إفطارهم في رمضان.. مصطفى سمير شهيد في ضمير الوطن
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
في يومٍ عاديٍ في محافظة كفر الشيخ، كان الشهيد مصطفى سمير، ضابط الشرطة، يؤدي عمله بروح القانون التي اعتاد عليها، غير مدرك أن ذلك اليوم سيكتب نهايته، فبينما كان يوقف أحد الأشخاص المخالفين لتوقيع مخالفة مرورية، اندلعت لحظة عنف مفاجئة، في لحظة غضب طائشة، أطلق الجاني رصاصةً عابرة، لتستقر في جسد مصطفى سمير، وتكتب بذلك فصلًا جديدًا في قصة شهيد، كان حياته مليئة بالعطاء والشرف.
على الرغم من كونه ضابطًا في وزارة الداخلية، إلا أن مصطفى سمير لم يكن مجرد رجل يرتدي زيًا رسميًا، كان إنسانًا قبل أن يكون بطلًا، رجلًا يحمل في قلبه حبًا كبيرًا للناس، روح القانون، وفطرة الطيبة، في حياته، عُرف بحسن خلقه مع الجميع، وبأدائه الراقي لوظيفته التي لا تحوي مكانًا للظلم أو القسوة، كانت أفعاله تسبق كلماته، ولعل أكبر دليل على ذلك هو جنازته المهيبة، التي خرج فيها المئات من أبناء كفر الشيخ، شبابًا وفتيات، يحملون لافتات وداعٍ تعبر عن مدى التقدير والمحبة التي كان يكنها له الجميع.
أما زوجته، مروة محمد الشاذلي، فقد سطرت في كلماتها أصدق المعاني التي يتساقط فيها الحزن والفخر معًا. قالت بصوت مليء بالثقة: "زوجي الآن في مكانة أفضل وأسمى من أي مكانة دنيوية، فهو في منزلة الشهداء عند الله"، كانت كلماتها، رغم الحزن الذي يكسو قلبها، تحمل في طياتها إيمانًا عميقًا أن مصطفى لم يذهب إلى مكان بعيد، بل هو حي في قلوب جميع من عرفوه.
"أدعو له بأن ينير الله قبره ويجعله روضة من رياض الجنة"، أضافت مروة، بينما كانت تشعر بالفخر لما كان عليه زوجها من حسن الخلق والمعاملة الطيبة، وهو ما أكده الجميع في كفر الشيخ، بما في ذلك في جنازته التي حضرها الآلاف، وكانوا يتسابقون لتعليق صورة الشهيد على سياراتهم، تكريمًا لشخصه العظيم.
وبينما تردد كلمات الدعاء للموتى في قلبها، لم تخلُ تصريحات مروة من مرارة الفقد والألم. قالت في رسالة لروح زوجها: "أدعو الله أن ينتقم من الإرهابيين الذين رملوا زوجات الشهداء"، إنها كلمات تتنفس عزة، وتعبير عن الكبرياء في مواجهة الطغاة. وتتابع مروة: "أدعو الله أن يحمى ضباطنا ورجال الأمن، وأن يبارك في ابنتي جيسي الصغيرة، التي ستكبر وهي تعرف جيدًا معنى التضحية وحب الوطن".
وفي حديثها عن دعم الدولة لها، أشادت مروة بجهود وزارة الداخلية، وأكدت أن تواجدهم المستمر مع أسر الشهداء يُشعرهم بالطمأنينة، كما عبّرت عن تقديرها البالغ لدور الرئيس عبد الفتاح السيسي في دعم أسر الشهداء، وخاصةً عندما كرّمهم في عيد الفطر المبارك، وأفسح لهم وقتًا للإفطار معه، في لحظة حملت بين طياتها احترامًا وتقديرًا لجميع الأسر التي قدمت أغلى ما تملك فداء للوطن.
