بلد لم يسمع به أحد.. تصريحات ترامب عن ليسوتو تفجّر الغضب
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
في خطوة أثارت موجة واسعة من الغضب، برر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يوم الثلاثاء 4 مارس/آذار، خلال خطابه أمام الكونغرس الأميركي، التخفيضات الكبيرة في المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة.
وأثناء حديثه، ضرب ترامب مثالا بليسوتو، واصفا إياه بأنه "بلد لم يسمع به أحد من قبل"، وزعم أن هذا البلد يحصل على "8 ملايين دولار للترويج لقضايا التحول الجنسي.
هذه التصريحات، التي جاءت في سياق تبريره للسياسات المالية الجديدة، أثارت استياء واسعا في ليسوتو، حيث اعتُبرت مسيئة ومهينة، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي.
حكومة ليسوتو تردوأعربت حكومة ليسوتو عن "صدمتها الشديدة" إزاء تصريحات ترامب، مؤكدة أن مثل هذه التصريحات تعكس جهلا كبيرا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد.
ونقلت إذاعة فرنسا الدولية عن مسؤول حكومي وصفه لتصريحات ترامب بأنها "مهينة وغير مسؤولة"، مشددا على أن ليسوتو "ليست دولة تعتمد على الصدقات، بل تسعى إلى بناء شراكات عادلة تقوم على الاحترام المتبادل".
وأضاف المتحدث أن العلاقات بين ليسوتو والولايات المتحدة مبنية على أسس دبلوماسية متينة، وأن تصريحات ترامب "لا تمثل سوى رأي فردي غير ملزم للحكومة الأميركية الحالية".
إعلانكما أشار إلى أن الولايات المتحدة ظلت شريكا إستراتيجيا في مجالات الصحة والتعليم والتنمية، وأن "المساعدات الأميركية كانت دائما محل تقدير، لكنها لم تكن يوما عامل إذلال كما يحاول البعض تصويرها".
لم يقتصر الغضب على الحكومة فقط بل امتد إلى الشارع، حيث خرج مئات المواطنين في العاصمة ماسيرو للتعبير عن رفضهم لتصريحات ترامب.
ووفقا لمصادر محلية، شهدت الاحتجاجات مشاركة واسعة من مختلف الفئات، رافعين لافتات تدعو واشنطن إلى "احترام سيادة ليسوتو وعدم التعامل معها بعقلية الهيمنة".
كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامن مع ليسوتو، حيث عبر مستخدمون من مختلف أنحاء العالم عن دعمهم للبلاد في وجه ما وصفوه بـ"التعالي الأميركي".
غضب في الكونغرسعلى الصعيد السياسي داخل الولايات المتحدة، أثارت تصريحات ترامب استياء واسعا في الأوساط السياسية، حيث أشار تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" إلى أن العديد من أعضاء الكونغرس، بمن فيهم جمهوريون وديمقراطيون، انتقدوا بشدة تصريحات الرئيس ترامب.
ووصف أحد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين تصريحات ترامب بأنها "غير مسؤولة وقد تضر بالعلاقات الأميركية الأفريقية"، مشيرا إلى أن المساعدات المقدمة لليسوتو ليست مجرد "تبرعات بلا فائدة"، بل جزء من إستراتيجية أميركية لدعم الاستقرار والتنمية في القارة الأفريقية.
وأضاف السيناتور أن مثل هذه التصريحات قد تؤثر سلبا على صورة الولايات المتحدة على المستوى الدولي، خاصة في ظل سعيها لتعزيز نفوذها في أفريقيا في مواجهة التوسع الاقتصادي والسياسي لدول مثل الصين وروسيا.
إلى جانب ردود الفعل الأميركية، شهدت الساحة الدولية إدانات واسعة لتصريحات ترامب، حيث ذكرت صحيفة "الغارديان" أن العديد من المنظمات الحقوقية والدولية انتقدت ما وصفته بـ"الخطاب التحريضي"، محذرة من أن مثل هذه التصريحات قد تشجع على تصاعد التمييز والعنف ضد الفئات الهشة في ليسوتو.
