"فتنة الهامش".. كتاب جديد لحلمي سالم عن هيئة قصور الثقافة
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، كتاب "فتنة الهامش" للشاعر الكبير حلمي سالم، ضمن سلسلة كتابات نقدية التي تصدر برئاسة تحرير د. محمد بريري.
يتضمن الكتاب مجموعة من الدراسات والمقالات النقدية تقع في 230 صفحة من القطع المتوسط، كتبها الشاعر الراحل في مراحل عمرية مختلفة، ويناقش خلالها مجموعة من القضايا والموضوعات لعدد من الروائيين والمفكرين المصريين.
يتناول الموضوع الأول في الكتاب دراسة حول رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، وعلاقة نجيب محفوظ بالشعر "قصيدة النثر" وكيف كانت معظم رواياته تحفل بإشارات شعرية ممزوجة بالأغاني والأناشيد كرواية "الثلاثية".
وتحت عنوان "روائيون في القلب" كتب حلمي سالم عن مجموعة من الكتاب من أبرزهم: الأديب محمد روميش، ومجموعته القصصية "الليل والرحم"، وكيف خلّف رحيله حالة من الأسى في الحياة الثقافية. والروائي صنع الله إبراهيم وحصوله على جائزة العويس الثقافية، وكيف كانت رواياته مصدرا ملمها لمؤلف الكتاب في بعض قصائده. والروائي منتصر القفاش وطابعه الشعري الذي اعتمد على السرد، وكذلك روايته "تصريح بالغياب" التي تعد أول رواية تتناول الأمور الصغيرة للحياة العسكرية وهموم المجندين. والكاتبة نورا أمين وأبرز مجموعاتها القصصية وروايتها الشهيرة "قميص وردي فارغ".
كما كتب عن الروائي إدوار الخراط وأهم أعماله من قصص وروايات ودراسات نقدية، ومساندته الشهيرة لحركة شعر السبعينيات في مصر التي سميت "الحداثة الشعرية"، وما تعرض له من نقد وهجوم من قبل بعض الشعراء في تلك الفترة. والكاتب يحيى الطاهر عبد الله الذي ترك مجموعة قليلة من الأعمال الأدبية، لكنها ذات قيمة فنية وفكرية وجمالية. والكاتب السوري خليل النعيمي وأبرز ملامح كتابته في فن الرواية.
وتحت عنوان "أربع لقطات لجابر عصفور".. ناقش سالم الكتابات النقدية لعصفور كواحد من أبرز النقاد المصريين والعرب المعاصرين، ودوره في تطوير النقد العربي الحديث، وأشهر الكتب التي ألفها منها "ضد التعصب، هوامش على دفتر التنوير، أنوار العقل، غواية التراث".
كما ألقى حلمي سالم نظرة في عالم الكتابة الشعرية منها ما نُشره حول كتاب "تقابلات الحداثة" لمحمد عبد المطلب، والملاحظات الشعرية والنقدية التي أثارها مهرجان القاهرة للشعر العربي.. تحت عنوان "تنوعوا تصحوا؟".
وتحدث سالم عن حياة بعض الشخصيات التي أثرت الحياة الثقافية والفنية من أبرزها المخرج العالمي يوسف شاهين، الشيخ إمام عيسى، د. محمد أحمد خلف الله، المخرج صلاح أبو سيف، الكاتب سعد الله ونوس، المفكر محمود أمين العالم، في كتاباته التي جاءت بعنوان "وجوه في مرآة النفس".
