قال الدكتور عبد العزيز النجار، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، إن هناك ثوابت لا تتغير مع الزمن، ونحن نريد تديين العصر مهما تغيرت الأمور والأزمنة، وليس عصرنة الدين، مشيرا إلى أنه لا يمكن تجسيد الأنبياء أو أمهات المؤمنين أو بنات النبي وآل البيت أو العشرة المبشرين بالجنة.

وبشأن مسلسل معاوية، تابع خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي مصطفى بكري ببرنامج حقائق وأسرار المذاع على قناة صدى البلد قائلا: العقيدة الخاصة بالمسلمين لا يمكن أن تقبل أن يقوم ممثل أدى أدوار سكر أو رقص في الأفلام والمسلسلات وكذا، ثم يمثل دور أحد الصحابة.

وواصل النجار: من الناحية الشرعية أن الأمة الإسلامية عليها الالتزام برأي الأزهر الشريف، وكل الدول تحرم تجسيد الممثلين لشخصيات الأنبياء والصحابة، مشددا على أن التجسيد يفتح باب الفتنة في الأمة.

واختتم قائلا: الفنانون يقومون ببعض الحبكات الدرامية غير الحقيقية ولا علاقة لها بالواقع.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: حقائق وأسرار فتوى الأزهر مسلسل معاوية الفنانون

إقرأ أيضاً:

مفاجأة زلزلتني: من «العالم العربي» إلى «الملفات».. (1- 3)

 

 

 

د. مجدي العفيفي

 

كيف تحوّلنا من أُمَّة إلى حدود؟

(1)

حدث أن جلستُ ذات يوم مع رجل كان يحمل على كتفيه ثقل دولةٍ تعدّ من أقدم الديمقراطيات الغربية، ومن أشرس القوى العسكرية في العالم: وزير الدفاع الفرنسي في الثمانينيات.

حوار طويل دار بيننا، تجوّلنا فيه بين خرائط التاريخ وموازين الجغرافيا وإيقاعات القوة والنفوذ..

كان ذلك وانا أعيش في سلطنة عُمان، وكنت مراسلًا صحفيًا لعشر صحف ومجلات عربية وأجنبية في عنفوان الشباب والصحافة، في ضياء عملي التأسيسي المشارك في الإعلام العُماني ابداعا وانتاجا وصناعة وصياغة..

كنت أتحدّث مع ذلك الرجل «الغربي» بعفوية «العربي» الذي تربّى على لغة المجد والقصائد، على الأغاني الوطنية والصور المثالية المكتنزة بالأساطير.

فسألته.. بتوقٍ صحفي أكثر مما هو سؤال واقعي:

كيف ترون العالم العربي؟

هذه قلب العروبة النابض.. وهذه لؤلؤة الخليج.. وتلك بوابة العرب الشرقية.. وهذه سلة الغذاء العربي. وتلك أم الحضارة.. وهذه أصل العرب.. و..و..و..

توقعت أن يبتسم.. أن يوافق.. أن يدير حديثًا دبلوماسيًا.

لكنّه قلب الطاولة بكلمة واحدة زلزلت وجداني، وهدمت ألف نشيد كنت أحمله في صدري:

«ما هذه الألقاب»؟ نحن لا نعرف شيئًا اسمه «عالم عربي» نحن نتعامل مع (ملفات): الملف المصري، الملف السوري، الملف السعودي... وهكذا.

(2)

توقفت الكلمات داخلي.

كانت اللحظة كافية لأفهم أن الفجوة ليست في السياسة فقط، بل في الوعي.

الفجوة ليست في القوة، بل في إدراك القوة.

نحن نحب أن نسمي أنفسنا: أمة.. لكن الآخر لا يرانا كذلك.

نحن نغني: "بلاد العرب أوطاني".. بينما هو يضع كل دولة منا في سطر منفصل، جدول منفصل، خريطة نفوذ منفصلة، و"أجندة" لا تشبه الأخرى.

نحن نتماهى مع صورة رومانسية.. وهو يتعامل مع واقع استراتيجي صارخ.

نحن نحلم.. وهو يخطط.

نحن ننفعل.. وهو يحسب.

(3)

قلت في نفسي: أيّ مأساة هذه؟ من المسؤول عن تحويل الأمة التي امتدت من طنجة إلى بغداد إلى مجرد أوراق في درج موظف عسكري في دولة أجنبية؟

الصدمة ليست في أنه قال ذلك.. الصدمة في أنه كان صادقًا.

نحن من صنعنا هذه الحقيقة.. بتواطؤٍ ناعم، بتفككٍ طوعي، بنظام عربي يشبه "عمارة" قديمة كل شقة فيها تضع لنفسها بابًا حديديًا مضادًا للسرقة.. ليس خوفًا من الأجنبي.. بل من الجيران.

لقد نجحنا بامتياز: أن نحيا معًا.. لكن منفصلين.

أن نتحدث لغة واحدة.. لكن دون وعي واحد.. أن نحمل تاريخًا واحدا.. لكن دون مصير واحد.

الغرب لا يصنع لنا صورتنا.. نحن من قدمنا له الصورة جاهزة على طبق من ضعف.

حين انقسمنا.. قالوا: ملفات.

حين تحاربنا.. قالوا: ملفات.

حين جعلنا كل قُطر "أُمة" بذاته.. قالوا: ملفات.

