السوداني: الخلافات بين بغداد وأربيل انتقلت من إطارها السياسي إلى سياقها القانوني
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
آخر تحديث: 26 فبراير 2025 - 12:14 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، عن حرص حكومته خلال السنتين الماضيتين على اتباع سياسة “العراق أولًا”، فيما أشار إلى تطلعه لاستئناف صادرات النفط عبر ميناء جيهان في كوردستان العراق مع فتح صفحة جديدة مع الاقليم.جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال منتدى أربيل بنسخته الثالثة تحت عنوان (القلق المتراكم حول مستقبل الشرق الأوسط).
وقال السوداني، إن “انعقاد مثل هذه المؤتمرات بهذا المستوى الرفيع من الحضور والمشاركة هو دليل على تعافي العراق وترسيخ الممارسة الديمقراطية، إذ أصبحت الحوارات المفتوحة والمناظرات الصريحة جزءاً أساسياً من النهج السياسي، مما يعزز بناء الدولة ويخدم تطلعات الشعب في تحقيق الأمن والاستقرار”.وأضاف السوداني، “اليوم، أنهينا مرحلة الحروب والصراعات التي عانينا منها لسنوات وانتقلنا إلى مرحلة السلم والاستقرار والازدهار، واليوم يمضي العراق بخطى واثقة نحو التكامل مع المجتمع الدولي، مستندًا إلى رؤية واضحة قائمة على التعاون والشراكة الفاعلة مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل على تحقيق مستقبل أفضل لشعبنا”. وأشار السوداني، إلى أن “حكومته حرصت خلال السنتين الماضيتين على اتباع سياسة ترتكز على مبدأ (العراق أولًا)، بحيث تكون مصالح العراق وشعبه في صدارة الأولويات، فضلًا عن التفاعل الإيجابي مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي”، مستطرداً بالقول “عززنا علاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مما جعل العراق جسراً للحوار والتعاون، وأسهم في استعادة دوره الريادي في المنطقة تحت مفهوم تبنيناه كمنهج عملي، وما سميناه الدبلوماسية المنتجة”.وأوضح السوداني، أن “انفتاح العراق على الصعيدين الإقليمي والدولي هو جزء من النهج المستمر في توسيع الشراكات الاقتصادية والاستفادة من الخبرات الدولية لدعم الاقتصاد الوطني، حيث لا تقتصر هذه الجهود على جهة بعينها، بل تشمل جميع الشركاء في المجتمع الدولي، اذ يتم تعزيز التعاون في مختلف المجالات لضمان تحقيق التنمية المستدامة والمنفعة المتبادلة”.وكشف السوداني، أن “العراق على أعتاب مفاوضات ثنائية مع الدول المنضوية تحت التحالف الدولي لوضع إطار واضح للتعاون المشترك في مواجهة الإرهاب والتطرف، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة، وأيضاً الانتقال إلى علاقات ثنائية مع جميع دول التحالف”.وبشأن العلاقات بين بغداد وأربيل، أكد السوداني، أن “حكومته عملت على إيجاد حلول مستدامة لما كانت تسمى بالمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، وتم تحويلها إلى فرص قادمة للتعاون والتكامل، حيث تمكنا من إخراج هذه القضايا من إطارها السياسي إلى سياقها القانوني”. وتابع السوداني، “وبعد تمرير تعديل قانون الموازنة، نتطلع الآن إلى استكمال إجراءات تصدير النفط الخام إلى ميناء جيهان، وفتح صفحة جديدة مع الشركات العاملة في الإقليم، بما يسهم في تنمية الاقتصاد العراقي وإنصاف المواطنين في إقليم كوردستان من خلال ضمان استلامهم كامل حقوقهم من رواتب ومستحقات”.وبشأن الأوضاع الإقليمية، أشار السوداني، إلى أن “المنطقة شهدت حرباً لم نشهد مثلها منذ عقود في غزة ولبنان من قبل الكيان الغاصب والتي استهدفت فيها كل مقاومات الحياة”، مؤكداً أن “الحكومة عملت بجهد على تجنب العراق لنار هذه الحرب”.وبين السوداني، أن “العراق كان حريصاً على دعم لبنان وفلسطين بالمساعدات الانسانية”، مشيراً إلى أن “العراق يدعم الاستقرار الاقليمي ولذلك اكدنا مساندة الشعب السوري وحقه في تقرير مستقبله ووقفنا مع كل المبادرات التي تسهم في فرض الامن والاستقرار في سوريا إيمانا منا بوحدة المصير”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
هل يركب العراق قطار التطبيع بعد حضور السوداني قمة شرم الشيخ؟
أثارت مشاركة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في قمة شرم الشيخ حول إيقاف الحرب في غزة، جدلا سياسيا في العراق، ففيما وصفها البعض تمهد للتطبيع، ورآها آخرون بأنها تؤكد أهمية دور البلد الإقليمي وموقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وشارك السوداني، الاثنين، في قمة شرم الشيخ للسلام المقامة، بدعوة من مصر والولايات المتحدة الأمريكية، لمناقشة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب في غزة، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار بمشاركة أكثر من 20 قائدا عالميا وإقليميا.
