يستعد السوريون لاستقبال شهر رمضان المبارك لأول مرة خارج ظل نظام عائلة الأسد الذي حكم البلاد بقبضة أمنية صارمة على مدى أكثر من نصف قرن، وهو ما يضفي مشاهد من البهجة والاحتفاء في الأسواق والمساجد بالرغم من الأزمة الاقتصادية والدمار الكبير في البلاد.

وتشهد سوريا أزمات عديدة بسبب سنوات الحرب التي زج النظام المخلوع البلد في أتونها خلال أكثر من عقد من الزمان، ويعاني السوريون من النقص الحاد في الأجور حيث يتراوح متوسط راتب الموظف ما بين 40 إلى 50 دولار شهريا.



ورغم الأزمة الاقتصادية، تشهد الأسواق السورية حركة نشطة من الأهالي مع اقتراب دخول شهر رمضان، فقد عاد الباعة إلى نصب أكشاكهم وعرض المنتجات الرمضانية التقليدية مثل التمور والمكسرات والعصائر.

وكان انخفاض الأسعار الذي طرأ على الأسواق بعد سقوط النظام إثر زوال الأتاوات التي كان يفرضها جنود النظام المخلوع على الحواجز، عاملا في تحسن القدرة الشرائية لدى كثير من السوريين ما انعكس على الأسواق قبيل رمضان 2025.

وتقول مريم عرابي وهي إحدى ساكنات دمشق القديمة، إن "الناس بالشام على الرغم من قلة حيلتها و خروجها حديثاً من الاستبداد و الظلم الا أنهم يستقبلون رمضان باشتياق".

وتضيف في حديثها مع "عربي21"، أن الاختلاف الأكبر الذي تشهد البلاد في أول رمضان عقب سقوط الأسد هو "وجود نسبة كبيرة من العائلات التي تتجهز لاستقبال الشهر الكريم مع أولادهم العائدين إلى وطنهم بعد سنوات من الطغيان و تواجدهم جميعا على طاولة الإفطار".

وتشهد أسواق دمشق الرئيسية مثل سوق الحميدية والميدان وباب سريجة وباب الجابية إقبالا كثيفا من الأهالي مع اقتراب شهر الصوم، لكن الإقبال على الشراء لا يزال ضعيفا بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة لدى شريحة واسعة من السوريين.





وتقول عرابي "مهما كنت الظروف الاقتصادية السائدة، إلا أن الفرح يحيط دائما بقلوب السوريين لاستقبال الشهر الكريم"، حسب تعبيرها.

ولا تختلف الأوضاع في باقي المحافظات السورية، ففي حلب شمالي سوريا يؤكد بكري إياد عدم اختلاف الوضع في رمضان عن ما سبقه في الأعوام الماضية، مستدركا باستثناء انخفاض الأسعار الذي أراح المواطنين من ناحية القدرة الشرائية خلال هذا العام.

ويوضح إياد في حديثه لـ"عربي21"، وهو أحد ساكني حي الشعار، أحد أكبر أحياء الشعبية في المدينة، الملامح الدينية تبدو أكثر وضوحا في الطرقات والأسواق مقارنة بما كان عليه الوضع خلال عهد نظام الأسد.

ويعمل إياد في إحدى محلات إعداد المعجنات وصفائح اللحم في حلب، ويتحدث عن ازدحام الفرن الخاص بعائلته مع اقتراب شهر رمضان.

مساجد سوريا تتزين بحلة جديدة
مع زوال القيود التي فرضها النظام السابق على الأنشطة الدينية، تشهد المساجد في مختلف المدن السورية حملات واسعة للتنظيف والصيانة استعدادًا لاستقبال المصلين خلال رمضان.

ويشارك العديد من الأهالي في حملات ترميم المساجد التي تعرضت لأضرار خلال الحرب، وإعادة تهيئتها لاستضافة صلاة التراويح ودروس الدين.


ويعد المسجد الأموي في دمشق أحد أبرز هذه المساجد، حيث تتسارع أعمال الصيانة والترميم وإعادة تأهيل مرافقه مع اقتراب شهر الصوم.

كما يجري تجهيز المسجد الذي تحول إلى مقصد للزائرين بعد سقوط النظام بالسجاد الفاخر الذي تمت صناعته في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا واستقدامه إلى دمشق بعد دفع تكاليفه من قبل وزارة الأوقاف السورية.

وتشرف منظمة "هاند" (HAND) غير الربحية على أعمال صيانة واسعة في المسجد الأموي، شملت مد السجاد في القسم الداخلي من المسجد وإعادة تأهيل الغرف المخدمة للجامع ودعم شبكة الكهرباء.

