يمانيون/ تقارير في خضم العواصف السياسية والعسكرية التي تعصف بالمنطقة، وفي ظل تواطؤ أنظمة التطبيع والخضوع أمام الهيمنة الأمريكية الصهيونية، برز اليمن بمشهد تاريخي وموقف استثنائي تجاه قضية الأمة فلسطين، جسد قوة المشروع القرآني الذي تبناه الشعب اليمني وقيادته الحكيمة الواعية.

لم يكن دعم اليمن لغزة مجرد موقف عابر أو دعاية سياسية، بل كان تجسيدا عمليا للمبادئ والقيم التي يؤمن بها، وانعكاسا طبيعيا لعقيدة إيمانية راسخة ترى في المقاومة فريضة وفي مناصرة المظلومين واجبا لا يقبل المساومة.

أنعم الله على اليمن بقيادة واعية وشجاعة، تتخذ من القرآن منهاجا ومن القيم الإسلامية نهجا ثابتا لا يتغير، قيادة صلبة، يقف على رأسها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي جسد من خلال مواقفه صورة القائد الحقيقي الذي لا يخشى في الله لومة لائم، ولا تثنيه التحديات عن درب العزة والكرامة.

فمنذ بدء العدوان على غزة، كان الصوت اليمني هو الأوضح، والموقف الأجرأ والأكثر تأثيرا، فبينما ارتمت بعض الأنظمة العربية في أحضان الكيان الصهيوني، كان اليمن يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد شعار، بل قضية جوهرية في عقيدته، وهذا التميز لم يأت من فراغ، بل من نعمة المشروع القرآني الذي أرسى أسس العزة والكرامة والاستقلال في مواجهة المشاريع الغربية والصهيونية.

وفي زمن طغى فيه التخاذل والخنوع شكلت خطابات قائد الثورة خارطة طريق لكل الأحرار في المنطقة، فهي لم تكن مجرد كلمات، بل رؤى عميقة، وقراءة استراتيجية للواقع، فمنذ اليوم الأول للعدوان على غزة، أكد السيد القائد أن الشعب اليمني لن يكون محايدا ولن يكتفي بالشجب والاستنكار كما تفعل الأنظمة المهترئة.

وفي أحد خطاباته التاريخية، وصف ما يجري في غزة بأنه اختبار حقيقي لصدق الأمة الإسلامية، وبيّن كيف أن دعم العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال هو خيانة للأمة وخذلان للقيم.

وبتوجيهاته الحكيمة، انطلقت العمليات العسكرية اليمنية، لترسم معادلة جديدة في الصراع مع العدو وتؤكد أن دعم فلسطين لا يكون إلا بالسلاح والقوة، وليس بالكلام والتصريحات الجوفاء.

ومنذ انطلاق المعركة في غزة، لم يكتف اليمن بإطلاق التهديدات، بل ترجمها إلى أفعال هزت الكيان الصهيوني وأربكت حساباته العسكرية، بعمليات عسكرية كبرى، استهدفت مواقع حساسة في إيلات (أم الرشراش)، وضربت السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وأدت هذه العمليات إلى تعطيل ميناء إيلات، وإرباك خطوط الشحن إلى الموانئ المحتلة، وكبدت العدو خسائر بمليارات الدولارات.

هذه العمليات لم تكن مجرد استعراض للقوة، بل رسالة واضحة مفادها أن اليمن قادر على إيذاء العدو وإجباره على دفع ثمن عدوانه، وهو ما لم تستطع كثير من الدول العربية فعله رغم امتلاكها ترسانة عسكرية ضخمة.

لم يكن العدو الصهيوني يتوقع أن تمتد يد اليمن إلى عمقه، لكنه فوجئ بعجز منظوماته الدفاعية عن التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، بما فيها “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”، التي طالما تباهى بها العدو، وأثبتت فشلها الذريع أمام التقنية اليمنية المتطورة.

الضربات الدقيقة على إيلات، وتوقف عمل الموانئ، ودوي صافرات الإنذار في المستوطنات، كل ذلك جعل العدو الصهيوني يدرك أن منظومته الأمنية لم تعد فعالة، وأن التهديد اليمني حقيقي ولا يمكن تجاهله.

مرت العمليات العسكرية اليمنية بخمس مراحل تصعيدية، كانت كل مرحلة تمثل تطورا جديدا في الأساليب ونوعية الأسلحة المستخدمة، ففي المرحلة الأولى تم استهداف السفن الإسرائيلية بشكل محدود، واستهدفت الثانية الموانئ الإسرائيلية بصواريخ بعيدة المدى، وفي المرحلة الثالثة تم استخدام الطائرات المسيرة المتطورة لضرب العمق الصهيوني، في حين مثلت المرحلة الرابعة تهديدا قويا ضد المصالح الأمريكية والمواجهة المباشرة مع حاملات الطائرات، وتبعتها المرحلة الخامسة بعمليات نوعية أكثر دقة وتأثيرا على العدو.

كل مرحلة كانت تمثل قفزة نوعية في الحرب، وكل ضربة كانت تحمل معها رسالة بأن اليمن يمتلك مفاتيح التصعيد، وأنه كلما زاد العدوان على غزة، زادت الهجمات اليمنية.

