أمضى النظام الإيراني عقوداً من الزمن في بناء ما أطلق عليه "محور المقاومة"، وهو تحالف من الميليشيات المناهضة للغرب، التي وسعت نفوذ طهران، لكن ما يستغرق سنوات من البناء يمكن أن ينهار على ما يبدو بين "عشية وضحاها"، والعراق هو أحدث دولة تحاول الخروج من "فلك إيران".

يمكن للأحزاب الموجودة حالياً في الإطار التنسيقي أن تنفصل عن طهران



كتب آراش عزيزي في مجلة "ذي أتلانتيك" أن المحور انزلق العام الماضي بسرعة من ذروة قوته الظاهرية إلى الانحدار النهائي.

فقد ضربت إسرائيل إلى حد كبير عضوين رئيسيين فيه، حماس وحزب الله، وسقط نظام بشار الأسد أمام معارضيه.
في لبنان، انتخب البرلمان رئيساً ورئيس حكومة جديدين، ليسا على علاقة ودية بالمحور. حتى وقت قريب، كانت طهران تحب أن تفتخر بأنها تسيطر على 4 عواصم عربية: دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد. لقد انزلقت العاصمتان الأوليان. ولا تزال العاصمة الثالثة تحت سيطرة الحوثيين، الذين يظلون موالين لطهران. ولكن ماذا عن الرابعة؟. انتصار غير مستقر

يمر نفوذ إيران في بغداد عبر الميليشيات والأحزاب السياسية الشيعية في البلاد. لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي أن يحكم دون دعم الجماعات الشيعية. مع ذلك، إن درجة سيطرة طهران على بغداد تتغير دائماً. لا تستطيع الأحزاب الموالية لطهران تشكيل حكومة بمفردها؛ بل يتعين عليها تشكيل تحالفات مع أحزاب أخرى، بما فيها تلك التي يهيمن عليها الأكراد والسنة الذين لا تربطهم أي تعاطف أيديولوجي يذكر مع المحور. وحتى بين الشيعة في العراق، إن الموقف المؤيد لطهران محل نزاع شديد، وبخاصة الآن بعد أن تحول ميزان القوى في المنطقة بعيداً من إيران.

The New Axis of Autocracy: How Trump, Putin, and Xi Are Quietly Dividing the World

????1/9: For the first time since its founding, NATO’s survival is in open doubt. European leaders are preparing for a world where the U.S. is no longer a guarantor of security. Taiwan, once… pic.twitter.com/1vJdnm3mjG

— The Intellectualist (@highbrow_nobrow) February 25, 2025

في عام 2021، هُزمت الأحزاب الموالية لطهران بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية العراقية. بدا مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الكاريزمي والناقد الصاخب لإيران، على استعداد لتشكيل حكومة. لكن القوى الموالية لإيران شنت اشتباكات عنيفة في الشوارع، وتمكنت من خلال المناورات الدينية والبرلمانية من وقف ذلك.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تولى محمد السوداني رئاسة الوزراء فيما اعتُبر إلى حد كبير انتصاراً إيرانياً ــ لأسباب ليس أقلها أن رئيس الوزراء الذي حل محله، مصطفى الكاظمي، كان أول حاكم غير إسلامي للعراق منذ سقوط صدام. أعاد الكاظمي العلاقات العراقية مع القوى السنية مثل المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، حتى مع الحفاظ على علاقات ممتازة مع إيران، والتشجيع على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية. مع ذلك، إن قبضة طهران على بغداد بعيدة كل البعد من أن تكون آمنة.

