بين أسقف المباني الشاهقة، تُكتب قصة صيام مختلفة، حيث يتحول عرق الجبين إلى شاهد على الإرادة، ويقف عمال البناء متحدين الجوع والعطش، يتنقلون بين ذكريات أوطانهم البعيدة وواقعهم اليومي.

في عالمهم، تقاس ساعات الصيام بعدد الأحجار التي ينهون تصفيفها قبل أذان المغرب، وبينما يلتقي عمال من مختلف الجنسيات على موائد إفطار بسيطة، يختفي التفاخر والزخارف، ليحل مكانها ضحكاتٌ تخفي وراءها دموع الغربة.

يتشارك هؤلاء العمال وجباتٍ معدة بأيديهم، وأحيانًا تصلهم مبادرات مجتمعية تُخفف من وطأة غُربتهم، وتُضيء ساعات الإفطار في هذا الشهر المبارك.

في هذه السطور، تغوص "عُمان" في عالم لا يعرف الموائد الفاخرة ولا الفوانيس المضيئة، عالمٌ تُختصر فيه روح رمضان في قطرة ماء وصمود يومي، يعيد تعريف معاني "الروح الرمضانية" بعيدًا عن كل مظاهر الترف.

مع أول خيوط الفجر، يسرع محمد حنيف علي في تناول سحوره، ينتظر بفارغ الصبر أذان الفجر لبدء صيامه والاستعداد ليوم من أيام العمل.

وقال محمد وهو عامل بناء: "أبدأ عملي الساعة السادسة والنصف صباحًا وأشعر بالتعب عند مرور الوقت وأنا صائم، وقد تم تقليص عدد ساعات العمل خلال شهر رمضان، ونحصل على استراحة لمدة ساعة خلال فترة العمل".

ويختتم محمد حنيف حديثه قائلًا: "سلطنة عُمان بلد كريم والعمانيون شعب طيب ومبتسم دائمًا، وفي بعض الأحيان تصلنا وجبات ساخنة من متبرعين، ولكننا نعتمد على زميلنا علم عبدالعلي في إعداد الفطور بوجبات بسيطة نتشاركها معًا، وينتهي يومنا بعد رجوعنا من صلاة التراويح مشيًا على الأقدام، ونستعد ليوم عمل جديد".

وأضاف محمد عبدالحسين قائلًا: "نصرّ على الصوم رغم ما نواجهه من تحديات طوال اليوم، وعندما يحين وقت الإفطار، أشعر أن تعب اليوم قد زال بفضل رضا الله، وهذا يكفيني".

وعلّق محمد عبدالحسين قائلًا: "نجتمع على الفطور نضحك ونتبادل الأحاديث، وبينما يوزع علم عبدالعلي الطعام، أشعر وكأنني وسط عائلتي؛ فطعم الطعام ليس هو الأهم، بل دفء يده وهو يطعمنا كأبنائه، هذا شعور لا يُنسى"، ويتوقف للحظة، ثم يمسح وجهه المغبر بكم قميصه، ويضيف بكلمات أكثر بساطة: "لم يقتصر علم عبدالعلي على تحويل موقع البناء إلى مائدة طعام فقط، بل استطاع أن يصنع ألفة بين عمال من مختلف الدول، وأطباقه البسيطة تذيب حدود الغربة، وتثبت أن روح شهر رمضان المبارك قادرة على إيجاد الفرح حتى بين أعمدة الحديد والإسمنت".

أما علم عبدالعلي فقد حوَّل موقع البناء إلى مائدة أمل وصبر لحين انتهاء وقت العمل، وبينما يسرع زملاؤه للاستحمام وأخذ قسط من الراحة استعدادًا لتناول الإفطار، يتجه علم، الذي يرتدي حذاءً مهترئًا، لإعداد بعض الوجبات البسيطة ليشعر زملاءه بالدفء الأسري، فقد حول علم زاوية في موقع العمل إلى "مطبخ مؤقت"، عبارة عن صندوق خشبي يضم موقدًا صغيرًا وأواني قديمة وبعض البهارات، ورغم التعب، ينعش علم المكان برائحة الأرز والعدس، وهي الوجبات المفضلة لزملائه، ليملأ المكان بروح من الألفة والمحبة في أجواء رمضان.

وكان إقبال أبو البشر يقف بعيدًا، يلف رأسه بقطعة قماش مبللة بالماء، ثم اقترب وقال: "رمضان كريم، حتى بطقسه، فالجو لطيف ليلًا ومعتدل نهارًا، ولكن لا أخفي شعوري بحرارة الشمس فوق رأسي بعض الأوقات!".