أما الموضوع الأخير بالكتاب "قضايا في كتب" فتناول خلاله المؤلف مجموعة أعمال أدبية منها "مشيناها خطى" الذي يستعرض فيه المؤرخ المصري الكبير د. رؤوف عباس تاريخ مصر الحديث، "العولمة" للكاتب الليبي صالح السنوسي، "، أطلال الحداثة" لفريدة النقاش، "الديمقراطية والشعر" للكاتب روبرت بن وارن، وأخيرا كتاب "جيوب مثقلة الحجارة" لفرچينيا وولف، وترجمة الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الهيئة العامة لقصور الثقافة قصور الثقافة حلمي سالم
إقرأ أيضاً:
في الحوار الدائر حول كتاب “مدخل إلى الثقافة الوطنية والمدنية”
في الحوار الدائر حول كتاب ” #مدخل إلى #الثقافة_الوطنية_والمدنية”
د. #علي_أحمد_الرحامنة
لا يزال الجدل دائرًا حول كتاب “مدخل إلى الثقافة الوطنية والمدنية” الجديد الذي أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تدريسه للطلبة في الجامعات. والحوار يتركّز في أوساط الهيئات التدريسية، والمعنيّين بمادة التربية الوطنية خصوصا، ولكنّه يتّسع ليشمل أوساطًا أخرى، وهذا ما بيّنته بعض القراءات النقدية المنشورة واللقاءات الأكاديمية الجادّة، وتشهد على أهمّيته مستويات التفاعل مع “المنهج الجديد”، رفضا له أو قبولا، بالمعنى الجزئي أو النسبي أو المطلق. ومن حيث المبدأ، يبدو هذا الاهتمام تعبيرًا صحّيًّا عن وعي بأهمية هذه المادة، وحرصًا طبيعيًّا على أن تكون في المستوى المطلوب، منهجيًةً، ودورًا، وأثرًا تربويًّا ووطنيا وقوميا ودينيا وأخلاقيا وإنسانيا عاما. ولا خلاف، ربّما، في ضرورة النظر بإيجابية واهتمام إلى كلّ إسهام جادّ وموضوعيّ في هذا الموضوع.
وقد أكون معنيا مباشرة بالإسهام في هذا الحوار؛ كوني، على الأقلّ، درّست هذه المادة في كلية جامعية وأربع جامعات أردنية. وفي الواقع، يتطلّب الأمر أكثر بكثير من مقالة هنا، وانطباع هناك. وقد لا أبالغ إن قلت إن الأمر يستحق تنظيم لقاء متخصص، يشارك فيه معنيّون مؤهلون، وتُقدّم ضمنه أوراق تقويمية أو نقدية، للخروج بموقف أكاديميّ يمكن الاستناد إليه. والأمر على هذه الدرجة من الأهمية، خاصة وأن أوساطًا أكاديمية عديدة أبدت ملاحظات جوهرية حول صلاحية الكتاب الجديد لتدريس مادة التربية الوطنية، أو الثقافة الوطنية والمدنية، كما أسماها الكتاب المقترح.
مقالات ذات صلةوفي الواقع، لا تحتمل مقالة صحفية المرور بأهمّ الملاحظات على الكتاب، كما أراها، وهي ملاحظات في صورة عناوين سريعة، في هذا المقام. ولا بدّ أولا من الإشارة إلى أن هناك جهدا واضحا تمّ بذله في إعداد الكتاب. ومن حيث الشكل واللغة وما إليهما، ومع وجود ملاحظات وأخطاء محدودة عموما، ويمكن ذكرها بشيء من التفصيل إن لزم الأمر، إلاّ أن الكتاب لائق وجيّد التركيب في هذه الحدود. ولكن الملاحظات الأبرز تتّصل بالإطار العام وأبرز المضامين، وهي التي تشكّل في الواقع محرّكات لتفاوت وجهات النظر، بل وتعارضها أحيانا، في هذه المحاور. وقد أشار بعض المتخصصين والأكاديميّين إلى بعض هذه المسائل، مثل التوثيق، وعدم تناسب الأوزان النسبية للفصول، وتجاهل بعض المحطات التاريخية أو عرضها بأقلّ مما تستحقّ، وانعدام التوثيق العلمي والمراجع، وإطلاق تعبيرات مثل المملكة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، بما يشبه تقليد للتسميات الفرنسية لما يسمونه الجمهورية الأولى والثانية حتى الخامسة، وغير ذلك من الملاحظات التي تبدو مشروعة، ولكنها تبقى عرضة للرفض أو القبول والتبرير والتفسير.
