صحيفتان فرنسيتان: إسرائيل الكبرى مفهوم مبهم وأرض بلا حدود ثابتة
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
تناولت صحيفتان فرنسيتان مفهوم إسرائيل الكبرى، بما فيه من تداخل معقد بين الدين والسياسة في الفكر الصهيوني، وحدود إسرائيل بطابعها الغامض والمتغير، وما يتعلق بالمفهومين من ادعاءات سياسية ودينية معاصرة لدى التيارات الإسرائيلية المتطرفة.
فانطلقت لوموند في نقاش مفهوم "إسرائيل الكبرى"، منبهة إلى أن هذا التعبير لم يرد في الكتاب المقدس بشكل مباشر، لكنه ظهر بقوة بعد حرب 1967 حين وسعت إسرائيل حدودها بشكل كبير، ثم عاد للواجهة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحرب الإبادة التي تلتها في غزة.
وبرز هذا المفهوم -كما تقول الصحيفة- في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، الذي وصف نفسه بأنه صاحب "مهمة تاريخية وروحية" لتحقيق هذه الرؤية، مما أثار استياء واسعا في العالم العربي.
وأعادت لوموند -في تقرير بقلم فيرجيني لاروس- جذور مفهوم "إسرائيل الكبرى" إلى تصورات دينية توراتية عن أرض وُعد بها نسل إبراهيم، ورأت أن هذه التصورات تتسم بالغموض والتباين، مما ساعد لاحقا في تبني خطاب توسعي من قبل بعض التيارات السياسية والدينية.
وفعلا يذكر النص التوراتي حدودا متغيرة، تارة تمتد من دان إلى بئر السبع، وتارة أخرى بشكل توسعي من النيل إلى الفرات، مما يعكس عدم وضوح جغرافي تاريخي يُستغل سياسيا حتى اليوم.
ومع بداية الحركة الصهيونية في أواخر القرن الـ19، بدأ مفهوم "أرض إسرائيل الكاملة" يأخذ طابعا سياسيا -حسب الصحيفة- وذلك بالخصوص عند الصهاينة الدينيين من أمثال الحاخام أبراهام كوك، الذين اعتبروا العودة إلى "الأرض المقدسة" تمهيدا لتحقيق الخلاص الديني.
ولاحقا، جاء فلاديمير جابوتينسكي ليضع الأسس الأيديولوجية لمفهوم "إسرائيل الكبرى" بمعناه السياسي التوسعي، داعيا إلى ضم شرق الأردن وما وراءه، كجزء من الوطن القومي اليهودي.
إعلانلكن حرب 1967 شكلت نقطة التحول الحاسمة، إذ استغلت إسرائيل انتصارها العسكري لاحتلال مناطق واسعة مثل الضفة الغربية والجولان وغزة وسيناء.
ومع هذا الانتصار، برزت حركة "غوش إيمونيم" عام 1974، بقيادة الحاخام زفي يهودا كوك، لتروج لاستيطان كامل ما تعتبره "أرض إسرائيل التوراتية"، رافضة أي انسحاب من الأراضي المحتلة، وساعية لإقامة دولة تستند إلى الشريعة اليهودية.
ومنذ التسعينيات، تعزز التيار القومي الديني في إسرائيل، وتوج الأمر بوصول حكومة يمينية متطرفة إلى السلطة عام 2022، تتبنى علنا فكرة "إسرائيل الكبرى"، وتعمل على ترجمتها على أرض الواقع من خلال دعم الاستيطان ورفض أي تسوية سياسية.
حدود متغيرة
ويشير الباحث في العلوم السياسية هاوس سينيغير في كتابه "الرب معنا: 7 أكتوبر وتبعاته" إلى أن هذا المفهوم بات يشمل، في نظر أنصاره، ليس فقط الضفة الغربية والجولان، بل ربما أيضا غزة وجنوب لبنان وسيناء وأجزاء من الأردن وحتى العراق، في استحضار لرؤية توراتية توسعية.
