تظاهرات واستقالات وملاعق في مواجهة قرارات ماسك ضد الموظفين الفدراليين
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
امتدت حالة الغضب من قرارات تسريح الموظفين الحكوميين في الولايات المتحدة التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، إلى مجلس الشيوخ حيث شارك العشرات في مسيرة جابت أروقة المجلس.
ودخل الموظفون الفدراليون الذين تعقبهم عناصر أمن محذرين إياهم من عرقلة الحركة في أروقة المبنى، إلى مكاتب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بينهم زعيم الغالبية جون ثون للتعبير عن استيائهم.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ستيف (33 عاما) الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل خشية تعرّضه لإجراءات انتقامية إن "الهدف هو إيصال أصواتنا". وأضاف "عرضنا أمثلة على كيفية تأثر الناس مباشرة بتفكيك الوكالات".
وحسب الوكالة، فقد أحدثت حملة ماسك غير المسبوقة على الموظفين المدنيين في الأسابيع الأولى لتولي إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية السلطة هزّة في مختلف الوكالات، ما ترك الموظفين الحكوميين يعانون من الإرباك والمرارة.
وقال ستيف إن "الجميع يشعرون بالألم"، موضحا أنه بينما أبدى بعض أعضاء مجلس الشيوخ "استجابة" في البداية، إلا أنهم "التزموا الصمت" لدى سؤالهم عما يمكنهم القيام به للمساعدة.
ولم يقابل نهج ترامب القائم على سياسة الصدمة والترويع عبر سيل الأوامر التنفيذية التي أصدرها لترك بصمته اليمينية المتشددة على كل مسألة في الحكومة، باحتجاجات شعبية واسعة على غرار تلك التي شوهدت في بداية ولايته الأولى عام 2017.
إعلانلكن هناك مقاومة من قبل الموظفين الفدراليين الحاليين والسابقين الذي يردون عبر تنظيم تظاهرات وحملات إعلامية فضلا عن استقالات في صفوف كبار الموظفين ودعاوى قضائية.
وقالت فيرا زليدار، وهي متعاقدة تم تسريحها مؤقتا كانت تعمل مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس ايد" التي دمّرتها حملة ماسك، إن التحرك "شعبي إلى حد كبير.. العمل الذي نقوم به يؤثر على الكثير من أوجه حياة الناس".
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد انتشرت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل ومواقع إلكترونية يتابعها الآلاف، تهدف للتعبئة ومشاركة كيفية تأثير تدابير خفض العمالة على المواطنين الأميركيين. كما باتت الاحتجاجات في مجلس الشيوخ حدثا يوميا رغم أن حجمها يختلف من يوم لآخر.
وقال موظف فدرالي شارك في تنظيم الاحتجاجات وطلب أيضا عدم الكشف عن هويته "علينا إنقاذ أنفسنا".
واحتج بعض الموظفين الفدراليين عبر تقديم استقالاتهم، حيث شهدت الأيام الماضية استقالة حوالى ثلث الموظفين في قسم التكنولوجيا التابع لـ"إدارة الكفاءة الحكومية" (دوج DOGE) التي يديرها ماسك، قائلين إنهم لن يعملوا بطريقة تعرّض البلاد إلى الخطر.
وقبل مغادرة الموظفين البالغ عددهم حوالي 20 شخصا، أنشأ موظفون فدراليون موقعا إلكترونيا تحت اسم "نحن البناة" لمشاركة قصص عن تأثير ما تقوم به إدارة "دوج"، مشيرين إلى أن إجراءاتها تشل قدرة الوكالات على تقديم خدمات أساسية.
ويحمل جزء من شعار المجموعة ملعقة باتت رمزا يستخدمه الموظفون الفدراليون الآن للاحتجاج على قرارات ماسك، مستوحى من رسالة وصلت عبر البريد الإلكتروني من فريقه تحت عنوان "شوكة في الطريق"، وهي عبارة تشير بالإنجليزية إلى مفترق حاسم في الحياة. وعرضت الرسالة على الموظفين الحكوميين إما ترك وظائفهم مع الحصول على رواتب 8 أشهر أو المخاطرة بأن تتم إقالتهم مستقبلا.
إعلانوأفادت وسائل إعلام أميركية عن حالات امتلأت فيها مجموعات الدردشة المخصصة للعمل بصور الملاعق للتهكم على مساعدي ماسك، أو أضاف الموظفون رمز الملعقة على حساباتهم على الإنترنت.
كما تم رفع عشرات الدعاوى القضائية ضد تهديدات أو مطالب ماسك، جاءت نتائجها متباينة.
وتعهّدت أكبر نقابة للموظفين الفدراليين "الاتحاد الأميركي للموظفين الحكوميين" بتحدي الإقالات التي اعتبرتها غير قانونية، واصفة ماسك بأنه "خارج عن السيطرة".
سلاح وقت الفراغويمضي تقرير وكالة الصحافة الفرنسية مشيرا إلى أنه رغم إجماع الجمهوريين في الكونغرس الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ، على الولاء لترامب، فإن التوتر حيال تحرّكات ماسك يزداد داخل صفوف الحزب.
