جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلال حقبة الاستعمار
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
دعا بعض المشرعين البريطانيين والمنظمات غير الحكومية والباحثين الحكومة إلى معالجة ما وصفوه "بالفراغ التشريعي"، الذي يسمح للمتاحف ومؤسسات أخرى بحفظ وعرض رفات أفارقة أُخذ خلال الحقبة الاستعمارية.
وعلى مدى قرون، كان رفات لأفارقة، مثل جثث محنطة وجماجم وأجزاء أخرى من الجسم، يُجلَب إلى بريطانيا وغيرها من القوى الاستعمارية السابقة، غالبا "كغنائم" أو كسلع تُباع ويجري عرضها في المتاحف.
وتتزايد عالميا دعوات لإعادة هذا الرفات، وكذلك الأعمال الفنية المنهوبة، إلى مجتمعاتها أو بلدانها الأصلية.
تحرير الأرشيف من الاستعمارورغم بذل بعض الجهود لمواجهة هذه القضية التي طال أمدها، ما زال رفات أفارقة محفوظا في مؤسسات مختلفة بجميع أنحاء البلاد، مثل المتاحف والجامعات.
وقالت كوني بيل، من مشروع "تحرير الأرشيف من الاستعمار"، في فعالية نظمتها أمس الأربعاء مجموعة برلمانية متعددة الأحزاب معنية بالتعويضات، برئاسة النائبة عن حزب العمال بيل ريبيرو-آدي "لا يمكننا السماح بانتزاع إنسانية أسلافنا".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عرضت ريبيرو-آدي القضية على البرلمان، قائلة إن دور المزادات تدرج رفاتا يعود إلى الحقبة الاستعمارية للبيع على منصات التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
إعلانوقبل شهر من تصريحات ريبيرو-آدي، تراجعت دار مزادات في تيتسوورث أوكسفوردشاير عن بيع رفات بشري، منه جماجم تعود لشعب إيكوي في غرب أفريقيا، وذلك بعد انتقادات وجهها سكان محليون ونشطاء.
وصرّحت نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر أنه من المروع سماع رواية ريبيرو-آدي، ووافقت على مواصلة مناقشة القضية، وقالت ريبيرو-آدي أمس إنه سيُعقد اجتماع مع وزير الثقافة قريبا.
وستقدم المجموعة متعددة الأحزاب إلى الحكومة 14 توصية سياسية، منها تجريم جميع عمليات بيع الرفات "على أساس أنه ليس سلعا تجارية بل بشر".
جثث بالمتحفخلال ذروة الاستعمار الأوروبي في أفريقيا، تم جمع الرفات البشري بنشاط كجزء من الممارسات العلمية والأنثروبولوجية والاستعمارية، وغالبا ما كان هذا الجمع مدفوعا بالفضول الأوروبي والنظرة لأوروبا كمركز وبقية العالم كهامش، بالإضافة لأيديولجيا ومفاهيم التفوق العرقي، والرغبة في دراسة وتصنيف التنوع البشري من منظور توكيد فوقية الغرب، وتأكيد الاستعلاء وقهر الشعوب المحتلة.
وكان الاستيلاء على الرفات البشري سمة متكررة في الحروب الاستعمارية، مدفوعا بعلاقات القوة غير المتكافئة والأساليب الوحشية للحرب التي لا تضفي حرمة على الجسد الإنساني.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، زاد الطلب على جماجم البشر للدراسة مع ظهور التخصصات العلمية مثل تصنيف تقسيم القشرة الدماغية وعلم جمجمة الإنسان، وتم استخدام هذا الرفات لترسيخ الروايات العرقية التاريخية في العلوم الطبيعية، وغالبا ما كانت تعزز الأيديولوجيات العنصرية.
وأثناء استعمارها لربع أنحاء العالم أخذت بريطانيا الكنوز والمصنوعات اليدوية وقدمتها للجمهور البريطاني ليبدي إعجابه بها في المتاحف، لكن الآن لا يوجد مبرر للاحتفاظ بهذه المقتنيات المسروقة، كما تقول بلدان المستعمرات السابقة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان اجتماعي
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت: رفات إيلي كوهين قد تُسلّم إلى إسرائيل قريبا
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن وسائل إعلام عربية، أن رفات إيلي كوهين المدفون في سوريا قد يتم تسليمها إلى إسرائيل قريبا.
من هو الجاسوس إيلي كوهين؟وُلِد إيلي كوهين قبل مئة عام، في السادس من ديسمبر عام 1924 بمدينة الإسكندرية، لعائلة يهودية مكوّنة من ثمانية أبناء، تعود أصولها إلى مدينة حلب السورية. هاجر والداه إلى مصر واستقرا بها، حيث نشأ كوهين على مبادئ الصهيونية منذ طفولته.
تلقى تعليمه في المدرسة الثانوية اليهودية بالإسكندرية، ثم التحق بجامعة الإسكندرية لدراسة الإلكترونيات. وفي عام 1944 انضم إلى الحركة الصهيونية "بني بريث" وإلى المحافل الماسونية.
