دراسة: ضعف الحوكمة يُعيق إصلاح التعليم في المغرب رغم ارتفاع الميزانية
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
كشف تقرير بحثي حديث، صادر عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن إصلاح منظومة التربية والتعليم في المغرب يواجه تحديات حوكمة تعيق تحقيق أهدافه، رغم الميزانيات الكبيرة المرصودة لهذا القطاع.
وأظهرت الدراسة، التي أعدها الخبير الاقتصادي العربي الجعايدي، عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، أن هناك “عجزاً حقيقياً في فعالية الإنفاق الوطني على التعليم”، وهو ما ينعكس على ارتفاع معدلات الفشل الدراسي، والهدر المدرسي، وبطالة الخريجين.
وأكد التقرير، الصادر تحت عنوان “إصلاح التعليم في المغرب يواجه معضلة ضعف الحوكمة”، أن النظام التعليمي، الذي يستقبل أكثر من تسعة ملايين تلميذ وطالب سنوياً، بحاجة إلى إصلاح شامل لا يقتصر فقط على زيادة الإنفاق، بل يشمل تحسين الحوكمة وتعزيز المشاركة المجتمعية.
وأبرزت الدراسة مفارقة لافتة، حيث أوضحت أن ميزانية التعليم في المغرب تنمو بوتيرة أسرع من الميزانية العامة للدولة، كما أن الإنفاق على القطاع كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يفوق العديد من الدول، لكن الأداء التعليمي يظل أقل.
ورصد التقرير تقلبات السياسة التعليمية في المغرب، مشيراً إلى أنها “تتأرجح تبعاً للظروف والتغيرات السياسية”، مما يؤدي إلى فترات تُثار فيها جميع الإشكاليات التعليمية، وأخرى تُتخذ فيها قرارات متسرعة كرد فعل على أزمات مالية أو اجتماعية، وهو ما يعرقل تنفيذ الإصلاحات بشكل مستدام وفعال.
كما استعرضت الدراسة أبرز محطات إصلاح التعليم في المغرب خلال الـ25 سنة الأخيرة، بدءاً من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي حظي بإجماع وطني، لكنه لم يحقق النتائج المرجوة رغم بعض التقدم، مروراً بـ المخطط الاستعجالي (2009-2011)، الذي وُصف بـ”الجريء” لكنه اصطدم بضعف الدعم المؤسسي وغياب الفعالية في استثمار الموارد، وصولاً إلى الرؤية الاستراتيجية للإصلاح (2015-2030)، التي تواجه صعوبات في تحقيق مبدأي الإنصاف والمساواة على أرض الواقع، خاصة في إدماج أطفال المناطق القروية وذوي الاحتياجات الخاصة.
وخلص التقرير إلى أن تحسين جودة التعليم في المغرب لا يرتبط فقط بزيادة الموارد المالية، بل يتطلب إصلاحات عميقة على مستوى الحوكمة، وضمان استقرار السياسات التعليمية بعيداً عن التقلبات السياسية، مع تعزيز إشراك المجتمع في عملية الإصلاح لضمان استدامته وفعاليته.
المصدر: مملكة بريس
كلمات دلالية: التعلیم فی المغرب
إقرأ أيضاً:
إصلاح التعليم العالي في الأردن: ضرورة وطنية لا ترف سياسي
صراحة نيوز – بقلم / الاستاذ الدكتور ماهر سليم
إصلاح التعليم العالي في الأردن: ضرورة وطنية لا ترف سياسيالتعليم العالي في الأردن بمنعطف حرج، مع تفاقم التحديات البنيوية والتشغيلية التي تهدد جودة مخرجاته وتضعف صلته بسوق العمل ومتطلبات التنمية. فبين التوسع الكمي غير المدروس، والتراجع في التمويل والحوكمة، وتآكل الثقة المجتمعية في مخرجاته، بات الإصلاح الشامل للتعليم العالي ضرورة وطنية عاجلة، لا ترفًا سياسيًا مؤجلًا.
يأتي هذا التحليل لتسليط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه قطاع التعليم العالي في الأردن، ويطرح مجموعة من التوصيات الواقعية القابلة للتنفيذ، استنادًا إلى الرؤية الوطنية وأولويات التنمية المستدامة.
