العرب وإسرائيل في ذكرى اتفاقية رودوس: تحولات وتحديات
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
في مثل هذا اليوم، تم توقيع اتفاقيات رودوس لتحقيق هدنة مؤقتة بين دول عربية وإسرائيل، واليوم بعد مرور عقودٍ من الزمن، لاتزال الحلول غير قادرة على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة.
في 24 فبراير 1949، قبل 76 عاما بالضبط، شهدت جزيرة رودوس توقيع اتفاقيات هدنة بين إسرائيل وكل من مصر، الأردن، لبنان، وسوريا، معلنةً نهاية المرحلة العسكرية الأولى من الصراع العربي-الإسرائيلي.
في عام 2025، ومع التطورات الدراماتيكية، تعود قضية الفلسطينيين إلى الواجهة من زاوية أخرى، مع خطة ترامب لتهجير أهل غزة إلى الأردن ومصر، ومع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اقترح بأن "السعودية كبيرة بما يكفي لتستوعب الفلسطينيين."
جاءت هذه التصريحات في إطار حملة ضغط سياسي تهدف إلى إعادة ترتيب الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة. إذ اعتبر نتنياهو أن الحل الأمثل يكمن في نقل الفلسطينيين إلى السعودية، مُكرِّسًا بذلك رؤية إسرائيلية تسعى إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، بحسب ما يعلن مسؤولو الحكومة الإسرائيلية الحالية.
أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة من السعودية ودول عربية أخرى، حيث اعتُبرت محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب سيادة الدول العربية. وأكدت الرياض موقفها الثابت من هذه المسألة، رافضةً بشكل قاطع أي محاولات للتوطين أو نقل الفلسطينيين من أراضيهم.
ضغوط على مصر والأردن: توطين وتصفية بغطاء إقليميلم تتوقف الأجندة الإسرائيلية عند حدود التصريحات، بل ترافقت مع ضغوط متزايدة على كل من مصر والأردن لقبول خطط توطين الفلسطينيين خارج أرضهم. وتأتي هذه الضغوط في سياق مشروع طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يُعرف بـ"خطة غزة"، الذي يقترح إعادة توطين سكان غزة في دول عربية مجاورة، وتحويل القطاع إلى منطقة سياحية تحت مسمى "ريفييرا الشرق الأوسط".
ويتجاوز هذا المشروع حدود الواقع السياسي، ويتناقض مع القرارات الدولية السابقة، خصوصاً حق العودة وتقرير المصير. ورغم الضغط الدولي، ترفض مصر والأردن هذه المقترحات، مؤكدةً على ضرورة احترام حقوق الفلسطينيين وعدم المساس بسيادة البلدين.
بين الأمس واليومتكشف المقارنة بين اتفاقيات رودوس 1949 والمشهد السياسي في 2025عن تحولات عميقة في الديناميكيات الإقليمية والدولية. ففي عام 1949، سعت اتفاقيات رودوس إلى تحقيق هدنة مؤقتة تمهيدًا لحلول سلمية دائمة، لكنها لم تتطرق إلى قضايا الحل النهائي مثل الحدود واللاجئين. أما اليوم، فتواجه القضية الفلسطينية تحدّيا وجوديًا يهدد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
في خضم هذه التحولات، ترفض السعودية التصريحات الإسرائيلية، وتؤكد موقفها تجاه حقوق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير، وترفض أيضا بشكل قاطع أي محاولات لتوطينهم خارج أرضهم التاريخية. لكنها في الوقت نفسه تعبر بصورةٍ متزايدة عن رغبتها بالسلام في المنطقة، وهي كانت قد أعلنت مواقف مرحبة بتوقيع إتفاقية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل برعايةٍ أميركية، لكن على قاعدة حل الدولتين، وهو ما تصر حكومة نتنياهو على رفضه.