بدايات اتصاله بالمخابرات الإسرائيلية
بدأت علاقة كوهين بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في عام 1952، حين كلّفه بعض عناصر المخابرات – من بينهم أعضاء خلية “الصفقة السيئة” التي نفذت عمليات تخريبية سرية في مصر – بمهمة مراقبة وتحليل بعض الأنشطة. وخلال التحقيقات التي أعقبت كشف تلك الخلية، تم استجوابه في مصر لكنه نال البراءة من تهمة التجسس.
الهجرة إلى إسرائيل
في أعقاب عملية سوزانا وتدهور أوضاع اليهود في مصر عام 1957، غادر كوهين إلى إسرائيل مع أسرته واستقر في بات يام. عمل في البداية مترجماً للصحف العربية في جهاز الاستخبارات العسكرية، ثم موظفاً في قسم المحاسبة داخل المخابرات المركزية الإسرائيلية. وفي عام 1959 تزوّج من نادية، وهي مهاجرة من العراق وشقيقة الكاتب المعروف سامي ميخائيل.
من موظف إلى جاسوس للموساد
عام 1960، ترك كوهين عمله الرسمي ليتدرب سراً كعميل لصالح الموساد، دون علم زوجته. أبلغها فقط أن عمله الجديد "مرتبط بمشروع حكومي سري"، وبدأت زيارات متكررة لشخص غامض كان يتواصل معه بانتظام.
وخلال التحقيقات اللاحقة، قالت زوجته إنها لم تشكّ بشيء رغم غرابة تصرفاته أحياناً، مشيرةً إلى أنه أخبرها ذات مرة بأنه سيسافر إلى الخارج نيابة عن حزب العمل لجلب قطع غيار للأسلحة الإسرائيلية، واستمرت رحلته تلك ثمانية أشهر تبادل خلالها الرسائل معها.
في تلك الرحلة إلى الأرجنتين، أنشأ كوهين هوية مزيفة باسم كامل أمين ثابت، وهو رجل أعمال سوري من عائلة ثرية. وبعد فترة قصيرة، تمكن من دخول سوريا عام 1962 متنكراً في شخصيته الجديدة كمواطن سوري عائد من المهجر، واستقر في دمشق بشقة قريبة من مقر هيئة الأركان العامة.
التغلغل في النخبة السورية
نجح كوهين في تكوين شبكة علاقات واسعة داخل الأوساط السياسية والعسكرية السورية، حيث أقام صداقات وثيقة مع كبار ضباط الجيش وقيادات حزب البعث. ومع مرور الوقت، أصبح قريباً من شخصيات بارزة مثل أمين الحافظ رئيس الجمهورية، وصلاح البيطار رئيس الوزراء، وميشيل عفلق مؤسس حزب البعث.
توسّع نفوذه إلى حدّ أن اسمه طُرح كمرشح محتمل لرئاسة الحكومة السورية، بينما كان في الحقيقة يزوّد إسرائيل بمعلومات حساسة عن تحركات الجيش وخطط الدفاع السورية.
الرواية المصرية في كشفه
وفق روايات استخباراتية مصرية، كان لجهاز المخابرات العامة في مصر دورٌ أساسي في كشف هوية كوهين، إذ التقطت صور له أثناء جولة برفقة مسؤولين سوريين على جبهة الجولان. وعند عرض الصور على ضباط المخابرات المصرية في إطار التعاون الأمني مع دمشق – تعرف عليه أحدهم فوراً، لكونه خضع سابقاً للتحقيق في قضية عملية سوزانا. وتشير بعض التقارير إلى أن معلومات من العميل المصري رأفت الهجان ساهمت أيضاً في تأكيد هويته.
الاعتقال والمحاكمة
في 24 يناير 1965، أعلنت سوريا رسميًا اعتقال إيلي كوهين، الذي لُقِّب بـ"العميل الرئيسي". وبعد شهر، بدأت محاكمته التي جرى معظمها خلف أبواب مغلقة، بينما بُثّت مقاطع محدودة منها عبر التلفزيون السوري.
ولم تُوجه إليه تهمة "التجسس" رسميًا، بل أُدين بتهمة دخول مناطق عسكرية محظورة، وهي جريمة يعاقب عليها القانون السوري بالإعدام. ويُعتقد أن السلطات السورية تجنبت توجيه تهمة التجسس لتفادي الإحراج الذي قد يكشف عن ثغرات أمنية خطيرة داخل مؤسساتها.
الإعدام والنهاية
فجر الثامن عشر من مايو عام 1965، نُفّذ حكم الإعدام شنقاً بحق إيلي كوهين في ساحة المرجة وسط دمشق، بحضور حشود من المارة. كان حينها في الأربعين من عمره. وبعد إعدامه، أعلنت إسرائيل منحه ترقية بعد وفاته إلى رتبة مقدم في الجيش.
دُفن جثمانه في دمشق، ورفضت السلطات السورية تسليمه لإسرائيل. ورغم مطالبات متكررة من عائلته والحكومة الإسرائيلية، لا يزال مكان دفنه الدقيق مجهولاً حتى اليوم.