هذا هو ثمن عدم تحييد لبنان نفسه عن حروب الآخرين على حدوده وعلى أرضه
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
يخشى كثيرون من الخارج والداخل ألاّ تكون حكومة "الإصلاح والإنقاذ" على قدر كافٍ من المسؤولية لكي تستطيع أن تمرّر لبنان من "خمر الابرة" نتيجة ما تخطّط له إسرائيل من مؤامرات هو غير قادر لوحده على أن يقف في وجهها إن لم يلقَ الدعم الكافي من المجتمع الدولي، وبالأخص الأوروبي. وعلى رغم ما تبديه الحكومة الحالية من نوايا حسنة لكي تكون "تقليعتها" مضمونة النتائج فإن ما يمكن أن تواجهه من تحديات قد تكون أعتى من القدرة الذاتية، وأقوى من مجرد إبداء النوايا الحسنة.
فما يجري على الحدود اللبنانية الجنوبية والشرقية والشمالية لا يطمئن كثيرًا، بل يدعو إلى الريبة وعدم التعامل مع مجرياتها كالذين يخبئون رؤوسهم في الرمال اعتقادًا منهم بأنهم بفعلتهم هذه يصبحون غير مكشوفين، لكن في الحقيقة هم مكشوفون أكثر من غيرهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعل الآخرون المحيطون بهم من كل حدب وصوب، وإن كان البحر لا يزال يبدو حتى اللحظة أكثر أمانًا من غيره، وهو الذي لا يزال يذكّر اللبنانيين بمسلسل "المشوار الطويل" للراحل "شوشو".
فالاختباء خلف الأصابع لا يعني أن الآخرين من الخارج والداخل غير قادرين على رؤيتنا على حقيقتنا. فما تخطّط له إسرائيل، وبغطاء خارجي، يبدو أكبر من القدرة الذاتية للقوى السياسية الممثلة في الحكومة في شكل أو في آخر وغير المتفقة أساسًا على سياسة خارجية واحدة. وهذا ما بدا واضحًا من خلال كلام الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم. فما لم تحقّقه إسرائيل بصواريخها، التي فعلت فعلها في تدمير قرى بأكملها في الجنوب الحدودي، واستطاعت أن تُضعف إلى حدّ ما القوة العسكرية لـ "حزب الله" باستهدافها أمينيها العامين الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين وكبار قادتها العسكريين، تحاول تحقيقه عبر محاولة إدخال لبنان في متاهة الحروب الإقليمية المتداخلة مع حدوده الشمالية والشرقية، بحيث تصبح خواصره رخوة وغير قادرة على تحمّل ما قد تتعرّض له من ضغوطات غير عادية سيكون لها التأثير الحتمي على الداخل غير المحصّن بما فيه الكفاية، إن لم نجارِ البعض في القول بأن هذا الداخل المتخاصم مع نفسه مهيأ أكثر من أي وقت مضى على التأقلم مع ما يُرسم له وللمنطقة من مشاريع لم تكن لترى النور لو لم تأتِ مفاعيل عملية "طوفان الأقصى" على عكس ما أُريد لها من نتائج وانعكاسات لم تصب في مصلحة الفلسطينيين أولًا، وكذلك لم تخدم أهداف "حزب الله"، الذي قرّر أن يُدخل لبنان في حرب غير متكافئة الظروف مع عدو أتته "حرب الاسناد" على طبق من فضة لكي يبرّر ما قام ويقوم به من مجازر تدميرية.
فما تحدّث عنه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عندما أقسم اليمين الدستورية عن حيادية لبنان كان يدرك عن سابق تصّور وتصميم، وعن سابق تجاربه العديدة في خدمته العسكرية، ضابطًا وقائدًا، أن لبنان غير قادر على تحمّل ما تجلبه "حروب الآخرين" على أرضه وعلى حدوده من كوارث وويلات. وقد يكون الرقم التقديري للبنك الدولي لإعادة بناء ما هدّمته إسرائيل في عدوانها الأخير، وهو أحد عشر مليار دولار، رقمًا خياليًا بالنسبة إلى بلد مثل لبنان يرزح تحت أعباء اقتصادية ومالية ثقيلة، وهو غير قادر على حملها لوحده، خصوصًا إذا ما أُضيف على هذا المبلغ الضخم ما خسره لبنان اقتصاديًا نتيجة تراجع القيمة الانتاجية إلى ما دون الصفر.