الصدر غاضب
وفي أول ردة فعل على الزيارة، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إنه من المعيب على الأحزاب الشيعية الحاكمة (...) أن يحضر رئيس مجلس وزرائها اجتماعا كان سيحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
واعتذر نتنياهو عن الحضور بحجة الأعياد الدينية في دولة الاحتلال.
وأضاف الصدر خلال تدوينة على منصة "أكس" أنها "(...) لعلها بداية لإعلان التطبيع، أو فيها توقيع على حل الدولتين الذي يجرّمه قانون التطبيع".
يأتي ذلك في وقت، انتقد فيه أمين عام "كتائب الإمام علي" المنضوية في قوات الحشد الشعبي، شبل الزيدي، مشاركة السوداني، في قمّة شرم الشيخ في مصر، معتبرا الأمر "مغازلة لمحور التطبيع".
وقال في تدوينة له، إن "الحضور في قمة المطبعين في شرم الشيخ رسالة مغايرة للتوجه العام للشعب العراقي، ومخالفة لقرار التجريم، ومغازلة غير مقبولة لمحور التطبيع، ورسالة إذعان وهرولة نحو المعسكر بلا مبرر ولا مصلحة وطنية، (لا دفع ضرر ولا جلب منفعة) بل هي رسالة تسويق شخصي على حساب الثوابت الوطنية".
وفي السياق ذاته، قال النائب والمكلف السابق برئاسة الحكومة العراقية، عدنان الزرفي، خلال مقابلة تلفزيونية، إن حضور السوداني لهذا المؤتمر هو بداية للقبول بحل الدولتين وهو خلاف لرأي النظام السياسي في العراق، وأن القبول بهذا الحل هو اعتراف بدولة إسرائيلية.
وأوضح الزرفي أن "النظام السياسي العراقي بنى وجهة نظره على قضية عقائدية تاريخية واستمر على هذا الموقف طيلة السنوات الماضية، وأن مراجعة النظام لهذه المسألة قد يعرضه إلى تناقضات لا حصر لها، خصوصا أن العراق شرع قانون تجريم التطبيع".
وفي المقابل، ردت البرلمانية عالية نصيف، عضو ائتلاف "الإعمار التنمية" بزعامة السوداني، بالقول إن "موقف السوداني الوطني المشرّف يمثل موقف الشعب العراقي الرافض لجرائم السفاح نتنياهو، لن نزايد على مواقفنا الوطنية تجاه فلسطين".
أما الموقف الحكومي الرسمي فجاء على لسان المتحدث باسمها، باسم العوادي، الذي أكد أن مشاركة السوداني في قمة شرم الشيخ للسلام بشأن غزة، تأتي في إطار التأكيد على أهمية الدور الإقليمي للعراق، والموقف الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وقال إن "حضور عدد كبير من قادة الدول في هذه القمة ما كان ليحدث لولا الأهمية البالغة للقضية الفلسطينية، وكذلك إدراك المجتمع الدولي المتزايد بأهمية الدور العراقي في المنطقة".
وخلال مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، الاثنين، قال السوداني، إن "العراق أعلن دعمه للاتفاق الذي توصل اليه الرئيس دونالد ترامب، ونحن نعتقد انه جاد في تحقيق السلام، وهذا هو هدف الجميع".
ووصف السوداني المبادرة الأمريكية بـ"المهمة"، معرباً عن أمله، بأن يكون هذا الاتفاق مستداما، وبداية لحل جذري لهذه المشكلة، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وحول موقف السوداني من توني بلير المعروف بدوره في احتلال العراق، وطرح دور مستقبلي له في غزة، قال، إن "بلير شخص مقبول من العراقيين، وصديق، ساهم بالذهاب إلى الحرب في ذلك الوقت والإطاحة بنظام صدام حسين".
