الجزيرة:
2025-05-30@23:18:08 GMT

كيف يحرّك الذهب آلة الحرب في الكونغو؟

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

كيف يحرّك الذهب آلة الحرب في الكونغو؟

ما زلت أذكر عندما كنت أقف على ضفاف نهر أوبانغي، ذلك الشريان المائي الذي يفصل جمهورية أفريقيا الوسطى عن الكونغو الديمقراطية، ممتدًا عبر العاصمة بانغي. كان الوقت عصرًا، قُبيل غروب الشمس، حين تأخذ السماء لونها الذهبي، وينعكس وهَجُها على سطح الماء الهادئ.

وعلى الجانب الآخر من النهر، كنتُ أنظر بفضولٍ إلى زونغو، المدينة الحدودية الكونغولية، بمنازلها المتواضعة وأكواخها المتناثرة، وكأنها تقف على تخومِ عالمين، يربط بينهما النهر، ويفصل بينهما المصير.

كنت أراقب عشرات الكونغوليين وهم يعبرون النهر طلبًا للعمل أو التجارة، ويتنقلون بين ضفتي النهر، حاملين بضائعهم على قوارب خشبية، وأحلامهم بين جنباتهم.

وقتها، كنّا نسمع دائمًا عن الثروات الهائلة التي تكتنزها الأرض هناك، عن الذهب الذي يلمع في مجاري الأنهار، والكولتان الذي أصبح يُغذي التكنولوجيا الحديثة. ومع ذلك، كانت المفارقة صادمة؛ كيف يمكن لدولةٍ بهذا الغِنى أنْ تبقى عالقةً في دائرة الفقر والصراع؟ كيف تتحول الموارد التي يُفْتَرضُ أنْ تكون نعمةً إلى لعنةٍ تَلْتَهِم حاضر البلاد ومستقبلها؟

اليوم، وبعد مُضيّ عقدين من الزمن، لم يَعُدْ هذا السؤال مجرد تأمُّلاتٍ عابرةٍ من ضفة النهر؛ بل أصبح قضيةً جوهريةً لفهم أحد أعقد النزاعات في القارة. إنّ شرق الكونغو الديمقراطية ليس موطنًا لمناجم الذهب والكولتان فحسب؛ بل بات ساحة حروبٍ معقدة ومتعددة الأطراف، تتغذى على هذه الثروات.

إعلان

في هذه المنطقة، لا تعني المعادن الثمينة التنمية؛ بل تعني تمويل المليشيات، وتهريب الثروات، وإدامة العنف الذي لا ينتهي. وبينما يتسابق العالم على هذه الموارد، تبقى المجتمعات المحلية في دائرة البؤس، تدفع الثمن الأكبر في معركةٍ لا ناقةَ لها فيها ولا جَمَلَ.

ولفهم هذا المشهد المعقد، يهدف هذا المقال إلى معرفة كيف تحولت ثروات الكونغو الديمقراطية إلى وقود للصراع، موضحًا دور تجارة الذهب والكولتان في تمويل الجماعات المسلحة، واستغلال الشركات العالمية والدول الإقليمية لهذا الواقع، مع تقديم توصيات مختصرة.

الذهب والكولتان.. شريان الحياة للمليشيات المسلحة

في العصر الحديث، أصبحت الموارد الطبيعية، وخاصة الذهب والكولتان، تلعب دورًا بارزًا في تغذية النزاع المسلح في شرق الكونغو الديمقراطية؛ حيث أصبحت هذه المعادن مصدرًا رئيسًا لتمويل الجماعات المسلحة. ففي ظل غياب سيطرة حكومية فعلية، تستغل هذه الجماعات المناجم غير الرسمية، وتفرض ضرائب غير قانونية على العمال، وتستخدم الأرباح لشراء الأسلحة، وتوسيع نفوذها.

ووفقًا لتقارير خدمة معلومات السلام الدولي (IPIS) لعام 2016، فإنّ حوالي 21% من المناجم في شرق الكونغو كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة في ذلك الوقت، وتُشير دراسات أحدث إلى أنّ الوضع قد تغير بمرور الوقت؛ حيث أظهرت بيانات عام 2022 أنّ 27% من عمال المناجم يعملون في مواقع تخضع لسيطرة غير قانونية من قبل الجيش الكونغولي (FARDC)، أو جهات أخرى. وهذا يعكس الديناميكيات المتغيرة للصراع؛ حيث لا تزال تجارة المعادن غير المشروعة تشكل عاملًا رئيسًا في استدامة النزاع في المنطقة.