ويرى بعض الباحثين أن الفهم التوراتي "لأرض الميعاد" لا يستوجب الاحتلال والسيطرة السياسية على كامل الأرض، بل يشير إلى رؤية تشترط السلام الإقليمي، ولكن هذا التفسير لا يلقى قبولا لدى التيارات الدينية القومية التي تقدس الاستيطان وترفض قيام دولة فلسطينية.
وفي ظل هذا التصور -كما تقول الصحيفة- يصبح من الصعب تصور قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، سواء على المدى القصير أو المتوسط، لأن ذلك يتناقض مع العقيدة السياسية والدينية التي يتبناها دعاة "إسرائيل الكبرى".
لم تختلف صحيفة لاكروا كثيرا عما جاء في لوموند، فاهتمت، هي الأخرى، بمسألة حدود أرض إسرائيل كما وردت في النصوص التوراتية، وسلطت الضوء على الغموض والتغيير في تحديدها عبر العصور، مشيرة إلى أن "أرض إسرائيل" ليست مصطلحا جيوسياسيا بحتا، بل هي مفهوم ديني نابع من التوراة.
واستدلت الصحيفة -في مقال بقلم أوليفييه كاتيل من المدرسة التوراتية والأثرية الفرنسية في القدس- بأن حدود هذه الأرض كانت دوما متغيرة وغير ثابتة، وهي تمتد كأقصى حد، من نهر مصر إلى الفرات، ولكنها في نصوص أخرى أقل اتساعا، بين دان شمالا وبئر السبع جنوبا، ومن البحر المتوسط غربا إلى نهر الأردن شرقا.
وقد استغلت الحركات الصهيونية هذه الاختلافات -كما يقول الكاتب- واستخدمتها ذريعة لتوسيع المطالبات بالأراضي، بما يشمل المملكة المتحدة في عهد النبيين داود وسليمان، والمملكة الحشمونية، وحتى مملكة هيرودس زمن المسيح، وكلها شهدت توسعات وتغييرات في الحدود.
غير أن الصحيفة ركزت على الضفة الغربية أو يهودا والسامرة -كما يسميها الإسرائيليون- ورأت أنها المحور الديني والتاريخي الأهم في التوراة، لكنها لم تُمنح لإسرائيل في خطة التقسيم عام 1947، ولكن التيارات القومية والدينية داخل إسرائيل ترى فيها "جوهر أرض إسرائيل" التوراتية.
وفي هذا السياق -كما يقول الكاتب- لا يعتبر المستوطنون بناءهم في هذه المناطق استيطانا، بل يرونه "استردادا للإرث" وفق المفهوم التوراتي.
إعلانونبه الكاتب إلى وجود تفسير جديد لدى بعض الباحثين، منهم البروفيسورة نيلي وازانا، يرون أن الوصف التوراتي "لأرض إسرائيل الكبرى" لا يعني بالضرورة احتلالا فعليا لتلك المناطق، بل تصويرا لواقع جيوسياسي يفترض أن تقوم فيه إسرائيل بعلاقات سلمية مع جيرانها.
ويختم الكاتب بالتأكيد على أن السلام شرط أساسي لتحقيق السكنى في أرض الميعاد، مستشهدا "باتفاقيات إبراهام" عام 2020 التي سعت إلى ترسيخ السلام بين إسرائيل ودول عربية كالإمارات والبحرين.
ورغم هذا التوجه، تبقى الضفة الغربية مسألة شائكة، إذ يصعب إقناع من يفسرون التوراة حرفيا بالتخلي عن أراضٍ يرونها مركزية في الوعد الإلهي لإبراهيم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات إسرائیل الکبرى الضفة الغربیة أرض إسرائیل
إقرأ أيضاً:
سباق جائزة مبادلة أبوظبي الكبرى للإبحار الشراعي ينطلق 29 و30 نوفمبر
أبوظبي (الاتحاد)
ينظم مجلس أبوظبي الرياضي نهائي موسم «سيل جي بي» في سباق جائزة مبادلة أبوظبي الكبرى للإبحار 2025، يومي 29 و30 نوفمبرالمقبل في ميناء زايد في الجهة المقابلة لكورنيش أبوظبي.