Relatedوزير الخارجية المصري: لدينا رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينييننتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سلاح حزب الله يجب أن يتم على يد جيش لبناننتنياهو: إسرائيل أمام فرصة تاريخية لـ"تغيير وجه الشرق الأوسط" مع تعيين قائد جديد للجيشحماس: لغة التهديد والوعيد التي يستخدمها ترامب ونتنياهو لا تخدم تنفيذ اتفاق وقف اطلاق الناروفي السياق نفسه، وبعد 76 عاماً من اتفاقية رودوس، تواجه كل من مصر والأردن ضغوطًا هائلة لقبول الخطة التي اقترحها ترامب. ومع ذلك، فقد أكدت كل من القاهرة وعمان رفض المشروع انطلاقاً من تهديده للسيادة الوطنية لكل منهما.
وتكشف الذكرى السنوية لاتفاقيات رودوس عن استمرارية تعقيدات الصراع في المنطقة، رغم تبدل الزمان والمكان. ففي حين سعت تلك الاتفاقيات إلى تحقيق هدنة مؤقتة، لاتزال محاولات الوصول إلى حلول في المنطقة قاصرةً عن تحقيق صيغة تتلاءم مع القرارات الدولية، وقبول الأطراف المعنية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أكبر حزمة عقوبات بريطانية ضد روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا البابا فرنسيس في حالة حرجة وفشل كلوي مبكر لكنه لا يزال يقظاً في ذكرى حرب أوكرانيا.. وفد أوروبي رفيع يصل كييف ومعه حزمة مساعدات بقيمة 3.5 مليار يورو دونالد ترامبمصر- سياسةإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الحرب في أوكرانيا روسيا فلاديمير بوتين ألمانيا أولاف شولتس الحرب في أوكرانيا روسيا فلاديمير بوتين ألمانيا أولاف شولتس دونالد ترامب مصر سياسة إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا روسيا فلاديمير بوتين ألمانيا أولاف شولتس دونالد ترامب حكومة أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي سوريا ضحايا مصر والأردن یعرض الآنNext هدنة مؤقتة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
“ترامب يضغط على نتنياهو لأجل مصر”.. الصفقة الأكبر بين مصر وإسرائيل تقترب من لحظة الحسم
مصر – كشفت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية أن صفقة تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر، البالغة قيمتها 35 مليار دولار، تقترب من لحظة الحسم.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين يجد نفسه في موضع حرج، إذ يتعين عليه الموازنة بين الالتزام بأسعار غاز منخفضة في السوق المحلية، وتنفيذ صفقة استراتيجية تخدم مصالح إسرائيل الجيوسياسية والاقتصادية، لكنها قد تهدد القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتنص الصفقة التي جرى الإعلان عنها قبل أربعة أشهر على أن تبيع شركتا “نيو ميد إنيرجي” و”لوثيان” 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040، مقابل 35 مليار دولار، في ما يعد أضخم صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل.
وتأتي الصفقة كتحديث وتوسيع لاتفاقية التصدير الحالية الموقعة عام 2019، والتي كانت تنص على تصدير 60 مليار متر مكعب فقط.
وبحسب الخطة، سيبدأ التنفيذ الفعلي في النصف الأول من 2026، بتصدير 20 مليار متر مكعب، يليها 110 مليارات متر مكعب إضافية بعد الانتهاء من مشروع توسعة حقل لوثيان (المرحلة 1B)، الذي سيرفع الإنتاج السنوي، شريطة الحصول على ترخيص تصدير رسمي من وزارة الطاقة.
وتشير “كالكاليست” إلى أن شركات الغاز كانت ترفض ضخ استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في مشروع التوسعة دون وجود عقد تصدير طويل الأمد يضمن عوائد مستقرة — وهو ما توفّره هذه الصفقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن كوهين واجه تحدّيين رئيسيين: أولاً: أن سعر التصدير إلى مصر أعلى بكثير من السعر المحلي، ما يخلق حافزًا قويًّا للشركات لتصدير الغاز بدلاً من بيعه في السوق المحلية، مما قد يرفع أسعار الكهرباء وتكاليف الصناعة.