لما يلتقي الشغف والإتقان، ببان الأثر في كل حجر! ✨
عملنا بحب واهتمام على صيانة الجامع الأموي، وكل تفصيلة تحكي عن تعب وأصالة. مو مجرد صيانة، بل حفاظ على روح المكان وتاريخه. pic.twitter.com/jkJ5GSlfZ4 — HAND Organization (@handngos) February 23, 2025 أول رمضان في #سوريا بدون نظام الأسد .. منشدون سوريون من بينهم المنشد منصور زعيتر يحتفلون بقدوم شهر الخير #رمضان داخل الجامع الأموي في العاصمة #دمشق. pic.twitter.com/dY3YZNG0Xh — تركيا اليوم (@TurkeyToday3) February 28, 2025
وكانت تقارير تحدثت عن إهمال كبير تعرض له المسجد التاريخي في دمشق على أيدي نظام الأسد المخلوع خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت العديد من حجراته الداخلية إلى مكان لاحتواء الخردة والنفايات والمواد المعدمة، بالإضافة لإغلاق كثير من مرافقه أمام المصلين والزوار.

كما تشهد العديد من المساجد أعمال صيانة مشابهة، ففي حمص جرى تغيير سجاد مسجد الصحابي خالد بن الوليد وإضافة الإنارة في إطار التجهيزات قبيل شهر رمضان.

إنارة جامع خالد ابن الوليد في مدينة حمص لإستقبال شهر رمضان الكريم ???? pic.twitter.com/VV1IDWn6Up — FARAH (@farahTalimat) February 27, 2025
وفي حلب، جرى إطلاق حملة "بيوت الله منزلنا" بهدف تنظيف مساجد أحياء المحافظة استعدادا لحلول شهر الصوم الأول بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.

وأشاد بكري إياد في حديثه مع "عربي21" بالأجواء الرمضانية ودروس الوعظ التي نشطت بعد سقوط النظام "بعيدا عن التطبيل المعتاد من كثير من الشيوخ كل عام"، حسب تعبيره.
ضمن حملة "بيوت الله منزلنا"، تنظيف مساجد أحياء حلب استعداداً لحلول شهر رمضان. pic.twitter.com/GGGjomPQ1d — Ahmad (@ahm7nu) February 28, 2025
وأشار إلى لائحة إعلانية متحركة في حلب تحمل عبارة "رمضان كريم"، معتبرا أن ذلك "سابقة" في المدينة التي جرى تحريرها من قبضة حكم الأسد بعد يومين من بدء العملية العسكرية التي شنتها الفصائل انطلاق من إدلب نهاية تشرين الثاني /نوفمبر الماضي.

وتخلو شوارع حلب من قوات النظام المخلوع والمليشيات الموالية له التي اعتادت عدم احترام أجواء رمضان ومضايقة المواطنين، بالإضافة إلى التلفظ بشتائم تطال الذات الإلهية، وفق إياد.

أما في دمشق، فتقول مريم عرابي إن هناك "تنوعا كبيرا في الشام حيث يتوافد كثير من الناس من مختلف المحافظات للتسوق في العاصمة بعد أن تحررت الطرقات بين المحافظات من الحواجز ومضايقات قوات النظام".

وتلفت إلى الاستعدادات في  المساجد، وتضيف أن "المريح الآن هو أن صلاتتا أصبحت أكثر راحة و جهورا بالعبادة. لم يعد هنا ما  يهددنا في حال تأخرنا في صلاة التراويح".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية رمضان سوريا النظام رمضان 2025 دمشق سوريا دمشق النظام رمضان رمضان 2025 المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع اقتراب شهر رمضان بعد سقوط pic twitter com کثیر من فی حلب

إقرأ أيضاً:

السوريون يحيون الذكرى الأولى لرحيل الأسد .. فبماذا وعد الشرع مواطنيه؟

يحيي السوريون ، اليوم الاثنين الذكرى الأولى للإطاحة ببشار الأسد وحكمه، في حين تكافح الدولة المنقسمة من أجل إيجاد الاستقرار والتعافي بعد سنوات من الحرب.

ومن المقرر إقامة احتفالات رسمية في ساحة الأمويين المركزية في دمشق، التي امتلأت بالفعل بالتجمعات الاحتفالية استعدادا لـ8 ديسمبر، وفي أماكن أخرى في أنحاء البلاد.

الدولار يستقر مع ترقب خفض الفائدة الأمريكية واجتماعات بنوك مركزية عالميةالأسواق الآسيوية تتحرك في نطاق ضيق وسط ترقب خفض الفائدة الأمريكيةاجتماع ثلاثي بين قطر والولايات المتحدة وإسرائيل في نيويورك بعد أشهر من الغارة على الدوحةقوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة حزما شمال القدسفي ذكرى التحرير.. عودة 3 ملايين سوري إلى ديارهم عقب سقوط نظام بشار الأسدإصابة سبعة أشخاص بضربات مسيرات على سومي الأوكرانيةالولايات المتحدة ترحل عشرات العرب و الإيرانيينالسعودية تهدي سوريا قطعة من ستار الكعبة بمناسبة عيد التحرير

وفر الأسد من سوريا إلى روسيا قبل عام عندما سيطرت قوات المعارضة بقيادة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على دمشق، وأطاحت به بعد أكثر من 13 عاما من الحرب التي اندلعت من انتفاضة ضد حكمه.

