سلامة داود: الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
أكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، أن الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يعمل على جمع شمل الأمة ويقف بقوة ليقاوم تفرقها.
وقال رئيس جامعة الأزهر، خلال كلمته اليوم الجمعة في الاحتفالية التي ينظمها الأزهر الشريف بمناسبة ذكرى مرور (1085) على تأسيس الأزهر المعمور، إننا من رحاب الجامع الأزهر، قلعة العلم، وحصن الدين، وعرين العربية، نحتفل اليوم بمرور ألف وخمسة وثمانين عامًا مضت من عمر الزمن على تأسيس الجامع الأزهر الشريف، الذي يدل اسمه (الجامع) على أنه محراب عبادة ومنارة علم، والعلم عبادة، كما يدل اسمه (الجامع) على أنه يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها وتشتتها لتعود كما أراد الله تعالى لها في قوله جل وعلا: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾(الأنبياء 92)، وتلك هي الغايةُ النبيلةُ.
وثمن رئيس جامعة الأزهر السعي الموَفَّق الدؤوب الذي يقوم به فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف حفظه الله تعالى، في الحوار الإسلامي الإسلامي الذي يسعى إلى نبذ الفرقة والتعصب والاجتماع على الثوابت والأصول المشتركة التي اتفقت عليها الأمة على اختلاف مذاهبها.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن العالم الإسلامي لم يجن من الفرقة إلا الضعف والوهن؛ ولم تكن الأمة أحوج إلى الاتحاد واجتماع الكلمة ولمِّ الشمل منها الآن بعد ما تداعت عليها الأمم.
وأكد رئيس الجامعة أن الأزهر الشريف نسب شريف يعود في نبعته المباركة إلى أم أبيها السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تسميته (الأزهر) جمال من الزهر؛ لأنه يتفتح عن العلوم كما تتفتح الأزهار عن أكمامها، وفي تسميته (الأزهر) بصيغة اسم التفضيل دلالة على أنه يعيش مع أشرف العلوم وأعلاها، والأزهر المعمور لا يرضى لمن ينتسب إليه إلا أن يكون هو الأزهر والأنور والأبهر والأقدر، فلا يرضي لمن ينتسب إليه أن يكون تابعًا لغيره في مضغ العلوم والمعارف؛ بل يتمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى»، واليد العليا هي اليد التي تملك قوة العلم وتنتج العلم، واليد السفلى هي اليد التي تستورد العلم وتعيش عالة على ما أنتجته عقول الآخرين؛ لذا عاش الأزهر الشريف هذه القرون الطويلة وهو ينتج المعرفة.
وأوضح رئيس الجامعة أن البعثات التي أرسلها محمد علي باشا إلى أوروبا كانت من النابهين من أبناء الأزهر الذين قامت على أكتافهم في مصرنا الحبيبةِ كلياتُ الطب والهندسة وغيرها من كليات العلوم التطبيقية؛ فكانت النهضة الحديثة في مصر على أيدي علماء الأزهر، لافتا إلى أن الأزهر الشريف بماضيه وحاضره كالشمس من اقترب منها ذاب فيها، فما من بلد في الدنيا إلا وللأزهر الشريف عليه يد بيضاء في نشر العلم والوسطية والاعتدال.
ودلل رئيس جامعة الأزهر على قيمة ومكانة الأزهر المعمور بالطلاب الوافدين في رحابه وهم اليوم نحو ستين ألف طالبٍ وافد من نحو مائة وثلاثين دولة يحملون مشاعل النور والإسلام والوسطية إلى بلادهم، وهم سفراء للأزهر الشريف جامعًا وجامعةً في دول العالم، موضحًا أن الأزهر الشريف جهزهم وصنعهم على عينه؛ فله الفضل عليهم بحق الأستاذية والتعليم والرعاية، وما قطعوا بلدًا أو نشروا علمًا إلا وكان للأزهر الشريف نصيبٌ من أجره وثوابه؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا»؛ وقد جهزهم الأزهر الشريف للأمة كلِها وللعالم كلِّه هداةً مهديين؛ فإذا نشروا علمه في البلاد كان لهم فضلٌ عليه أيضًا؛ لقول علمائنا: «ما من أحد إلا وللشافعي عليه فضل إلا البيهقي فإن له الفضل على الشافعي لنشره مذهبه»؛ وهذه هي رحم العلم بين الأستاذ وتلميذه.