ومن أبرز الجماعات المسلحة التي تستفيد من تجارة المعادن غير المشروعة في شرق الكونغو، القوات الديمقراطية المتحالفة (Allied Democratic Forces – ADF)، وهي جماعة متمردة تأسست في أوغندا خلال أوائل التسعينيات بهدف الإطاحة بالحكومة الأوغندية.

إعلان

ومع تصاعد الضغوط العسكرية عليها، نقلت الجماعة عملياتها إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، فانخرطت في أنشطة مسلحة واسعة النطاق. وتُتَّهَم الجماعة بارتكاب مجازر ضد المدنيين، وتنفيذ هجمات إرهابية، والتورط في عمليات التهريب، بما في ذلك تجارة الذهب والمعادن، لتمويل أنشطتها. كما أعلنت الجماعة ولاءها لتنظيم الدولة منذ عام 2019، وأصبحت تُعرف باسم ولاية وسط أفريقيا (ISCAP)، مما عزز من خطورتها على الأمن الإقليمي.

في المقابل، تُعَدُّ حركة 23 مارس جماعة متمردة تأسست عام 2012، في شرق الكونغو الديمقراطية. وتتألف الحركة بشكل أساسي من التوتسي الكونغوليين، وتدّعِي الدفاع عن حقوقهم ضد التمييز العرقي.

وتُتهم "M23" بالسيطرة على طرق تهريب المعادن بين الكونغو ورواندا، ويُشتبه في تلقيها دعمًا عسكريًّا من رواندا، وهو ما تنفيه كيغالي. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يدعم متمردو الحركة نحو 4 آلاف جندي من رواندا المجاورة، وهذا أكثر بكثير من عام 2012 عندما استولوا لفترة وجيزة على غوما.

أمّا القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، فهي مليشيا مسلحة تأسست عام 2000، وتضُمّ فلول مليشيات الهوتو المتورطة في الإبادة الجماعية عام 1994. وتنشط الحركة في شرق الكونغو الديمقراطية، وتُتهم بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك استهداف النساء والأطفال في النزاعات المسلحة. وتستفيد الجماعة من نهب الموارد المعدنية في المنطقة؛ لتمويل عملياتها العسكرية.

وفضلًا عن الجماعات المسلحة ذات الطابع السياسي، تستغل مليشيات محلية مثل مايْ مايْ الموارد الطبيعية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتدّعي هذه المليشيات الدفاع عن المجتمعات المحلية؛ لكنها انحرفت نحو الجريمة المنظمة؛ حيث تنخرط في تهريب الذهب، وابتزاز الشركات العاملة في القطاع. ووفقًا لتقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تسيطر جماعات ماي ماي على مناطق إستراتيجية غنية بالموارد، مما يتيح لها استغلال هذه الموارد لتمويل أنشطتها.

إعلان

وبالمثل، تعتمد حركة انْدوما للدفاع عن الكونغو على عمليات نهب المناجم لتمويل أنشطتها العسكرية، مما يفاقم من عدم الاستقرار في المنطقة. وتتألف هذه الجماعة من مقاتلين من خلفيات عرقية متنوعة، وتتنافس باستمرار على النفوذ، مما يجعل النزاع حول المناجم أكثر تعقيدًا. وتنشط هذه الحركة في مناطق غنية بالمعادن، وتستفيد من عائدات التعدين غير القانوني لدعم عملياتها.

في المجمل، سيؤدي هذا المشهد إلى تأثيرات خطيرة على السكان المحليين؛ حيث يرتبط التعدين غير القانوني بانتشار التجنيد القسري، والعنف الجنسي، والعمالة القسرية. وذلك بإجبار السكان المحليين على العمل في المناجم تحت تهديد السلاح، بينما تَستخدم المليشيات المسلحة الأرباح في تمويل مزيد من هجماتها المسلحة، ما يُبقي دورة العنف مشتعلة.

