رمضان في البرازيل بين الحرية الدينية والشعور بالغربة الاجتماعية
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
ساوباولوـ يقارن جمال زعيتر وهو موظف في مفوضية شؤون اللاجئين في ساوباولو بين إقامته سابقا في ولاية ميناس جيرايس البرازيلية، حيث أعداد المسلمين قليلة للغاية ويعيشون بأماكن متباعدة، وبين إقامته اليوم في مدينة سانتو أمارو جنوب ساوباولو، وانعكاس ذلك على حياته في شهر رمضان.
وفي حديث للجزيرة نت يقول زعيتر: أعيش اليوم بالقرب من مسجد الرحمة في سانتو أمارو، حيث الأجواء الرمضانية حاضرة بوضوح بسبب وجود جالية إسلامية في المنطقة، نتجمع في المسجد لصلاة التراويح ونبقى هناك مع عائلاتنا إلى ما بعد صلاة العشاء، بينما كنت أشعر بغربة حقيقية في ميناس جيرايس بعيدا عن هذه الأجواء.
صعوبات جمة يواجهها المسلمون الصائمون خلال شهر رمضان المبارك في البرازيل تندرج تحت عدد من المستويات من الاعتراف الرسمي بأعياد ومناسبات المسلمين إلى الشعور بالأجواء في الشهر الفضيل.
ويقول بلال بكري وهو طبيب مختص في علم الأمراض (باثولوجي) ويقيم في مدينة بارويري شمال غرب ساوباولو إن التقويم الرسمي البرازيلي يمر مرور الكرام على أعياد المسلمين وعلى مناسباتهم الدينية، ومن بينها شهر رمضان المبارك.
ويضيف بكري، للجزيرة نت، أن المسلم في البرازيل يخضع لساعات دوام معتاد في العمل والدراسة أثناء الشهر الفضيل والأعياد الإسلامية، وليس هناك أي احتضان رسمي للشعائر والمناسبات الإسلامية، على الرغم من أن الدستور البرازيلي يكفل حقّ العبادة وممارسة الشعائر الدينية لكافة الطوائف والمذاهب والملل، فالحرية الدينية أساس من أسس الحريات العامة التي تنصّ عليها تشريعات البرازيل.
ويتابع بكري، أنه ربما لأن المسلمين أقلية قد لا تبلغ المليون نسمة في بلاد يتجاوز عدد سكانها 210 ملايين نسمة، يجعل من الصعوبة بمكان الاعتراف بأعيادهم ومناسباتهم الدينية في التقويم الرسمي، لافتا إلى أنه إذا أخذنا بعين الاعتبار عدم وجود أي تنظيم أو تكتل يشكل وزنا أو قوة للجالية الإسلامية في البرازيل، فإن مهمة إدراج الأعياد والمناسبات الإسلامية، ومن بينها رمضان، تصبح أكثر صعوبة.
ويقول زعيتر، نعاني صعوبات قانونية وإدارية تتعلق بطلب إجازات رسمية للأعياد الإسلامية أو تخصيص أماكن للصلاة في المؤسسات العامة.
إعلانويضيف زعيتر، من أبرز التحديات التي نواجهها كمسلمين في المهجر هو تعليم أبنائنا الذين وُلدوا في البرازيل اللغة العربية، وتعريفهم بعاداتنا وتقاليدنا وتعليمهم أصول الدين الإسلامي وكيفية ممارسة الشعائر الدينية.
ويوضح زعيتر، أن هذا يشكل تحديا كبيرا للأهالي بسبب قلة المؤسسات التعليمية الإسلامية فعلى سبيل المثال، في مدينة ساو باولو، التي تضم أكبر تجمع للجالية الإسلامية في البرازيل، لا يتجاوز عدد المدارس الإسلامية فيها الثلاثة، وتوفر واحدة منها فقط التعليم حتى المرحلة المتوسطة، في حين تقتصر الأخريات على جزء من المرحلة الابتدائية فقط.
أما بلال بكري فيرى أن المسلم في البرازيل يفتقد إلى الأجواء الرمضانية الجميلة التي تهيمن على البلدان الإسلامية في الشهر الفضيل، ويزيد من هذه الصعوبات على المسلمين تناثر المؤسسات والجمعيات الإسلامية والمساجد هنا وهناك، بشكل يعكس عدم وجود أي تجمع أو تمركز للجالية الإسلامية في حي أو مدينة ما.
ويضيف بكري، في الكثير من الأحياء والمدن هناك غياب تام لأي حضور رسمي إسلامي، ولا وجود للمساجد والجمعيات، مما يفقد الفرد المسلم المقيم في مثل هذه المدن والأحياء المرجعية والحضن الاجتماعي لممارسة الشعائر الرمضانية الجميلة، وهذا ما يضاعف شعور المسلم بالغربة والتهميش والجفاء في هذا الشهر الفضيل بالذات.
