تزامنًا مع الضجة الكبيرة التي أحدثتها شركة "ديب سيك" الصينية بطرحها نموذج الذكاء الاصطناعي الأول لها، أعلنت وزارة العدل الأميركية متهمةً لين وي دينغ المهندس السابق في "غوغل" بسرقة أسرار الذكاء الاصطناعي من الشركة وتسليمها الشركات الصينية، معلنةً بداية حرب اقتصادية جديدة في ساحات الذكاء الاصطناعي بين الصين وأميركا.

يأتي اتهام دينغ بعد مجموعة مكثفة من التحريات أجرتها عدة وكالات فيدرالية في الأمر عبر قوة مشتركة أسستها حكومة بايدن عام 2023 لمواجهة التكنولوجيا التخريبية التي تسعى إلى سرقة أسرار الشركات الأميركية وتعطيلها، وبينما تأسست هذه القوة في عهد بايدن، فإن ترامب أبقى عليها واعتمد عليها في حملته الانتخابية قائلًا، إنه سيعمل جاهدًا على تقويض وصول الصين إلى التقنيات الأميركية ومنعها من التجسس كاملا.

سرقة 1000 مستند سري من "غوغل"

انضم لين وي دينغ، المعروف أيضًا باسم ليون دينغ البالغ من العمر 38 عامًا إلى "غوغل" في مايو/أيار 2019 كفرد من أفراد فريق التطوير البرمجي بها، ليبدأ في سرقة البيانات من الشركة بعد 3 أعوام، وتحديدًا في الفترة من مايو/أيار 2022 وحتى مايو/أيار 2023 عندما اُكتشفت سرقته.

تمكن دينغ في تلك الفترة من سرقة وتحميل أكثر من 1000 مستند سري من "غوغل" على حسابه الخاص في خدمة التخزين السحابي "غوغل درايف" فضلًا عن مجموعة من ملفات العروض التوجيهية التي تستخدمها الشركة مع الموظفين الجدد.

إعلان

تتمحور المستندات التي سرقها دينغ حول شرائح "غوغل" للذكاء الاصطناعي والتي تسعى الشركة لمنافسة شرائح "أمازون" و"مايكروسوفت" بها، وذلك ضمن مساعيها للابتعاد عن شرائح "نفيديا" وخفض الاعتماد عليها.

وتتضمن هذه المستندات تصميمات واضحة للشرائح الجديدة وآلية عملها تحديدًا شرائح "تينسور" (TPU) التي تعتمد عليها الشركة اعتمادا رئيسيا مع هواتفها الذكية "بيكسل" والتي انتقلت أخيرًا إلى مراكز بيانات الشركة لتشغيل حاسوب "غوغل" الخارق.

وإلى جانب المستندات المتعلقة بالتصميمات، فإنها كانت تضم تفاصيل عن آلية تشغيلها والواجهة البرمجية اللازمة لتدريب نماذج الحاسوب الخارق التابع للشركة ونماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة سواء كانت "جيميناي" أو نموذج توليد الصور الخاص بها، بحسب بيان الاتهام الرسمي من وزارة العدل الأميركية.

تزامنا مع الضجة الكبيرة التي أحدثتها شركة "ديب سيك" الصينية بطرحها نموذج الذكاء الاصطناعي الأول لها، أعلنت وزارة العدل الأميركية متهمة لين وي دينغ المهندس السابق في "غوغل" بسرقة أسرار الذكاء الاصطناعي من الشركة وتسليمها للشركات الصينية. (غيتي) هل لشركة "ديب سيك" علاقة؟

في الوقت الحالي، تواجه "ديب سيك" ادعاءات من الحكومة الأميركية وشركة "أوبن إيه آي" على حد سواء باستخدامها "شات جي بي تي" لتدريب نموذجها للذكاء الاصطناعي "آر 1″، ورغم تحقيقات تجريها "أوبن إيه آي" بكثافة، فإنها لم تعلن في بيان رسمي اتهام المنافس الصيني، وكذلك الأمر مع قضية دينغ، إذ يبدو أن "ديب سيك" لا علاقة لها بالقضية.

يشير تقرير وزارة العدل الأميركية إلى أن دينغ حصل على منصب تقني مرموق في إحدى الشركات الصينية الناشئة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في الفترة ذاتها التي سرق فيها المستندات من "غوغل" ولاحقًا أثناء عمله في "غوغل" سافر إلى الصين للحصول على تمويل لازم للشركة.

إعلان

وفي مايو/أيار 2023، أسس دينغ شركة تقنية ثانية في الصين تركز على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وكان مديرا تنفيذيا لها أثناء عمله في "غوغل"، ليعاود رفع المستندات السرية لحسابه الشخصي في ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى لحظة اقتحام منزله من أجل التحقيقات من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولاحقًا في مارس/آذار من العام ذاته تم اعتقاله.

