عملة موحدة وبنك مركزي مستقل.. بريكس رمّانة جديدة لميزان الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
القاهرة- عمر حسن: لا تتوقف محاولات بعض الدول الكبرى عن التخلص من هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية تتحكم في الاقتصاد، والحقيقة أن كثير من تلك المحاولات قد فشلت على مدار عشرات السنوات الماضية، نتيجة تغلغل الدولار في مفاصل الاقتصاد العالمي.
استمرار هيمنة "الوحش الأخضر"، أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لروسيا وحليفتها الصين، خاصة بعد العقوبات الأمريكية على موسكو عقب حربها على أوكرانيا، وهو ما عجّل من فكرة توسيع وتقوية تحالف "بريكس"، الذي يعقد قمته حاليًا في جوهانسبرج بـ"جنوب إفريقيا"، فما قصته؟ ولماذا تنعقد عليه آمال بناء نظام اقتصادي عالمي جديد لا ينفرد فيه الدولار بصناعة القرار؟
البداية
تأسست مجموعة "بريكس" عام 2009 بمشاركة كل من: الصين والبرازيل والهند وروسيا، لتنضم إليها جنوب أفريقيا في عام 2010.
الرئيس السابق لذراع إدارة الأصول في "غولدمان ساكس" جيم أونيل كان أول من صاغ المصطلح على هذا التجمع.
المصطلح وُلد في البداية تحت اسم "بريك" وهو يرمز إلى أول حرف من اسم الدول المنضوية تحته باللغة الإنكليزية.
في عام 2010، انضمت جنوب أفريقيا (South Africa) إلى المنظمة، ليتم إضافة أول حرف من اسمها إلى اسم التجمع، ليصبح في النهاية "بريكس".
ولكن ماذا لو وافقت المجموعة على انضمام أعضاء جُدد، فهل ستتبع نفس المبدأ لإطلاق تسمية جديدة أم تبقى كما هي "بريكس"؟
أهمية التحالف
قد تتساءل عن أهمية تشكيل تحالف مثل "بريكس" وحجم التأثير الذي قد يُحدثه في الاقتصاد العالمي، وهو ما يتضح من خلال بعض الأرقام والإحصائيات.
تمثّل دول بريكس مليارات الأشخاص - أكثر من 40% من سكان العالم- عبر ثلاث قارات، مع اقتصادات تشهد مراحل متفاوتة من النمو، لكنّها تتشارك أمراً واحداً: ازدراء نظام عالمي تقول إنّه يخدم مصالح القوى الغربية الغنية.
ويعادل مجموع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للأعضاء 25.9 تريليون دولار بنسبة 25.7% من الناتج العالمي، حسب بيانات المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو.
دول جديدة
بحث انضمام دول جديدة هو ملف تمت تنحيته في الاجتماعات السابقة لـ"بريكس"، ويرغب حالياً نحو 23 دولة بينها إندونيسيا والسعودية والإمارات ومصر، في الانضمام إلى المجموعة.
وبحسب سفير جنوب أفريقيا لدى "بريكس" فإن هناك حاليًا شبه إجماع بين الدول الأعضاء على ضرورة أن تتوسع المجموعة لكن "وفق بعض القواعد الإجرائية والمعايير لقبول أعضاء جدد".
والحقيقة أن ذلك الاتجاه لم يكن سائدًا داخل التحالف حتى وقت قريب، حيث سبق وأن صرح مسؤولون مطلعون على المفاوضات الداخلية للتكتل بأن الصين وروسيا وجنوب أفريقيا تدعم توسيع "بريكس"، وسط بعض المعارضة من الهند التي تتخوف من أن تصبح المجموعة ناطقة باسم جارتها القوية بكين، والبرازيل التي تشعر بالقلق إزاء حالة الاستعداء الغربي.
قوة اقتصادية
يُنتظر من تحالف "بريكس" أن يشكل قوة اقتصادية كبيرة من شأنها تهديد مستقبل الدولار كعملة احتياطية لدول العالم.
ورغم أن هدف استخدام العملات المحلية يُعتبر مشروعاً طويل المدى، فإن عديداً من أعضاء "بريكس" بدأوا تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.
وزادت المبادلات التجارية بين أعضاء "بريكس" بنسبة 56% إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية.
ومن المفترض أن تبحث القمة التي تستمر حتى 24 من أغسطس الجاري، أموراً مالية على غرار إنشاء نظام مدفوعات وعملة موحدة وزيادة التعامل بالعملات المحلية في التبادل التجاري بين دول المجموعة.
