مهنيون يتناولون إفطار رمضان على رأس العمل
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
في شهر رمضان الكريم، تتجلى أسمى معاني الالتزام والمسؤولية لدى المهنيين الذين تفرض عليهم طبيعة عملهم الاستمرار في أداء واجباتهم خلال وقت الإفطار، هؤلاء الأفراد، الذين يعملون في قطاعات حيوية مثل الصحة، الأمن، المواصلات والطيران، وغيرها، يقدمون نموذجاً حياً للتفاني في خدمة المجتمع، حيث تظل احتياجات الآخرين أولوية لديهم، هنا نتوقف عند بعض المهنيين لنتعرف على طبيعة عملهم وكيفية مواجهة تحديات العمل في شهر الصوم.
وجبات الصائمين
الإفطار في موقع العمل ليس مجرد لحظة لتناول الطعام، بل شهادة على قوة الروح الجماعية والانسجام بين الزملاء، الذين يتشاركون هذا الوقت الخاص وسط أجواء عملية مليئة بالمسؤولية، وربما عمل الشيف الإماراتية فاطمة العجمي رئيس الطهاة التنفيذي في الإمارات لتمويل الطائرات والعمل على تجهيز وجبات الإفطار للصائمين، يجعلها دائماً على أتم الاستعداد لمواجهة ضغوطات العمل، والتعامل معها باحترافية عالية، وتشير العجمي إلى أن المطبخ في رمضان مليء بالتحديات خصوصاً في المطابخ المركزية التي تزود الطائرات بكميات كبيرة من الطعام للمسافرين، حيث تواجه ضغط العمل في المطبخ من خلال التخطيط المسبق والتنظيم الجيد مع فريق العمل لضمان سير العملية بسلاسة، مع تعزيز الروح الإيجابية في بيئة العمل، قائلة «أركز على تنظيم المهام بين الفريق ومتابعة التحضيرات لضمان تقديم تجربة مميزة للضيوف»، موضحة أنها تفتقد أحياناً للمة العائلة على مائدة الإفطار في رمضان، جراء العمل، إلا أنها عندما تتمكن من مشاركة الإفطار مع عائلتها، تشعر بفرحة خاصة تعزز من ارتباطها بالشهر الكريم.
صبر وقوة
في شهر رمضان الفضيل، تتخذ الرحلة المهنية لعبد العزيز الكندي مهندس صيانة الطائرات طابعاً مختلفاً، حيث يضيف الصيام بعداً روحياً ويعزز من التزامه وتفانيه، وفي ساعات العمل الطويلة، وظروف وتحديات العمل، يتعامل مع أدق المهام التي لا تقبل التأجيل أو الخطأ، ومع ذلك، يجد في الصيام قوة خفية تمنحه الصبر والقدرة على التوازن بين متطلبات عمله وروحانية الشهر الكريم. ويرى الكندي أن العمل خلال شهر رمضان يُعد تحدياً فريداً، خاصة مع ساعات الصيام الطويلة، أما في الحالات الطارئة التي تتزامن مع وقت الإفطار، فإنه يكسر صيامه على تمر وكوب ماء، ليتمكن من أداء مهامه بكفاءة، مؤمناً بأن العمل في مثل هذه الظروف يُعد نوعاً من العبادة.
ويلفت الكندي قائلاً : «رغم أن لمة العائلة على مائدة الإفطار لا تُعوض، إلا أنني أعتبر العمل عبادة وأحرص على تعويض وقتي مع الأهل بعد انتهاء الدوام، لمشاركتهم أجواء وروحانية الشهر الفضيل».
تأهب مستمر
ويوضح عبيد آل علي، أحد رجال الدفاع المدني، أن طبيعة عمله تتطلب استعداداً دائماً لمواجهة الطوارئ في أي وقت، مما يجعل الصيام خلال شهر رمضان تحدياً إضافياً، ويقول «في مركز الإطفاء، نحن دائماً في حالة تأهب، ننتظر جرس الإنذار الذي قد يعلن عن أي مهمة جديدة، سواء كانت إخماد حريق أو إنقاذ أرواح، وهذه المهام لا تعرف توقيتاً، ولا نعلم متى سنعود منها».
ويشير آل علي، قائلاً: خلال شهر رمضان، نواجه العديد من الحوادث المنزلية بسبب تحضير طعام الإفطار أو السحور، ومن أكثر الحوادث التي نراها الحرائق الناتجة عن ترك الأواني على النار من دون رقابة، ومشكلات الأجهزة الكهربائية التي تستخدم بكثافة أثناء إعداد الوجبات، أو اشتعال الشفاطات المليئة بالزيوت، نتيجة عدم تنظيفها بانتظام، حتى المطاعم، خلال أوقات الذروة، قد تتعرض لحوادث مشابهة، لذلك، نحرص دائماً على التوعية بأهمية اتباع إجراءات السلامة.