وقال رئيس جامعة الأزهر: لقد أدركنا من علمائه مَن يستنكف أن يتكلم في درسه ومحاضرته بكلمة عامية واحدة، فإذا اضطُرَّ إلى نطقها قال: أقولها بالعامية وأستغفر الله؛ حرصًا منه على نشر اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم وتكلم به سيد السادات -صلى الله عليه وسلم- وحرصًا منه على تقويم اللسان وتنشئة الجيل على حب العربية، وأدركنا من علمائنا من كان يقول لنا: في البحث العلمي لا تكرر من سبقك، بل ابحث عن رَوْضٍ أُنُفٍ، والروض الأنف الحديقة الغناء التي لم تطأها قدمٌ، أي: ابحث عن موضوع لم يدرسه أحد قبلك لتقف على ثغرة ليس عليها مرابط، وهي كلمة جليلة قالها شيخنا المحمود الدكتور محمود توفيق، عضو هيئة كبار العلماء الذي فقده الأزهر الأسبوع الماضي ونعاه إمامُه الأكبر حفظه الله، كلمةٌ جليلة تربط البحث العلمي بالدفاع عن ثغور الأمة، والمرابطة عليها؛ لأن حماية الفكر من حماية الوطن.
وقال رئيس الجامعة: لقد تعلمنا من علمائك أيها الأزهر المعمور أنه لا يخلو كتاب من فائدة، وأنه لا يغني كتاب عن كتاب، وأن يجعل الكاتب كتابه يغني عن غيره ولا يغني عنه غيرُه، تعلمنا من علمائك أن نضحي من أجل العلم بأوقاتنا وأقواتنا وشرخ شبابنا وزهرة أعمارنا وماء عيوننا، حتى قال أحدهم لتلميذه يومًا: «بع الجبة والقفطان واشتر اللسان» يقصد معجم لسان العرب، الذي ينمي الثروةَ اللغويةَ والمحصولَ اللغويَّ لمن يقرؤه.
وختم رئيس الجامعة كلمته ناصحًا طلاب العلم في الأزهر الشريف بقراءة تراجم سير علماء الأزهر والاقتطاف من أزاهيرها والتأسي بهم في علو الهمة وغزارة العلم ومكارم الأخلاق، قائلًا لهم: تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح وإني لأرجو أن يوفَّقَ بعضَ أولي العزائم الصادقة إلى جمع هذه الشمائل والمكارم من سيرهم وحُسْنِ عرضها وتجليتها وكشفِ جوانبها المضيئة؛ لتكون نبراسًا يضيء لنا وللأجيال القادمة؛ فإن الأخلاق تعدي، وإن التأسي بالتجارب الرائدة والنماذج المشرقة هو خير باعث على النهضة والتقدم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العلم الدين الوسطية الأزهر الشريف الجامع الأزهر التفرق صلى الله علیه وسلم رئیس جامعة الأزهر أن الأزهر الشریف رئیس الجامعة
إقرأ أيضاً:
فرصة عالمية مواتية هل تستغلها الأمة؟ .. هذا ما كشفه السيد القائد اليوم
كشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، المنطلقات العقائدية الدموية التي تحكم سلوك الكيان الإسرائيلي، وخطورة نزع سلاح الأمة في لحظة تاريخية مفصلية يشهد فيها العالم انكشافًا غير مسبوق للعدو الصهيوني وشركائه.
يمانيون / تحليل / خاص
عقيدة استباحة وحقد متجذر
أكد السيد القائد أن الإجرام الصهيوني ليس مجرد سلوك سياسي أو ميداني، بل هو فكر ديني محرف، عنصري، ينطلق من رؤية استعلائية تجاه البشرية، وخاصة العرب والمسلمين ، حيث قال : الصهاينة لا يعترفون للعرب بأنهم من أصل بشري، بل يعتبرونهم كائنات خُلقت لخدمتهم! ، هذا التوصيف ينقل الصراع من كونه خلافًا حدوديًا أو دينيًا إلى صراع وجودي مع كيان يحمل مشروع إبادة للآخر، ما يعني أن كل دعوات السلام هي وهم قاتل، لأن الطرف الآخر لا يعترف حتى بوجودك كإنسان، وأشار السيد القائد إلى أن الطفل اليهودي الصهيوني يُربّى على ثقافة الإلغاء والاستباحة، ويغذّى على حقد ديني ضد الآخرين، مما يُنتج جيلاً مؤدلجًا على القتل والتوسع، هذه الرؤية تسقط أي رهانات على تغيّر العدو الإسرائيلي من الداخل، وتُفنّد مزاعم دولة ديمقراطية، حيث أن البنية النفسية والتربوية داخل الكيان مزروعة على أسس التطرف والإرهاب.