ما يوحد العراقيين

يعتمد السوداني على دعم الأحزاب الموالية لطهران، لكنه واصل أيضاً متابعة الكثير من أجندة الكاظمي الإقليمية لتعزيز العلاقات مع الدول العربية. وكان اثنان من شركائه الرئيسيين في الائتلاف، حزب التقدم الذي يهيمن عليه السنّة والحزب الديمقراطي الكردستاني، قد شكلا في السابق تحالفاً مع الصدر. حتى حزب السوداني الصغير، تيار الفراتين، فكر ذات يوم في تشكيل تحالف مع الصدر. وهذا يعني أن الصدر خسر المعركة بين الشيعة في الوقت الحالي، لكن حلفاءه السابقين ما زالوا يتمتعون بمقدار كبير من السلطة في العراق ويتقاسمونها مع الأحزاب المؤيدة لطهران حسب رغبتهم.

Current state of the "Axis of Resistance" involves marches with cardboard cutouts of dead terrorists.

I need to remind you that these idiots genuinely think they will be the ones to defeat Israel. pic.twitter.com/qlQ6d1AWK8

— ???????????????? ???????????????? ♛ ✡︎ (@NiohBerg) January 12, 2025


ثمة العديد من القضايا التي تفرق العراقيين، لكن هناك قضية واحدة توحد كثراً منهم: لا يريدون أن يكون العراق ساحة لصراعات إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما أنهم لا يرغبون، في ضوء تدهور حظوظ محور طهران، بأن يكونوا ضمن الفريق الخاسر في المنطقة. عندما سقط الأسد، دخلت طهران حالة من الذعر. في الوقت نفسه، حاول العراقيون تطبيع العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة. في 26 ديسمبر (كانون الأول)، زار رئيس الاستخبارات العراقية دمشق والتقى بالزعيم السوري الجديد أحمد الشرع، كما شارك العراقيون في انخراط جامعة الدول العربية مع سوريا.

دعوات علنية لحل الحشد

يدعو العديد من العراقيين الآن علناً إلى حل قوات الحشد الشعبي، وهي مظلة تضم في الغالب ميليشيات مدعومة من إيران تشكلت في 2014 لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. كانت قوات الحشد الشعبي التي تم تصميمها على غرار الحرس الثوري الأداة الرئيسية للتدخل الإيراني في العراق. وقد بدأ أعضاء الحكومة العراقية يقولون إنه مع هزيمة التنظيم الإرهابي، لم تعد قوات الحشد الشعبي ضرورية. في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، قال فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي وأحد أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني،: "آمل أن نتمكن من إقناع زعماء هذه الجماعات بإلقاء أسلحتهم".
ودعا الصدر أيضاً قوات الأمن الحكومية فقط، "لا الميليشيات أو الجماعات الخارجة عن القانون"، إلى حمل السلاح. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن بعض الشخصيات من داخل الإطار التنسيقي، وهو مظلة تضم أحزاباً مؤيدة لطهران في الغالب، أيدت هذا الموقف. ومن بينهم محسن المندلاوي، الملياردير الشيعي الكردي ونائب رئيس مجلس النواب.
أضاف الكاتب أن من شأن حل الميليشيات المسلحة أو دمجها في قوات الأمن الموالية للدولة أن يسلب إيران المصدر الرئيسي للنفوذ داخل العراق. وقد تكون مثل هذه الخطوة محسوبة أيضاً لتجنب المتاعب مع واشنطن. بحسب تقارير، تدرس إدارة ترامب فرض عقوبات جديدة على العراق ما لم يتم نزع سلاح قوات الحشد الشعبي.

في غضون ذلك، تبدو العلاقات مع طهران أكثر إثارة للجدال من أي وقت مضى. في الشهر الماضي، زار السوداني طهران وتلقى تأنيباً من المرشد الأعلى علي خامنئي. دعا رجل الدين الإيراني المسن العراق إلى الحفاظ على قوات الحشد الشعبي وتعزيزها وطرد جميع القوات الأمريكية. كما وصف التغيير الأخير في السلطة في سوريا بأنه عمل "حكومات غريبة".