ومع كل عملية كان الذعر يسيطر بشكل أكبر على المستوطنين في إيلات والمناطق الجنوبية المحتلة، وترافقه موجة هروب واسعة من المناطق المستهدفة، فكان لهذا الرعب النفسي الذي أحدثته الضربات اليمنية تأثير يفوق التأثير العسكري المباشر، وجعل العدو يشعر بأن أمنه الداخلي لم يعد مضمونا.

لم تكن الضربات اليمنية موجهة للكيان الصهيوني فقط، بل امتدت لتشمل القوات الأمريكية في البحر الأحمر، رغم كل ما تمتلكه واشنطن من حاملات طائرات ومدمرات، إلا أنها وجدت نفسها عاجزة أمام الضربات اليمنية، مما اضطرها إلى تغيير مسارها وإعادة حساباتها العسكرية.

هروب حاملات الطائرات الأمريكية من البحر الأحمر، وانسحاب البوارج العسكرية من المنطقة، شكل فضيحة مدوية للإدارة الأمريكية، وأثبت أن القوة العسكرية لا تكمن في حجم الترسانة، بل في الإرادة والتوكل على الله.

ورغم الحصار الاقتصادي والمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني بسبب تداعيات العدوان، إلا أن ذلك لم يمنعه من الوقوف في صف فلسطين بكل ما يملك، إذ خرج اليمنيون في مسيرات مليونية شعبية في مختلف المحافظات، ليؤكدوا أن دعم غزة ليس خيارا سياسيا بل واجبا دينيا وأخلاقيا.

هذا الالتزام الشعبي تجاه القضية الفلسطينية، رغم الظروف الصعبة، أظهر الفرق الشاسع بين من يبيعون قضيتهم تحت ضغط اقتصادي، وبين شعب لا يساوم على مبادئه حتى وهو يعيش تبعات الحصار والأزمة.

لم يكن اليمن مجرد داعم لغزة، بل كان رأس الحربة في معادلة جديدة جعلت العدو يعيد حساباته، فبينما يهرول البعض نحو التطبيع، كان اليمن يرسم معالم مستقبل جديد للأمة، تكون فيه الكلمة للأحرار والمقاومين وليس للخانعين والمطبعين، إنها قصة الصمود، قصة اليمن الذي أثبت أن الشرف لا يشترى، وأن العزة لا تمنح بل تنتزع.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

9 شهداء إثر قصف العدو الصهيوني مناطق متفرقة بقطاع غزة

الثورة نت/..

استشهد تسعة مواطنين فلسطينيين، وجرح العشرات، بينهم نساء وأطفال، غالبيتهم خطيرة، إثر قصف جيش العدو الصهيوني، منازل وخيام المواطنين في مناطق متفرقة بقطاع غزة، ما يرفع عدد الشهداء منذ فجر اليوم الجمعة إلى 70.

وأفادت وكالة الانباء الفلسطينية وفا، بأن ثلاثة مواطنين استشهدوا، وأصيب آخرون، في غارة صهيونية استهدفت منزلا وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

كما أكدت استشهاد ثلاثة آخرين، وإصابة العشرات، إثر قصف طائرات العدو منزل عائلة شريتح في شارع المغربي بحي الصبرة بمدينة غزة.

وفي مخيم النصيرات، استشهد مواطن وأصيب عدد آخر بجروح، جراء استهداف مجموعة من المواطنين بالمخيم الواقع وسط قطاع غزة.

وقصفت طائرة صهيونية مسيرة مجموعة من المواطنين غرب دير البلح وسط قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد الفتاة يقين حماد، فيما أعلن عن استشهاد الصحفي بلال الحاطوم إثر قصف منطقة الصفطاوي.

وأصيب عدد من المواطنين بجروح وحروق، إثر قصف العدو خيمة تؤوي نازحين في أرض أبو سليم شرق منطقة الحكر بدير البلح وسط القطاع.

مقالات مشابهة

  • لجنة حقوقية تطالب القيادة اليمنية بتحسين الأوضاع المعيشية والاستجابة لمطالب النساء
  • ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
  • حصار اليمن ينهك الاقتصاد الصهيوني.. خبراء: العمليات العسكرية تُفكك منظومة كيان العدو من الداخل
  • جيش العدو الصهيوني يدخل كل ألوية المشاة والمدرعات إلى غزة
  • موقف ألماني جديد تجاه إسرائيل.. نحتاج لمزيد من النقاش الصريح
  • حين يعوِّضُ العدوُّ الصهيوني الهزائمَ بالجرائم
  • صور| البيضاء.. قبائل الخبار بمديرية العرش تعلن النفير العام لمواجهة العدوان الصهيوني على اليمن وغزة
  • 9 شهداء إثر قصف العدو الصهيوني مناطق متفرقة بقطاع غزة
  • محافظة صنعاء تشهد 27 مسيرة حاشدة تنديدًا باستمرار جرائم العدو الصهيوني في غزة
  • مجلة أمريكية: التهديدات اليمنية قد تُغرق الكيان الصهيوني في شلل اقتصادي شامل