رحل مصطفى سمير، لكن روحه لا تزال حية في كل زاوية من كفر الشيخ، وفي قلب زوجته، وابنته الصغيرة. هو ليس مجرد شهيد سقط أثناء تأدية عمله، بل هو رمزٌ لكل ضابط يسعى لحماية وطنه بكل إخلاص. في يومٍ من الأيام، سيحكي التاريخ عن مصطفى سمير، عن رجلٍ سعى للعدل والمحبة في كل خطوة، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الوطن، يتردد في الألسنة على مرّ الزمن.
في قلب هذا الوطن الذي لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون في أرواحهم أسمى معاني البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم في شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا في قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه في سبيل أمنه واستقراره.
هم الذين أفنوا حياتهم في حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة في الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.
في رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار في دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون في مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل في قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
مع غيابهم عن المائدة الرمضانية في بيوتهم، يظل الشعب المصري يذكرهم في صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة في ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر في مواجهة التحديات.
إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان في عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة في سماء وطننا، فلهم منا الدعاء في كل لحظة، وأن يظل الوطن في حفظ الله وأمانه.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: شهداء شهداء الشرطة شهداء الوطن الداخلية اخبار الداخلية وزارة الداخلية افطارهم في رمضان قصص الشهداء اسر الشهداء حوادث اخبار الحوادث مصطفى سمیر کفر الشیخ
إقرأ أيضاً:
«النضال من أجل وحدة الوطن».. مصطفى بكري: رسائل مهمة للمشير حفتر في ذكرى تأسيس الجيش الليبي
أشاد الكاتب والإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، بتصريحات القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، التي أكد فيها مجددا على ثوابت الموقف الليبي، ومواصلة النضال من أجل وحدة الوطن، وذلك بمناسبة حلول الذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس الجيش الليبي.
وأشار بكري، في تغريدة عبر حسابه على إكس، إلى أن المشير حفتر، كشف النقاب عن خطة تحديث الجيش الليبي ودعمه بكل الإمكانيات التي تجعل منه جيشا قويا قادرا على حماية الأمن القومي الليبي.
ووجه بكري، بالغ التقدير والتهنئة لقائد ثورة الكرامة ولقادة وضباط وجنود الجيش العربي الليبي.
حفتر يعلن إطلاق «رؤية 2030» تزامنا مع ذكرى تأسيس الجيش الليبيوأعلن المشير خليفة حفتر، قائد القوات المسلحة الليبية، عن إطلاق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تحديث وتطوير قدرات الجيش الليبي، وتعزيز جاهزيته لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية، وضمان استقرار ليبيا وحمايتها، في الذكرى الخامسة والثمانين على تأسيس الجيش الليبي.
وجاء الإعلان خلال احتفال عسكري ضخم أقيم في مدينة بنغازي، بحضور كبار قادة وضباط القوات المسلحة.
وأكد حفتر خلال الحفل أن الجيش هو صمام أمان الوطن وركيزة وحدته الوطنية، مشدداً على تمسك الجيش بعقيدته الراسخة التي تقوم على الولاء لله أولاً ثم للوطن، والدفاع عن إرادة الشعب الليبي.
وأوضح أن «رؤية 2030» تستند إلى مبادئ التدريب المستمر والانضباط العسكري، بالإضافة إلى تطوير القدرات القتالية والتقنية، بهدف تحقيق جاهزية كاملة لمواجهة أي تهديد داخلي أو خارجي.
تاريخ تأسيس الجيش الليبيتأسس الجيش الليبي في التاسع من أغسطس 1940، حين انطلقت قوات المقاومة الليبية من مصر في منطقة أبو رواش بمحافظة الجيزة، وشاركت إلى جانب القوات البريطانية في محاربة القوات الإيطالية، وكان تعدادها نحو 11 ألف مقاتل.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يستقبل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي
دعا للتسامح والرحمة.. قصيدة مؤثرة لـ الصديق خليفة حفتر بمناسبة شهر رمضان المبارك
رسائل المشير خليفة حفتر في عيد الاستقلال.. مصطفى بكري يكشف التفاصيل