وتشهد بعض مناطق سوريا احتفالات منذ عدة أيام، حيث امتلأت شوارع حماة بآلاف الأشخاص يوم الجمعة، وهم يلوحون بالعلم السوري الجديد، احتفالا باليوم الذي رحل فيه بشار .

حث السوريين على التظاهر لإظهار الوحدة

وهنأت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد والتي تدير شمال شرقي سوريا السوريين بالذكرى السنوية، لكنها حظرت التجمعات أو الفعاليات لأسباب أمنية، مشيرة إلى زيادة نشاط "الخلايا الإرهابية" التي تسعى إلى استغلال المناسبة.

وفي خطاب ألقاه في أواخر نوفمبر بمناسبة الذكرى الأولى، حث الشرع جميع السوريين على التجمع في الساحات لإظهار فرحتهم وإظهار الوحدة الوطنية.

أحدث الشرع تغييرات جذرية، فأعاد صياغة علاقات سوريا الخارجية، إذ عزز علاقاته مع الولايات المتحدة، وحظي بدعم دول الخليج العربية، مبتعدًا عن إيران وروسيا.

ورُفعت العقوبات الغربية المُعيقة إلى حد كبير.

ووعد الشرع باستبدال دولة الأسد بنظام شامل وعادل.

وسعت الإدارة التي يقودها الأكراد إلى حماية استقلالها الإقليمي، بينما في الجنوب، يطالب بعض الدروز  بالاستقلال.

وقال الشرع للمشاركين في منتدى في قطر إن "سوريا اليوم تعيش أفضل أوقاتها"، على الرغم من نوبات العنف التي وقعت، ووعد بمحاسبة المسؤولين عنها.

يأتي ذلك في ظل استباحة إسرائيلية للأراضي السورية تدينها سوريا بشدة.

أربع سنوات أخرى

وذكر الشرع إن الفترة الانتقالية التي يقودها ستستمر لأربع سنوات أخرى، لإقامة المؤسسات والقوانين ووضع دستور جديد - سيتم طرحه للتصويت العام - وعند هذه النقطة ستجري البلاد انتخابات.

حكمت عائلة الأسد، التي تنتمي إلى الأقلية العلوية في سوريا، سوريا لمدة 54 عاماً.

أدت الحرب السورية إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين منذ عام 2011، مما دفع نحو 5 ملايين شخص إلى اللجوء إلى البلدان المجاورة ومنها مصر التي توافد إليها السوريين بأعداد كبيرة.

الدولار يستقر مع ترقب خفض الفائدة الأمريكية واجتماعات بنوك مركزية عالميةالأسواق الآسيوية تتحرك في نطاق ضيق وسط ترقب خفض الفائدة الأمريكيةاجتماع ثلاثي بين قطر والولايات المتحدة وإسرائيل في نيويورك بعد أشهر من الغارة على الدوحةقوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة حزما شمال القدسفي ذكرى التحرير.. عودة 3 ملايين سوري إلى ديارهم عقب سقوط نظام بشار الأسدإصابة سبعة أشخاص بضربات مسيرات على سومي الأوكرانيةالولايات المتحدة ترحل عشرات العرب و الإيرانيينالسعودية تهدي سوريا قطعة من ستار الكعبة بمناسبة عيد التحرير

قال محافظ البنك المركزي، خلال مؤتمر رويترز نيكست الأسبوع الماضي، إن عودة نحو 1.5 مليون لاجئ تساعد الاقتصاد على النمو.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا حادة، إذ يحتاج نحو 16.5 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2025.

طباعة شارك السوريون الأسد الذكرى الأولى الشرع مكتب الأمم المتحدة الشؤون الإنسانية

مقالات مشابهة

  • الشرع يعلن انطلاق مرحلة البناء من قلب دمشق: سنواجه التحديات ولن يقف أمامنا أحد
  • إسعاف 200 شخص خلال احتفالات ذكرى التحرير في دمشق
  • الشرع يروي للجزيرة تفاصيل الساعات الأخيرة لسقوط نظام الأسد
  • كيف علق السوريون بعد عام من التحرير؟
  • الشرع يكشف عن هدية السعودية للمسجد الأموي بمناسبة “عيد التحرير” (صور)
  • عام على سقوط الأسد.. ماذا حقق السوريون؟ وهل نجحت حكومة الشرع في إعادة بناء سوريا؟
  • السوريون يحيون الذكرى الأولى لرحيل الأسد .. فبماذا وعد الشرع مواطنيه؟
  • السوريون يحييون الذكرى الأولى للإطاحة بالأسد
  • الشرع: دمشق باتت في مكانة رفيعة وعززت علاقاتها الدولية بعد التحرير
  • معركة حمص.. بين الحرب النفسية والميدان حتى لحظة التحرير