ووصف السوداني توني بلير بأنه "صديق عظيم للعراقيين ويزورنا في كثير من الأحيان، وعقد اجتماعات معه، بالتأكيد نتمنى له النجاح في مهمته، ونحن ندعمه".
"مظلة حماية"
وبخصوص تداعيات مشاركة السوداني في قمة شرم الشيخ، قال كاظم ياور مدير مؤسسة "دستورنامه" للدراسات الديمقراطية، إنه "لم يكن العراق دولة ذات أولوية للدول الأوروبية والولايات المتحدة حتى يشارك فيها، لكن الدعوة ربما جاءت بطلب عراقي من الجانب المصري".
وأضاف ياور لـ"عربي21" أن "السوداني يقرأ الساحة الدولية والإقليمية ما بعد حرب غزة، وهناك شكوك بأن إسرائيل قد تصعّد ضد الدول التي كان لديها مع موقف إيجابي مع غزة، لذلك ذهاب رئيس الوزراء ربما يتعلق بالدرجة الأساس بإعطاء العراق حصانة إقليمية تجاه أي هجمات إسرائيلية".
وأوضح الخبير السياسي أن "العراق حاول أن يقف في مظلة شرم الشيخ لإبعاد هذه المخاطر عنه، وربما هذه الجزئية ربما تتفق عليها- ولو سرا- الأطراف السياسية في الإطار التنسيقي، لأنها مسألة أكبر من الانتخابات ونتائجها".
وبخصوص الحديث عن أن المشاركة في قمة شرم الشيخ هي بداية للتطبيع مع إسرائيل، رأى ياور أن "تصريحات زعيم التيار الصدري، وآخرين يقاطعون الانتخابات البرلمانية لديهم وسائل للنيل من المشاركين في العملية الانتخابية، بالتالي هم بحاجة إلى مثل هذه التصريحات".
ورجح ياور أنه "كلما اقترب من موعد الانتخابات، فإن وسائل التيار الصدري لمنع أو التشويش على العملية الانتخابية تتراجع، بالتالي يريد التحول إلى العمل على ما بعد النتائج، والتي ربما ستقتصر على الوجوه القديمة و المخضرمة في العملية السياسية، وأبرزهم السوداني، ولا وجود للوجوه الجديدة".
ولفت إلى أن "هذه الوجوه القديمة عليها اعتراضات شديدة وكبيرة من الصدر، لذلك يحاول التيار الصدري إخراج أوراقه الضاغطة على العملية الانتخابية خلال المرحلة الحالية، والتي تعقب إعلان النتائج".
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، أن "زيارة السوداني ودعوة مصر له كان الغاية منها محاولة أن يكون العراق ضمن العمق العربي، إضافة إلى أن ترامب ربما وافق، لأنه بلد يمتلك مقدرات مالية الكبيرة، وأن الولايات المتحدة تريد تعزيز وجودها الاستثماري في المنطقة".
وبيّن الفيلي في حديث مع "عربي21" أن "موضوع التطبيع أعتقد أن العراق ربما يكون آخر قاطرة في قطار التطبيع، رغم أنه لن يتم في عهد السوداني ولا غيره، لأن الفلسطينيين أنفسهم يريدن حل الدولتين، ولا يستطيع أي أحد التحدث بالنيابة عنهم".
وبحسب قول المحلل السياسي العراقي، فإن "زعيم التيار الصدري لابد أن يعترض لأنه جزء من المدرسة العقائدية لوالده المرجع الديني محمد صادق الصدر التي تؤمن بضرورة معادة إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية".
وأعرب الفيلي اعتقاده بأن "التحدي الأكبر سيكون ما بعد العملية الانتخابية، لأن التيار الصدري سيتحرك على أكثر قضية، وقد يكون المرتكز فيه هو موضوع الفساد أكثر من غيره، وليس الحديث عن التطبيع، لكن يبقى عنصر المفاجئة والمؤثرات الخارجية هي الحاسمة في عملية تشكيل الحكومة المقبلة".
وأشار إلى أن "إسرائيل متغلغلة في الشركات العالمية الكبرى بمختلف القطاعات الاقتصادية، والكثير منها واجهات لها، وهذه مشكلة بحد ذاتها، لذلك الأمر ليس بحاجة إلى ضغط من ترامب لدفع العراق نحو التطبيع أو أي تعاطي اقتصادي مع الجانب الإسرائيلي".