ولكن هناك مسائل أخرى ترى بعض أوساط الهيئات التدريسية أنها لا تحتمل المزيد من الاجتهاد والأخذ والرّدّ؛ كونها تمثّل ثُغَرًا واضحة يجب التوقّف عندها، وأنا مع هذه الملاحظات، والتي من أمثلتها أن عنصر وصف عدد كبير من الأحداث طغى على أيّ سياقات تاريخية أو حيثيات، فجاءت المادة في بعض المواقع منفصلة عن أطرها السياسية والاجتماعية-الاقتصادية والروحية والثقافية. بل وإن أحداثا كبرى شهدتها المنطقة، قبيل ولادة الدولة الأردنية وبعدها جاءت في سياق باهت، وبعضها لم يأتِ في سياقه التاريخي الطبيعي البديهي المعروف، ومن ذلك، الثورة العربية الكبرى، والبُعد القومي العربي، والجذور والسياقات العربية والإسلامية للأردن، وغير هذا كثير. وينطبق على ذلك أيضا، المشروع الاستعماري البريطاني والفرنسي في المنطقة، تمهيدا لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وما خلّفه ذلك ولا يزال على المنطقة عموما، وفلسطين والأردن على وجه الخصوص.
وفي هذا الشأن، كان المأمول أن يتناول كتاب التربية الوطنية بكلّ توسّع واهتمام، المخاطر الوجودية الكبرى لبرامج التوسّع الاستيطاني على فلسطين والأردن معا، وتجاهل الاحتلال بممارساته للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، والعمل الذي لا يتوقف على تهويد القدس، تمهيدا لهدم المسجد الأقصى وبتاء الهيكل المزعوم مكانه، وغير هذا كثير مما تعمل به القوى الحاكمة الأكثر تطرفا وعنصرية وفاشية في دولة الاحتلال، ووراءها مجتمع ينساق باستمرار نحو المزيد من التطرف اليمين والعنصرية الفجّة. ومع أن الكتاب يذكر هذه المسائل، ولكنه يذكر دولة الاحتلال من باب “الجوار الجغرافي” لفلسطين ودولة الاحتلال. ولا يتوقف الكتاب أمام الأحداث المزلزلة التي تعيشها المنطقة، مع أنه تمسّ الأردن بصورة مباشرة، وبما لا يقبل أي تأويل.
وفي السياق نفسه، وبما يبدو موقفا سياسيا مسبقا، يتخذ الكتاب في عرضه لعدد من المسائل، مواقف تثير الانطباع بأن الكتاب موجه مع أو ضد هذا التوجّه السياسي أو ذك، مع أن الأوراق النقاشية الملكية، وكل عملية الإصلاح السياسي ترتكز إلى العمل لتبلور اتجاهات اليمين والوسط واليسار، وهذا ما لم يراعِه الكتاب. ولو دعت الحاجة، فبالإمكان طرح عشرات الأمثلة في هذا السياق. وفي الحالة الأردنية المعاصرة، لم تحظَ عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري ومكافحة الفساد بما يعكس أهميتها في المساعي الرامية للنهوض والتقدّم.
أمّا “النصف الثاني” من الكتاب، فغير موجود! ومع الأمثلة المحدودة التي وردت في ما يخصّ التربية الوطنية، فإن التربية المدنية الموعودة في العنوان غائبة فعلا، ما لم يكن هناك اختلاف في تعريف التربية المدنية، وتكاملها مع التربية الوطنية، خاصة وأن الدولة الوطنية المدنية المعاصرة هي دولة سيادة القانون والمساواة أمامه، وتكافؤ الفرص، ونبذ المحسوبية والفساد والتمييز، وهي دولة تواجه السلوكات والعادات الضارة والمرفوضة دينيا أخلاقيا ووطنيا، بتربية أجيالها تربية وطنية ومدنية معاصرة، تُبقي من الماضي على الإيجابي وترعاه، وتعمل على تحجيم ما هو سلبي وتجاوزه، في بيئة داعمة للبناء العلمي المتحضّر المعاصر، مع كل احترام ورعاية وتقدير للقيم المشرقة الوضّاءة في ماضينا البعيد والقريب.