يأتي ذلك السعي خصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها على غالبية دول المجموعة، بالإضافة إلى سياسة رفع أسعار الفائدة الأميركية وتبعات هذا الأمر على اقتصادات الدول الناشئة.
ومن بين عوامل القوة الاقتصادية لتحالف "بريكس" كان إطلاق بنك التنمية الجديد عام 2015 ليكون بديلاً من مؤسسات دولية مثل "صندوق النقد" أو "البنك الدولي".
وقد نجح البنك- الذي يتخذ من شنغهاي مقراً له- في جمع 1.5 مليار راند (94 مليون دولار) في أول طرح سندات له بدولة جنوب أفريقيا.
تحديات وصعوبات
رغم التأثير الكبير والمُحتمل لـ"بريكس" على ميزان القوى الاقتصادية العالمية، إلا أن التحديات الاقتصادية والسياسية قد تهدد من فرص نجاح وتماسك ذلك التحالف الواعد.
وأول تلك التحديات هو القوة الاقتصادية الذي يتمتع بها الدولار، حيث تقدّر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت"، أن الدولار مستخدم في 42% من معاملات العملات عالميًا، وحصة اليورو تبلغ 32%، أما اليوان الصيني، فيساهم بنحو 2%.
الدولار هو طريقة التبادل الأكثر استخداماً في جميع أنحاء العالم بعد عملة كل دولة، ويتجاوز العملات المحلية في بعض الأحيان.
أيضاً كل السلع تقريباً، بما في ذلك النفط والذهب، تُتداول بالدولار، حتى العملات المشفرة تقترن حصرياً تقريباً بالدولار.
وكذلك تشكل الاختلافات السياسية بين دول الأعضاء تهديدًا لتماسكه مع الرغبة في التوسع لضم أعضاء جديد، حيث تخشى الهند- التي كثيراً ما تشهد مناوشات حدودية مع الصين- من هيمنة بكين على التحالف.
لكن تبقى هناك عوامل من شأنها ضمان مستقبل أكثر وضوحًا للتحالف، وقد ذكر جيم أونيل، الاقتصادي البارز في مجموعة غولدمان ساكس، أحد تلك العوامل، وهي انضمام دول إلى مجموعة "بريكس" مثل المملكة العربية السعودية.
أهمية انضمام السعودية للتحالف تكمن من وجهة نظر "أونيل" في إمكانية تسعير النفط فعلياً بعملات دول المجموعة المحلية وليس بالدولار، وهذا إن حدث سيُعد ضربة موجعة للعملة الخضراء، وقد يجعل من "بريكس" رمانة ميزان جديدة للاقتصاد العالمي.
للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا
المصدر: معلومات مباشر
كلمات دلالية: العملات المحلیة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
تغيرات عاصفة في سوق الذهب العالمي والمحلي.. إليك توقعات جولد بيليون
من جديد انخفض سعر الذهب العالمي خلال تداولات اليوم الجمعة في طريقه إلى تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له منذ شهر نوفمبر الماضي، وذلك في ظل ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي وتراجع المخاوف المتعلقة بالحرب التجارية العالمية الأمر الذي قلل من الطلب على الذهب كملاذ آمن.
سجل سعر أونصة الذهب العالمي انخفاضا اليوم بنسبة 1.3% ليسجل أدنى مستوى عند 3196 دولارا للأونصة، وذلك بعد أن افتتح تداولات اليوم عند المستوى 3241 دولارا للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 3199 دولارا للأونصة.
يتجه الذهب إلى تسجيل ارتفاع على المستوى الأسبوعي بنسبة 3.8% وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ ستة أشهر، في الوقت الذي قلص فيه الدولار مكاسيه الأسبوعية بسبب البيانات الأخيرة التي قللت من الطلب على الذهب.
واجهت أسعار الذهب ضغوط بيع شديدة هذا الأسبوع بسبب تهدئة التوتر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث اتفقت واشنطن وبكين على خفض الرسوم الجمركية مؤقتًا على بعضهما البعض في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما يمثل تهدئةً في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وفق جولد بيليون.
أثار الاتفاق توقعات الأسواق في مزيد من التهدئة بالإضافة إلى عقد المزيد من الصفقات التجارية الأمريكية مع الاقتصادات الكبرى الأخرى. وأدى ذلك بدوره إلى ارتفاع حاد في الأصول التي تعتمد على المخاطرة على حساب الذهب.