أمن وسلامة
وحول كيفية التعامل مع الطوارئ خلال وقت الإفطار، قال آل علي «أوقات الإفطار ليست استثناءً في عملنا، فنحن على أهبة الاستعداد على مدار الساعة، وفق خطة وزارة الداخلية لتعزيز الأمن والسلامة، حيث نعمل وفق منهجية تضمن أفضل الممارسات في مجال الإطفاء والوقاية بهدف حماية الأرواح والممتلكات، وفرقنا جاهزة دائماً للتعامل مع الطوارئ في أي وقت».
مهمات إنسانية
أيضاً المسعفون يواصلون خدمة أفراد المجتمع في ساعات الذروة خلال رمضان، حيث تقول المسعفة لمياء آل شهيل، التي تتولى مهمة قيادة إحدى سيارات الإسعاف، إن العمل خلال شهر رمضان يمنحها دافعاً إضافياً، حيث تجد في بذل الجهد والنشاط شعوراً متجدداً بالحيوية والرغبة في خدمة الآخرين.
وترى أن الصيام لا يشكل عائقاً، بل يزيدها عزيمة وإصراراً على تقديم العون والإسعاف للمحتاجين، مما يعكس الروح الإنسانية العالية التي تتحلى بها هي وزملائها. وتؤكد آل شهيل أن شهر رمضان يشهد زيادة ملحوظة في بعض الحالات الطارئة، أبرزها الأزمات التي يتعرض لها مرضى السكري أو ارتفاع ضغط الدم، وغيرها، حيث إن، الصيام لساعات طويلة، قد يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر بشكل مفاجئ، مما يستدعي تدخلاً علاجياً سريعاً.
حيطة وحذر
عن التحديات التي يواجهها كرجل إطفاء في رمضان، أشار عبيد آل علي، إلى أن طبيعة عمله تحرمه أحياناً من مشاركة عائلته الإفطار، حيث يتواجد في الميدان لوقت طويل، إلا أنه يسعد بمهام عمله وأهميتها في إنقاذ حياة الناس، وفي ختام حديثه، دعا آل علي أفراد المجتمع إلى أخذ الحيطة والحذر، خاصة خلال شهر رمضان، والالتزام بإجراءات السلامة لتجنب الحوادث المنزلية، ليصبح الشهر الفضيل أكثر أماناً وسلاماً للجميع.
تدخل سريع
تؤكد المسعفة لمياء آل شهيل، أن الفرق الإسعافية تتعامل مع هذه الحالات بحذر واهتمام خاص، إذ يتطلب الأمر تقديم الرعاية بسرعة للحد من المضاعفات، مع التدخل السريع للسيطرة على المرض، مؤكدة أن زيادة الوعي حول تنظيم أوقات الأكل وانتظام مواعيد الأدوية يسهم في تقليل مثل هذه الحالات خلال الشهر الفضيل.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رمضان الإفطار الرمضاني الصحة الصيام خلال شهر رمضان آل علی
إقرأ أيضاً:
شيرين دعيبس: كل فلسطيني له قصصه العائلية التي تتعلق بالنكبة وهذا سبب تقديمي لـ"اللي باقي منك"
يقام مساء غدا الثلاثاء العرض الثاني لفيلم "اللي باقي منك" للمخرجة شيرين دعيبس بسينما 4 بميدان الثقافة ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، وحصل صناع العمل على تصفيق حار من الجمهور استمر لأكثر من تسع دقائق، حيث استطاع العمل لمس مشاعر الكثير من الحضور الذين أكدوا نجاحه في نقل معاناة الشعب الفلسطيني.
كما شهدت القاعة حضور عدد من الفلسطينيين، خاصة من أهالي حيفا، الذين أعادتهم قصة الفيلم إلى ذكريات مؤلمة عاشوها أو سمعوا عنها من أجدادهم.
وعن تنفيذها لهذا العمل الغني بالتفاصيل، قالت دعيبس: "لقد كان عملاً صعباً، وتكمن صعوبته في كونه يحكي قصة حقيقية وشخصية. أردت أن أعطي للقضية حقها، فهي قضية شخصية وتحدٍ نفسي لي.. لقد كنا نصور فيلماً عن النكبة التاريخية، بينما كنا نعيش نكبة أكبر أثناء التصوير نفسه، لذلك كانت التجربة صعبة نفسياً. كل صانعي الفيلم وضعوا ألمهم وحزنهم الشخصي في العمل. الحقيقة أن كل فلسطيني لديه قصص عائلية، وكل منا له قصة في العائلة تتعلق بالنكبة".
وأضافت شيرين: "كتبت السيناريو عام 2020، خلال فترة جائحة كورونا، عندما توقّف كل شيء. لكنني كنت أفكر في بنائه قبل ذلك بسنوات، وكنت أعرف تفاصيل كثيرة. لسنوات، ظللت أدوّن في دفتر خاص ملاحظاتي عن الشخصيات وأفكاراً للحوار. كنت أكتب كل ما يخطر ببالي. لذلك، كانت كتابة السيناريو سهلة ومُتدفّقة. من المسودة الأولى، شعرت أنّ هناك شيئاً خاصاً. كتبت ثلاث مسوّدات، قدّمت الأولى منها لبعض الأصدقاء للقراءة، فكان رد الفعل قوياً. أحبّوا النص، ومن بينهم أمريكيون، ووكيل أعمالي في هوليوود. لذا وجدت منتجاً بسهولة نسبياً. الحقيقة أنه منذ أن جاءتني الفكرة، عرفت أنها تحتاج إلى فيلم كبير يُنجز، فيلم عن عائلة فلسطينية من ثلاثة أجيال، يتناول ما حدث لأفرادها عام 48، وكيف أصبحوا لاجئين".