وفي ظلّ هذه الفوضى كلها، يتضح أنّ الجماعات المسلحة ليست الوحيدة المستفيدة من تجارة المعادن، حيث تلعب أطراف دولية وإقليمية دورًا كبيرًا في استدامة هذه الأزمة.

هل أسهمت السياسات الغربية في تأجيج الصراع؟

في عام 2010، أقرّ الكونغرس الأميركي قانون دود- فرانك لإصلاح وول ستريت وحماية المستهلك، وهو تشريع يهدف إلى زيادة الرقابة على المؤسسات المالية بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.

ومن بين بنود هذا القانون، تُعتبر المادة 1502 واحدة من أكثر المواد إثارةً للجدل؛ حيث ألزمت الشركات الأميركية بالكشف عن استخدام "معادن النزاع" مثل القصدير، التنتالوم، التنجستن، والذهب، والتأكد من عدم الحصول عليها من مناطق تشهد نزاعات مسلحة، مثل شرق الكونغو الديمقراطية.

وكان الهدف الأساسي لهذه المادة هو قطع التمويل عن الجماعات المسلحة، من خلال إجبار الشركات على توفير سلاسل توريد شفافة. ومع ذلك، فإنّ تطبيق القانون أدى إلى نتائج غير متوقعة؛ حيث فضّلت العديد من الشركات الغربية وقف شراء المعادن من الكونغو بالكامل بدلًا من تحمل عبء الامتثال للمتطلبات التنظيمية.

إعلان

لقد أدّى هذا الانسحاب المفاجئ إلى انهيار اقتصادي في المجتمعات المحلية التي تعتمد على التعدين كمصدر رئيس للرزق، مما دفع العديد من العمال إلى اللجوء إلى المناجم التي تديرها الجماعات المسلحة، والتي أصبحت المشغل الوحيد المتاح للعديد من السكان المحليين.

ومن جانب آخر، لم يفلح القانون في وقف تهريب المعادن؛ حيث لجأت الجماعات المسلحة إلى طرق جديدة لغسل المعادن عبر رواندا وأوغندا، مما جعل التهريب أكثر تعقيدًا وأقلّ شفافية.

وعلى الرغم من جهود الشفافية التي بُذِلتْ، فإنّ الشركات متعددة الجنسيات ظلت تجد ثغراتٍ قانونيةٍ لتجنب الامتثال الصارم، ما أدى إلى استمرار الأزمة. وفي هذا السياق، لم يكن دود-فرانك سوى مثال على كيفية فشل السياسات الدولية في معالجة جذور المشكلة؛ بل وزيادة تعقيدها.

هذه الإخفاقات السياسية تسلط الضوء على الدور الذي تلعبه الدول الغربية في تسهيل تهريب المعادن، سواء من خلال القنوات الرسمية أو عبر شبكات غير قانونية. كما تثير تساؤلاتٍ جوهرية حول ما إذا كانت هذه السياسات تُصاغ بناءً على اعتباراتٍ جيوسياسية تهدف إلى تأمين المصالح الاقتصادية والإستراتيجية، أم إنها بالفعل تستند إلى مبادئ أخلاقية تدعو إلى الشفافية والمسؤولية.

الدول الغربية وشبكات التهريب.. أدوارٌ تحت الظلّ

تُتهم بعض الدول الغربية، ولا سيما فرنسا، بريطانيا، وبلجيكا، بالتورط في دعم شبكات تهريب الذهب والكولتان من مناطق النزاع في أفريقيا، خاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي هذا السياق، تواجه فرنسا اتهاماتٍ صريحةً بالتغاضي عن الأنشطة غير القانونية المتعلقة بتهريب المعادن الثمينة من أفريقيا؛ حيث تشير التقارير إلى أنّ بعض الشركات الفرنسية العاملة في المنطقة قد تكون متورطة في شراء هذه المعادن من مصادر غير شرعية.

وعلى الرغم من غياب الأدلة القاطعة على تورط الحكومة الفرنسية بشكل مباشر، إلا أنّ وجود شركات فرنسية ضمن سلاسل التوريد العالمية التي تستفيد من هذه المعادن يُثير تساؤلات حول مدى التزام فرنسا بمكافحة هذه الظاهرة.