كما أعرب الاتحاد الأفريقي عن قلقه إزاء التداعيات المحتملة لهذه التصريحات، مشيرا إلى أن مثل هذه المواقف قد تؤدي إلى تراجع الثقة في الشراكات الأميركية مع الدول الأفريقية، مما يفتح المجال أمام قوى أخرى لتعزيز نفوذها في القارة.
إعلان هل تؤثر التصريحات على العلاقات الأميركية – الأفريقية؟على الرغم من الجدل الواسع، يرى بعض المحللين أن العلاقات بين الولايات المتحدة وليسوتو لن تتأثر بشكل جوهري، خاصة أن الإدارة الأميركية الحالية لم تصدر أي موقف رسمي يتبنى تصريحات ترامب.
ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن هذه التصريحات قد تدفع الإدارة الأميركية إلى اتخاذ خطوات لاحتواء الأزمة، مثل التأكيد على التزامها بدعم ليسوتو وتقديم ضمانات بأن السياسات الأميركية تجاه القارة الأفريقية لن تتأثر بالمواقف الفردية لبعض الشخصيات السياسية.
وبالنظر إلى التوترات السابقة التي أثارها ترامب خلال فترات رئاسته، وخاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع الدول الأفريقية، فإن هذا الجدل الجديد قد يكون بمثابة تذكير للعواصم الأفريقية بضرورة تنويع شراكاتها وعدم الاعتماد حصريا على واشنطن، خاصة في ظل التنافس الدولي المتزايد على النفوذ في القارة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة تصریحات ترامب هذه التصریحات أن مثل هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: هل الضربة النووية الأميركية لإيران رادعة للآخرين أم محفزة لهم؟
في تحليل إخباري بصحيفة نيويورك تايمز، تساءل الكاتب مارك لاندر عما إذا كانت الضربات الاستباقية التي شنتها الولايات المتحدة مساء السبت الماضي على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية ستثني الدول الأخرى عن السعي لامتلاك السلاح النووي، أم أن العكس هو الصحيح تماما.
ووفق المقال التحليلي، فقد مضى ما يقرب من عقدين من الزمن لم تستطع أي دولة شق طريقها إلى نادي الدول النووية، وقد أخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نفسه عهدا بإبقاء الباب مغلقا بقصفه المنشآت النووية الإيرانية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان.
قصف ترامب منشآت إيرانية يثير مخاوف من أن تستخلص إيران ودول أخرى منه استنتاجا مختلفا تماما عما قصده البيت الأبيض، وهو أن امتلاك قنبلة نووية هي الوسيلة الوحيدة التي توفر لها الحماية في عالم محفوف بالمخاطر
ويعتقد لاندر أن من الصعب التنبؤ بما إذا كانت تلك الضربات الاستباقية ستنجح في ذلك، لكنه يعتقد أنها تثير مخاوف من أن تستخلص منها إيران ودول أخرى استنتاجا مختلفا تماما عما قصده البيت الأبيض، وهو أن امتلاك قنبلة نووية هي الوسيلة الوحيدة التي توفر لها الحماية في عالم محفوف بالمخاطر.
مقاربة متباينةويورد الكاتب أن كوريا الشمالية التي كانت آخر دولة تحصل على القنبلة النووية، لم تتعرض لمثل الهجوم الذي شُن على إيران، بل يُنظر إليها الآن على أنها محصّنة إلى حد كبير من أي اعتداء بعد أن تحدت كل المطالب بتفكيك برنامجها النووي.
وقارن لاندر -الذي يعمل مديرا لمكتب نيويورك تايمز في لندن– بين تعامل الولايات المتحدة مع كل من كوريا الشمالية وإيران فيما يتعلق بالقضية النووية، وما ينطوي عليه من مفارقة. وقال إن ترامب تبادل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رسائل ودية، والتقى به مرتين في محاولة غير مثمرة للتفاوض على صفقة.
لكن في حالة إيران، أرسل الرئيس الأميركي قاذفات القنابل من طراز "بي-2" لضرب منشآتها النووية عقب أسابيع قليلة من إعلانه مبادرة دبلوماسية جديدة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات.