فتحييد لبنان نفسه اليوم وليس غدًا عن حروب الآخرين وصراعاتهم المتداخل فيها الإقليمي مع الدولي هو أكثر من ضرورة وطنية لكي يستطيع أن يمرّ من "خمر الابرة" بأقل أضرار ممكنة على وحدته الداخلية، ولكي يتمكّن بالتالي من تجاوز محنه بتماسك عضوي بين أبنائه المعرّضين لشتى أنواع التجارب القاسية.
فهل يستطيع لبنان، ومعه حكومة غير مجرّبة، تجاوز كل ما يحيط به من أزمات من خارج الحدود، وهو الغارق حتى أذنيه بمشاكله الداخلية وكأنه مكتوب على اللبنانيين ألاّ يتعايشوا مع الأمل، الذي لاح لهم مع انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا لجمهوريتهم. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة الجهاد الإسلامي: شعبنا الفلسطيني لن يسمح للاحتلال بفرض مخططاته التهويدية على أرضه Lebanon 24 الجهاد الإسلامي: شعبنا الفلسطيني لن يسمح للاحتلال بفرض مخططاته التهويدية على أرضه
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی من أرضه على أرضه أکثر من هذا ما
إقرأ أيضاً:
حماس : طوفان الأقصى محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال
الثورة نت/وكالات أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، أن طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله. وقالت الحركة في بيان ، اليوم الأحد ، بمناسبة ذكرى انطلاقتها الـ 38 ، إن ” الذكرى الثامنة والثلاثون لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تأتي مع مرور أكثر من عامين على عدوان همجي وحرب إبادة وتجويع وتدمير، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ضدّ أكثر من مليوني إنسان محاصر في قطاع غزَّة، ومن جرائم ممنهجة ضدّ أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة ومخططات تستهدف ضمّ الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد المسجد الأقصى، وبعد عامين واجه خلالهما شعبُنا العظيم ملتحماً مع مقاومته الباسلة هذا العدوان الغاشم بإرادة صلبة وصمود أسطوري وملحمة بطولية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث”. وأضافت “إنَّنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذكرى الـ 38 لانطلاقتنا المباركة، لنترحّم على أرواح القادة المؤسّسين، وفي مقدّمتهم الإمام الشهيد أحمد ياسين، وعلى أرواح قادة الطوفان الشهداء الكبار؛ هنية والسنوار والعاروري والضيف، وإخوانهم الشهداء في قيادة الحركة، الذين كانوا في قلب هذه المعركة البطولية، ملتحمين مع أبناء شعبهم، كما نترحّم على قوافل شهداء شعبنا في قطاع غزَّة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات، وكل شهداء أمتنا الذين امتزجت دماؤهم مع دماء شعبنا”. وتابعت “ونقف بكل فخر واعتزاز أمام صمود وبسالة وتضحيات وثبات شعبنا العظيم في كل الساحات، وفي مقدّمتهم أهلنا في غزّة العزَّة والإباء والشموخ، الذين جاهدوا وصابروا ورابطوا دفاعاً عن الأرض والمقدسات نيابة عن الأمَّة قاطبة، وفي ضفة الإباء، والقدس، وأراضينا المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات”. وأكدت (حماس) على أن “طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله عن أرضنا”. كما أكدت أن “العدو لم يفلح عبر عامين كاملين من عدوانه على شعبنا في قطاع غزة إلاّ في الاستهداف الإجرامي للمدنيين العزل، وللحياة المدنية الإنسانية، وفشل بكل آلة حربه الهمجية وجيشه الفاشي والدعم الأمريكي في تحقيق أهدافه العدوانية”. وأكدت الحركة على التزامها بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بينما يواصل العدو خرق الاتفاق يومياً، واختلاق الذرائع الواهية للتهرّب من استحقاقاته. وجددت مطالبة الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على العدو، وإلزام حكومته الفاشية بتنفيذَ بنود الاتفاق، وإدانة خروقاتها المتواصلة والممنهجة له، كما طالبت الإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها المعلنة والتزامها بمسار اتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على العدو وإجباره