إعلان

أما بريطانيا، فتُتهم أيضًا بدعم شبكات تهريب الذهب والكولتان من خلال شركاتها العاملة في مجال التعدين والتجارة الدولية. وتشير التقارير إلى أنّ بعض الشركات البريطانية تستفيد من تجارة هذه المعادن سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر سلاسل توريد تمتد من الكونغو إلى الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من إعلان بريطانيا عن سياسات لمحاربة تهريب المعادن من مناطق النزاع، فإنّ العديد من المنظمات الحقوقية تُؤكد على أنّ الممارسات الفعلية للشركات البريطانية تعكس واقعًا مختلفًا؛ حيث تستمر المعادن المهربة في التدفق عبر شبكات دولية يصعب تتبعها.

أما بلجيكا، فهي الأخرى تواجه اتهامات أكثر حدةً نظرًا لتاريخها الاستعماري في الكونغو وعلاقتها المستمرة بالموارد الطبيعية في المنطقة. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، لا تزال بعض الشركات البلجيكية تلعب دورًا في شراء المعادن من مصادر غير شرعية، مما يسهم في تمويل الجماعات المسلحة واستمرار النزاعات في المنطقة.

وتُشير الاحتجاجات الأخيرة في كينشاسا ضد السفارات الغربية، ومن بينها السفارة البلجيكية، إلى تصاعد الغضب الشعبي تجاه ما يُنظر إليه على أنه تواطؤ بلجيكي في استغلال موارد الكونغو لصالح الشركات الأوروبية.

وفي عام 2011، أصدرت مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة تقريرًا يُشير إلى تورط شركات في دول مجاورة للكونغو في تهريب المعادن الثمينة، مع احتمال تورط شركات غربية في سلاسل التوريد.

وأوضح التقرير أنّ تهريب الذهب والكولتان يُستخدم لتمويل الجماعات المسلحة في شرق الكونغو، مما يؤدي إلى استمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. هذا التقرير يعزز المزاعم حول الدور الغربي في تأجيج النزاعات من خلال غض الطرف عن تدفقات المعادن غير المشروعة إلى الأسواق الأوروبية والأميركية.

وبينما تتجه الحكومات الغربية نحو تعزيز الرقابة على تجارة المعادن القادمة من مناطق النزاع، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام إنهاء هذه الممارسات بالكامل. فاستمرار عمليات التهريب يُشير إلى وجود مصالح متشابكة بين الشركات الغربية، والحكومات، وشبكات التهريب المحلية، مما يجعل من الصعب إيجاد حل سريع لهذه الأزمة.

إعلان

ويُسلط هذا الوضع الضوءَ على الحاجة إلى تعاون دولي أكثر فاعلية لضمان أن الثروات المعدنية للكونغو تُستخدم لصالح التنمية، وليس لإطالة أمد النزاعات.

الخلاصة

في خضم هذا المشهد المعقد، تبقى الحقيقة الثابتة أنّ ثروات الكونغو لم تكن يومًا مجرد معادن تُستخرج من باطن الأرض؛ بل تحولت إلى خيوط متشابكة من المصالح والصراعات؛ حيث تُرسَم خرائط النفوذ بحدّ السلاح، وتُحدد مصائر الشعوب وفقًا لمعادلات السوق. وبينما تستمر التجارة غير المشروعة في تمويل آلة الحرب، يبقى السؤال الأهم عالقًا: متى تتحول هذه الموارد إلى ركيزة للاستقرار، بدلًا من كونها وقودًا للنزاع؟

ولتحقيق ذلك، لا بُدّ من كسر الحلقة التي تربط الثروات بالعنف عبر فرض رقابةٍ صارمة على سلاسل التوريد، وإلزام الشركات العالمية بمسؤولياتها الأخلاقية من خلال آليات تحقق شفافة تمنع تسلل المعادن المهربة إلى الأسواق.

كما يتطلب الحل دعمًا دوليًّا جادًّا لحوكمة الموارد، كيْ يضمن أنْ تعود عائداتها إلى التنمية، لا إلى تمويل النزاعات. وبالتوازي، ينبغي تمكين المجتمعات المحلية من بدائل اقتصادية مستدامة، تقلل اعتمادها على التعدين غير القانوني، وتمنحها فرصة للخروج من دوامة الفقر والاستغلال.