هل يغادر العراق محور إيران؟ لم يتفق الخبراء العراقيون الذين تحدث معهم الكاتب على الإجابة. قال حمدي مالك، زميل مشارك في معهد واشنطن، "إن إيران تواصل ممارسة نفوذ كبير في العراق". وأشار إلى أن حكومة السوداني أرسلت في البداية "إشارات حذرة ومع ذلك إيجابية"، لكن "اللهجة في الدوائر الشيعية في العراق تغيرت تماماً بعدما أعرب خامنئي عن وجهة نظر معادية تماماً للتطورات هناك". علاوة على ذلك، تعتمد الحكومة السودانية بشكل كبير على دعم الإطار التنسيقي. لذلك، قال مالك، "إن أي محاولة من جانب السوداني للحد من نفوذ إيران ستكون مجرد محاولة تجميلية".
وافقه الرأي فرهانغ فرايدون نامدار، وهو محلل كردي عراقي في جامعة ولاية ميسوري. لا يزال لدى قوات الحشد الشعبي نحو 200 ألف عضو وموازنة تبلغ نحو 3 مليارات دولار. ولاحظ أن هذه القوة لن تذهب إلى أي مكان على الأرجح، بالرغم من الدعوات إلى حلها. وقال نامدار: "لقد تمكنت قوات الحشد الشعبي من ترسيخ نفسها في اقتصاد العراق وسياساته... إنها العمود الفقري لحكومة السوداني".
لكن موقف العراق قد يكون أكثر تعقيداً من موقف تابع بسيط لنظام مجاور. سيناريو 2021 قد يتكرر قال أران روبرت والش، وهو خبير في شؤون العراق ومقره عمان، أنه يعتقد أن السوداني "يفصل العراق بحذر عن المحور من دون قطع العلاقات تماماً مع طهران". لكن طهران وحلفاءها العراقيين قد يفسدون هذه الجهود، كما يحذر والش، على سبيل المثال، من خلال مهاجمة مشاريع التنمية التي استثمرت فيها دول الخليج.
أضاف عزيزي أن العراق سيعقد انتخابات برلمانية في أكتوبر. إذا رفض عدد كافٍ من العراقيين الأحزاب الموالية لطهران في صناديق الاقتراع، كما فعل معظمهم سنة 2021، فقد تتاح الفرصة للسوداني أو خلفه لتشكيل حكومة تقوم بالمزيد لتأكيد السيادة العراقية. يمكن للأحزاب الموجودة حالياً في الإطار التنسيقي أن تنفصل عن طهران وتترشح على منصات جديدة. بموجب الاتفاق غير المكتوب لتقاسم السلطة الطائفي الذي حكم البلاد منذ سنة 2003، يجب أن يكون رئيس الوزراء العراقي دائماً شيعياً عربياً. لكن ليس مضموناً أن يكون موالياً للمحور.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل قوات الحشد الشعبی الإطار التنسیقی فی العراق أن یکون

إقرأ أيضاً:

إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها

لوّحت إيران مجددًا بتقليص مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال أقرت الوكالة قرارًا مناهضًا لها خلال الاجتماع المرتقب لمجلس المحافظين الأسبوع المقبل، وذلك في ظل توتر متصاعد مع الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا" الرسمية، إن طهران أبلغت الوكالة أنها أعدّت قائمة من الأسئلة، بعضها فني والآخر يتعلق بصيغة التعاون، محذرًا من أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا ينبغي لها أن تتوقع استمرار هذا النوع من التعاون الواسع والصريح مع إيران كما كان حتى الآن".

اجتماع حاسم وتلويح باتهام غير مسبوق منذ عقدين

وكانت وكالة "رويترز" قد ذكرت في وقت سابق أن الدول الغربية تتأهب لطرح مشروع قرار يدين إيران بانتهاك التزاماتها في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو الاتهام الأول من نوعه منذ نحو عشرين عامًا. ومن المتوقع مناقشة القرار خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل.