أولًا: التحديات البنيوية في التعليم العالي الأردني
1. الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل
تعاني الجامعات الأردنية من غياب المواءمة بين التخصصات المطروحة واحتياجات سوق العمل، ما يؤدي إلى تخريج آلاف الطلبة سنويًا في تخصصات مشبعة أو غير قابلة للتوظيف، دون وجود رؤية وطنية واضحة للتخصصات ذات الأولوية.
2. ضعف البحث العلمي والتمويل
تشهد الجامعات ضعفًا واضحًا في تمويل البحث العلمي وتطوير المختبرات، في ظل غياب الحوافز المجدية للباحثين، وندرة المشاريع البحثية التطبيقية المرتبطة باحتياجات المجتمع والصناعة.
3. تدخلات غير أكاديمية في التعيينات والحوكمة
تُعاني إدارة الجامعات من ضعف في الحوكمة الرشيدة، وسط تدخلات سياسية وشخصية في التعيينات، وغياب مبدأ الكفاءة العلمية كمعيار أساسي، لصالح المحسوبية والجهوية.
4. العزوف عن التعليم التقني والمهني
يواجه التعليم التقني والمهني عزوفًا مجتمعيًا متزايدًا، نتيجة النظرة الدونية لهذا المسار، وضعف البنية التشريعية والإعلامية التي تشجّع عليه، رغم الحاجة الماسة له في سوق العمل.
ثانيًا: خارطة طريق للإصلاح
1. دعم التعليم المهني والتقني
•تكثيف الحملات الإعلامية لتغيير الصورة النمطية السلبية.
•سن تشريعات تحفّز الطلبة وأولياء الأمور على الإقبال عليه.
•بناء بنية تحتية متكاملة لهذا النمط التعليمي كخيار حقيقي، لا هامشي.
2. مواءمة التخصصات مع سوق العمل
•إغلاق التخصصات المشبعة وغير المجدية.
•استحداث تخصصات تخدم الرؤية الاقتصادية الأردنية.
•مراجعة دائمة لبرامج التعليم بالتنسيق مع القطاع الخاص.
3. ربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع
•زيادة مخصصات البحث التطبيقي.
•تقديم حوافز مالية ومعنوية للباحثين.
•تشجيع الشراكات مع الصناعة والقطاعات الخدمية.
4. تحديث المناهج وأساليب التدريس
•تطوير البرامج الدراسية لتتلاءم مع مهارات القرن 21.
•تعزيز المهارات الناعمة كالتفكير النقدي، وحل المشكلات، والعمل الجماعي.
•استخدام التكنولوجيا التعليمية والتعلم التفاعلي.
5. تأهيل هيئة التدريس
•برامج تدريب مستمرة لأعضاء هيئة التدريس على أحدث الأساليب.
•استبدال نمط الحفظ والتلقين بأساليب تعليمية تشاركية.
6. نظام قبول عادل وشفاف
•اعتماد الكفاءة والقدرة كأساس للقبول، لا فقط المعدلات.
•تطوير اختبارات قبول تخصصية تظهر استعداد الطلبة الفعلي.
7. تعزيز البنية التحتية الرقمية
•الاستثمار في منصات التعلم الإلكتروني والتفاعلي.
•توفير محتوى رقمي عالي الجودة ومتاح لجميع الطلبة.
8. تعزيز استقلالية الجامعات
•منح الجامعات صلاحيات أوسع إداريًا وأكاديميًا.
•اعتماد الحوكمة الرشيدة ومعايير الجودة العالمية.
9. شراكة حقيقية في التمويل
•وضع استراتيجية وطنية لتمويل التعليم العالي والبحث العلمي.
•تفعيل الشراكات بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
الإصلاح ضرورة لا خيار
إن إصلاح التعليم العالي في الأردن لم يعد خيارًا يمكن تأجيله، بل أصبح ضرورة وطنية لضمان الاستقرار والتنمية في ظل التحديات المرئية والمستترة. الإصلاح الحقيقي يتطلب إرادة سياسية واضحة، وشراكة مجتمعية فعالة، ولجنة وطنية مستقلة تضم خبراء من القطاعين العام والخاص، تضع خطة تنفيذية قابلة للقياس والمساءلة.
إن الإنسان الأردني هو الثروة الحقيقية للأردن، ولن يكون هذا الإنسان قادرًا على الإبداع والمنافسة إلا من خلال تعليم عالٍ رصين، حديث، وعادل.