ولكن هذه الحلول ستظل مجرد نظرياتٍ إن لم تُتَرْجَم إلى واقعٍ ملموس. فعند ضفاف الأنهار؛ حيث تتلاشى الحدود بين الحلم والواقع، كانت الثروات تُحكى لنا كقصص عن الثراء الكامن تحت التراب. واليوم، لم تَعُد تلك الحكايات مجرد ذكريات طفولةٍ عابرةٍ؛ بل أصبحت اختبارًا حقيقيًّا لإرادة العالم في تحويل هذه الموارد من لعنة تغذي الصراع إلى فرصةٍ تعيد الأمل إلى أهلها قبل أنْ تُدفَن آمالٌ أخرى تحت ثِقل الذهب والكولتان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شرق الکونغو الدیمقراطیة المجتمعات المحلیة فی شرق الکونغو غیر المشروعة هذه المعادن هذه الموارد تهریب الذهب فی المنطقة المعادن من المعادن ا من مناطق فی تمویل من خلال ووفق ا

إقرأ أيضاً:

تجربة الشركات الأمنية الخاصة في كينيا ومعضلة الأمن

تُعد كينيا الدولة الرائدة في منطقة شرق أفريقيا في مجال الشركات الأمنية الخاصة، حيث أصبحت هذه الشركات جزءا لا يتجزأ من المشهد الأمني في البلاد وتظهر البوابات التي يحرسها أفراد الأمن في العديد من المواقع السكنية والتجارية والسياحية.

خلال السنوات الثلاث الماضية، تضاعف عدد الشركات الأمنية من 500 إلى ألفي شركة بحلول عام 2025، مع زيادة ملحوظة في نسبة النساء العاملات في هذا القطاع.

ويُقدّر إجمالي العاملين في الأمن الخاص بأكثر من 800 ألف موظف وموظفة، ما يعكس حجم القطاع وأهميته في كينيا.

قوات الأمن الكينية تتصدي بعنف لمتظاهرين ضد الحكومة (شترستوك)

تتضمن رؤية كينيا 2030، التي أعلنت عنها الحكومة، تصورا شاملا للأمن الوطني، يركز على تحديث البنية التحتية الأمنية، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في المراقبة والتحقيقات، بالإضافة إلى إصلاح قطاع الشرطة ورفع كفاءة العاملين فيه.

أبرز الشركات الأمنية

وفقا لتقرير نشره موقع "بيساسا" لعام 2024، جاءت أفضل 6 شركات أمنية في كينيا على النحو التالي:

"غارد وورلد سيكيوريتي" (Guard World Security) التي تأسست عام 1967، وتضم نحو 13 ألف موظف يعملون في مواقع بارزة مثل شركة تويوتا والسفارة البريطانية في نيروبي. شركة "إس جي إيه" (SGA)، تأسست عام 1969، وتضم أكثر من 20 ألف موظف في كينيا وتنزانيا وأوغندا، من عملائها الصليب الأحمر الأوغندي وبنك إكوويتي.  شركة "جي فور إس" (G4S) متعددة الجنسيات تأسست في الدانمارك، تضم حوالي 10 آلاف موظف وتقدم خدمات أمنية متنوعة تشمل الحراسة وأنظمة الإنذار. "سيكيوركس" (Secures) وتأسست عام 1970، وتمتد عملياتها في عدة دول شرق أفريقيا، وتُعد رائدة في استخدام التكنولوجيا الحديثة، ويعمل لديها أكثر من 6 آلاف موظف. شركة "بي إم مورغان" (BM) التي أنشأها مفوض شرطة بريطاني متقاعد عام 1984، ويوظف أكثر من 5 آلاف موظف في عدة مدن كينية، من عملائها مكتب اليونيسيف في نيروبي. "ويلز فارجو" (Wells Fargo) وتعمل منذ عام 1977، وتركز على تأمين قطاع المصارف والمؤسسات المالية في كينيا، مع أكثر من 4 آلاف موظف. إعلان أسباب ازدهار الأمن الخاص

ويرى خبراء في المجال أن شركات الأمن الخاصة تلعب دورا محوريا في حماية الأصول المادية، وتعزيز الاستقرار، ودعم التنمية الاقتصادية في كينيا، فهي تسهم في تقليل معدلات السرقة والنهب، وتحسين قيمة العقارات، وتأمين المنشآت السياحية الحيوية، مما يزيد من جاذبية كينيا للسياح ويعزز الاقتصاد الوطني.