ما التهم التي يواجهها دينغ؟

بحسب بيان وزارة العدل، فإن دينغ يواجه 14 تهمة تجسس اقتصادي وسرقة الأسرار التجارية، وتحديدًا، سبع تهم لكل شركة عمل بها أثناء عمله في "غوغل"، وبحسب قرار هيئة المحلفين الكبرى الفيدرالية في سان فرانسيسكو، فإن كل تهمة تجسس اقتصادي عليها عقوبة قصوى تصل إلى 15 عامًا من السجن وغرامة تصل إلى 5 ملايين دولار، كما تحمل كل تهمة سرقة أسرار تجارية عقوبة قصوى تصل إلى 10 أعوام و250 ألف دولار غرامة.

بالطبع، أنكر دينغ جميع الاتهامات الموجهة إليه، ولا يزال يحاول الخروج من القضية رغم إدانته في 4 قضايا في مارس/آذار الماضي، وهو في الوقت الحالي خرج من السجن بكفالة حتى يصدر الحكم النهائي عليه في بقية القضايا.

تجدر الإشارة إلى أن دينغ حاول الالتحاق ببرنامج لدعم المواهب في بكين يعرض مكافآت مالية لمن يجلب خبراته التقنية من خارج البلاد، وقد ادعى في طلب الالتحاق بالبرنامج أنه قادر على مساعدة الصين في الوصول إلى مستوى ينافس المستوى العالمي في تقنيات الذكاء الاصطناعي فضلًا عن عرض خدماته على الحكومة الصينية والجامعات الصينية.

اكتشفت "غوغل" سرقة دينغ في أحد مؤتمرات الذكاء الاصطناعي ببكين، حيث ادعى أنه مدير تنفيذي لشركة ناشئة فضلًا عن عمله مع "غوغل"، وهو الأمر الذي دفع الشركة إلى فتح تحقيق داخلي حتى تم الوصول إلى أدلة الإدانة.

لم يوجه المدعي العام أي اتهامات لشركة "غوغل"، إذ تعاونت الشركة بشكل وثيق مع الهيئات الفيدرالية المختلفة من أجل إدانة دينغ، فضلًا عن تعزيز الأنظمة الأمنية الخاصة بها في محاولة لمنع مثل هذه التسريبات في المستقبل.

هل تمثل هذه المستندات خطرًا؟

بعيدًا عن الخطر الأمني الذي تمثله هذه المستندات على حواسيب "غوغل" الخارقة ومراكز البيانات الخاصة بها، إذ يمكن عبرها اختراق أي مركز بيانات تابع للشركة ويعتمد على التقنيات المذكورة فيها، فهي توضح آلية عمل هذا المركز، إلا أن هذه المستندات تكشف عن خطط "غوغل" المستقبلية أمام منافسيها، حتى وإن لم تصل المستندات إلى شركات صينية.

إعلان

فضلًا عن ذلك، تساعد هذه المستندات الشركات أيًا كانت على تأسيس أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها وبناء الشرائح المتطورة دون الحاجة إلى شرائها مباشرةً من الشركات المختصة، وهو ما تحاول حكومة الولايات المتحدة منع الصين من تحقيقه بشتى الطرق في الآونة الأخيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزارة العدل الأمیرکیة الذکاء الاصطناعی هذه المستندات المستندات ا سرقة أسرار مایو أیار فضل ا عن دیب سیک

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!

في خطوة رائدة نحو تحسين إدارة مرض السكري، أعلنت شركتا IBM وRoche عن تطوير حل ذكي مشترك يُعالج واحدة من أكثر التحديات الصحية تعقيدًا: العبء اليومي المستمر لمراقبة مستويات السكر في الدم.
جاءت النتيجة على شكل تطبيق مبتكر يحمل اسم Accu-Chek SmartGuide Predict، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات الجلوكوز قبل حدوث التغييرات المفاجئة، ما يمنح المستخدمين فرصة استباق الأحداث واتخاذ قرارات صحية مبنية على التوقع لا رد الفعل.

تنبؤ بسكر الدم... كما تتنبأ بالأحوال الجوية
يأخذ التطبيق مفهوم مراقبة السكري إلى بُعد جديد، إذ لا يكتفي بإظهار مستوى السكر الحالي، بل يرسم خريطة لتوجهاته المستقبلية. تمامًا كما تعتمد على نشرة الطقس لتخطط ليومك، يمكنك الآن الاعتماد على هذا التطبيق للتخطيط لمستويات سكر في الدم خلال الساعات المقبلة.
ويعمل التطبيق بالتكامل مع جهاز الاستشعار المستمر للجلوكوز من Roche، حيث يعالج البيانات لحظيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليمنح المستخدم رؤى دقيقة تساعده على تفادي التقلبات المفاجئة والخطيرة في مستويات الجلوكوز.