وفي مذكرة رسمية أرسلتها طهران بعد صدور تقرير المدير العام للوكالة، حذرت إيران من أنها "ستتخذ القرارات المناسبة إذا استمرت الدول الغربية في مسارها الخاطئ باستغلال صبر إيران"، محمّلة هذه الدول مسؤولية "النتائج والعواقب".

اندلاع نيران هائلة في السوق القديم لمدينة بندر عباس جنوب إيرانواشنطن وباريس تتفقان على التزام مشترك لمنع إيران من امتلاك القنبلة النوويةإيران تعلن تنفيذ أكبر ضربة استخباراتية ضد إسرائيل ونقل وثائق حساسة إلى أراضيهازلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جنوب غرب ايرانإيران : مفاوضاتنا مع واشنطن غير مباشرة وسلطنة عُمان تواصل الوساطةترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتاواشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغالبيت الأبيض: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالمبوتين يزور إيران قريبا.. توسيع التحالفات بعيدا عن الغربوول ستريت: إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوقلا حدود للتخصيب ما دام في الإطار السلمي

وأوضحت المذكرة الإيرانية أن وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تنص على وجود حدّ لمستوى تخصيب اليورانيوم، طالما لم يتم تحويل المواد إلى أغراض عسكرية، ما يُعدّ ردًا مباشرًا على الاتهامات المتزايدة بشأن رفع طهران لنسب التخصيب.

من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية بيانًا مشتركًا أعربتا فيه عن أسفهما لنشر التقرير الأخير للوكالة، واصفتين إياه بـ"المسيس"، وأكدتا أن إيران لم تُخفِ أي مواقع أو أنشطة نووية غير معلنة، حسب تعبير البيان.

اندلاع نيران هائلة في السوق القديم لمدينة بندر عباس جنوب إيرانواشنطن وباريس تتفقان على التزام مشترك لمنع إيران من امتلاك القنبلة النوويةإيران تعلن تنفيذ أكبر ضربة استخباراتية ضد إسرائيل ونقل وثائق حساسة إلى أراضيهازلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جنوب غرب ايرانإيران : مفاوضاتنا مع واشنطن غير مباشرة وسلطنة عُمان تواصل الوساطةترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتاواشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغالبيت الأبيض: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالمبوتين يزور إيران قريبا.. توسيع التحالفات بعيدا عن الغربوول ستريت: إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوقخلفية التوتر النووي

يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه الملف النووي الإيراني جمودًا سياسيًا منذ انهيار محادثات إحياء الاتفاق النووي عام 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وعودة طهران تدريجيا إلى رفع مستويات التخصيب خارج سقوف الاتفاق.

وترى دول غربية أن سلوك إيران الحالي يزيد من تعقيد فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية، بينما تردّ طهران باتهام تلك الدول بانتهاج سياسات مزدوجة وتسييس ملف الوكالة الذرية.

طباعة شارك إيران الوكالة الدولية الطاقة الذرية طهران أمريكا ترامب الاتفاق النووي

مقالات مشابهة

  • دلالات تهديد إيران بنشر معلومات عن البرنامج النووي الإسرائيلي
  • الموسم الانتخابي..السوداني:يلتقي عشائر الانبار
  • رغم حديث ترامب.. إيران تحدد موعد جولة المحادثات الجديدة
  • السوداني:طريق التنمية سيخلق عراقاً جديداً
  • إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها
  • عاجل. إيران تكشف عن تفاصيل جديدة حول وثائق إسرائيل النووية: كنز استراتيجي لطهران
  • السوداني: 80 سلعة مصنعة محليا قيد التصدير وطريق التنمية سيخلق عراقاً جديداً
  • 4 سيناريوهات محتملة لمفاوضات نووي إيران
  • البرلمان الإيراني: احتياطيات طهران من اليورانيوم المخصب لن ترسل إلى الخارج
  • طهران: العقوبات الأمريكية تؤكّد عداء عميق تجاه الشعب الإيراني