يقول زعيتر، صحيح أن شهر رمضان لا يشهد أي تغير أو ارتفاع في الأسعار كما هو الحال في الدول الإسلامية، حيث لا توجد ظاهرة ارتفاع الأسعار بسبب الطلب المتزايد، لكن التحدي الأساسي يتمثل في ندرة بعض المنتجات المستخدمة في الدول العربية وارتفاع أسعارها إن وُجدت.
ويضيف زعيتر، على سبيل المثال، قد يصل سعر علبة السمن الحيواني (250 غراما) إلى ما يعادل 20 دولارا، هذا إن وجدت، كما نواجه صعوبة في الحصول على المنتجات الحلال، مما يجعل التكيف مع البيئة المحلية أمرا ضروريا.
ويتابع زعيتر، أنه رغم هذه التحديات، فإن المدن الكبرى مثل ساو باولو وريو دي جانيرو تضم مطاعم وأسواقا متخصصة في بيع المنتجات الحلال، مما يسهل الأمور على المسلمين في هذه المناطق، ولكن في المناطق النائية، لا يزال الوصول إلى الطعام الحلال يمثل تحديا كبيرا.
إعلانويرى بكري، أن هناك صعوبة في تأمين السلة الرمضانية التقليدية السائدة في البلدان الإسلامية، ورغم أن الكثير من السلع والمنتجات الرمضانية من مأكولات ومشروبات متوفرة بالأخص في المدن الكبرى، لكن الغلاء يشكل عائقا للحصول على هذه المنتجات بالنسبة لبعض الفئات.
حرية ممارسة الشعائريعتبر بلال بكري أن البرازيل من أكثر الدول ضمانا للحريات ولحقوق الأقليات في العالم برمته، والحرية الدينية مضمونة بنص الدستور بما يكفل حرية ممارسة الشعائر لكافة المذاهب والمجموعات الدينية على مختلف مشاربها وأطيافها، وهذا ما يسهل على الجالية الإسلامية المجاهرة بالشعائر الرمضانية من صلاة وصوم وزكاة وتراحم وتكافل في كافة أراضي البرازيل.
ويضيف بكري، هذه الحريات مكفولة ومصانة حتى في ظل الصعود الصاروخي لليمين المتطرف العنصري في البلاد.
نموذج إسلامييقول بكري، إن شهر رمضان المبارك فرصة لا مثيل لها للتراحم وللتواصل وللتكافل الاجتماعي ولتعزيز الأواصر بين أفراد الجالية الإسلامية. وأيضا نستطيع أن نتكلم عن هذا التأثير على المجتمع البرازيلي نفسه بغالبيته الكاثوليكية، فالشهر الفضيل هو فرصة لتقديم نموذج إسلامي راق لواحدة من العبادات المهذبة للنفس والضابطة للشهوات والمعززة لروح التراحم والتضامن والإحسان.
ويضيف بكري، بدأت ألاحظ ازدياد النشاطات الاجتماعية على نطاق العائلات وعلى نطاق الجمعيات الإسلامية التي ترعى الإفطارات الرمضانية في مراكز الجمعيات الإسلامية المرفقة بالمساجد المنتشرة على الأراضي البرازيلية.
ويقول زعيتر، في رمضان تُنظّم دورات لتعليم القرآن الكريم وأصول الدين للمسلمين الجدد وأطفال الجالية في المساجد، كما ينظم بعض المسلمين فعاليات تعريفية بالإسلام خلال رمضان، مثل تقديم الإفطار للصائمين من غير المسلمين لتعريفهم بثقافة الصيام والتقاليد الإسلامية، مما يعزز التفاهم والتقارب بين المسلمين والمجتمع البرازيلي.
إعلانويضيف، في نهاية المطاف، ورغم أننا كجالية مسلمة نتمتع بحرية كاملة في إقامة شعائرنا الدينية في هذا البلد، فإن أجواء رمضان في البرازيل لا يمكن أن تُقارن بتلك التي كنا نعيشها في أوطاننا الأصلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الشهر الفضیل الإسلامیة فی فی البرازیل شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
فينيسيوس جونيور يشعل الجدل بين ريال مدريد وأهلي جدة بعد خماسية البرازيل.. عرض خرافي وتوتر داخل القلعة الملكية
أشاد النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، لاعب ريال مدريد ومنتخب البرازيل، بالمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي عقب الفوز الكبير بخماسية نظيفة على كوريا الجنوبية في المباراة الودية التي جمعت المنتخبين.