على احترام وقف إطلاق النار ووقف خروقه والاعتداء على أبناء شعبنا، وفتح المعابر، خصوصاً معبر رفح في الاتجاهين، وتكثيف إدخال المساعدات. وأعلنت رفضها القاطع “لكلّ أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزَّة وعلى أيّ شبر من أراضينا المحتلة، وتحذيرنا من التساوق مع محاولات التهجير وإعادة هندسة القطاع وفقاً لمخططات العدو، ونؤكّد أنَّ شعبنا وحده هو من يقرّر من يحكمه، وهو قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ويمتلك الحقّ المشروع في الدفاع عن نفسه وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”. ودعت “أمتنا العربية والإسلامية، قادة وحكومات، شعوباً ومنظمات، إلى التحرّك العاجل وبذل كل الجهود والمقدّرات للضغط على العدو لوقف عدوانه وفتح المعابر وإدخال المساعدات، والتنفيذ الفوري لخطط الإغاثة والإيواء والإعمار، وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الطبيعية لأكثر من مليوني فلسطيني”. وأشارت الى أن “جرائم العدو الصهيوني خلال عامَي الإبادة والتجويع في قطاع غزَّة والضفة والقدس المحتلة ، هي جرائم ممنهجة وموصوفة ولن تسقط بالتقادم، وعلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية مواصلة ملاحقة العدو وقادته المجرمين ومحاكمتهم ومنعهم من إفلاتهم من العقاب”. وأوضحت أنها “كانت منذ انطلاقتها وستبقى ثابتة على مبادئها، وفيّة لدماء وتضحيات شعبها وأسراه، محافظة على قيمها وهُويتها، محتضنة ومدافعة عن تطلعات شعبنا في كل ساحات الوطن وفي مخيمات اللجوء والشتات، وذلك حتى التحرير والعودة”. وأكدت حماس على “بقاء مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى الأسير عنوان الصراع مع الكيان الصهيوني، ولا شرعية ولا سيادة للاحتلال عليهما، ولن تفلح مخططات التهويد والاستيطان في طمس معالمهما، وستظل القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وسيظل المسجد الأقصى المبارك إسلامياً خالصاً”. وشددت على أن “جرائم حكومة العدو الفاشية بحق الأسرى والمعتقلين من أبناء شعبنا في سجونها، تشكّل نهجاً سادياً وسياسة انتقامية ممنهجة حوّلت السجون إلى ساحات قتل مباشر لتصفيتهم”، مؤكدة على “أنَّ قضية تحرير أسرانا ستبقى على رأس أولوياتنا الوطنية، ونستهجن حالة الصمت الدولي تجاه قضيتهم العادلة، وندعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للضغط على العدو لوقف جرائمه بحقّهم”. واعتبرت أن “حقوقنا الوطنية الثابتة، وفي مقدمتها حقّ شعبنا في المقاومة بأشكالها كافة، هي حقوق مشروعة وفق القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها”. ورأت الحركة أن ” تحقيق الوحدة الوطنية والتداعي لبناء توافق وطني لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق استراتيجية نضالية ومقاوِمة موحّدة؛ هو السبيل الوحيد لمواجهة مخططات العدو وداعميه، الرَّامية إلى تصفية قضيتنا الوطنية وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”. وقالت إن “حرب الإبادة والتجويع التي ارتكبها العدو ضدّ شعبنا على مدار عامين وما صاحبها من جرائم مروّعة وانتهاكات جسيمة لسيادة دول عربية وإسلامية ، كشفت أنَّنا أمام كيان مارق بات يشكّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار أمتنا وعلى الأمن والسلم الدوليين، ما يتطلّب تحرّكاً دولياً لكبح جماحه ووقف إرهابه وعزله وإنهاء احتلاله”. وثمّنت حماس “جهود وتضحيات كلّ قوى المقاومة وأحرار أمتنا والعالم؛ الذين ساندوا شعبنا ومقاومتنا”. داعية إلى ” توحيد جهود الأمَّة ومقدّراتها في المجالات كافة لدعم شعبنا ومقاومته بكل الوسائل، وتوجيه البوصلة نحو تحرير فلسطين وإنهاء الاحتلال”. وفي ختام بيانها ، أشادت حركة حماس “بالحراك الجماهيري العالمي المتضامن مع شعبنا”، وثمّنت ” كل المواقف الرّسمية والشعبية الداعمة لقضيتنا العادلة”، ودعت إلى “تصعيد الحراك العالمي ضدّ العدو وممارساته الإجرامية بحق شعبنا وأرضنا، وتعزيز كل أشكال التضامن مع قضيتنا العادلة وحقوقنا المشروعة في الحريَّة والاستقلال”.