وتابعت: "من خلال التركيز على الإنسانية وتجاوز المعاناة، أردنا خلق معنى والحفاظ على إنسانيتنا، لإظهار الفلسطينيين الذين قدموا نموذجاً للإنسانية رغم أكثر من ثمانين عاماً من التحديات، وتكريم من يقودون حياتهم بهذه الروح الإنسانية".
وعن سبب اختيارها التركيز على شخصيات الرجال في الفيلم، أوضحت: "اخترت ذلك لأن الرجال غالباً ما يتعرضون للقمع تحت الاحتلال، وأردت تكريم والدي وجدي، وتجسيد انتقال الصدمات النفسية عبر الأجيال. رغم أن القصة تدور حول الرجال، أردت وجود صوت نسائي قوي يروي القصة ويحاول شفاء العائلة، ليمنح الفيلم بعداً روحياً". وأكدت أن فيلم "اللي باقي منك" تعتبره "هدية كبيرة، خاصة خلال الظروف الصعبة التي نشاهدها كل يوم"، مضيفة: "وضعنا كل ألمنا وتعاطفنا وغضبنا في هذا الفيلم".
من جانبها، أعربت الممثلة ماريا زريق عن التأثير العاطفي العميق للفيلم عليها، قائلة: "هذه المرة الرابعة التي أشاهد فيها الفيلم، وفي كل مرة أبكي وأتأثر بشدة، لأن العمل مرتبط بي شخصياً. جدتي من قرية عيلبون في الجليل، وبعد النكبة وقعت مذبحة في القرية، فسافرت هي وأهلها إلى لبنان لمدة ثمانية أشهر، وانقطعت علاقتها بخطيبها. وعندما عادت، وجدته قد توفي في تلك المذبحة".
يذكر أن فيلم "اللي باقي منك" للمخرجة الفلسطينية المرشحة لجائزة الإيمي، شيرين دعيبس، سيبدأ عرضه السينمائي في محطته الأولى بالمنطقة في الأردن، حيث يمثل الفيلم المملكة الأردنية الهاشمية رسمياً في سباق جائزة الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم الصور المتحركة "الأوسكار" ضمن فئة أفضل فيلم روائي طويل دولي، بمشاركة متميزة للنجمين العالميين خافيير بارديم ومارك رافالو كمنتجين تنفيذيين.
تم تصوير الفيلم لمدة عام ونصف في مواقع حقيقية بين: رام الله، الأردن، قبرص، واليونان. وكان العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان "صندانس" السينمائي، حيث حظي بإشادة واسعة من النقاد، بينما كان عرضه الأوروبي الأول في مهرجان "كارلوفي فاري".
حصد الفيلم لاحقاً عدداً من الجوائز في مهرجانات دولية بالولايات المتحدة وأستراليا وماليزيا. ومن أبرز الجوائز التي نالها: جائزة البوابة الذهبية، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي دولي في مهرجان سيدني السينمائي، وذلك من أصل ثماني جوائز جمهور حصل عليها الفيلم حتى الآن، إضافة إلى جائزتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو في مهرجان ماليزيا السينمائي الدولي.
تدور أحداث الفيلم حول قصة مراهق فلسطيني ينجرف في احتجاج بالضفة الغربية المحتلة، ويعيش لحظة عنف تهز عائلته. تتوالى الأحداث بينما تروي والدته الخيوط السياسية والعاطفية التي أدت إلى تلك اللحظة المصيرية. يمتد الفيلم على مدى سبعة عقود، ويتتبع آلام وآمال عائلة مُهجّرة، شاهداً على ندوب التهجير وإرث البقاء الذي لا يُمحى.
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من أبرز الممثلين الفلسطينيين والعرب، وهم: صالح بكري، شيرين دعيبس، آدم بكري، محمد بكري، ماريا زريق، ومحمد عبد الرحمن. تصوير كريستوفر عون (مصور فيلم "كفرناحوم")، أزياء زينة صوفان، وموسيقى أمين بوحافة.
"اللي باقي منك" من كتابة وإخراج شيرين دعيبس، وإنتاج ثاناسيس كاراثانوس، شيرين دعيبس، مارتن هامبل، وكريم عامر. بالاشتراك مع OSN+، ومدينة الإنتاج الإعلامي بقطر، وMedan Productions، وBaird Films، والمجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية، وTEN X Group، وفيلم كلينك، ومؤسسة الدوحة للأفلام. والإنتاج التنفيذي من قبل صندوق البحر الأحمر. تتولى توزيع الفيلم عالمياً شركة The Match Factory، وفي العالم العربي تتولى التوزيع شركة "فيلم كلينك" المستقلة.