفات الخطيرة بين الميليشيات الحوثية وجماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية، بهدف زعزعة استقرار الجنوب وتأجيج النزاعات المحلية.
وتشير المؤشرات العسكرية والأمنية إلى أن تنظيم القاعدة عمد خلال الفترة الأخيرة إلى إعادة هيكلة عملياته، وإعطاء الأولوية للتحالف مع ميليشيات الحوثي، فيما يبدو تحالفًا تكتيكيًا يهدف إلى استغلال قدرات التنظيم الإرهابي في ضرب الجنوب واستهداف القوات المسلحة، وإعادة ترتيب موازين القوى لصالح الحوثيين والإخوان في المنطقة.
واستخدم التنظيم طائرات مسيرة مسلحة قصيرة المدى، وأسلحة خفيفة، وأجهزة متفجرة يدوية الصنع، بالإضافة إلى بنادق قنص حصل عليها عبر مهربين مرتبطين بمليشيات الحوثي، وفق تقارير أممية.
وأوضحت القوات الجنوبية، في بيان رسمي، أن الهجوم استهدف أحد المواقع العسكرية في وادي عومران بمديرية مودية شرقي أبين، إلا أن وحدات الكتيبة الرابعة في اللواء الثاني دعم وإسناد تمكنت من إفشال الهجوم بفضل يقظة المقاتلين وجهوزيتهم العالية. ولاذت العناصر الإرهابية بالفرار نحو شمال الوادي دون أن تحقق أيًا من أهدافها، فيما أصيب جندي خلال عملية التصدي، ولا تزال الوحدات العسكرية تواصل عمليات التمشيط والملاحقة لتأمين الوادي بالكامل.
وأكد المتحدث الرسمي باسم القوات الجنوبية، المقدم محمد النقيب، أن العمليات العسكرية مستمرة لرصد تحركات العناصر الإرهابية، مشيرًا إلى أن هذا الهجوم الثالث الذي ينفذه تنظيم القاعدة ضد القوات الجنوبية في وادي عومران خلال أيام قليلة، ويأتي بعد يوم واحد من استهداف القياديين أبي عبيدة الحضرمي وأنيس الحاصلي في ضربة أمريكية شرقي مأرب.
ويشدد المراقبون العسكريون على أن محاولات تنظيم القاعدة تعزيز تحالفه مع الحوثي والإخوان تعكس استراتيجية مشتركة للضغط على الجنوب وإعادة تموضع القوى الإرهابية، بعد خسائر التنظيم في المعاقل التقليدية، ما يحتم على القوات الجنوبية مضاعفة جهودها في مواجهة التهديدات المركبة والمتشابكة.
ويؤكد البيان العسكري الرسمي أن هذه التحركات الإرهابية هدفها خلط الأوراق واستهداف القوات المسلحة الجنوبية، في وقت يتزايد فيه دور هذه القوات في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق المحررة من أبين وحماية المدنيين من تهديد الإرهاب.
وتواصل القوات الجنوبية ووحدات أمنية حكومية بأبين عملياتها العسكرية ضد عناصر القاعدة، مما أفقد التنظيم الإرهابي السيطرة على أبرز معاقله التقليدية، ودفعه إلى تعزيز تحالفاته التكتيكية مع الحوثي لتعويض خسائره البشرية واللوجستية.
وتؤكد القيادة العسكرية الجنوبية أن الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب وحماية المدنيين يشكلان أولوية قصوى، وأن أي محاولة للنيل من هذا الأمن سيتم التصدي لها بحزم.