علي بن سالم كفيتان

شاركتُ هذا العام في حوار "معًا نتقدَّم" الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء برعاية كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، ولا بُد هنا من الإشادة بالفكرة من حيث المضمون، وهو دعوة المواطنين من مختلف الأعمار والتخصصات للتسجيل المباشر عبر الرابط الإلكتروني الذي يُتاح قبل الفعالية بفترة كافية، والالتقاء بأصحاب القرار وجهًا لوجه، في نقاش يحكمه الوقت والانضباط في الطرح في حدود المحاور المُتاحة كل عام، والتي جرى التصويت عليها إلكترونيًا وفق آلية تُنظمها الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وفي حوار هذا العام، ألقى ملف الباحثين عن عمل بظلاله على جميع الجلسات، واحتد النقاش في أحيانٍ كثيرةٍ بين الشباب وصُنَّاع القرار إلى مستوى عالٍ من طرح الرأي والرأي الآخر، في مُمارسة يمكن أن نصفها بالنادرة في منطقتنا؛ فالسقف كان عاليًا، ولكن الوقت حَكَم الجميع، وخَدَم أصحاب المعالي والسعادة، الذين تجردوا بعد كل جلسة بحجتي الوقت وعدم اختصاص الموضوع. ولقد كان واضحًا أنَّ أصحاب القرار استخدموا ورقة جائحة كورونا للإفلات من مناقشة بعض الإخفاقات في الوزارات والأجهزة التي يُشرفون عليها، ولا شك أنَّ قوة الطرح وَلَّدت حقائق جديدة يمكن استنتاجها في الفقرات التالية.

لقد أسهب أصحاب المعالي المشرفون على الطاقة والاقتصاد والتجارة والإسكان والنقل وجهاز الاستثمار، في سرد المُنجزات المالية من واقع خطة التوازن المالي، التي كبحت الدين العام، ورفعت من الفوائض المالية، وحسَّنت من التصنيف الائتماني للبلاد، رغم أن كل تلك الإنجازات أتت من واقع تحسُّن أسعار النفط بشكل مُباشر، في الوقت الذي شكَّلت فيه مداخيل الضرائب بشتى أنواعها وخفض دعم الخدمات العامة بنسب متفاوتة، النزر البسيط في الميزانية العامة، كانت الدولة في غنى عنه وعن الضغط الاجتماعي والضجيج الكبير الذي ولَّدته تلك السياسات التقشُّفية القاسية، مع تقليص حاد في الفرص الوظيفية للشباب؛ لذلك كان النقاش في هذه الجلسة حادًا، وارتفعت بعض الأصوات المُطالِبة بإقالة بعض الوزراء، وهنا سادَ الوجوم على المنصة، والتفت أصحاب المعالي إلى بعضهم البعض، مُستنكرين- فيما يبدو- السقف العالي للحوار. ولقد كان تدخُّل مُقدِّمي الجلسات غير مُوَفَّق في بعض الأحيان؛ لتقمُّصهم أدوار الوزارات والدفاع عنها، والسعي لإنهاء الحوار.

ولاحظنا نزولًا تدريجيًا للنقاش في الجلسات التالية، وتقلصت فرص المشاركين من الجمهور، مُقارنةً بإتاحة المجال بصورة أكبر لأصحاب السمو والمعالي والسعادة، مع التركيز على عدد من التجارب التي صنعتها المؤسسات، حتى إن صاحب المعالي أو السعادة كان يعرف الأسماء وموقع جلوس أصحاب تلك المبادرات، ويطلب منهم الوقوف، للدلالة على نجاح تلك المبادرات التي ذُلِّلَت لها كل الصعاب، ومُنحت الممكنات للنجاح. ونعتقد أن الرسالة منها لم تكن إيجابية على آلاف الشباب والشابات المتحفزين لخدمة هذا الوطن، فلا يمكن اختزال الجد والاجتهاد والسعي لنيل الفرص من واقع تجارب فردية محدودة؛ بل من خلال فتح الوطن بأكمله كورشة عمل لصنع آلاف المبدعين في مختلف ربوع عُمان. ولا بُد من الإشارة إلى استمرار عدم وضوح سياسات التشغيل لدى هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي أفادت رئيستها بأنها انتعشت من حيث العدد، ولكنها لم تشكل نسبة تعمين يمكن الحديث عنها كمنجز، وهذا بدوره يخلق علامة استفهام جديدة؟

وكانت جلسة وزارة العمل هي الأكثر هدوءًا وثباتًا وشفافيةً، ولعل من أكثر الحقائق التي أوضحتها وزارة العمل بحضور معالي الدكتور الوزير ووكيلي الوزارة بشكل صريح، أن خطة التوازن المالي بكل إنجازاتها التي سردها أصحاب المعالي في الجلسة الأولى لم تساهم في خلق فرص عمل تتناسب مع النجاح الذي حققته لتوفير فوائض مالية في الميزانية العامة للدولة.

ومن هنا نجد أن نقاش هذا العام كان إيجابيًا وبنَّاءً في كشف الأولويات التي تبنتها الحكومة وهي تقليص الدين العام والاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية (التعليم والصحة)، ومن ثم إسناد بعض المناقصات المُتعلِّقة بالطرق والنقل البري وتطوير البنية الأساسية واللوجستية والاستمرار على ذلك في خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التحديات المالية بين بغداد واربيل تحتاج إلى حوار معمق

آخر تحديث: 12 يوليوز 2025 - 8:18 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- بحث وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، يوم الخميس الماضي، خلال لقائه القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق، السفير ستيفن فاجن، التحديات المالية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، وإدارة النفط المستخرج من الحقول الواقعة ضمن الإقليم.وذكرت وزارة الخارجية العراقية في بيان ، أن الطرفين ناقشا خلال اللقاء مستجدات الوضع السياسي في العراق، لاسيما العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، مع التركيز على التحديات المالية والمشاكل ذات الصلة.كما تطرق الجانبان، بحسب البيان، إلى أوضاع الشركات الأمريكية العاملة في إقليم كوردستان، والعلاقات بين بغداد وأربيل فيما يخص إدارة النفط المستخرج من الحقول الواقعة ضمن الإقليم، حيث أكد فؤاد حسين على أهمية التوصل إلى حلول واقعية تضمن إدارة الثروات الوطنية بشكل منصف، وتحقق الفائدة العامة للعراق.وأكد فؤاد حسين خلال اللقاء، حرص الحكومة العراقية على تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات، وعلى دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، بما يخدم الصالح الوطني المشترك، وفق البيان.

مقالات مشابهة

  • التحديات المالية بين بغداد واربيل تحتاج إلى حوار معمق
  • شرطة دبي تستضيف «كشك السعادة» لذوي متلازمة داون
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • سلاح حزب الله على الطاولة الداخلية: حوار أم مواجهة؟
  • راشد بن حميد: دعم الكفاءات الشابة التزام وطني
  • راشد بن حميد: دعم الكفاءات الشابة وتمكينها التزام وطني
  • عاجل.. إخماد حريق محدود تجدد في سنترال رمسيس
  • الحنفي يشكر العاملين بالمصرية للاتصالات: قدّموا نموذجًا وطنيًا ومهنيًا
  • لطلاب الثانوية 2025 .. قائمة الكليات التي تتطلب اجتياز اختبارات القدرات
  • برنامج وطني قطري لتوجيه طلاب المدارس نحو سوق العمل