وقال فينيسيوس في تصريحاته بعد اللقاء: "أنشيلوتي هو أفضل مدرب تعاملت معه في مسيرتي، منحني الثقة الكاملة وسمح لي بتقديم أفضل ما لدي". وأوضح أنه سجل هدفين وصنع هدفًا في ثلاث مباريات تحت قيادة أنشيلوتي مع المنتخب، مؤكدًا أن الفوز الكاسح منح اللاعبين دفعة معنوية كبيرة قبل انطلاق كأس العالم 2026.
عرض سعودي ضخم من الأهلي لجلب فينيسيوس إلى دوري روشنفي مفاجأة كبيرة، كشفت شبكة "أنديكاليا" عن تحرك رسمي من نادي أهلي جدة السعودي للتفاوض مع ريال مدريد من أجل ضم فينيسيوس جونيور خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، بعرض وصفته بـ"الخيالي" تصل قيمته إلى 300 مليون جنيه إسترليني.
العرض، الذي لم تؤكده أي جهة رسمية حتى الآن، أثار ضجة واسعة في الأوساط الكروية العالمية، حيث اعتبره محللون خطوة غير مسبوقة في تاريخ الكرة السعودية، وواحدة من أكبر الصفقات المحتملة في تاريخ اللعبة، في ظل سعي الأندية السعودية لمواصلة جذب النجوم العالميين لترسيخ مكانة دوري روشن بين الدوريات الكبرى.
تاريخ من العروض السعودية ومحاولات سابقة للتعاقد مع نجم الريالسبق أن كشفت صحيفة "ذا صن" البريطانية عن رغبة أندية سعودية، الصيف الماضي، في تقديم عرض قياسي لضم فينيسيوس، تجاوز 350 مليون يورو، لتصبح الصفقة الأغلى في التاريخ، إلا أن المفاوضات لم تكتمل بسبب تركيز اللاعب على موسمه مع ريال مدريد آنذاك.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثات تمت بشكل غير رسمي مع مقربين من اللاعب، خاصة في ظل اهتمام الهلال في تلك الفترة بضم محمد صلاح من ليفربول، وهو ما جعل صفقة فينيسيوس تتأجل رغم الإغراءات المالية الضخمة.
مفاوضات التجديد مع ريال مدريد تدخل مرحلة معقدةيتزامن الجدل الدائر حول مستقبل فينيسيوس مع تعثر مفاوضات تجديد عقده مع ريال مدريد، إذ كشفت صحيفة "آس" الإسبانية أن اللاعب طلب رفع راتبه السنوي من 15 إلى 20 مليون يورو، وهو ما لم توافق عليه إدارة النادي حتى الآن.
ويمتد عقده الحالي حتى يونيو 2027، لكن إدارة الملكي تفكر في بيعه خلال صيف 2026 لتجنب رحيله مجانًا، بينما يتمسك اللاعب بالبقاء بشرط تحسين عقده بما يتناسب مع مكانته كأحد أعمدة الفريق الأساسية.
فينيسيوس بين التألق الفني والتحديات التكتيكية داخل الميرينجيرغم ازدحام الخط الهجومي للريال بعد انضمام كيليان مبابي، إلا أن فينيسيوس واصل تألقه اللافت هذا الموسم، بتسجيله خمسة أهداف وصناعة أربعة في أول ثماني مباريات بالدوري الإسباني، متوجًا مرتين بجائزة أفضل لاعب في المباراة.
لكن الأداء المميز لم يخلُ من التوتر، حيث واجه البرازيلي خلافات تكتيكية مع المدرب تشابي ألونسو، الذي طالبه بأدوار دفاعية إضافية لم يعتد عليها، ما أدى إلى جلوسه على دكة البدلاء في أكثر من لقاء، وهو ما أثار علامات استفهام حول علاقته بالجهاز الفني.
مسيرة فينيسيوس بين المجد الأوروبي والمستقبل المجهولانضم فينيسيوس إلى ريال مدريد عام 2018 قادمًا من فلامنجو البرازيلي مقابل 45 مليون يورو، ورغم الانتقادات في بداياته، إلا أنه تطور بشكل لافت تحت قيادة أنشيلوتي، وساهم في حصد ألقاب كبرى أبرزها دوري أبطال أوروبا 2022 و2024، حيث سجل في النهائيين أمام ليفربول وبوروسيا دورتموند.
واليوم، يقف اللاعب أمام مفترق طرق بين طموح الأندية السعودية في استقدامه بعروض فلكية، ورغبة ريال مدريد في الحفاظ على توازنه المالي، فيما يواصل فينيسيوس تقديم مستويات تضعه في دائرة الضوء كأحد أبرز نجوم الجيل الحالي.
بهذا، يبقى مستقبل فينيسيوس جونيور معلقًا بين مدريد وجدة، وبين حلم الاستمرار في القمة الأوروبية وإغراء الملايين في الشرق الأوسط، وسط انتظار عشاق الكرة العالمية لما ستسفر عنه الشهور المقبلة في مسيرته المثيرة.