وكشف استطلاع صدر في فبراير/شباط عن "واشنطن بوست" بالاشتراك مع معهد "إبسوس" عدم رضا عن مقاربة ماسك القائمة على تقليص القوة العاملة الفدرالية. لكن ماسك بقي على موقفه مدعوما من البيت الأبيض.
وكتب أثرى أثرياء العالم سلسلة منشورات على منصته "إكس" تستخف بالعمل الفدرالي وشارك استطلاعات أجرتها لجنة التحرك السياسي التي أسسها لدعم ترامب "أميركا باك" America PAC جاء فيها أن "دوج" "من بين الأجزاء الأكثر شعبية" في أجندة الرئيس.
ورجّح منظم التظاهرات الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن تتفاقم الضغوط أكثر مع تحرّك ماسك لخفض أعداد العاملين في مزيد من الوكالات وعندما يجد آلاف الموظفين المدنيين أنفسهم مقالين. وقال إن "وقت الفراغ هو سلاحهم الأقوى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الموظفین الفدرالیین مجلس الشیوخ
إقرأ أيضاً:
صلاحيات على المحك: ترامب يواجه معارك قضائية بسبب قرارات "يوم التحرير"
في واحدة من أكبر المواجهات القانونية المرتبطة باستخدام السلطة التنفيذية، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبع قضايا دستورية تتعلق بتجاوزه لصلاحياته الرئاسية، خاصة في ما يتعلق بإعلانه "يوم التحرير" وفرض رسوم جمركية واسعة النطاق دون الرجوع إلى الكونغرس. القضية أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والسياسية، ووضعت صلاحيات الرئاسة الأمريكية تحت المجهر من جديد.
الطريق إلى "يوم التحرير": سلطات طارئة مثيرة للجدلأطلق ترامب في 2 أبريل 2025 قرارات جمركية حاسمة وصفها بـ "يوم التحرير"، مستندًا إلى "قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية" لعام 1977. بموجب هذا القانون، فرض الرئيس رسومًا بنسبة 10% على بضائع مستوردة من العديد من الدول، ورفع بعضها إلى أكثر من 50% باعتبارها "رسوم تبادلية" تستهدف الدول التي تعتبر واشنطن أن ميزانها التجاري معها مختل.
إلا أن العديد من الخبراء والقانونيين شككوا في مشروعية الخطوة، معتبرين أن ترامب تجاوز صلاحياته التنفيذية وتعدى على اختصاصات الكونغرس، الذي يمنحه الدستور وحده سلطة فرض الضرائب، بما في ذلك الرسوم الجمركية.
أصوات مناهضة: الشركات والولايات تتحدخمس شركات صغيرة كانت في طليعة من تحدى تلك القرارات، ورفعت دعاوى أمام "محكمة التجارة الدولية" في نيويورك، مطالبة بوقف تنفيذ القرارات الجمركية فورًا. ووصفت الشركات هذه الإجراءات بأنها "طوارئ وهمية"، مشيرة إلى أن العجز التجاري الذي اعتمد عليه ترامب كمبرر موجود منذ عقود دون أن يُحدث ضررًا اقتصاديًا يستوجب إعلان حالة طوارئ.
بالتوازي، انضمت أكثر من عشر ولايات أمريكية بقيادة حكام ديمقراطيين، إلى المعركة القضائية، إلى جانب منظمات ليبرالية أبرزها "مركز العدالة والحرية"، الذي اعتبر قرارات ترامب تهديدًا لتوازن السلطات.
جلسات مرتقبة ومصير دستوري ينتظر الحسمحددت المحكمة جلسة الاستماع الأولى في القضية يوم 21 مايو الجاري، في حين يتوقع الخبراء أن تنتهي هذه القضايا إما بإصدار أحكام توقف تنفيذ القرارات الجمركية، أو تصعد إلى المحكمة العليا لحسم شرعية استخدام الطوارئ الاقتصادية بهذا الشكل.
في حال تم إحالة الملف إلى المحكمة العليا، يتوقع محللون قانونيون أن تستخدم المحكمة مبادئ قانونية محافظة مشابهة لتلك التي استندت إليها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في إسقاط قرارات مماثلة اتخذها ترامب في ولايته الأولى.
حرب السلطات: الكونغرس يطالب باستعادة قوتهأثارت القضية نقاشًا متجددًا داخل الكونغرس حول ضرورة استعادة سلطاته الدستورية التي تنازل عنها تدريجيًا لصالح السلطة التنفيذية. وأعلن عدد من النواب الجمهوريين والديمقراطيين عن رغبتهم في إعادة النظر في القوانين التي تمنح الرئيس سلطات اقتصادية واسعة في حالات الطوارئ، معتبرين أن الاستخدام المفرط لها قد يهدد مبدأ الفصل بين السلطات.
بينما تسير أمريكا نحو انتخابات جديدة ومناخ سياسي شديد الاستقطاب، تبقى هذه القضايا اختبارًا حقيقيًا لحدود السلطة التنفيذية في أكبر ديمقراطية في العالم، وترسم ملامح علاقة الرئاسة بالقانون والدستور في المستقبل القريب.