وتعول الحكومة الكينية على هذه الشركات في سد الفجوة الأمنية في البلاد، في ظل قلة أعداد الشرطة، التي يبلغ عدد أفرادها ما يتجاوز قليلا 100 ألف فرد، وهو أقل من النسبة التي توصي بها الأمم المتحدة (شرطي واحد لكل 450 مواطنا) مقارنة بعدد سكان كينيا البالغ نحو 54 مليون نسمة.

وتتعاون الشركات الأمنية مع الشرطة من خلال تبادل المعلومات، والتدريب، ومراقبة الدوريات، وتأمين الفعاليات، والتنسيق في حالات الطوارئ، ما يسد جزءا من الفجوة.

تحديات اجتماعية واقتصادية

تشهد كينيا ارتفاعا في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان البالغ عددهم نحو 55 مليون نسمة، وتشير الإحصاءات إلى أن معدل البطالة وصل إلى 7.2% عام 2024، ويرتبط ذلك أيضا بسبب انتشار المخدرات في بعض المناطق، مما يدفع الشباب نحو الانضمام إلى العصابات الإجرامية.

كما يعاني سوق العمل من قلة الوظائف الرسمية، إذ يعمل حوالي 10% فقط من القوى العاملة في وظائف رسمية، مع ضعف في الأجور. وبحسب تقرير البنك الدولي لعام 2014، فإن 75% من الكينيين تحت سن 35 عاما يواجهون فرص عمل محدودة.

نشاطات الجريمة المنظمة

تشير دراسات رسمية كثيرة إلى أن كينيا عرفت تاريخا طويلا من نشاط العصابات الإجرامية المنظمة، التي لعبت دورا رئيسا في تقويض الأمن والاستقرار، خصوصا خلال السبعينيات وحتى التسعينيات وجعلت من البلاد واحدة من أخطر الدول في أفريقيا، خاصة مع اتخاذ الجريمة أبعادا سياسية وعرقية، واستخدمتها قوى سياسية وعرقية أحيانا لتصفية الحسابات.

إعلان

فقد كشف تقرير مركز أبحاث الجريمة في كينيا لعام 2002، عن وجود 46 عصابة منظمة، منها عصابة "مونجيكي" الشهيرة التي يُقدر عدد منسوبيها بمئات الآلاف وكانت تمثل تهديدا أمنيا كبيرا، خصوصا خلال الاضطرابات السياسية.

وتنوعت أنشطة هذه العصابات بين تجارة المخدرات، وتهريب البشر، والسطو المسلح، والاختطاف مقابل الفدية، والابتزاز.

وقد كشفت السلطات عن ارتفاع في حوادث العنف السياسي، خاصة خلال فترة الانتخابات، كما شاركت بعض العصابات في أعمال النهب والتخريب خلال احتجاجات مناهضة للحكومة عام 2024.

وأكد الرئيس الكيني وليام روتو في تقرير أمني لعام 2024 وجود 13 عصابة إجرامية منظمة نشطة، مشيرا إلى ارتباطها بعوامل اجتماعية واقتصادية مثل البطالة، والتسرب من المدارس، وانتشار المخدرات، والدعم من جهات سياسية.

تحديات الشركات الأمنية الخاصة

ورغم الدور الحيوي الذي تلعبه في تثبيت أركان الأمن في البلاد، إلا أن شركات الأمن الخاصة تواجه عدة تحديات، منها تدني الأجور، حيث يتقاضى الحارس الأمني ما بين 10 إلى 15 ألف شلن كيني شهريا (حوالي 75-115 دولارا)، رغم المداخيل المالية العالية لهذه الشركات.

وبعد احتجاجات مستمرة، تم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 ألف شلن (حوالي 230 دولارا) في فبراير/شباط 2025.