فالسياسة ليست شعارات.. السياسة سجلات ومصالح وتوازن قوى، والقوة لا تُقاس بعدد الخطب.. بل بمدى حضورك على طاولة القرار.

(4)

لكن ما الذي جعلني أكتب هذا الآن؟

لأننا في هذه اللحظة التاريخية، في هذا الزمن الذي تتفكك فيه الخرائط ويتغير شكل العالم، نكرر الخطأ نفسه:

نصفق للألقاب.. نتمسّك بالروايات.. نرسم صورًا لا يسكنها إنسان.. نقول: واقع عربي واحد، بينما الحقيقة: ألف واقع.. نقول: مصير مشترك.. بينما المصير أصبح مزادات نفوذ.

نقول: تاريخ واحد...والتاريخ يُعاد كتابته كل يوم على يد غيرنا.

المسألة ليست يأسًا، وليست «نوستالجيا» (حنين) واستعادة فارغة للماضي؛ بل هي شهادة على لحظة وعي: لن تُحلّ قضايانا ما دُمنا نُعامل أنفسنا كجزرٍ معزولة.

ولن يحترمنا العالم إذا لم نعد نرى أنفسنا كأمّة أولًا.

القضية ليست سياسية فقط، بل ثقافية:

حين نُربّي جيلًا على أن "الوطن" هو فقط الحدود الجغرافية التي ولد فيها.. سنخسر!

حين ننسى أن اللغة ليست مجرد حروف، بل جسد يفكر.. سنخسر!

حين نسمح لليأس أن يتحول إلى نظام تفكير.. سنخسر!

الأمة ليست شعارًا.. الأمة خيار.. الأمة مشروع.. الأمة مسؤولية.

لم يكن الوزير الأوروبي يتحدث بكُرهٍ أو احتقار، كان يتحدث بمنطق الدول، ولم يكن يطرح رؤية صدامية (shock value) بقدر ما كان مُتفحصًا للواقع (reality check).

لقد أراد أن يقول لي، دون أن يقول: «من لا يتوحَّد.. يُدار».

ومن لا يعرف نفسه.. سيُعرّفه الآخر.

ومن لا يصنع تاريخه.. سيُكتب تاريخه عليه.

واليوم.. ربما نحتاج لتلك الصفعة ذاتها.. لنهدم الصورة القديمة كي نصنع صورةً جديدة، صورة لا تُبنى على الحنين.. بل على الإرادة.

فالسؤال الحقيقي ليس: كيف يروننا؟ بل: كيف نريد أن نكون؟

والأخطر من ذلك: هل نملك الشجاعة أن نتوقف عن الغناء.. لنبدأ العمل؟ لأن الأمم لا تُعرَّف بالأغاني.. بل تُعرَّف بما تفرضه على طاولة العالم.

(5)

اختراع القُطريات..

إذا أردنا فهم كيف خرجنا من صورة «الأمة» إلى حالة «الملفات»، فيجب أن نعود إلى اللحظة التي تغيّر فيها شكل الوعي العربي نفسه.. فالأمة ليست جغرافيا، وليست حتى تاريخًا؛ الأمة تخيّلٌ جماعي. وما يُكسر أولًا في الأمم هو المخيّلة المشتركة.

أولا: عندما قسّمونا.. فلم نمانع؛ فبعد الحرب العالمية الأولى، وبتحديدٍ أدقّ بعد إسقاط الامبراطورية العثمانية، لم يسأل الغرب العرب: «إلى أين تريدون أن تذهبوا بمستقبلكم؟» بل طرح سؤالًا آخر تمامًا: «كيف نُقسّمكم؟». ثم جلس البريطاني والفرنسي حول خريطة لا تعرف الشعب ولا اللغة ولا الذاكرة ولا القبيلة ولا الحضارة… خطّوا حدودًا باردة بقلم رصاص، ثم مرّروا فوقها قلم حبر، فأصبحت دولًا.

ولأول مرة منذ 14 قرنًا، أصبح العربي ينتمي إلى دولة قبل أن ينتمي إلى الأمة.. صار المصري «مصريًا قبل أن يكون عربيًا» واللبناني «لبنانيًا قبل أن يكون عربيًا» والعراقي «عراقيًا قبل أن يكون عربيًا»، ولم يكن ذلك صدفة.. كان مشروعًا كاملًا.

ولهذه السردية المؤلمة بقية!!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • عاجل | وفاة 4 أشخاص بحادث تسرّب غاز في سحاب
  • تعلن محكمة حجة الابتدائية بأن على/ هيثم روكان النجار الحضور إلى المحكمة
  • متزوجة من رجل أعمال ثري .. هيدي كرم في شخصية جديدة بـ «عيلة دياب عالباب»
  • «بنت سارحة على حل شعرها».. صلاح عبد الله ينتقد تريندات السوشيال ميديا
  • الرسول وحب من طرف واحد بين صحابي وصحابية!!
  • ياسمينا العبد: شخصية تيا في ميدتيرم تشبهني في بعض الأحيان وأصعب دور قدمته
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يكشف ملامح شخصية عمر بن الخطاب قبل إسلامه
  • المشرف على الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
  • مشرف الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
  • مفاجأة زلزلتني: من «العالم العربي» إلى «الملفات».. (1- 3)