ثلاث ميزات رئيسية تحدث فرقًا حقيقيًا
يمتاز تطبيق SmartGuide Predict بثلاث وظائف رئيسية، كل منها يستهدف قلقًا شائعًا لدى مرضى السكري:
* Glucose Predict: ميزة تعرض تصورًا لمسار مستوى الجلوكوز خلال الساعتين المقبلتين، ما يمنح المستخدم وقتًا كافيًا لتعديل نظامه الغذائي أو أخذ جرعة إنسولين وقائية.
* Low Glucose Predict: بمثابة نظام إنذار مبكر، ينبّه المستخدم باحتمال حدوث انخفاض حاد في السكر قبل 30 دقيقة تقريبًا من وقوعه—وقت كافٍ لاتخاذ إجراء تصحيحي سريع.
* Night Low Predict: خاصية تُعد الأهم لكثير من المرضى، إذ تتنبأ بخطر انخفاض السكر أثناء النوم وهو أكثر الأوقات خطورة. التطبيق يقيم المخاطر قبل النوم ويقترح ما إذا كانت وجبة خفيفة ليلية ضرورية.
يقول موريتز هارتمان، رئيس قسم حلول المعلومات في شركة Roche: «من خلال تسخير قوة التكنولوجيا التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن لتطبيق Accu-Chek SmartGuide Predict أن يمنح مرضى السكري قدرة أكبر على اتخاذ قرارات استباقية لإدارة حالتهم الصحية بثقة ووعي».

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أبحاث السكري
تتجاوز فوائد التعاون بين IBM وRoche الجانب العلاجي، لتصل إلى مجال الأبحاث السريرية. فقد طوّرت الشركتان أداة ذكية مدعومة بمنصة watsonx من IBM، تعيد تعريف كيفية تحليل البيانات في التجارب السريرية.
بدلًا من العمليات اليدوية البطيئة، تقوم الأداة الجديدة برقمنة وتصنيف وترجمة البيانات السريرية المجهولة الهوية، وربطها تلقائيًا بمعلومات أجهزة مراقبة السكر ونمط حياة المشاركين في الدراسة.
والحصيلة؟ اكتشاف أنماط وارتباطات دقيقة في وقت قياسي ما يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم المرض وتطوير أساليب العلاج، وربما يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من التطبيق ذاته. 

تحالف فريد بين التكنولوجيا والصحة
يجمع هذا التعاون بين قوتين من عالمين مختلفين: خبرة IBM التقنية والذكاء الاصطناعي من جهة، وخبرة Roche في علوم الحياة والرعاية الصحية من جهة أخرى. وهو نموذج ناجح لتكامل الصناعات لخدمة احتياجات صحية حقيقية.
يقول هارتمان: «شراكتنا طويلة الأمد مع IBM تعكس الإمكانات الكبيرة للابتكار بين الصناعات في تقديم حلول فعّالة لاحتياجات صحية غير ملبّاة، وتسريع الوصول إلى نتائج علاجية أفضل».
وأضاف كريستيان كيلر، المدير العام لـIBM في سويسرا: «التعاون مع Roche يُبرهن على قوة الذكاء الاصطناعي عندما يُستخدم لهدف واضح: دعم المرضى في إدارة حالاتهم بشكل أفضل. نحن نوفر بيئة تقنية موثوقة، آمنة، ومخصصة تُعزز الابتكار في مجال الرعاية الصحية». 

دلالات الابتكار لمستقبل التكنولوجيا الصحية؟
بعد سنوات من متابعة التكنولوجيا الصحية، يمكن القول إن هذه الشراكة مختلفة. فهي لا تقدم وعودًا فضفاضة، بل تركز على حل واضح وملموس لمشكلة تؤثر على أكثر من 590 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض السكري.
إنّ التحول من الإدارة التفاعلية إلى الإدارة التنبؤية لا يُعد مجرد تحسين، بل تغيير في قواعد اللعبة. فبدلًا من انتظار المشكلة، أصبح بالإمكان توقعها ومنعها. الذكاء الاصطناعي هنا لا يستبدل الإنسان، بل يزوّده بالمعلومة في الوقت المناسب ليحسن اتخاذ القرار.
التطبيق متاح حاليًا فقط في سويسرا، وهي خطوة مدروسة لاختبار فعالية النظام قبل تعميمه عالميًا. ومن المتوقع أن يتابعه قطاع الرعاية الصحية عن كثب.
إذا أثبتت هذه التجربة نجاحها، فقد تفتح الباب أمام حلول مشابهة لأمراض مزمنة أخرى، مثل أمراض القلب، الربو، أو حتى اضطرابات الجهاز العصبي كمرض باركنسون.
وفي الوقت الراهن، يبقى الهدف الأساسي هو منح مرضى السكري القدرة على عيش حياة أكثر راحة واستقرارًا حتى أثناء نومهم. وهو هدف إنساني نبيل، يستحق أن يُسخّر له الذكاء الاصطناعي بكل إمكاناته.

أخبار ذات صلة تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه "واتساب" يختبر ميزة إنشاء مساعد مدعوم بالذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • جامعة القاهرة تتصدّر أبحاث الذكاء الاصطناعي في مصر بـ2,191 بحثًا
  • «شرطة دبي» تنظم ورشة تعريفية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • خلال محاكمة.. الذكاء الاصطناعي يحيل إلى مرجع غير موجود
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!
  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل
  • هل يوجد الذكاء الاصطناعي جيلا مسلوب المهارات؟
  • كيف استخدمت السعودية الذكاء الاصطناعي في إدارة موسم الحج؟
  • في عصر الذكاء الاصطناعي.. رسائل تهنئة بعيد الأضحى 2025