ورغم أن أفراد هذه الشركات مناط بهم حفظ الأمن إلا أنه غير مسموح لهم بحمل الأسلحة وهي نقطة ضعف تجعلهم عاجزين عن مواجهة المخاطر أثناء الخدمة أو الأحداث العنيفة.

ويقول مسؤولون في هذه الشركات إن الهيئة المختصة تعمل على تعديل القانون للسماح بحمل الأسلحة في ظروف عالية الخطورة.

كذلك يعاني أفراد هذه الشركات من ضعف التدريب مع غياب استخدام التكنولوجيا مما يجعل من العاملين في هذه الشركات مجرد حراس بوابات يعتمدون على أساليب تقليدية في مكافحة الجريمة، في عصر تطورت فيه الأساليب التي تستخدمها العصابات الإجرامية.

إعلان

يضاف لذلك ضعف التنسيق مع الشرطة، فعلى الرغم من توقيع مذكرات تفاهم للتعاون، تواجه عمليات التنسيق أحيانا عقبات تقنية ولوجيستية.

دمار بمركز ويست غيت للتسوق بعد مواجهات بين الأمن ومسلحين في نيروبي، عام 2013 (الأوروبية) دور الشركات الأمنية في مكافحة الإرهاب

لم يقتصر دور الشركات الأمنية الخاصة في توفير الأمن لدى الشركات والمؤسسات العامة والخاصة بل تعداها للمشاركة في مواجهة الإرهاب، خصوصا في حماية المراكز العامة مثل الفنادق، ومراكز التسوق، والمدارس.

أملت الضرورات الأمنية انخراط هذه الشركات في مجال مكافحة الإرهاب. فقد شهدت كينيا خلال العقدين الماضيين سلسلة من الهجمات الإرهابية المدمرة، منها هجوم مجمع "ويست غيت" التجاري عام 2013، وهجوم "مركز دوسيت 2" في نيروبي عام 2019، والهجوم على جامعة غاريسا عام 2015، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 170 طالبا.

في عام 2019، عقد مؤتمر في نيروبي بحضور اتحاد الأمن الكيني والاتحاد الأوروبي لبحث دور شركات الأمن الخاصة في مواجهة التهديدات الإرهابية، حاول الإجابة عن الكثير من الأسئلة التي تواجه هذه الشركات ودورها في تعزيز الأمن.

احتجاجات شعبية في نيروبي ضد الفساد والبطالة (وكالة الأناضول)

وتعول الحكومة على توسع شركات الأمن الخاصة في كينيا التي تعتبر نموذجا فريدا في منطقة شرق أفريقيا، بحيث أصبحت جزءا لا يتجزأ من البنية الأمنية، وتمثل ركيزة مهمة في حماية الممتلكات وتعزيز الاستقرار.

وبفضل انتشارها الجغرافي واحتكاكها المباشر بالمواطنين، تمتلك هذه الشركات قدرات استخبارية مهمة تسعى الحكومة إلى استثمارها في منظومة الأمن الوطني.

وفي ظل هذه المعطيات، تواصل كينيا السعي نحو تعزيز التعاون بين القطاع الأمني الخاص والقطاع العام، لتحصين البلاد ضد التهديدات الأمنية المتعددة، وتحقيق التنمية والاستقرار في آن واحد.

مقالات مشابهة

  • الرئيس المشاط: وجهنا بتحديد مسارات العدو الصهيوني للاعتداء على بلدنا كمناطق خطرة لجميع الشركات
  • إجراءات قانونية جديدة تمنع الحجز على أموال الجماعات الترابية
  • الصين تؤكد التزامها باستقرار سلاسل الإمداد وتدافع عن قيود المعادن الأرضية النادرة
  • تجربة الشركات الأمنية الخاصة في كينيا ومعضلة الأمن
  • الترهوني: وقف إطلاق النار في طرابلس هش والمليشيات تواصل التحشيد
  • الشركات الروسية تغزو السوق في مصر
  • باحث بالشأن الثقافي العراقي: حرية المثقفين موجودة في العراق ولكن دون تجاوز الخطوط الحمراء
  • الولايات المتحدة توقف تصدير تقنيات حساسة رداً على قيود المعادن الصينية
  • أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • مجموعة سامتا الهندية تطلق أكبر مشروع لإعادة تدوير المعادن في إفريقيا بالمغرب