شبكة اخبار العراق:
2025-05-14@06:26:34 GMT

زيلينسكي وبزشكيان.. دولتان ومصيران

تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT

زيلينسكي وبزشكيان.. دولتان ومصيران

آخر تحديث: 15 مارس 2025 - 12:47 مبقلم: فاروق يوسف  تعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتوبيخ في البيت الأبيض. كان أشبه بتلميذ لا يعترف بخطئه أمام المعلم دونالد ترامب. غير أنه لم يستفد من تلك الفضيحة بطريقة تضر به وببلاده. ففي جدة في السعودية حيث عُقدت مفاوضات أميركية – أوكرانية وافقت أوكرانيا على اقتراح أميركي بوقف مؤقت وفوري لإطلاق النار لمدة 30 يوما.

في تعليقه على تلك الموافقة قال زيلينسكي “يبقى على الولايات المتحدة أن تقنع موسكو بالموافقة على ذلك المقترح.” الموافقة الأوكرانية وتعليق زيلينسكي ينطويان على حنكة سياسية وسيكون لهما أبلغ الأثر على مستقبل أوكرانيا التي زُج بها في حرب ليست ضرورية وضد جار قوي لطالما كان بمثابة الأخ الأكبر. بعد حفلة التوبيخ لم يدر زيلينسكي ظهره للولايات المتحدة ويرفع يديه ملوّحا لأوروبا التي بدت كما لو أنها كانت منزعجة من إمكانية انتهاء الحرب. لم يقل زيلينسكي للرئيس الأميركي “افعل ما تريد.” تلك الجملة التي قالها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان موجها كلامه إلى دونالد ترامب ليس من الحكمة أن يقولها رجل تئن بلاده تحت وطأة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدولة التي يترأسها ترامب. بل إن جزءا من تلك العقوبات يقف وراءه ترامب شخصيا. أما مناسبة الجملة التي قالها بزشكيان فهي الدعوة التي حث ترامب من خلالها إيران على العودة إلى مائدة التفاوض. طبعا بزشكيان يعرف أن كلامه لا يقدم ولا يؤخر فهو على مستوى القرار الأخير لا يمثل شيئا. ليس الرجل سوى واجهة لإيران (الديمقراطية) التي لا سلطة لها، أما السلطة الحقيقية فإنها تقع بيد المرشد الأعلى الذي يمكنه أن ينسف كل ما يقوله الآخرون. بزشكيان ليس المسؤول الإيراني الوحيد الذي إذا قال كلاما فإن ذلك الكلام لن يكون ملزما لأحد. الدولة في مكان ورجالها في مكان آخر. زيلينسكي رئيس حقيقي أما بزشكيان فهو مجرد واجهة. لقد ترأس إيران عدد من الرؤساء لم يترك أحد منهم أثره على سياستها التي كان يميلها المرشد الأعلى المسافة بين زيلينسكي وبزشكيان هي نفسها المسافة التي تفصل بين أوكرانيا وإيران. إيران دولة دينية وهي تبعا لذلك دولة عقائدية وهي أيضا مقيدة بالأفكار التي يحملها ويؤمن بها الزعيم الديني الذي لا يمسه الخطأ ولا يخترقه ولا يدانيه. أما أوكرانيا فهي على العكس تماما، دولة مدنية علمانية ليست عقائدية وإن قضت دهرا بين أحضان الشيوعية ولها رئيس منتخب هو في الأساس ممثل فكاهي. الفرق أيضا يكمن في أن زيلينسكي رئيس حقيقي أما بزشكيان فهو مجرد واجهة. لقد ترأس الجمهورية الإسلامية عدد من الرؤساء لم يترك أحد منهم أثره على سياستها التي كان يميلها المرشد الأعلى وتنفذها الدولة. سيترك زيلينسكي أثره السيء على التاريخ الأوكراني. ذلك ما سيُذكر به. ولكن ما الذي يُذكر في إيران بأبي الحسن بني صدر ومحمد خاتمي وهاشمي رفنسجاني وسواهم من رؤساء إيران؟ لا شيء. بعد حفلة التوبيخ التي رأتها المليارات من البشر لم يذهب زيلينسكي إلى التحدي في محاولة لاستعادة كرامته الشخصية. لقد فكر الرجل بمصير بلاده وشعبه وإن كان قد أخطأ في أوقات سابقة في تقديراته في حقهما. على الأقل أنه عرف أن الثقل الحقيقي يقع في الولايات المتحدة وليس في أوروبا. أوروبا التي دعّمته في الحرب لم تتراجع عن التضحية ببلاده فيما تراجعت الولايات المتحدة خطوتين إلى الوراء لتفتح ممرا للسلام الذي سيمكن أوكرانيا من استعادة أنفاسها بعد أن خنقتها الحرب التي بدت كما لو أنها لن تنتهي. أما حين يقول ترامب بأنه سيدعو زيلينسكي لزيارة أخرى إلى البيت الأبيض فإن تلك الزيارة بالتأكيد ستكون بمثابة اعتذار عما جرى في اللقاء الأول بين الرجلين. هذه هي السياسة. السياسة ليست دينا. ذلك ما يعرفه الإيرانيون جيدا. غير أنهم لا يلجؤون إلى تصريفه على أرض الواقع إلا إذا شعروا بالخطر. بغض النظر عن موقفنا من الرئيس الأوكراني فإنه اختار أن يوقف الحرب بناء على تقديرات سياسية حكيمة. ستتخلى القوة الأعظم عنه. ولأنه يعرف أن أوروبا برمّتها غير قادرة على إنقاذ بلاده من الهلاك الذي يمكن أن يقود إليه استمرار الحرب فقد قرر المضي وراء الموقف الأميركي بغض النظر عن انزعاجه الشخصي من الرئيس ترامب. لم يقل “افعل ما تشاء” أما بالنسبة إلى بزشكيان فلأنه يعرف أن الرئيس الأميركي لا يقرأ تصريحاته ولن يبلغه بها أحد فقد قال جملته بكل أريحية ليذهب بعدها إلى النوم وهو مطمئن إلى أن المنشآت النووية لن تتعرض لضربة أميركية أو إسرائيلية بسبب تصريحاته.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