نزع سلاح الأمة .. تسليمها للموت
في أخطر تحذير ضمن الخطاب، وصف القائد محاولات نزع سلاح حركات المقاومة، وعلى رأسها حماس وحزب الله، بأنه منطق غبي وخدمة مباشرة للعدو، حيث قال : أمتنا الإسلامية هي أحوج الأمم لامتلاك السلاح، لأنهم يريدون تجريدها من قوتها لتكون فريسة سهلة، وهنا يربط السيد القائد بين السلاح والبقاء، ويذكّر بمآسي سابقة حين تم تسليم السلاح، مثل صبرا وشاتيلا، مؤكدًا أن السلاح ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية في وجه الإبادة.
سلاح المقاومة خيار استراتيجي أثبت فعاليته
ثمّن السيد القائد يحفظه الله الدور البطولي لكتائب القسام، وسرايا القدس، والمجاهدين في غزة، مؤكدًا أن بطولاتهم وصمودهم المذهل أربكت العدو وأدخلته في أزمة ، وأكد أن الصمود في غزة يؤكد صحة الخيار العسكري، وأن العدو يعاني من نقص بشري ونفسي وتهرّب من الاحتياط، وهذه الرسالة تؤكد أن خيار المواجهة هو الخيار الوحيد القادر على وقف العدوان. وهو رد مباشر على كل من يدعو إلى “المفاوضات” و”الحلول السلمية” مع كيان لا يعرف إلا لغة الدم.
لحظة عالمية مواتية .. هل تستغلها الأمة؟
اعتبر السيد القائد أن العالم اليوم يشهد أعلى موجة إدانة عالمية للعدو الإسرائيلي، وانكشافًا غير مسبوق لوحشيتها، ما يمثل فرصة سياسية إعلامية شعبية للأمة الإسلامية، مؤكداً أن الجو العالمي لصالح المسلمين لو أنهم يفهمون هذه الفرصة ويتحركون! وهنا لا يكتفي السيد القائد بالتشخيص، بل يطرح فرصة تاريخية، ويحمّل الأمة مسؤولية اغتنام هذه اللحظة الفارقة، بدلاً من التواطؤ أو التثبيط.
علماء السلطان .. وسقوط النخب
أشار السيد القائد بأسف إلى تراجع بعض المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، عن بيان كان يدين الجرائم الصهيونية، مؤكداً أن هذا سلوك معيب وتخاذل مخز، وهنا يضع السيد القائد الإصبع على داء النخب الدينية المتواطئة، التي تصمت أو تبرر التطبيع، في حين كانت تملأ الساحات بالفتاوى في أوقات الفتنة والدم العربي.
تحية لأحرار الأمة .. وعتب على الخاذلين
ثمّن السيد القائد يحفظه الله مواقف مفتي سلطنة عمان ومفتي ليبيا باعتبارها مواقف شريفة تليق بعلماء الأمة، مقارنة بمن اختاروا الصمت أو خانوا رسالتهم، حيث قال : من يثبطون اليوم هم من كانوا أبواق فتنة للجهاد في سوريا والعراق، واليوم يخذلون غزة! ، ويدعو القائد هنا إلى غربلة الوعي الإسلامي، والتمييز بين الأصوات الصادقة وتلك التي تعمل ضمن أجندات أعداء الأمة.
خاتمة .. خطاب بحجم المرحلة
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، قدمت كشفًا جذريًا لطبيعة العدو الصهيوني العقائدية ، وتحذيرًا من كارثة نزع السلاح الذي يمتلكه أحرار هذه الأمة ، وتثبيتًا لخيار المقاومة كخيار وجودي لا تفاوض عليه ، ومقاومة وعقيدة، وتعبئة لا مساومة .