يوم أمس شهد الذهب تذبذبا حادا فقد انخفض وسجل أدنى مستوى منذ أكثر من شهر عند 3120 دولارا للأونصة وذلك قبل أن يعود إلى الارتفاع ليغلق مرتفعاً بنسبة 2%ؤ تقريباً. ليحاول الذهب حالياً تحديد موقفه من المستوى الهام 3200 دولار للأونصة وهل سيغلق تداولات الأسبوع أعلى أم أسفل هذا المستوى.
الجدير بالذكر أن انخفاضات أسعار الذهب لا تزال تجذب المشترين، مما يدل على أن المعدن النفيس لا يزال يجد طلبا في الأسواق في حين لا تزال توقعات النمو والتضخم العالمية تبدو غامضة.
انخفضت أسعار المنتجين الأمريكيين بشكل غير متوقع في أبريل وتباطأ نمو مبيعات التجزئة وفقًا للبيانات. وأظهر تقرير أن أسعار المستهلك ارتفعت بأقل من المتوقع الشهر الماضي.
بالإضافة إلى هذا صرح يوم الخميس مايكل بار محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي، بأن الاقتصاد الأمريكي يسير على قدم وساق مع توجه التضخم نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%، لكن السياسات التجارية تسببت في التأثير على التوقعات.
أعلن البنك المركزي الصيني عن استمرار مشترياته الشهرية من الذهب للشهر السادس على التوالي في أبريل، ليضيف 2.2 طن إلى احتياطيات الذهب لتصل الآن إلى 2295 طن أي ما يعادل 6.8% من إجمالي الأصول الاحتياطية.
من جهة أخرى أضافت صناديق الاستثمار الصينية المتداولة في الذهب تدفقات نقدية بمقدار 6.8 مليار دولار أمريكي أي ما يساوي 65 طنا من الذهب لتسجل الصناديق الصينية بذلك أقوى أداء شهري لها على الإطلاق.
أسعار الذهب في مصر
عاد الذهب المحلي إلى التراجع خلال تداولات اليوم في ظل استمرار انخفاض الأسعار وتراجع عملية تسعير الذهب المحلي بسبب انخفاض سعر أونصة الذهب العالمي بالإضافة إلى التراجع التدريجي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الجمعة عند المستوى 4550 جنيها للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 4535 جنيها للجرام، وكان قد ارتفع خلال جلسة الأمس بمقدار 110 جنيهات ليغلق عند المستوى 4590 جنيها للجرام بعد أن افتتح الجلسة عند المستوى 4480 جنيها للجرام.
يتجه سعر الذهب المحلي إلى تسجيل انخفاض أسبوعي كبير بسبب تأثره بحركة الذهب العالمي الذي انخفض بشكل حاد هذا الأسبوع ليدفع معه السعر المحلي الذي يعتمد على تحركاته بشكل أساسي.
في المقابل انخفض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بشكل تدريجي هذا الأسبوع الامر الذي ساهم في انخفاض تسعير الذهب المحلي الذي يعتمد على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
شهد الأسبوع الماضي بداية بعثة صندوق النقد الدولي المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وذلك بعد أن وافق الصندوق على صرف الشريحة الرابعة بمقدار 1.2 مليار دولار
يعمل هذا على استقرار أوضاع الاحتياطي النقدي واستقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وبالتالي يدفع سعر الذهب إلى التراجع.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
تراجع الذهب العالمي خلال تداولات اليوم ليتجه إلى تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي منذ 6 أشهر وذلك في ظل تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن بسبب تراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في المقابل ارتفع الدولار وعوائد السندات ليزيد من الضغط السلبي على الذهب.
تراجع سعر الذهب المحلي خلال تداولات اليوم ليستكمل الهبوط الذي سيطر عليه خلال تداولات الأسبوع، وذلك في ظل تتبعه لحركة سعر الذهب العالمي بالإضافة إلى تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
يحاول الذهب العالمي حالياً العودة للتداول فوق المستوى 3200 دولار للأونصة بعد أن انخفض يوم أمس تحت المتوسط المتحرك 50 يوما قبل أن يعود إلى الارتفاع فوق هذا المستوى مما يدل على تواجد عمليات الشراء عند الهبوط، ليعود مؤشر الزخم إلى التداول بالقرب من المستوى الحيادي.
أما عن السعر المحلي:
فشل الذهب المحلي عيار 21 في الحفاظ على التداولات فوق المستوى 4600 جنيه للجرام ليتراجع ويتداول حالياً تحت المستوى 4550 جنيه للجرام. وذلك في ظل تزايد زخم الهبوط خلال الفترة الحالية.