معضلة ترامب في إيران

ترجمة: أحمد شافعي -

في محاولة السيطرة على برنامج إيران النووي، تواجه إدارة ترامب معضلة شائكة.

وجزء من هذه المعضلة هو من صُنع الرئيس نفسه، ففي عام 2018 انسحب الرئيس ترامب من اتفاقية نووية قائمة -هي خطة العمل الشاملة المشتركة- بعد وصفه لها بأنها «أسوأ صفقة على الإطلاق». وفي السنوات التالية إلى الآن، توسعت إيران توسعًا هائلًا في برنامجها النووي، مضيفة الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتطورة، ومنها ما هو مدفون في أعماق الأرض، ويقال إنها خصبت قدرا من اليورانيوم يكفي لإنتاج أسلحة نووية عديدة في غضون أسابيع، وبموجب الاتفاقية السابقة، التي كانت أغلب بنودها هذه لتبقى سارية حتى عام 2031، كان يلزم للقيام بذلك شهور كثيرة بل عام كامل.الآن يريد الرئيس ترامب اتفاقية نووية جديدة يرجو أن تحتوي على «التفكيك الكامل» لبرنامج التخصيب الإيراني، وفي حين يتوجه فريق المفاوضين الأمريكيين إلى سلطنة عُمان من أجل جولة رابعة من المحادثات النووية (تمت الجولة الرابعة)، فإنهم يواجهون التحديات نفسها التي سبق أن قادت الرئيس باراك أوباما إلى الموافقة على خطة العمل الشاملة المشتركة في المقام الأول: فكيف السبيل إلى إقناع إيران بالموافقة على قيود نووية كبيرة دونما استعمال للقوة العسكرية في حال رفضها.