ويشارك فيه فرق وطنية من مختلف دول العالم على متن قوارب «سيل جي بي» الشراعية التي تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة.
وتمثل أبوظبي المحطة الـ 12 في سلسلة الموسم الخامس، الذي شمل محطات دبي، أوكلاند، سيدني، لوس أنجلوس، سان فرانسيسكو، نيويورك، بورتسموث، ساسنيتز، سانت تروبيه، إضافة محطتي جنيف في سبتمبر 2025، وقادش في أكتوبر 2025.
وأصبحت تذاكر الحدث متاحة للجمهور، ويُتوقَّع أن يستقطب اهتمام الآلاف من عشاق الإبحار الشراعي والمتابعين من داخل الدولة وخارجها.
وتُستخدم في السباق قوارب F50 قطمران الشراعية عالية الأداء، التي تصل سرعتها إلى نحو 100 كيلومتر في الساعة، تقودها 12 فرق وطنية من أستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وبريطانيا ونيوزيلندا وإسبانيا وسويسرا، والولايات المتحدة الأمريكية للمنافسة على الفوز بالنهائي الكبير.
وقال عارف حمد العواني، الأمين العام لمجلس أبوظبي الرياضي: «يسعدنا مجدداً استضافة بطولة عالمية تُضاف إلى روزنامة الفعاليات الدولية المتنوعة التي تنظمها وتحتضنها أبوظبي، حيث تعد استضافة النهائي الكبير شهادة على المكانة التي تحتلها العاصمة، بصفتها وجهةً عالميةً رائدة لاستضافة الفعاليات الرياضية، ودليلاً على ما تتمتع به من بنية تحتية متطورة بجاهزية عالية».
وأضاف: «نحن في مجلس أبوظبي الرياضي مستعدون لاستضافة نهائي موسم سيل جي بي، الذي يُعد من أسرع البطولات الرياضية نمواً حول العالم، ونثمِّن شراكتنا الاستراتيجية طويلة الأمد مع مبادلة، والدور الإيجابي الذي تؤديه هذه الشراكة في دعم تنظيم أبرز البطولات الرياضية العالمية».
وقال حميد الشمري، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة والرئيس التنفيذي للشؤون المؤسسية والموارد البشرية في شركة مبادلة للاستثمار: «يسرّنا أن نكون الشريك الرئيسي في نهائي موسم سباقات (سيل جي بي) الذي تحتضنه أبوظبي. لقد نجح السباق العام الماضي في استقطاب آلاف المشجعين إلى الواجهة البحرية المميزة لأبوظبي، ونتطلع هذا العام إلى العمل معاً من أجل تنظيم سباق مميز أكثر تأثيراً وإلهاماً».
وأضاف الشمري: «نحرص في مبادلة على إحداث تأثير إيجابي ومستدام، ونرى أن الرياضة والفعاليات الرياضية تمثل منصة فاعلة تجمع الناس، وتحقق أثراً ملموساً من الشمولية والاستدامة يتجاوز حدود المنافسة التقليدية».
وقال راسل كوتس، الرئيس التنفيذي لسلسلة سباقات «سيل جي بي»: «العودة إلى دولة الإمارات لاستضافة نهائي موسم 2025 تأتي بعد النجاح الكبير الذي حققه الحدث الافتتاحي في دبي، ولاحقاً في عدة مدن عالميةـ وتشكل الأجواء والموقع وحماس الجماهير أبرز لحظات ختام الموسم، والجميع مستعد لتقديم تجربة استثنائية».
وأشاد كوتس بالدعم الكبير من مبادلة ومجلس أبوظبي الرياضي، اللذين أدت رؤيتهما وطموحهما دوراً محورياً في إنجاح الحدث.