ثانيًا: أن السوق الإسرائيلية تفتقر إلى المنافسة الحقيقية. فشركة “شيفرون” (المالكة لـ39.7% من حقل لوثيان و25% من حقل تمار) تُسيطر تشغيليًّا على غالبية الإنتاج، بينما يكاد المورد المنافس الوحيد (كريش) ينفد.
وفي هذا السياق، طالبت وزارة المالية — ضمن قانون “الترتيبات” الاقتصادي الحالي — بتعديل قواعد السوق عبر فرض قيود ذكية على التصدير، لا لتجميده، بل لضمان وفرة الغاز محليًّا.
ويرى خبراء الوزارة أن الحل يكمن في خلق “فائض اصطناعي” في العرض المحلي، عبر إلزام شركات الغاز بالاحتفاظ بكميات أكبر من الغاز في السوق مما يحتاجه الاقتصاد فعليًّا. هذا الفائض سيولّد منافسة بين الشركات لبيعه، ما يؤدي إلى خفض الأسعار تلقائيًّا.
واقترحت الوزارة أن لا يتجاوز التصدير 85% من الفارق بين القدرة الإنتاجية والطلب المحلي، لضمان أمن الإمدادات الداخلية.
لكن شركات الغاز اعترضت بشدة على هذه الخطة، محذرة من أنها:
تضر بجاذبية الاستثمار في قطاع الغاز الإسرائيلي، تقوض الاستقرار التنظيمي، وقد تؤدي إلى إلغاء تطوير احتياطيات الغاز المستقبلية.كما أكدت أن الصفقة مع مصر كانت ستلغى لولا وجود ضمانات بتنفيذها كما هو مخطط. وأشارت إلى أن إلغاء مشروع توسيع لوثيان سيكلّف الدولة خسارة تصل إلى 60 مليار شيكل، تشمل:
35–40 مليار شيكل من ضرائب “شينسكي” (الضريبة الخاصة على موارد الطاقة)، 22–25 مليار شيكل إضافية من إتاوات وضرائب أخرى.في المقابل، ترى وزارة المالية أن الاحتفاظ بالغاز تحت الأرض قد يوفّر تكاليف هائلة للمستهلكين والصناعة، نظرًا لتأثير ارتفاع أسعار الغاز المباشر على أسعار الكهرباء وتكاليف الإنتاج.
وشددت “كالكاليست” على أن الصفقة لا تهدد أمن إمدادات الغاز المحلي، إذ التزمت الشركات بعدم السماح بأي نقص، خاصةً في ظل الاعتبارات الأمنية التي تتطلب ضمان استقلالية الطاقة على المدى الطويل.
لكن القضية، وفق الصحيفة، تتجاوز الاقتصاد المحلي لتصل إلى حسابات جيوسياسية معقدة:
مصر، الشريك الاستراتيجي، تمرّ بأزمة طاقة حادة بعد تراجع إنتاجها من الغاز، رغم الطلب المرتفع على الكهرباء والصناعة. هناك شعور مصري بالإهمال من جانب إسرائيل، خصوصًا مع تقارب القاهرة من الدوحة. الصفقة تحمل أيضًا أهمية استراتيجية لأوروبا، التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي، ويمكن للغاز الإسرائيلي أن يُوجّه عبر مصر إلى الأسواق الأوروبية.وفي الختام، خلصت “كالكاليست” إلى أن القرار الحالي يشكل مواجهة ثلاثية الأبعاد:
وزارة المالية: تدافع عن المستهلك وتحارب التضخم. شركات الغاز: تحمي أرباحها واستقرار البيئة الاستثمارية. وزارة الطاقة: تحاول الموازنة بين غلاء المعيشة، والأمن الطاقي، وتنمية القطاع.ورغم أن القرار الرسمي بيـد وزير الطاقة إيلي كوهين، فإن الصحيفة تشير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون الطرف المحوري، خاصة أن ترامب يمارس ضغطًا شخصيًّا لضمان تنفيذ الصفقة. وفي ظل الأولويات السياسية والدبلوماسية، قد لا يولى ارتفاع تكلفة المعيشة نفس الأهمية لدى نتنياهو مقارنة بالتزاماته الدولية.
المصدر: صحيفة “كالكاليست”