لقد وفرت الاتفاقية لإيران تخفيفًا جزئيًا للعقوبات في مقابل قيود طويلة الأجل على برنامجها التخصيبي ونظام تفتيش صارم، ولحمل طهران على الموافقة على هذه الشروط، كان على الولايات المتحدة أن تقبل تنازلات معينة من قبيل السماح لإيران بمواصلة تخصيبها المحلي وإدراج «إنهاء السريان» على بنود معينة. ولم تعالج الاتفاقية أيضا برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو تمويلها «لميلشيات» كانت مصدرًا للصراع والاضطراب في عموم الشرق الأوسط على مدى عقود، ولكن إدارة أوباما نجحت في تحقيق غرضها الأساسي -أي إعاقة طريق إيران إلى إنشاء سلاح نووي- واجتناب الاضطرار إلى محاولة القضاء على برنامج طهران النووي باستعمال القوة.

واليوم، وقد انهزم وكلاؤها العسكريون في المنطقة وضعفت دفاعاتها الجوية بسبب الضربات الإسرائيلية، يمكن القول إن إيران أضعف مما كانت عليه في أي وقت منذ ثورة 1979، ولكن قادتها في ما يتعلق بالقضايا النووية مصرون على التحدي، إذ يصر قادة إيران على أنهم لن يتخلوا عن برنامجيهما لتخصيب اليورانيوم أو للصواريخ الباليستية، وأنهم لن يوافقوا على اتفاقية جديدة ما لم توفر ارتياحا اقتصاديًا كبيرًا وضمانات لعدم انسحاب الولايات المتحدة في المستقبل من أي اتفاقية جديدة، فلعلهم يناورون، لكن ما لم تتراجع طهران، فسوف يتعين على الرئيس ترامب في نهاية المطاف إما قبول اتفاقية نووية تبدو شديدة الشبه بالاتفاقية التي رفضها، أو أن يستعمل القوة العسكرية لدفع البرنامج النووي القهقرى، مع عواقب جسيمة غير متوقعة.

وقد يكون هناك مخرج من هذا.

فبدلا من تحديث اتفاقية 2015 على أسس مشابهة تماما -«المثل في مقابل المثل»- يمكن أن يعرض الرئيس ترامب «المزيد في مقابل المزيد»: أي المزيد من تخفيف العقوبات مقابل المزيد من القيود الطويلة على برنامج إيران النووي، وقد توافق الولايات المتحدة على توفير ارتياح اقتصادي تحتاج إليه إيران احتياجا ماسا، ويتضمن رفع العقوبات الثانوية على مبيعات النفط، ضمن اتفاقية طويلة الأجل أو مفتوحة، وقيودًا أكبر كثيرا على البرنامج النووي وغيره من الأنشطة التي تتسبب في الاضطرابات، وسوف يتحتم القبول بواقع برنامج التخصيب الإيراني مع الإصرار على قيود أكبر وأوسع نطاقا على أجهزة الطرد المركزية المتقدمة، وحكم ومستوى مخزون اليورانيوم والتخصيب تحت الأرضي، وكذلك المزيد من آليات التحقق الأكثر شمولا، ولو كان تخفيف العبء الاقتصادي كبيرا بالقدر الكافي، فقد يتضمن أيضا قيودا على برنامج صواريخ إيران الباليستية بعيدة المدى ودعمها العسكري لخصوم الولايات المتحدة من قبيل روسيا والحوثيين في اليمن.