وعن سؤالنا لماذا يضع قطعة القماش المبلولة على رأسه، قال: "منذ أولى ساعات العمل أغمس قطعة القماش في دلو ماء وألفها حول رأسي، وكل ساعة أُعيد تبليلها، لأنها تحميني من حرارة الشمس وتقلل شعور العطش والجفاف لديّ"، ثم استكمل بعد أن تبللت قطعة القماش قائلًا: "عند الإفطار، أول جرعة ماء تذيب التعب، ونحن هنا نعمل من أجل أسرنا البعيدة التي تنتظر منا مصروفًا شهريًا لتلبية متطلباتهم واحتياجاتهم".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قائل ا

إقرأ أيضاً:

2.990 مليون جنيه للرعاية الصحية والاجتماعية وإعانات الحوادث لـ 408 عمال

اعتمد محمد جبران، وزير العمل، اليوم الأحد، صرف مبلغ 2 مليون و990 ألف و834 جنيهًا لتقديم أوجه الرعاية الاجتماعية والصحية، إضافة إلى إعانات الحوادث، لصالح 408 عمال من العمالة غير المنتظمة في 25 محافظة، وذلك من الحساب المركزي لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة بوزارة العمل، في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدعم الفئات الأكثر احتياجًا وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية.

وأوضح الوزير أن المبالغ المنصرفة تشمل 890 ألف جنيه للرعاية الاجتماعية والصحية، موزعة على: 874 ألف جنيه منح اجتماعية وصحية تضم منح الزواج والميلاد ووفاة أقارب من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى المساعدات الخاصة بإجراء العمليات الجراحية الكبرى والصغرى، استفاد منها 261 عاملاً، و16 ألفًا و834 جنيهًا للرعاية الصحية المباشرة، تشمل مصاريف الكشف الطبي وإجراء التحاليل والإشاعات وصرف العلاج، واستفاد منها 128 عاملاً.

وأشار الوزير إلى أنه تم اعتماد 2 مليون جنيه من بند إعانات الحوادث، موزعة على: 200 ألف جنيه لأسرة كل حالة وفاة من 9 حالات، و20 ألف جنيه لكل مصاب من 10 حالات.

وأوضح أن هذه الإعانات جاءت دعمًا لأسر الضحايا والمصابين في عدد من الحوادث، أبرزها: حادث تصادم سيارات نقل بالطريق الصحراوي في الجيزة، وحادث اختناق داخل بيارة صرف صحي بمحافظة الشرقية، وحادث غرق العامل الزراعي "شهيد الشهامة" بمحافظة الإسماعيلية أثناء محاولته إنقاذ فتيات من الغرق.

وأكد وزير العمل أن الوزارة مستمرة في تقديم كافة أوجه الدعم والرعاية للعمالة غير المنتظمة بجميع المحافظات تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحًا أن هذه المساعدات تأتي في إطار التزام الدولة بتوفير حياة كريمة لضمان الاستقرار الاجتماعي للأسر الأكثر احتياجًا، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل كل من يستحق.

اقرأ أيضاًوزارة العمل تُعلن عن 19 فرصة عمل جديدة بشركة «المستقبل لصناعة الأنابيب»

5843 فرصة عمل في 31 شركة قطاع خاص بـ10 محافظات.. العمل تكشف التفاصيل

مقالات مشابهة

  • شهر الخير والبركات.. موعد رمضان 2026 وعدد ساعات الصيام
  • محمد إمام وميرنا جميل في أول ظهور لهما معًا بكواليس "الكينج" قبل رمضان 2026
  • ميمي جمال تنضم إلى مسلسل على قد الحب المقرر عرضه في رمضان 2026
  • شهر المواساة.. موعد بدء رمضان 2026 وعدد أيام الصوم
  • أول تعليق من مستشار وزير العمل حول حادث انهيار سقالة خشبية في بنها
  • شاهد عيان على وفاة يوسف محمد يروي تفاصيل جديدة
  • موعد شهر رمضان 2026.. باقي كام يوم على رؤية الهلال فلكيًا
  • 2.990 مليون جنيه للرعاية الصحية والاجتماعية وإعانات الحوادث لـ 408 عمال
  • إصابة 7 عمال في سقوط صبّة خرسانية ببنها.. وتحرك عاجل من العمل
  • الحسابات الفلكية تحدد رسميًا أول أيام رمضان 2026 وعدد ساعات الصيام في الدول العربية