والحقيقة التي يؤكدها الخبراء أن الضربات الاستباقية قد تجعل إيران حريصة الآن على امتلاك سلاح نووي. واستشهد لاندر على ذلك بتصريح أدلى به روبرت آينهورن، خبير الحد من التسلح الذي تفاوض مع إيران في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
إعلانوقال آينهورن في ذلك التصريح إن مخاطر امتلاك إيران ترسانة نووية صغيرة أصبحت الآن أعلى مما كانت عليه قبل أحداث الأسبوع الماضي.
غير أنه يزعم أن إيران ستواجه عقبات هائلة لإنتاج قنبلة نووية حتى لو اندفعت بشكل منسق للحصول على واحدة، ليس أقلها أن تكتشف الولايات المتحدة وإسرائيل مثل تلك الخطوة لتضربها من جديد.
ومع ذلك، يحذر لاندر من أن منطق الانتشار النووي يلوح في الأفق في عالم يُنظر فيه إلى القوى العظمى المسلحة نوويا -وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين– على أنها غير موثوقة بشكل متزايد، بل تنزع إلى افتراس جيرانها.
ويفيد محللون بأن الدول غير النووية تراقب محنة إيران من الخليج وأوروبا الوسطى إلى شرق آسيا لاستخلاص الدروس واستقاء العبر منها.
وفي هذا الصدد، يقول كريستوفر هيل -الذي قاد محادثات مع بيونغ يانغ في عامي 2007 و2008 لمحاولة إقناعها بتفكيك برنامجها النووي- إن كوريا الشمالية لا تشعر قط بالندم على امتلاكها أسلحة نووية.
وأضاف أن إغراء القنبلة النووية أصبح أقوى بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وآسيا. ورغم أن هذه الدول ظلت تحت حماية المظلة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، فإن هيل يحذرها من أنها الآن تتعامل مع رئيس، في شخص ترامب، يرى أن التحالفات لا تتوافق مع رؤيته التي تقوم على تفضيل "أميركا أولا".
وأشار إلى أن دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية تتساءل عما إذا كان بإمكانها الاعتماد على الولايات المتحدة. وقال إن اليابان -على سبيل المثال- ابتدرت نقاشا داخليا حول ما إذا كان ينبغي عليها أن تُخزِّن أسلحة نووية من الولايات المتحدة على أراضيها، كما يفعل بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو).
تهديدات بوتينوتطرّق المقال التحليلي إلى تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام أسلحة نووية تكتيكية في وقت مبكر من حربه على أوكرانيا، الأمر الذي منح إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن فسحة من الوقت لتسليح الجيش الأوكراني بقوة.
كما أن تهديدات بوتين تلك زادت المخاوف من أن القوى الأخرى التي تسعى لتغيير النظام الدولي القائم قد تستخدم الابتزاز النووي لتخويف جيرانها.
وقد يكون الدرس المستفاد من أوكرانيا هو "إذا كانت لديك أسلحة نووية، احتفظ بها. وإذا لم تكن تملكها بعد، فاحصل عليها، خاصة إذا كنت تفتقر إلى حليف قوي مثل الولايات المتحدة يدافع عنك، أو إذا كنت منخرطا في نزاع مع دولة كبيرة من المحتمل أن يتحول إلى حرب"، كما كتب بروس ريدل ومايكل أوهانلون، المحللان في معهد بروكينغز -وهي مجموعة بحثية في واشنطن– عام 2022.
أحلام محطمةورغم كل التنبؤات بانطلاق سباق تسلح إقليمي، فإن كاتب المقال يؤكد أن شيئا من ذلك لم يحدث بعد، لافتا إلى أن الخبراء يعدون ذلك دليلا على نجاح سياسات منع انتشار الأسلحة النووية، وكذلك على التاريخ المتقلب للدول التي سعت إلى امتلاك تلك الأسلحة.
وأوضح أن أحلام دول الشرق الأوسط في الحصول على الأسلحة النووية قد تحطمت في مشهد فوضوي، وليس أدل على ذلك من أن برامج نووية لدول في المنطقة، مثل العراق وسوريا وليبيا، تمّ تفكيكها إما عبر الطرق الدبلوماسية وإما بالعقوبات وإما بالقوة العسكرية.