وهذا اتفاق يصب في مصلحة إيران، فبعد سنين من معاناة طاعون سوء الإدارة وانهيار أسعار النفط حاليا، يمر الاقتصاد الإيراني بوضعٍ مزرٍ، مع ركود النمو، وارتفاع التضخم إلى أكثر من 30% والبطالة إلى أكثر من 10%، وتسجيل عملتها انخفاضا قياسيا مقابل الدولار، وبما أن الشعب الإيراني -الذي انتخب في العام الماضي رئيسا جديدا هو مسعود بزشكيان على أساس برنامج لإنقاذ الاقتصاد- يتوق توقًا شديدًا إلى الراحة فلا شك أنه سوف يبتهج بأي اتفاق نووي يوفر هذه الراحة، وسيكون ذلك في الوقت نفسه نصرًا للرئيس ترامب يهيئ له الزعم بأنه توصل إلى اتفاقية «أفضل» من اتفاقية الرئيس أوباما، فهي ذات قيود أكبر على برنامج إيران النووي ومنافع للاقتصاد الأمريكي في الآن نفسه.

يبدو أن إيران تعرف كيف تلفت انتباه الرئيس ترامب، فوزير خارجيتها عباس عراقجي يروّج جهارًا للاقتصاد الإيراني قائلًا: إنه يمثل «فرصة بترليون دولار» ويشيع احتمال إبرام صفقات مع شركات من قبيل بوينج من شأنها أن توفر فرص عمل لأمريكيين، وقد يكون رفع الحظر الأمريكي رفعا تاما عن إيران أمرا مستبعدا، وقد يكون مفتقرًا إلى الحكمة أيضا، ما دام نظام الحكم الراهن قائما في السلطة، ولكن بوسع الرئيس ترامب، بشروط مناسبة، أن يطرح رخصا تصديرية معينة لشركات أمريكية كي تستثمر في إيران أو تبيع سلعًا لها، بما يتيح للشركات التابعة أن تستأنف العمل في إيران، وتروج صادرات المزارع -التي تعاني حاليا من جراء سياسته الجمركية الجديدة- في ظل إعفاءات إنسانية.

ولا شك في وجود جوانب سلبية واضحة في تحقيق ارتياح اقتصادي لنظام حكم لا يزال عميق المعاداة للولايات المتحدة ولا يزال يثبت أركان الاضطراب في الشرق الأوسط وخارجه. لكن إيران، في الوقت نفسه، تقوم بكل تلك الأفعال قليلة التكلفة نسبيا حتى في ظل القيود الصارمة، فحين تمتلك إيران سلاحا نوويا ستكون خطرًا أكبر كثيرا على الولايات المتحدة والعالم.

لم يسنح قط خيار جيد للتعامل مع برنامج إيران النووي، إنما انتقاء من خيارات سيئة، ويجب لاتفاق نووي على مبدأ «المزيد في مقابل المزيد» أن يكون جذابًا للرئيس ترامب: فهو «صفقة أفضل» من صفقة الرئيس أوباما، وفرص اقتصادية جيدة للولايات المتحدة، واجتناب حرب مكلفة في الشرق الأوسط، ولعل الأهم من ذلك كله أنه الصواب الذي يجب القيام به.

فيليب إتش جوردن باحث في مؤسسة بروكنجز، عمل مستشارًا للأمن الوطني لنائبة الرئيس كمالا هاريس ومنسقا في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط في ظل ولاية الرئيس باراك أوباما.

مقالات مشابهة

  • ترامب: أنا مع إيران تمامًا.. لن تكون قوة نووية
  • ابتزاز جديد.. ماذا الذي يريده ترامب من السيسي ..!
  • ما الذي على ترامب أن يسمعه في الرياض غدًا؟!!
  • ترامب: إيران استخدمت الأموال لدعم الارهاب في العراق وزعزعة استقراره
  • زيلينسكي يدعو ترامب لترتيب لقاء مع بوتين
  • شاهد بالفيديو| هدّد اليمن بـ “الجحيم” ثم تراجع.. ما الذي بدّل حسابات ترامب؟
  • زيلينسكي بحث مع أردوغان محادثات وقف إطلاق النار
  • "أفضل بدرجة واحدة" عن الطريقة التي تعامل بها مع زيلينسكي في البيت الأبيض.. هكذا يعامل ترامب نتنياهو
  • زيلينسكي: سأنتظر بوتين في تركيا
  • معضلة ترامب في إيران